عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-08-2020, 02:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,755
الدولة : Egypt
افتراضي معنى تدبر القرآن الكريم

معنى تدبر القرآن الكريم
سعيد مصطفى دياب






مَعْنَى تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ هو: أن تعلم أنك مخاطَب بكلام الله تعالى، فتُصْغِي له بأذن قلبك، وتتأمله بعين فؤادك، فإذا وعيت عن الله تعالى قوله، وفهمت من كلامِهِ مرادَهُ، وتَشَرَّبَ قلبُكَ معانيه، فانهض لامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، حتى يُرى القرآن في سمتك، وتصطبغ به أخلاقك، ويظهر أَثَرُه على قولِكَ وفعلِكَ.



عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَخْبِرِينِي بِخُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: " كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ، أَمَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ، قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾".[1]



قال ابن القيم رحمه الله: وَأَمَّا التَّأَمُّلُ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ تَحْدِيقُ نَاظِرِ الْقَلْبِ إِلَى مَعَانِيهِ، وَجَمْعُ الْفِكْرِ عَلَى تَدَبُّرِهِ وَتَعَقُّلِهِ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِإِنْزَالِهِ، لَا مُجَرَّدُ تِلَاوَتِهِ بِلَا فَهْمٍ وَلَا تَدَبُّرٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾.[2]



وَقَالَ تَعَالَى ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾.[3]



وَقَالَ تَعَالَى ﴿ أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ ﴾.[4]



وَقَالَ تَعَالَى ﴿ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾.[5]



وَقَالَ الْحَسَنُ: نَزَلَ الْقُرْآنُ لِيُتَدَبَّرَ وَيُعْمَلَ بِهِ. فَاتَّخِذُوا تِلَاوَتَهُ عَمَلًا.



قال ابن القيم رحمه الله: فَلَيْسَ شَيْءٌ أَنْفَعَ لِلْعَبْدِ فِي مَعَاشِهِ وَمَعَادِهِ، وَأَقْرَبَ إِلَى نَجَاتِهِ مِنْ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ، وَإِطَالَةِ التَّأَمُّلِ فِيهِ، وَجَمْعِ الْفِكْرِ عَلَى مَعَانِي آيَاتِهِ، فَإِنَّهَا تُطْلِعُ الْعَبْدَ عَلَى مَعَالِمِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ بِحَذَافِيرِهِمَا، وَعَلَى طُرُقَاتِهِمَا وَأَسْبَابِهِمَا وَغَايَاتِهِمَا وَثَمَرَاتِهِمَا، وَمَآلِ أَهْلِهِمَا، وَتَتُلُّ فِي يَدِهِ مَفَاتِيحَ كُنُوزِ السَّعَادَةِ وَالْعُلُومِ النَّافِعَةِ، وَتُثَبِّتُ قَوَاعِدَ الْإِيمَانِ فِي قَلْبِهِ، وَتُشَيِّدُ بُنْيَانَهُ وَتُوَطِّدُ أَرْكَانَهُ، وَتُرِيهِ صُورَةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ فِي قَلْبِهِ، وَتُحْضِرُهُ بَيْنَ الْأُمَمِ، وَتُرِيهِ أَيَّامَ اللَّهِ فِيهِمْ، وَتُبَصِّرُهُ مَوَاقِعَ الْعِبَرِ، وَتُشْهِدُهُ عَدْلَ اللَّهِ وَفَضْلَهُ، وَتُعَرِّفُهُ ذَاتَهُ، وَأَسْمَاءَهُ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالَهُ، وَمَا يُحِبُّهُ وَمَا يُبْغِضُهُ، وَصِرَاطَهُ الْمُوصِلَ إِلَيْهِ، وَمَا لِسَالِكِيهِ بَعْدَ الْوُصُولِ وَالْقُدُومِ عَلَيْهِ، وَقَوَاطِعَ الطَّرِيقِ وَآفَاتِهَا، وَتُعَرِّفُهُ النَّفْسَ وَصِفَاتِهَا، وَمُفْسِدَاتِ الْأَعْمَالِ وَمُصَحِّحَاتِهَا وَتُعَرِّفُهُ طَرِيقَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ وَأَعْمَالَهُمْ، وَأَحْوَالَهُمْ وَسِيمَاهُمْ، وَمَرَاتِبَ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَأَهْلِ الشَّقَاوَةِ، وَأَقْسَامَ الْخَلْقِ وَاجْتِمَاعَهُمْ فِيمَا يَجْتَمِعُونَ فِيهِ، وَافْتِرَاقَهُمْ فِيمَا يَفْتَرِقُونَ فِيهِ.[6]



وعن أبي الحسين بن حبيش وذكر أبا العباس بن عطاء فقال: كان له في كل يوم ختمة وفي شهر رمضان في كل يوم وليلة ثلاث ختمات وبقي في ختمة يستنبط مودع القرآن بضع عشرة سنة فمات قبل ان يختمها.



وقال أبو جعفر محمد بن عبد الله الفرغاني: قال أبو العباس بن عطاء: يا أبا جعفر لي من سنين كثيرة ذكرها كلَ يومٍ ختمة لا تفوتني ولي في شهر رمضان كلَ يومٍ وليلةٍ ثلاث ختماتٍ ولي ختمة منذ أربعَ عشرةَ سنةً ما بلغت النصفَ منها؛ يريد الفهم منها.[7]





[1] سورة القلم: الآية/ 4 ، رواه أحمد- حديث رقم: 24601، بسند صحيح.




[2] سورة ص: الآية/ 29.




[3] سورة محمد: الآية/ 24.




[4] سورة المؤمنون: الآية/ 68.




[5] سورة الزخرف: الآية/ 3.




[6] مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (1/ 450).




[7] صفة الصفوة (1/ 533).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.01 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.04%)]