
21-07-2020, 10:52 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,939
الدولة :
|
|
نصوص من كتاب "الدراية بما جاء في زمزم من الرواية" لابن ناصر الدين
نصوص مِنْ كتاب
"الدراية بما جاء في زمزم من الرواية" لابن ناصر الدين
استخرَجها
عبدالحكيم الأنيس
هذه نصوصٌ مِنْ كتاب "الدراية بما جاء في زمزم من الرواية"[1]لابن ناصر الدين الدمشقي (ت: 842)، نقلها تلميذُه العلامة إبراهيم بن محمد الناجي الشافعي (810-900) في رسالته "قلائد المَرْجان في الوارد كذباً في الباذنجان"، وهي رسالة مخطوطة.
ولا تُعرف لكتاب "الدراية" سوى نسخة واحدة كانت في مكتبة الشيخ عبدالحي الكتاني، وهي الآن في خزانة القصر الملكي في مراكش[2]، وقد نَقل منه الشيخ عبدالحي في كتابه "عقد اليواقيت والزبرجد"[3].
ولنشر النصوص مِنْ كتبٍ مفقودةٍ أو متواريةٍ أو نادرةِ النُّسخ فوائدُ كثيرة:
منها معرفة شيء من محتوياتها.
ومنها تقريب بعض ما فيها من فوائد.
ومنها المساعدة على كشف المؤلفات مجهولة المؤلِّف.
ومنها التذكيرُ بها والحضُّ على السعي في البحث عنها وخدمتها ونشرها.
ومنها عونُ محقِّقي تلك الكتب على تحرير النص وضبطه بالمقابلة على تلك النصوص.
♦ ♦ ♦
قال الناجي في "قلائد المَرْجان":
قال شيخُنا [ابنُ ناصر الدين] في ديباجة جُزئه المشار إليه [الدراية]:
(أما بعدُ: فإنَّ بعضَ مَن لا يُعنى بالحديث النبوي ولا يعيه، ويقلِّدُ فيه مَنْ لا يعرف صحيحه من سقيمه ولا يدريه، اعتقدَ وصمَّم على ما تخيله، أنَّ حديث الباذنجان أصح من حديث "ماء زمزم لما شُرب له"، وهل عالمٌ بل عاقلٌ بل إنسانٌ، يذهبُ إلى صحة حديث الباذنجان، الذي وضعه بعضُ أهل الافتراء والطغيان، ويوهّي الحديث المحكم، الثابت في ماء زمزم؟ وما ذاك إلا لاستيلاء شبهة الضلالة وضيق دائرة الجهالة عليه، ولو قطعها وجال، في طرق الطلب والسؤال، لوضح الحقُّ لديه، وعلمَ بالتنقيب بطلانَ هذا الحديث الذي استند إليه.
أنبأنا الحافظُ الكبيرُ أبوبكر محمدُ بن الإمام أبي محمد عبدِالله بن أحمد المقدسي قال:
أخبرَتنا أمةُ الرحمن ابنةُ التقي أبي إسحاق إبراهيمَ بن علي الواسطي قراءةً عليها وأنا أسمعُ في يوم السبت مستهل ذي الحجة سنة خمس وعشرين وسبعِ مئة بمنزلها من سفح قاسيون مِن دمشق، قالت:
أنبأنا المقرئ أبو الفضل جعفر بن علي الهمذاني قال:
أخبرَنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ - هو السِّلفي- سماعاً قال:
حدَّثنا أبو القاسم نصر بن محمد بن علي المقرئ بهمذان بقراءتي عليه في شوال سنة اثنين وخمس مئة قال:
أخبرَنا والدي أبوبكر محمد بن علي بن زَيْرَك المقرئ قال:
حدَّثنا أبو علي عبدالرحمن بن محمد النيسابوري قال:
أخبرَنا محمد بن علي بن الشاه التميمي بمرو الرُّوذ قال:
حدَّثنا عبدالعزيز بن عبدالخالق بمصر قال:
حدَّثنا الحسن بن زولاق قال:
حدَّثنا عبدالوهاب بن محمد بن علي بن محمد الخراساني
عن عبدالأعلى بن حمّاد النَّرْسي عن حمّاد بن سلمة عن أبي العُشَراء عن ابن عباس قال: كنّا في وليمة رجلٍ من الأنصار، فأتي بطعامٍ فيه باذنجان، فقال رجلٌ من القوم: يا رسول الله، إنَّ الباذنجان يهيج المرار وييبس اللسان، فأكل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم باذنجانة باذنجانة في لقمة، فأعاد الرجلُ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إنما الباذنجان شفاء مِنْ كل داء، ولا داء فيه.
فهذا الحديث لم يُحدِّث به عبدالأعلى ولا مَنْ هو فوقه في السند أعلاه، وإنما رُّكبَ موضوعاً مختلقاً عليهم، وأُسند مصنوعاً ملفقاً إليهم، والآفةُ فيه - والله أعلمُ بالحال - ممَّن دون عبدالوهاب، مِن مجاهيل الرجال.
وقد علَّق الحافظُ أبو شجاع شِيرويه بنُ شَهْرَدار الديلمي الهمذاني في كتابه "الفردوس" -وما أجاد، وهو حاطبُ ليل فيما جمعه في الكتاب، بلا إسناد- عن أبي هريرة -يعني مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم-: كلوا الباذنجان فإنها شجرةٌ رأيتُها في جنة المأوى، شهدتْ لله بالخلق[4]، ولي بالنبوة، ولعلي بالولاية، فمَنْ أكلها على أنها داءٌ كانت داءً، ومَنْ أكلها على أنها دواءٌ كانت دواءً.
وعلّقَ في الكتاب أيضاً عن أنس بن مالك - يعني مرفوعاً-: كلوا الباذنجان وأكثروا منه، فإنها أولُ شجرة آمنتْ بالله عز وجل.
وهذا[5] أسنده ولدُه الحافظ أبو منصورشَهْرَداربنُ شِيرويه الديلمي في كتابه "مسند الفردوس" لأبيه، وليتهما لم يخرِّجا ذلك، أو بيّنا وضعه إذ عرَّجا عليه، لأنَّ الحديث في حكم الموضوع الذي لا يُلتفت إليه، وقد ولّد الحديثين بعضُ الكذّابين وجعلهما حديثاً واحداً بزيادةِ فعلِ المولدين فزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل الباذنجان ويقول -وحاشاه مِن هذا المنقول -: مَن أكله على أنَّه داءٌ كان داءً، ومَن أكله على أنَّه دواءٌ كان دواء. ويقول: نعم البقلة هي، لبِّنوه وزيتوه وكُلوا منه فأكثروا فإنها أول شجرةٍ آمنتْ بالله، وإنها تُورث الحكمة، وتُرطب الدماغ، وتُقوي المثانة، وتُكثر الجماع.
هذا -كما ترى - كذبٌ مفترى، لا يحل ذكرُه مرفوعاً إلا بكشف ستره، وعدِّه موضوعاً، ولولا أنَّ بعضَ المصنِّفين[6] ذكره في كتابٍ ألَّفه في الأحكامٍ سماه "شرعة الإسلام إلى دار السلام" لم أذكره إخماداً لذكره، وإخفاءً لنشره، ولو بَيْن اثنين، لأنه مَنْ حدَّث بحديث يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين.
وقد حَكمَ بوضع حديث الباذنجان غيرُ واحدٍ مِنْ أئمة هذا الشأن".
[1] ذكرَ الأستاذ الدكتور سائد بَكْداش كتابَ "الدراية" في صدر كتابه "فضل ماء زمزم" ص 25 من الطبعة الخامسة، ولم يَذكر له نسخة.
[2] أفادني بذلك الشيخُ الفاضلُ مشعل الجبرين المطيري محققُ تراث ابن ناصر الدين الدمشقي، نقلاً عن الأخ الكريم الأستاذ خالد السباعي، ثم أكد هو لي ذلك.
[3] وربما كان النقلُ بواسطة "عرف البان فيما ورد في الباذنجان" لابن طولون، وفي مكتبته نسخة منه أيضاً، وقد عوّل ابنُ طولون على الناجي في رسالته!
[4] في "عرف البان" لابن طولون و"تنزيه الشريعة المرفوعة" و"كشف الخفاء": بالحق.
[5] يعني الأخير الذي علّقه أبو شجاع. الناجي.
[6] بيَّن ابنُ طولون في "عرف البان" أنه الزاهد ركن الدين أبو البركات محمد بن أبي بكر البخاري المعروف بإمام زاده أحد مشايخ الإمام جمال الدين المحبوبي.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|