
28-07-2020, 02:47 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,608
الدولة :
|
|
التضحية أم القيم السامية
التضحية أم القيم السامية
هارون محمد غزي
تعريفها في معجم اللغة العربية المعاصرة:
تَضْحِيَة [مفرد]:
1- مصدر ضحَّى، والتَّضحية بالذَّات: تضحية الشّخص بمصالحه الذاتيّة في سبيل الآخرين أو من أجل قضيّة ما.
2- عملٌ تطوُّعيٌّ يُقدَّم دون مقابل، في سبيل هدف أخلاقيٍّ - "قدَّم الشعبُ تضحيات كبيرة حتى نال استقلالَه" - وذلك بنيَّة التجرد لطاعة الله وحده لا شريك له.
وأعني بها هنا: التضحية بمعناها العام، ومجالاتها التي لا تحصر، ابتغاء مرضاة الله تعالى، وهي خُلُقٌ سامي هامٌّ نبَّهنا إليه الإسلام؛ إذ شرع الأضحية، وهي ما يُذبح من بهيمة الأنعام أيام عيد الأضحى بسبب العيد؛ تقرُّباً إلى الله عز وجل، وهي من شعائر الإسلام المشروعة بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم، وإجماع المسلمين، فصارت هذه الشعيرة حاثَّةً للمسلم علي التضحية في جميع المجالات بقدر استطاعته؛ ابتغاء مرضاة الله.
أهميتها:
هي قمة هرم القيم السامية، وهي أم القيم؛ ففيها قيم: حب الغير، الكرم، التكافل الاجتماعي، البَذْل للآخرين لدرجة التضحية بالمال والجهد والوقت والنفس.
ويقول أحد الشعراء في الجود بالنفس:
يجود بالنفس إن ضنَّ البخيل بها 
والجود بالنفس أقصى غاية الجود 
فائدتها تعود للمضحِّي:
فإن احتاج ضحى من أجله مَن كان ضحى هو له؛ فيحدث التكافل الاجتماعي.
مضارُّ اختفائها: تسود المادية، والأنانية، والشح، والاحتكار والمغالاة في الأسعار، والسرقة، والقتل، والطمع في ما في يد الغير، وإيثار شهوات النفس؛ مثلما نري من خطف الإناث والاعتداء عليهن. وتسود التضحية الشيطانية: فتري المختلس أو السارق أو الحشاش أو الزاني قد ضحَّى بشرع الله، بل ضحَّى بنفسه إلى جهنم.
الداعي للتضحية:
• الدين؛ ابتغاء مرضاة الله وحده لا شريك له.
• مصالح الإسلام والإنسانية عامة: ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ﴾ [الإنسان: 8]، والأسير لم يكن مسلمًا في ذلك الوقت.
قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 111]، فطلب منا التضحية ولنا الجنة.
﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]، نزلت بسبب ضيف النبي الذي ذهب به الأنصاري وأطفأ السراج ليأكل، فلما أصبح قال له النبي: ((عجب الله لما صنعته بضيفك)).
• ونعى القرآن على مَن لا يضحِّي: ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ‘وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [الأعلى: 16].
نماذج من التضحية:
أسرة أبي الأنبياء إبراهيم عليه وعلى نبينا السلام فقد قبل الولد أن يضحي بنفسه، ورضي الأبوَيْن بهذه التضحية بفلذة كبدهما، كل ذلك طاعةً لله وحده؛ حتى تنزَّلت رحمة الله بافتدائه.
العبادات كلها تعلمنا التضحية:
• شهادة أن لا اله إلا الله، استسلام لمنهج الله، فعليها نحيا وفي سبيلها نجاهد وعليها نموت وعليها نلقي الله.
• الصلوات الخمس تضحية بكل ما يشغلنا عن الصلاة من كسب مادي أو طعام أو لهو أو غير ذلك.
• الصيام تضحية بمتعة الطعام والشراب والشهوة.
• الزكاة تضحية بالمال الذي تميل إليه النفس.
• الحج تضحية بمفارقة الوطن والأهل، وبتحمل مشاق السفر، وبالإنفاق لأداء المناسك.
• تضحية أبو سلمة وزوجه في الهجرة، فقد أُجبر على ترك زوجته، وحرمت زوجته من ولدها، وقبلا هذه التضحية حوالي سنة.
• تضحية الثلاثة المجاهدين في معركة اليرموك، وهم في الرمق الأخير، كل منهم يضحي بحاجته من الماء لأخيه، حتى استشهدوا جميعًا!!
• تضحية الشاب بنفسه؛ فلا يتزوج حتى يربي إخوته.
• تضحية الشاب بنفسه؛ فلا يسافر للخارج طلبا لسعة الرزق، حتى يراعي والديه المسنَيْن.
• تضحية الأب والأم والزوجة في خدمة أسرتها.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|