عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 18-07-2020, 04:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأربعون الشخصية

الأربعون الشخصية(3)
أ. محمد خير رمضان يوسف




(21)
قلب لا ينام
عن أبي سلمةَ بن عبدالرحمن:
أنَّهُ سألَ عائشةَ رضيَ اللهُ عنها: كيف كانت صلاةُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في رمضان
؟
فقالت: ما كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَزيدُ في رمضانَ ولا في غيرِهِ على إحدَى عشرةَ ركعة، يُصلِّي أربعًا، فلا تَسَلْ عن حُسنهِنَّ وطولهِنّ، ثم يُصلِّي أربعًا، فلا تَسَلْ عن حُسنهِنَّ وطُولهِنّ، ثم يُصلِّي ثلاثًا.

قالت عائشة: فقلت: يا رسولَ الله، أتنامُ قبلَ أن تُوتِر؟
فقال: "يا عائشة، إنَّ عينيَّ تنامانِ ولا ينامُ قلبي".
صحيح البخاري (1096) واللفظُ له، صحيح مسلم (738).
قالَ الإمامُ النووي: هذا من خصائصِ الأنبياء صلواتُ الله وسلامهُ عليهم.

وذكرَ حديثَ نومهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ في الوادي، وأنه لم يعلمْ بفواتِ وقتِ الصبحِ حتى طلعتِ الشمس، وأنه لا منافاةَ بينهما؛ لأن القلبَ إنما يُدرِكُ الحسِّياتِ المتعلِّقةَ به، كالحدثِ والألمِ ونحوهما، ولا يدرِكُ طلوعَ الفجرِ وغيرهِ مما يتعلَّقُ بالعين، وإنما يُدرَكُ ذلك بالعين، والعينُ نائمة، وإنْ كان القلبُ يقظان[1].

(22)
الرسول صلى الله عليه وسلم أمان لأصحابه
عن أبي موسى الأشعري رضيَ الله عنه قال:
صلَّينا المغربَ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقلنا: لو جلَسنا حتَّى نُصلِّيَ معه العِشاء. قال: فجلسنا، فخرجَ علينا، فقال: "ما زلتُم ها هنا

قُلنا: نعم يا رسولَ الله، صلَّينا معكَ المغرب، ثم قلنا: نجلسُ حتى نُصلِّيَ معكَ العِشاء.
قال: "أحسَنتُم"، أو "أصَبتُم".

قال: فرفعَ رأسَهُ إلى السَّماء، وكان كثيرًا مما يرفعُ رأسَهُ إلى السماء، فقال: "النُّجومُ أَمَنَةٌ للسَّماء، فإذا ذهبتِ النُّجومُ أتَى السَّماءَ ما تُوعَد، وأنا أَمَنَةٌ لأصحابي، فإذا ذهبتُ أتَى أصحابي ما يُوعَدون، وأصحابي أَمَنَةٌ لأمَّتي، فإذا ذهبَ أصحابي أتَى أُمَّتي ما يُوعَدون".
رواه مسلم في صحيحه (2531).

قال ابنُ الأثير رحمَهُ اللهُ تعالَى: أرادَ بوعدِ السماءِ انشقاقَها وذهابَها يومَ القيامة.
وذهابُ النجومِ تكويرُها وانكدارُها وإعدامُها.
وأرادَ بوعدِ أصحابهِ ما وقعَ بينهم من الفتن.
وكذلك أرادَ بوعدِ الأمة.

والإشارةُ في الجملةِ إلى مجيءِ الشرِّ عند ذهابِ أهلِ الخير، فإنه لما كان بين أظهرهم كان يبيِّنُ لهم ما يختلفون فيه، فلمّا توفيَ جالتِ الآراءُ واختلفتِ الأهواء، فكان الصحابةُ رضيَ الله عنهم يُسندون الأمرَ إلى الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم في قولٍ أو فعلٍ أو دلالةِ حال، فلمّا فُقِدَ قلَّتِ الأنوار، وقَويتِ الظُّلَم.

وكذلك حالُ السماءِ عند ذهابِ النجوم.
والأمَنةُ في هذا الحديثِ جمعُ أمين، وهو الحافظ[2].

(23)
تحذير وشفقة
عن أبي هريرةَ قال: قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم:
"إنَّما مثَلي ومثَلُ أمَّتي، كمثَلِ رجُلٍ استوقدَ نارًا، فجعلتِ الدَّوابُّ والفَراشُ يقَعنَ فيه، فأنا آخِذٌ بحُجَزِكم، وأنتم تَقحَّمونَ فيه".
صحيح البخاري (6188)، صحيح مسلم (2284)، واللفظُ له.
الحُجَز: جمعُ حُجْزة، وهي معقدُ الإزارِ والسراويل.

قالَ الإمامُ النووي: ومقصودُ الحديثِ أنه صلَّى الله عليه وسلَّمَ شبَّهَ تساقطَ الجاهلين والمخالفين بمعاصيهم وشهواتهم في نارِ الآخرة، وحرصَهم على الوقوعِ في ذلك، مع منعهِ إيّاهم، وقبضهِ على مواضعِ المنعِ منهم، بتساقطِ الفَراش في نارِ الدنيا، لهواه، وضعفِ تمييزه، وكلاهما حريصٌ على هلاكِ نفسه، ساعٍ في ذلك لجهله[3].

وقالَ الحافظُ ابنُ حجر: وفيه إشارةٌ إلى أن الإنسانَ إلى النذيرِ أحوجُ منه إلى البشير؛ لأن جِبلَّتَهُ مائلةٌ إلى الحظِّ العاجلِ دون الحظِّ الآجل.

قال: وفي الحديثِ ما كان فيه صلَّى الله عليه وسلَّمَ من الرأفةِ والرحمة، والحرصِ على نجاةِ الأمَّة، كما قالَ تعالَى: ï´؟ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ï´¾ [سورةُ التوبة: 128][4].

(24)
الوسيلة الجليلة
عن عبدالله بن عمرو بن العاص، أنه سمعَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ يقول:
"إذا سمعتُمُ المؤذِّنَ فقولوا مثلَ ما يقول، ثمَّ صلُّوا عليّ، فإنَّهُ مَن صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى اللَّهُ عليه بِها عشرًا، ثمَّ سَلُوا اللَّهَ ليَ الوسيلةَ، فإنَّها منزِلةٌ في الجنَّةِ لا تَنبغي إلَّا لعبدٍ من عبادِ اللَّه، وأرجو أن أكونَ أنا هو، فمَن سألَ ليَ الوسيلةَ حلَّتْ لهُ الشَّفَاعة".
صحيح مسلم (384).
الوسيلة: فسَّرها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ بأنها منزلةٌ في الجنة.
قالَ أهلُ اللغة: الوسيلة: المنزلةُ عند الملِك.
وقولهُ صلَّى الله عليه وسلَّم: "حلَّت له" أي: وجبَت، وقيل: نالته[5].

(25)
أول شفيع
قال أنس بنُ مالك: قالَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم:
"أنا أولُ شفيعٍ في الجنَّة، لم يُصدَّقْ نبيٌّ من الأنبياءِ ما صُدِّقتُ، وإنَّ مِن الأنبياءِ نبيًّا ما يصدِّقهُ من أمَّتهِ إلا رجلٌ واحد".
صحيح مسلم (196).
"لم يُصدَّقْ نبيٌّ من الأنبياءِ ما صُدِّقتُ.": المرادُ أن معجزاتِ الأنبياءِ انقرضتْ بانقراضِ أعصارهم، فلم يشاهدها إلا مَن حضرها، ومعجزةُ القرآنِ مستمرَّةٌ إلى يومِ القيامة[6].

(26)
الشفاعة الكبرى
عن أبي هريرةَ قال: قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم:
"لكلِّ نبيٍّ دعوةٌ مستجابة، فتعجَّلَ كلُّ نبيٍّ دعوتَه، وإني اختبأتُ دعوتي شفاعةً لأمَّتي يومَ القيامة، فهي نائلةٌ إنْ شاءَ اللهُ مَن ماتَ مِن أمَّتي لا يُشرِكُ باللهِ شيئًا".

صحيح البخاري (5945)، صحيح مسلم (199) واللفظُ له.

قالَ الإمامُ النووي: في هذا الحديثِ بيانُ كمالِ شفقةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ على أمته، ورأفتهِ بهم، واعتنائهِ بالنظرِ في مصالحهم المهمَّة، فأخَّرَ صلَّى الله عليه وسلَّمَ دعوتَهُ لأمتهِ إلى أهمِّ أوقاتِ حاجاتهم.

قال: وأما قولهُ صلَّى الله عليه وسلَّم: فهي نائلةٌ إنْ شاءَ اللهُ مَن ماتَ مِن أمَّتي لا يُشرِكُ باللهِ شيئًا"، ففيه دلالةٌ لمذهبِ أهلِ الحق، أن كلَّ من ماتَ غيرَ مشركٍ بالله تعالَى، لم يخلدْ في النار، وإن كان مصرًّا على الكبائر[7].

(27)
أوائل محمدية
عن أنس بنِ مالك قال: قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم:
"أنا أكثرُ الأنبياءِ تبَعًا يومَ القيامة، وأنا أولُ مَن يَقرَعُ بابَ الجنَّة".
صحيح مسلم (196).

(28)
إلى باب الجنة
عن أنس بنِ مالك قال: قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم:
"آتي بابَ الجنَّةِ يومَ القيامة، فأستَفتِح، فيقولُ الخازن: مَن أنت؟ فأقول: محمَّد، فيقول: بكَ أُمرتُ لا أفتَحُ لأحدٍ قبلك".
صحيح مسلم (197).

(29)
صدق الحديث
عن المسوَّر بنِ مَخرمة، أن رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ قالَ لوفدِ هوازن:
"أَحَبُّ الحديثِ إليَّ أصدَقُه".
صحيح البخاري (2184).

الحديثُ كما في صحيح البخاري: أن رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ قامَ حين جاءَهُ وفدُ هوازنَ مسلمين، فسألوهُ أن يردَّ إليهم أموالَهم وسبيَهم، فقالَ لهم رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "أحبُّ الحديثِ إليَّ أصدقه، فاختاروا إحدَى الطائفتين، إما السبي، وإما المال، وقد كنتُ استأنيتُ بهم".

وقد كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ انتظرهم بضعَ عشرةَ ليلةً حين قفلَ من الطائف.
فلمّا تبيَّنَ لهم أن رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم غيرُ رادٍّ إليهم إلا إحدَى الطائفتين، قالوا: فإنّا نختارُ سبيَنا.

فقامَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في المسلمين، فأثنَى على الله بما هو أهله، ثم قال: "أما بعد، فإن إخوانكم هؤلاء قد جاؤونا تائبين، وإني قد رأيتُ أن أردَّ إليهم سبيَهم، فمن أحبَّ منكم أن يطيبَ بذلك فليفعل، ومن أحبَّ منكم أن يكونَ على حظَّهِ حتى نعطيَهُ إيّاهُ مِن أولِ ما يَفيءُ الله علينا فليفعل".

فقالَ الناس: قد طيَّبنا ذلك لرسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ لهم.

فقالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "إنّا لا ندري مَن أذنَ منكم في ذلك ممن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفعوا إلينا عرفاؤكم أمرَكم".

فرجعَ الناس، فكلَّمَهم عرفاؤهم، ثم رجعوا إلى رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فأخبروهُ أنهم قد طيَّبوا وأذنوا.

(30)
الحبيب أسامة
عن عبدالله بنِ عمرَ رضيَ الله عنهما قال:
بعثَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بَعثًا، وأمَّرَ عليهم أسامةَ بنَ زيد، فطَعنَ بعضُ الناسِ في إمارتِه، فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم:
"إنْ تَطعَنوا في إمارته، فقد كنتُم تَطعَنونَ في إمارةِ أبيهِ مِن قبلُ، وايمُ اللهِ إنْ كان لخَليقًا للإمارة، وإنْ كان لَمِنْ أحبِّ الناسِ إليَّ، وإنَّ هذا لَمِنْ أحبِّ الناسِ إليَّ بعدَه".

صحيح البخاري (3524) واللفظُ له، صحيح مسلم (2426).
يشيرُ عليه الصلاةُ والسلامُ إلى إمارةِ زيدٍ في غزوةِ مؤتة.

قالَ ابنُ حجر رحمَهُ الله: وفيه جوازُ إمارةِ المولَى، وتوليةِ الصغارِ على الكبار، والمفضولِ على الفاضل؛ لأنه كان في الجيشِ الذي كان عليهم أسامةُ أبو بكر وعمر[8].


[1] ينظر شرح النووي على صحيح مسلم 5 /184.
[2] النهاية في غريب الحديث والأثر 1 /70.
[3] شرح النووي على صحيح مسلم 15 /50.
[4] فتح الباري 11 /318.
[5] شرح النووي على صحيح مسلم 4 /86.
[6] ينظر فتح الباري 9/7.
[7] شرح النووي على صحيح مسلم 3 /75.
[8] فتح الباري 7 /87.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.20 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.97%)]