عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-07-2020, 03:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,955
الدولة : Egypt
افتراضي رد: في ذكرى المولد النبوي (زاد واقتداء)



فما يدعون الناس إليه من مثل وقيم ومبادئ وسلوك عملي ليس متأثرا برؤيتهم الشخصية كالزعماء والمصلحين العاديين ولا بالقصور البشري الذي يعتري أفهام البشر وسلوكهم.

2- أنهم لا يتعاملون مع الحلول الجزئية والمشكلات الجزئية وإنما يتعاملون مع الجذور الأصلية العميقة ويبحثون عن مكان الداء لاجتثاثه من أصله فلا يعالجون المشاكل بمعزل عن مثيلاتها ومسبباتها بل ينظرون إلى الأمور نظرة كلية شاملة واضعين في اعتبارهم طبائع النفوس البشرية.

3- إن الحلول التي يقدمها الرسل ليست حلولا نظرية أو تصورات عقلية مجردة كما تفعل الفلاسفة وإنما هي مناهج عملية منزلة من لدن حكيم خبير عليم بأحوال البشر والمجتمعات البشرية كما قال الله تعالى: ï´؟ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ï´¾ الملك.

ولذلك قدم الرسل نماذج راقية في قيادة المجتمعات إلى ما فيه صلاح الدنيا والآخرة. وهذا النجاح مكفول لكل من سلك سبيل الأنبياء في هديهم وقيادتهم للأمم قال الله تعالى: ï´؟ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىظ° لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا غڑ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا غڑ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَظ°لِكَ فَأُولَظ°ئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ï´¾ النور.

4- إن الأنبياء في سياستهم يمثلون القدوة الصالحة لأممهم حيث تتمثل مبادئهم وقيمهم في سلوكهم وسياستهم فهم يرتفعون عن النقائص والعيوب الشائنة التي تشوب المصلحين العاديين بما فيهم من بذور حب التزعم والسيطرة والاستغلال والتسخير للمصالح الشخصية وغير ذلك من النقائص وقد وصف الله رسوله صلى الله عليه وسلم مثنيا عليه وعلى المؤمنين بقوله: ï´؟ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ غ– وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ غ– فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ غ– فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ غڑ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ï´¾ آل عمران.

5- إن الأنبياء وهم يسوسون شعوبهم لا يجعلون حياتهم منصرفة لمتاع الدنيا أو الالتباس الشديد بالماديات غافلين عن النواحي الروحية بل هم في غمرة السياسة يذكرونهم بالله تعالى ويربطون قلوب العباد بخالقهم فتسمو نفوسهم وتصفى قلوبهم وترقى غاياتهم كما قال الله تعالى: ï´؟ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ غ– وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا غ– وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ غ– وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ غ– إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ï´¾ القصص.

وقد ترسخت هذه القيم العالية والأهداف السامية حتى إن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلوها ضمن أهدافهم عند دعوة عباد الله تعالى في الأرض إلى دين الله تعالى فهذا: (ربعى بن عامر حين دخل على رستم قائد جيش الفرس عندما سأله: من أنتم؟ فأجابه لقد ابتعثنا الله تعالى لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام) ثم إن خلفاء الرسل يخلفونهم في تولي شئون العباد فيحكمون بمنهج الرسل ويسوسون الناس على سنن من هديهم كما قال الله تعالى: ï´؟ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ï´¾ الأنبياء، وقال الله تعالى ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ غ– فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ غڑ ذَظ°لِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ï´¾ النساء. وأولوا الأمر هم العلماء والحكام.

ولكن الذين يتولون الأمر من بعد الرسول يجب عليهم الالتزام بقواعد الشرع في سياساتهم وأن يتبعوا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ) فطاعة أولي الأمر ليست طاعة مستقلة بل هي تبع لطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ومقيدة بها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب أو كره ما لم يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) وقال صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة لمن عصى الله) فهذه القيادة ليست حكما يقوم على مفهوم (الدولة الدينية) المستقرة في أذهان الغرب نتيجة لترسبات تاريخية سابقة عن فترة كنسية مرتبطة بظروفها التاريخية والموضوعية وإنما الدولة في مفهوم الإسلام تقوم على أسس ومبادئ وقيم يلتزم بها كل من الحاكم والمحكوم وليس لحاكم عصمة في أن يفعل ما يشاء أو أن يتفرد بسلطة التشريع باسم النيابة عن الله تعالى ولا يتحكم في رقاب العباد باسم الوصاية والولاية على الشعب بل هو مأمور بالمشاورة وأخذ الرأي في القضايا التي تمس جموع الأمة ويلتزم فيها برأي الأمة المسلمة ولو كان رأيهم خلافا لرأيه هو كما قال الله تعالى آمرا رسوله عليه الصلاة والسلام: ï´؟ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ï´¾ آل عمران. وقال تعالى ï´؟ وَأَمْرُهُمْ شُورَىظ° بَيْنَهُمْ ï´¾ الشورى.

العنصر الثالث: واجبنا تجاه النبي صلى الله عليه وسلم:
إن علينا واجب وفرض تجاه نبينا صلى الله عليه وسلم ليس منة ولا نافلة ولا أمرا ثانويا إنما هو دين ندين به لله تعالى نسأل عنه يوم القيامة من هذا الواجب:
1- الإيمان به صلى الله عليه وسلم: فالإيمان به صلى الله عليه وسلم من أركان الإيمان التي يجب على المسلم الإيمان بها، ومن هذه الأركان الإيمان بالرسل، وهو صلى الله عليه وسلم رسول من أولئك الرسل عليهم أفضل الصلاة وأزكى التسليم، قال الله تعالى ï´؟ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا ï´¾ [التغابن: 8]، وقال تعالى: ï´؟ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ï´¾ [الأعراف: 158]، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم بوجوب الإيمان به صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) (البخاري ومسلم).

ومن الإيمان به صلى الله عليه وسلم التصديق الجازم الذي لا شك فيه بأن رسالته ونبوته هي حق من عند الله تعالى، والعمل بمقتضى ذلك، والتصديق بأن كل ماجاء به من الدين وما أخبر به عن الله تعالى حق صحيح، ولابد من تصديق ذلك بالقلب واللسان، فلا يكفي الإيمان به باللسان، والقلب منكر لذلك، قال تعالى: ï´؟ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ï´¾ [النساء: 136].

فالإيمان به صلى الله عليه وسلم وبرسالته وبكل ماأخبر به من الأمور التي وقعت والتي لم تقع مما أطلعه الله عليه الإيمان بذلك كله واجب حتى يكمل إيمان المرء ولقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم من آمن به ولم يره بشّره بطوبى وهي شجرة في الجنة فقال صلى الله عليه وسلم: (طوبى لمن آمن بي ورآني مرة، وطوبى لمن آمن بي ولم يرني سبع مرار (مرات)). (السلسلة الصحيحة 3 / 45)، فمن شك في نبوته أو رسالته فهو كافر، لأن الأدلة ثابتة مستفيضة مجمع عليها بين أهل العلم.

2- محبته صلى الله عليه وسلم: وهذا حق من حقوقه صلى الله عليه وسلم على أمته، وواجب عليهم أيضاً، فينتفي الإيمان بعدم محبة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أوجب الله محبة نبيه في كتابه العزيز، فقال تعالى: ï´؟ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ï´¾ [التوبة: 24].

وقال صلى الله عليه وسلم: (لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين) (البخاري).

ولما سمع عمر رضي الله عنه هذا الحديث قال للرسول صلى الله عليه وسلم لأنت أحب إلي من كل شئ إلاّ نفسي، فقال: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال له عمر: فإنك الآن والله أحب إلي من نفسي، فقال صلى الله عليه وسلم: (الآن ياعمر) أي الآن صدقت وحققت الإيمان الكامل بمحبتك لنبيك.

وقال صلى الله عليه وسلم: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لايحبه إلاّ لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار) (البخاري).

ومن محبته صلى الله عليه وسلم إيثار مايحب صلى الله عليه وسلم على مايحب العبد، ومحبة ماجاء به والدعوة إليه ومحبة أهل بيته وصحابته رضوان الله عليهم ومن محبته كثرة ذكره عليه الصلاة والسلام،والشوق إلى لقاءه، قال صلى الله عليه وسلم: (يا أبا أمامة إن من المؤمنين من يلين لي قلبه) (أحمد وهو صحيح)، ومعنى ذلك أن من المؤمنين من يسكن قلبه ويميل للنبي صلى الله عليه وسلم بالمودة والمحبة، وما ذاك إلا بإخلاص الاتباع له صلى الله عليه وسلم دون سواه من البشر فحب النبي صلى الله عليه وسلم موصل لحب الله تعالى.

قال الشاعر:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه
هذا لعمرك في القياس بديع

لوكان حبك صادقا لأطعته
إن المحب لمن يحب مطيع


فمن محبته صلى الله عليه وسلم طاعته وتصديق ماأخبر عنه وتوقيره وتعظيمه عند ذكره صلوات الله وسلامه عليه ماتعاقب الليل والنهار.

3- نصرته والغيرة على دينه صلى الله عليه وسلم:
إنَّ الغيرةَ على دينِ الله وحُرما ته، من صفاتِ المؤمنين الأعزاء، فهي من مقتضياتِ الإيمان، تقوى بقوته وتضعفُ بضعفه، وتفقدُ الغيرة حيثُ لا يكون القلبُ مؤمناً، وفي الحديث: (المؤمنُ يغارُ واللهُ أشدُّ غيرة)، والغيرةُ هي التألمُ والغضبُ على حقٍّ يُهانُ ويُقهرُ، أوباطلٌ يحمى وينصرُ، وينتجُ عن هذا التألم والغضب، مساندة الحقِّ ومقاومةَ الباطل.

إنَّ من الغيرةِ على دينِ اللهِ الوقوفُ مع الحقِّ، ومناصرة أهل الحقِّ والخير، ومناورة الباطل، ومقاومةُ المبطلين والمفسدين، مهما كانوا ولو كانوا أولى قربى.

الغيرةُ على دينِ الله تكون بالمساهمةِ في نشره، والدعوة إليه، والجهاد في سبيلهِ بالنفسِ أو بالمال.

إنَّ من الغيرةِ على دينِ الله، مُناصرةُ المسلمين وقضاياهم، والتألم لآلامهم والفرحُ بآمالهم، ولقد كان التحامُ المسلمين، ونصرة كل منهم لأخيه مثالاً فريداً في تاريخ التلاحم والتواصل والتناصر، سواءً على مستوى الأمة أو الأفراد. ومن الغيرة على الدين الذبُ عن الإسلام والدفاع، والرد على أهل الباطل الذين يُريدون خدش كرامة المسلمين.

قال زيدُ بنُ ثابت: بعثنى رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يوم أُحُدٍ أطلُب سعدَ بنَ الرَّبيعِ، فقال لى: (إنْ رَأَيْتَهُ فأقرئه منِّى السَّلاَمَ، وقُلْ لهُ: يقولُ لَكَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ تَجِدُكَ)؟ قالَ: فجعلتُ أطوفُ بَيْنَ القَتْلَى، فأتيتُه، وهو بآخِرِ رَمَق، وفيه سبعونَ ضربةً، ما بين طعنةٍ برُمح، وضربةٍ بسيف، ورميةٍ بسهم، فقلت: يا سعدُ؛ إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليكَ السَّلامَ، ويقول لك: أخبرني كيف تَجِدُكَ؟ فقال: وعلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم السلامُ، قل له: يا رسُولَ اللهِ؛ أَجِدُ ريحَ الجنة، وقل لقومى الأنصار: لا عُذْرَ لكم عند الله إن خُلِصَ إلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وفيكم عَيْنٌ تَطْرِفُ، وفاضَتْ نفسُهُ من وقته.

وهذا نور الدين محمود لقد كان ذا غيرة صادقة على دين الله، ومحارم المسلمين، فلقد تفتحت عيناه على أحوال المسلمين المتردية، وعلى هزائمهم المتلاحقة، وكان ذلك يؤلمه أشد الألم، ومما يذكر في هذا الصدد أن نور الدين كان قليل الابتسام جدًا، فلما وعظه إمامه بأن الابتسام من وصايا النبوة قال له نور الدين: "لا تؤاخذني أيها الشيخ، كيف أبتسم وآلاف المسلمات سبايا عند كفار لا يتقون، ولا يرحمون؟ وكيف أبتسم والمسجد الأقصى يدنسه العدو؟!"

الخاتمة
لقد كان لبعثة الحبيب صلى الله عليه وسلم نتائج مبهرة، فقد نقل الناس من حال إلى أحسن حال، من ظلام إلى نور، ومن ضلال إلى هداية، ومن تخبط وحيرة إلى أمن واطمئنان، ومن رعاة للغنم غلى قادة للأمم.

إن الرجال الذين رباهم سيد الرجال صلى الله عليه وسلم كانوا على مستوى الأمانة التى حملوها، ففى ظل حكمهم أسعدوا الإنسانية، وكانوا خير القائمين على مصالحها، لقد أرشدوا الضال، وردوا الغاوى، وأصلحوا الفاسد، ورأبوا الصدع، وأقاموا فى الأرض القسط، وبسطوا على العالم جناح الأمن، لذا قال الله تعالى عنهم ï´؟ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ غ— ï´¾ آل عمران.

ولقد بين الله تعالى عاقبة البعد عن منهج الإسلام العظيم حيث يقول الله تعالى: ï´؟ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ ï´¾ (القلم)

أي: نعطيهم من أنواع النعيم ونحن ندنيهم من العذاب درجة بعد درجة، ولذلك يقول الله بعد ذلك: ï´؟ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ï´¾ (الأعراف)، فيبين الله تعالى أنه من كيده وأنه من مكره بهؤلاء الكافرين، ولذلك يبين في مكان آخر أن الناس إذا أعرضوا عن دين الله فإنه يفتح لهم أبواب النعيم ويعطيهم من الدنيا فوق ما يفكرون به، وذلك استدراج من الله عز وجل حتى تقوم عليهم الحجة ï´؟ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ï´¾ (الأنعام). وحذرنا الله تعالى من مخالفة أمره صلى الله عليه وسلم فقال تعالى ï´؟ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ï´¾ [النور]، فالله يَنْصحهم بألاَّ يُخالفوا أمر الرسول؛ لأنه سيصيبهم شرٌّ من مُخالفته وعذابٌ أليم.

فالواجب على كل مسلم الطاعة التامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والأخذ بكل ما جاء به والبعد عن مخالفته، والغيرة علي دين الله تعالى، وبهذا يحصل الفوز بالجنة والنجاة من النار. فنسأل الله العظيم أن يوفقنا للعمل بطاعته وأن يحشرنا تحت لواء حبيبه المصطفي صلى الله عليه وسلم،وأن ينصر الإسلام والمسلمن إنه ولي ذلك ومولاه، اللهم آمين. وَآخِرُ دَعْوَانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

تمت بفضل الله تعالى..


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.14 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.04%)]