عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 10-07-2020, 02:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,655
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأربعون الخيرية

الأربعون الخيرية (2 / 4)
أ. محمد خير رمضان يوسف





(11)
خير الآخرة
عن أنسٍ رضيَ الله عنه:
خرجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم في غداةٍ باردة، والمهاجرون والأنصارُ يَحفرون الخندق، فقال:
"اللهمَّ إنَّ الخيرَ خيرُ الآخره ♦♦♦ فاغفِرْللأنصارِ والْمُهاجِرَه"

فأجابوا:
نحنُ الذين بايعوا محمَّدا ♦♦♦ على الجهادِ ما بَقِينا أبدا

صحيح البخاري (6775) واللفظُ له، صحيح مسلم (1805).

قال الحافظُ ابنُ حجر رحمَهُ الله: وفيه أن في إنشادِ الشعرِ تنشيطًا في العمل، وبذلكَ جرتْ عادتهم في الحرب، وأكثرُ ما يستعملون في ذلك الرجَز[1].

(12)
أبواب الجنة
عن أبي هريرةَ قال: سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ يقول:
"مَن أنفقَ زَوجَينِ مِن شيءٍ من الأشياءِ في سبيلِ الله، دُعِيَ من أبوابِ - يعني الجنةَ -: يا عبدَ الله، هذا خيرٌ.

فمَن كان من أهلِ الصلاةِ دُعِيَ مِن بابِ الصلاة، ومَن كان مِن أهلِ الجهادِ دُعِيَ مِن بابِ الجهاد، ومَن كان مِن أهلِ الصدقةِ دُعِيَ مِن بابِ الصدقة، ومَن كانَ مِن أهلِ الصيامِ دُعِيَ مِن بابِ الصيامِ وبابِ الريّان".

فقالَ أبو بكر: ما على هذا الذي يُدْعَى مِن تلكَ الأبوابِ مِن ضرورة.
وقال: هل يُدْعَى منها كلِّها أحدٌ يا رسولَ الله؟
قال: "نعم، وأرجو أن تكونَ منهم يا أبا بكر".
صحيح البخاري (3466)، صحيح مسلم (1027)، واللفظُ للبخاري.
المرادُ بالزوجين: إنفاقُ شيئينِ من أيِّ صنفٍ من أصنافِ المالِ من نوعٍ واحد.
هذا خير: ليس اسمَ التفضيل، بل المعنَى: هذا خيرٌ من الخيرات، والتنوينُ فيه للتعظيم.
وفائدته: زيادةُ ترغيبِ السامعِ في طلبِ الدخولِ من ذلكَ الباب.

وقولُ أبي بكرٍ رضي الله عنه: "ما على هذا الذي يُدْعَى مِن تلكَ الأبوابِ مِن ضرورة"، (ما) هنا نافية، و(مِن) زائدة، ويعني: لا ضرورةَ على من دُعيَ من بابٍ واحدٍ من تلك الأبوابِ إنْ لم يُدْعَ من سائرها؛ لحصولِ المقصود، وهو دخولُ الجنة. وهذا نوعُ تمهيدٍ لسؤالهِ التالي.

ومعنَى الحديث: أن كلَّ عاملٍ يُدعَى من بابِ ذلك العمل.
وفي الحديثِ إشعارٌ بقلَّةِ مَن يُدعَى من تلكَ الأبوابِ كلِّها.

وفيه إشارةٌ إلى أن المرادَ ما يُتطَوَّعُ به من الأعمالِ المذكورة، لا واجباتُها؛ لكثرةِ مَن يجتمعُ له العملُ بالواجباتِ كلِّها، بخلافِ التطوعات، فقلَّ مَن يجتمعُ له العملُ بجميعِ أنواعِ التطوعات.

ثم مَن يجتمعُ له ذلك إنما يُدعَى من جميعِ الأبوابِ على سبيلِ التكريمِ له، وإلا فدخولهُ إنما يكونُ من بابٍ واحد، ولعلَّهُ بابُ العملِ الذي يكونُ أغلبَ عليه. والله أعلم[2].

(13)
مناديل سعد
عن البراءِ [بنِ عازبٍ] رضيَ الله عنه قال:
أُهديَتْ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حُلَّةُ حرير، فجعلَ أصحابهُ يمَسُّونَها ويَعجَبون مِن لينِها، فقال:
"أتَعجَبون مِن لينِ هذه؟ لَمناديلُ سعدِ بنِ مُعاذٍ خيرٌ منها وأليَن".
صحيح البخاري (3591)، وصحيح مسلم من حديثِ أنس (2469).
خَصَّ المناديلَ بالذكرِ لكونِها تُمتَهن، فيكونُ ما فوقها أعلى منها بطريقِ الأَولَى[3].

(14)
الطعام والسلام
عن عبدالله بن عمرو رضيَ الله عنهما:
أن رجلًا سألَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم: أيُّ الإسلامِ خيرٌ؟
قال: "تُطعِمُ الطعام، وتَقرأُ السلام، على مَن عرفتَ ومَن لم تعرف".
صحيح البخاري (12)، صحيح مسلم (39). ولفظهما سواء.
فيه الحثُّ على إطعامِ الطعامِ والجود.
وإفشاءُ السلامِ سببٌ للتحاببِ والتوادد. فالقصدُ من مشروعيتهِ تحصيلُ الألفةِ بين المسلمين[4].

(15)
خير المسلمين
عن عبدالله بن عمرو بنِ العاص قال:
إن رجلًا سألَ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: أيُّ المسلمينَ خير؟
قال: "من سَلِمَ المسلمونَ مِن لسانهِ ويده".
صحيح البخاري (6119)، صحيح مسلم (40) واللفظُ له.
معناهُ مَن لم يؤذِ مسلمًا بقولٍ ولا فعل. وخَصَّ اليدَ بالذكرِ لأن معظمَ الأفعالِ بها[5].

(16)
الحياء
عن عمرانَ بنِ حُصينٍ قال: قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم:
"الحياءُ خيرٌ كلُّه".
صحيح مسلم (37).

قال الحافظُ ابنُ حجر في كلامٍ نفيس: وأمّا كونهُ خيرًا كله، ولا يأتي إلا بخير، فأشكلَ حملهُ على العموم؛ لأنه قد يصدُّ صاحبَهُ عن مواجهةِ من يرتكبُ المنكرات، ويحملهُ على الإخلالِ ببعضِ الحقوق؟

والجواب: أن المرادَ بالحياءِ في هذه الأحاديثِ ما يكونُ شرعيًّا، والحياءُ الذي يَنشأُ عنه الإخلالُ بالحقوقِ ليس حياءً شرعيًّا، بل هو عجزٌ ومهانة، وإنما يُطلَقُ عليه حياء، لمشابهتهِ للحياءِ الشرعيّ. وهو خُلقٌ يَبعثُ على تركِ القبيح[6].

قلت: الذي يعنيهِ ابنُ حجر رحمَهُ الله، هو ما يفرِّقُ علماءُ النفسِ في عصرنا بين الحياءِ والخجل، فالحياءُ محمود، والخجلُ مرض، أو قد يكونُ مرضًا؛ لأنهُ قد يكفُّ صاحبَهُ عن واجباته.

قال الحافظ: ويحتملُ أن يكونَ أشيرَ إلى أن مَن كان الحياءُ مِن خُلقه، أن الخيرَ يكونُ فيه أغلب، فيضمحلُّ ما لعلهُ يقعُ منه مما ذُكر، في جنبِ ما يحصلُ له بالحياءِ من الخير، أو لكونهِ إذا صارَ عادةً وتخلَّقَ به صاحبه، يكونُ سببًا لجلبِ الخيرِ إليه، فيكونُ منه الخيرُ بالذاتِ والسبب.

وفي كلامٍ مفيدٍ أيضًا نقلَ كلامَ أبي العباسِ القرطبيِّ رحمَهُ الله قوله: الحياءُ المكتسَبُ هو الذي جعلَهُ الشارعُ من الإيمان، وهو المكلَّفُ به دون الغريزيّ، غير أن مَن كان فيه غريزةٌ منه فإنها تُعينهُ على المكتسَب، وقد يَنطبعُ بالمكتسبِ حتى يصيرَ غريزًا. قال: وكان النبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم قد جُمِعَ له النوعان، فكان في الغريزيِّ أشدَّ حياءً من العذراء في خِدرها، وكان في الحياءِ المكتسَبِ في الذروةِ العليا صلَّى الله عليه وسلَّم[7].

(17)
الرفق
عن جريرِ بنِ عبدالله قال: قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم:
"مَن يُحرَمِ الرِّفْقَ يُحرَمِ الخيرَ".
صحيح مسلم (2592).
فيه فضلُ الرفق، والحثُّ على التخلُّق، وذمُّ العنف، والرفقُ سببُ كلِّ خير.
وقال القاضي [عياض]: معناه: يتأتَّى به من الأغراض، ويسهِّلُ من المطالب، ما لا يتأتَّى بغيره[8].

(18)
أفعال البرّ
عن حَكيمِ بنِ حزامٍ قال:
قلت: يا رسولَ الله، أشياءَ كنتُ أفعلُها في الجاهلية؟
قالَ هشامُ [بنُ عُروة]: يعني أتبرَّرُ بها.
فقالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "أسلمتَ على ما أسلفتَ لكَ مِن الخير".
قلت: فوَالله لا أدَعُ شيئًا صنعتهُ في الجاهليةِ إلا فعلتُ في الإسلامِ مثلَه.
صحيح البخاري (2107)، صحيح مسلم (123) واللفظُ له.
التبرُّر: فعلُ البِرّ، وهو الطاعة.

وقد ذهب ابنُ بطّالٍ وغيرهُ من المحقِّقين، إلى أن الحديثَ على ظاهره، وأنه إذا أسلمَ الكافرُ وماتَ على الإسلام، يُثابُ على ما فعلَهُ من الخيرِ في حالِ الكفر... وللهِ تعالَى أن يتفضَّلَ على عبادهِ بما يشاء، لا اعتراضَ لأحدٍ عليه[9].

قال الإمامُ النوويُّ رحمَهُ الله: وأما قولُ الفقهاء: لا يصحُّ من الكافرِ عبادة، ولو أسلمَ لم يعتدَّ بها، فمرادُهم أنه لا يعتدُّ له بها في أحكامِ الدنيا، وليس فيه تعرُّضٌ لثوابِ الآخرة. فإنْ أقدمَ قائلٌ على التصريحِ بأنه إذا أسلمَ لا يُثابُ عليها في الآخرة، رُدَّ قولهُ بهذه السنَّةِ الصحيحة. وقد يُعتَدُّ ببعضِ أفعالِ الكفارِ في أحكامِ الدنيا...[10].

(19)
الناس معادن
عن أبي هريرةَ رضيَ الله عنه، عن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال:
"تَجدونَ النَّاسَ معادن، خيارُهم في الجاهليَّةِ خيارُهم في الإسلامِ إذا فَقُهوا، وتَجدونَ خيرَ النَّاسِ في هذا الشَّأنِ أشدَّهم له كراهية، وتَجدونَ شرَّ النَّاسِ ذا الوجهين، الَّذي يأتي هؤلاءِ بوجه، ويأتي هؤلاءِ بوجه".

صحيح البخاري (3304)، صحيح مسلم (2526)، واللفظُ للأول.
"وتَجدونَ خيرَ النَّاسِ في هذا الشَّأن" أي: في الولايةِ والإمرة.

وقوله: "أشدَّهم له كراهية": أي أن الدخولِ في عهدةِ الإمرة مكروه، من جهةِ تحمُّلِ المشقَّةِ فيه، وإنما تشتدُّ الكراهةُ له ممن يتَّصفُ بالعقلِ والدين، لما فيه من صعوبةِ العملِ بالعدل، وحملِ الناسِ على رفعِ الظلم، ولما يترتَّبُ عليه من مطالبةِ الله تعالَى للقائمِ به من حقوقهِ وحقوقِ عباده. ولا يخفَى خيريَّةُ مَن خافَ مَقامَ ربَّه[11].

"وتَجدونَ شرَّ النَّاسِ ذا الوجهين.." قال القرطبي: إنما كان ذو الوجهين شرَّ الناس؛ لأن حالَهُ حالُ المنافق، إذ هو متملِّقٌ بالباطلِ وبالكذب، مُدخلٌ للفسادِ بين الناس"[12].

(20)
الخيرُ أولَى ولو حلف
عن أبي موسى الأشعريِّ رضيَ الله عنه، أن رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال:
"إني واللهِ - إنْ شاءَ اللهُ - لا أحلفُ على يمينٍ فأرَى غيرَها خيرًا منها، إلا أتيتُ الذي هو خيرٌ وتحلَّلتُها".
جزءٌ من حديثٍ رواه البخاريُّ في صحيحه (2964)، ومسلم كذلك (1649).
معنَى "تحلَّلتُها": فعلتُ ما يَنقلُ المنعَ الذي يقتضيهِ إلى الإذن، فيصيرُ حلالًا. وإنما يحصلُ ذلك بالكفّارة[13].

[1] فتح الباري 7/ 395.

[2] باختصار من فتح الباري 4/ 112، 7/ 28.

[3] فتح الباري 10/ 291.

[4] ينظر تحفة الأحوذي 7/ 383، شرح النووي على صحيح مسلم 2/ 10.

[5] ينظر شرح النووي على صحيح مسلم 2/ 10.

[6] فتح الباري 10/ 522.

[7] المصدر السابق.

[8] شرح النووي على صحيح مسلم 16/ 145.

[9] ينظر شرح النووي على صحيح مسلم 2/ 140.

[10] المصدر السابق 2/ 142.

[11] فتح الباري 10/ 475.

[12] المصدر السابق 6/ 144.

[13] فتح الباري 11/ 611.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.79 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.88%)]