الموضوع: الفكرة الأولى
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23-07-2020, 02:48 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,610
الدولة : Egypt
افتراضي الفكرة الأولى

الفكرة الأولى


محمد فايع عسيري




جيناتُ الإنسان بشموليتها النفسية والمادية تتشكَّلُ منذ كان في بطنِ أمه، ومن تلك اللحظاتِ عندما كان يدافعُ عنها ضدَّ أي خطر يتوقعه، بل ويتحسَّسُ قربه ويتأثر لذلك.

هذه الفطرةُ المبكرة والسلوك الأزلي يستمرُّ مع الإنسانِ طيلة حياته، فمنذ أن يُولدَ إلى أن يحبو ويخبو، ثم يمشي ويبلغ ويشيخ؛ وهو في دفاعٍ مستميت عن جيناته النفسية والمادية بغيةَ حياةٍ كريمة.

الأفكارُ الأولى للإنسانِ هي بمثابةِ هذه الجينات الأولية؛ إذ إنها تعتبر جزءًا لا يتجزَّأ من تكوينِه العضوي (البيولوجي) والنفسي (السيكولوجي)؛ حيث تساعدُه هذه الأفكارُ والقيم والمعتقدات على النجاحِ في الحياة.

إنَّ الدفاعَ المستميت للأفكار الأولى والآراء الأولى هو من طبيعةِ الإنسانِ ومن فطرة السُّلوك المقبولِ المنطقي، خاصةً إذا كانت هذه الجيناتُ مما تعينُ على مقصودِه من الحياة ولا تؤخره.

إنَّ المرءَ إذا اكتشف ورمًا سرطانيًّا أو عضالاً فاحشًا في تركيبتِه الشَّاملة؛ فإنه سرعان ما يبحثُ عن العلاجِ بغيةَ الحياةِ الكريمة والعيش السعيد، والراحة النفسية، ولكن لماذا تخبو هذه الشجاعةُ في التعاملِ مع جينات الأفكارِ الأولى البائسة التي تزرعُ اليأس، وتبعث على روحِ الخمول، وتنادي بالتعصباتِ والتحزبات، وتلبسك نظارةً واحدة سوداءَ لترى الحياةَ بها، ولا تجعلك ترى في مخالفِك في الحقِّ إلا السوء، وتضرب عليك هذه الجينات الفكرية سياجًا من الأوهامِ وحيطانًا من الظنون، ونسيجًا من خيطِ العنكبوت، وإنَّ أوهنَ البيوت لبيت العنكبوت.

ورغم وهنها إلا أن نزعَ هذه الجينات القديمة البالية لنزعٌ غالٍ وثمين على النفسِ؛ لأننا نرتبطُ بها برابطِ المحبة والذكرى، ولأنَّها ساعدتنا ربما في فترةٍ من الزمنِ على نجاحٍ شبه مؤقت، إلا أنَّ كرامةَ الحياة وغاية الوجود أعز علينا من جيناتِ الفكرة الأولى.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.56 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.93 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.03%)]