عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 27-07-2020, 02:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,449
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأربعون القضائية

الأربعون القضائية (2)
أ. محمد خير رمضان يوسف

(6)


خير من يشهد
عن زيد بن خالد الجهني، أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال:
"ألا أخبرُكم بخيرِ الشهداء؟ الذي يأتي بشهادتهِ قبلَ أن يُسألَها".
صحيح مسلم (1719).
قال الإمامُ السيوطي: هو محمولٌ على مَن عندهُ شهادةٌ لإنسانٍ بحقّ، وذلك الإنسانُ لا يعلمُ أنه شاهد، فيأتي إليه فيخبرهُ أنه شاهدٌ له.

وقيل: على شهادةِ الحِسبةِ في حقوقِ الله تعالى[1].

قالوا: وليس هذا مناقضًا للحديثِ الآخر، في ذمِّ مَن يأتي بالشهادةِ قبل أن يُستشهد، في قولهِ صلَّى الله عليه و سلَّم: "يَشهدون ولا يُستَشهدون"، فإن ذلك محمولٌ على مَن عنده شهادةٌ لآدميّ عالم بأنه شاهد[2].

(7)
قضاء الله أحق
عن عائشة رضيَ الله عنها قالت:
قامَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ في الناسِ، فحَمِدَ اللهَ وأثنَى عليه، ثم قال:
"أما بعد،ما بالُ رجالٍ يَشترطون شروطًا ليستْ في كتابِ الله؟ ما كان من شرطٍ ليس في كتابِ اللهِ فهو باطل, وإن كان مائةَ شرط، قضاءُ اللهِ أحقُّ، وشرطُ اللهِ أوثقُ، وإنما الولاءُ لمن أعتق".

صحيح البخاري (2060) واللفظُ له، صحيح مسلم (1504).

يسبقُ الحديثَ واقعة، ففي صحيحِ البخاري في الموضعِ نفسه:
عن عائشةَ رضيَ الله عنها قالت: جاءتني بَريرَةُ فقالت: كاتبتُ أهلي على تسعِ أَواقٍ، في كلِّ عامٍ أُوقيَّةٌ، فأعينيني.
فقلت: إنْ أحبَّ أهلُكِ أن أَعُدَّها لهم، ويكونَ ولاؤُكِ لي فعلتُ.
فذهبتْ بَريرةُ إلى أهلِها، فقالت لهم، فأبَوا عليها.

فجاءتْ من عندِهم, ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جالس، فقالت: إني قد عرضتُ ذلك عليهم فأبَوا إلا أن يكونَ الولاءُ لهم.

فسمعَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأخبرتْ عائشةُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: "خذيها واشترطي لهم الولاءَ، فإنما الولاءُ لمن أعتق".

ففعلتْ عائشةُ، ثم قامَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم في الناس، فحَمِدَ اللهَ وأثنَى عليه، ثم قال.

قال ابنُ حجر: ويحتملُ أن يكونَ المرادُ بقولهِ هنا "في كتابِ الله" أي: في حُكمِ الله، سواءٌ ذُكِرَ في القرآنِ أم في السنَّة.

قال: ولفظُ المائةِ للمبالغة[3].

وفيه دليلٌ على أنه لا ولاءَ لغيرِ المعتِق، وأنَّ من أسلمَ على يدِ رجلٍ لم يكنْ له ولاؤه؛ لأنه غيرُ معتِق[4].

(8)
ذكاء في قضاء
عن أبي هريرةَ رضيَ الله عنه، أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال:
"كانت امرأتانِ معهما ابناهما، جاءَ الذئبُ فذهبَ بابنِ إحداهما، فقالتْ صاحبتُها: إنما ذهبَ بابنِكِ، وقالتِ الأخرى: إنما ذهبَ بابنِكِ، فتحاكمتا إلى داود، فقضَى بهِ للكبرَى، فخرجتا على سليمانَ بنِ داود، فأخبرتاه، فقال: ائتوني بالسكينِ أَشقُّهُ بينهما، فقالتِ الصغرى: لا تفعلْ يرحمُكَ الله، هو ابنُها. فقضَى بهِ للصغرَى".

قال أبو هريرة: واللهِ إنْ سمعتُ بالسكِّينِ إلا يومئذ، وما كُنَّا نقولُ إلا الْمُدْيَة!
متفق عليه: صحيح البخاري (3244) واللفظُ له، صحيح مسلم (1720).

قال العلماء: يحتملُ أن داودَ صلَّى الله عليه و سلَّمَ قضَى به للكبرى لشبهٍ رآهُ فيها، أو أنه كان في شريعتهِ الترجيحُ بالكبير، أو لكونهِ كان في يدها، وكان ذلك مرجِّحًا في شرعه.

وأما سليمان، فتوصَّلَ بطريقٍ من الحيلةِ والملاطفةِ إلى معرفةِ باطنِ القضية، فأوهمهما أنه يريدُ قطعَهُ ليعرفَ مَن يشقُّ عليها قطعه، فتكونُ هي أمَّه. فلما أرادتِ الكبرى قَطعه، عرفَ أنها ليست أمَّه، فلمّا قالت الصغرى ما قالت، عرفَ أنها أمُّه. ولم يكنْ مرادهُ أنه يقطعَهُ حقيقة، وإنما أرادَ اختبارَ شفقتهما لتتميَّزَ له الأم، فلمّا تميَّزتْ بما ذكرتْ عرفها[5].

(9)
قضاء نادر
عن أبي هريرة رضيَ الله عنه قال: قالَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم:
"اشترَى رجلٌ مِن رجلٍ عَقارًا له، فوجدَ الرَّجلُ الذي اشترَى العَقارَ في عَقارِه جرَّةً فيها ذهب، فقالَ له الذي اشترَى العَقار: خُذْ ذهبَكَ منِّي، إنَّما اشترَيتُ منكَ الأرض، ولم أبْتَعْ منكَ الذَّهب. وقالَ الذي لهُ الأرض: إنَّما بعتُك الأرضَ وما فيها. فتحاكَما إلى رجل، فقالَ الذي تحاكَما إليه: ألَكُما وَلَد؟ قالَ أحدُهما: لي غلام، وقالَ الآخر: لي جاريَة، قال: أنكِحوا الغُلامَ الجاريةَ، وأنفِقوا على أنفُسِهما منه، وتَصدَّقَا".

صحيح البخاري (3258)، صحيح مسلم (1721)، واللفظُ للأول.
المقصودُ بالعقارِ هنا الدار، كما أفادَهُ ابنُ حجر. وفصَّلَ فيه القولَ في شرعنا[6].

(10)
المفاضلة بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
عن أبي سعيد الخدري رضيَ الله عنه قال:
بينما رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ جالس، جاءَ يهوديٌّ فقال: يا أبا القاسم، ضربَ وجهي رجلٌ من أصحابك.
فقال: "من
قال: رجلٌ من الأنصار.
قال: "ادعوه".

فقال: "أضربتَه"؟ قال: سمعُتهُ بالسوقِ يَحلف: والذي اصطفَى موسَى على البشر، قلتُ: أيْ خبيثُ، على محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم؟ فأخذَتْني غضبةٌ ضربتُ وجهَه.

فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "لا تُخيِّروا بين الأنبياء، فإنَّ الناسَ يَصعُقون يومَ القيامة، فأكونُ أولَ مَن تَنشَقُّ عنه الأرض، فإذا أنا بموسَى آخِذٌ بقائمةٍ مِن قوائمِ العرشِ، فلا أدري أكانَ فيمن صَعِق، أم حُوسبَ بصَعقةِ الأُولى

وآخرُ الحديثِ في روايةِ أبي هريرة، عند البخاريِّ أيضًا: "فإذا موسَى باطشٌ جانبَ العرش، فلا أدري أكان فيمن صَعِقَ فأفاقَ قبلي، أو كان ممن استَثنَى اللهُ".

صحيح البخاري (2280، 2281)، ولفظه من الرقمِ الأخير، صحيح مسلم (2373).
يعني بصعقتهِ الأولَى: التي صُعِقَها لـمّا سألَ الرؤية.

ومعنَى آخرِ ما جاءَ في الحديث: فإن كان أفاقَ قبلي فهي فضيلةٌ ظاهرة، وإن كان ممن استثنَى اللهُ فلم يَصعُق، فهي فضيلةٌ أيضًا.

وذكرَ الإمامُ النووي أنه من الأحاديثِ المشكلة.[7].


[1] كالطلاقِ والوقف والحدود.

[2] الديباج على مسلم 4/ 322.

[3] فتح الباري 1/ 551.

[4] عون المعبود 10/ 313.

[5] شرح النووي على صحيح مسلم 12/ 18.

[6] ينظر فتح الباري 6/ 519.

[7] ينظر فتح الباري 6/ 445، وتحفة الأحوذي 9/ 84.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.72 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.48%)]