عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-07-2020, 12:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,475
الدولة : Egypt
افتراضي أحكام يوم الجمعة

أحكام يوم الجمعة
الشيخ صلاح نجيب الدق






الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق؛ ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارًا به وتوحيدًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسولهصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا مزيدًا، أما بعد:
فإن ليوم الجمعة أحكامًا وآدابًا أحببت أن أذكِّرَ بها طلاب العلم الكرام، فأقول وبالله تعالى التوفيق.

بسم الله الرحمن الرحيم
سبب تسمية الجمعة:
اختلف أهل العلم في سبب تسمية يوم الجمعة بهذا الاسم، مع اتفاقهم أنه كان في الجاهلية يسمى بيوم العروبة، ويمكن أن نجمل أقوال العلماء فيما يلي:
1- لأن كمال الخلق جُمع فيه.
2- لأن خلق آدم جمع فيه.
3- لاجتماع الناس للصلاة فيه.
4- لأن كعب بن لؤي كان يجمع قومه فيه فيذكرهم ويأمرهم بتعظيم الحرم، ويخبرهم بأنه سيبعث منه نبي.
5- لأن أسعد بن زرارة كان يجمِّع الأنصار فيه ويذكرهم، فسمَّوه بالجمعة حين اجتمعوا إليه.
6- لاجتماع آدم وحواء في هذا اليوم؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 2 صـ 411).


فضائل يوم الجمعة:
إن ليوم الجمعة فضائل كثيرة، يمكن أن نجملها فيما يلي:
(1) الجمعة يوم عيد:
روى أبو داود عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((قد اجتمع في يومكم هذا عيدانِ، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمِّعون))؛ (حديث صحيح؛ صحيح أبي داود للألباني، حديث 948).
وروى ابن ماجه عن ابن عباسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم((إن هذا يوم عيدٍ جعله الله للمسلمين، فمن جاء إلى الجمعة فليغتسل، وإن كان طيبٌ فليمَسَّ منه، وعليكم بالسواك))؛ (حديث حسن؛ صحيح ابن ماجه للألباني، حديث 9، 1).


(2) يوم الجمعة أفضل الأيام:
روى مسلم عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيرُ يومٍ طلعت عليه الشمس يوم الجمعة؛ فيه خُلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة)(صحيح مسلم جـ 2 ـ كتاب الجمعة، حديث 18).


(3) الجمعة كفَّارة للذنوب:
روى مسلم عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له، ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته، ثم يصلي معه - غُفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وفضل ثلاثة أيامٍ))؛ (مسلم جـ 2، حديث 857).
وروى مسلم عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان: مكفِّراتٌ ما بينهن إذا اجتنب الكبائر))؛ (مسلم جـ 1كتاب الطهارة/ حديث 16).


(4) الملائكة تكتب أسماء المصلين:
روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا كان يوم الجمعة، كان على كل بابٍ من أبواب المسجد ملائكةٌ يكتبون الأولَ فالأول، فإذا جلس الإمام طَوَوُا الصحف وجاؤوا يستمعون الذكر، ومَثل المُهجِّر كمثل الذي يُهدي البَدَنة، ثم كالذي يُهدي بقرةً، ثم كالذي يُهدي الكبش، ثم كالذي يُهدي الدجاجة، ثم كالذي يُهدي البيضة))؛ (مسلم، حديث 85).


(5) يوم الجمعة فيه ساعة إجابة:
روى الطبراني في الأوسط عن أنس بن مالك قال: "عرضت الجمعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاء جبريل في كفه كالمرآة البيضاء، في وسطها كالنكتة السوداء، فقال: ((ما هذه يا جبريل؟ قال: هذه الجمعة، يعرضها عليك ربك؛ لتكون لك عيدًا، ولقومك من بعدك، ولكم فيها خير تكون أنت الأول، ويكون اليهود والنصارى من بعدك، وفيها ساعة لا يدعو أحدٌ ربَّه بخير هو له قسْمٌ إلا أعطاه، أو يتعوذ من شر إلا دفع عنه ما هو أعظم منه، ونحن ندعوه في الآخرة يوم المزيد))؛ (حديث صحيح؛ صحيح الترغيب جـ 1، حديث 691).


روى أبو داود عن جابر بن عبدالله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يوم الجمعة ثنتا عشرة - يريد ساعةً - لا يوجد مسلمٌ يسأل الله عز وجل شيئًا، إلا آتاه الله عز وجل، فالتمسوها آخر ساعةٍ بعد العصر))؛ (حديث صحيح؛ صحيح أبي داود، حديث 926).


(6) يوم الجمعة أكمَل الله لنا فيه الدِّين:
قال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، وكان ذلك يوم الجمعة عشيةَ يوم عرفة، في حجة الوداع، وذلك في العام العاشر من هجرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.


سنن وآداب يوم الجمعة:
إن ليوم الجمعة آدابًا كثيرة، يمكن أن نجملها فيما يلي:
(1) الاغتسال وارتداء أفضل الثياب مع الطِّيب:
روى البخاري عن سلمان الفارسي قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يغتسل رجلٌ يوم الجمعة، ويتطهَّر ما استطاع من طُهرٍ، ويدَّهن مِن دُهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرِّق بين اثنين، ثم يصلي ما كُتب له، ثم يُنصت إذا تكلم الإمام - إلا غُفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى))؛ (البخاري، حديث 883).


وروى الترمذي عن سمرة بن جندبٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من توضأ يوم الجمعة، فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل))؛ (حديث صحيح؛ صحيح الترمذي للألباني، حديث 411).


قال ابن قدامة: الغسل يوم الجمعة: ليس ذلك بواجبٍ في قول أكثر أهل العلم.
قال الترمذي: العمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم.
وهو قول الأوزاعي، والثوري، ومالكٍ، والشافعي، وابن المنذر، وأصحاب الرأي، وقيل: إن هذا إجماعٌ.
قال ابن عبدالبر: أجمع علماء المسلمين - قديمًا وحديثًا - على أن غسل الجمعة ليس بفرضٍ واجبٍ؛ (المغني لابن قدامة بتحقيق التركي جـ 3 صـ 227:224).


وقت الغسل في يوم الجمعة:
يبدأ غسل يوم الجمعة من بعد أذان الفجر؛ فمن اغتسل بعد الفجر أجزأه، ومن اغتسل قبـل الفجـر لم يجزئه، ومن اغتسل ثم أحدث، أجزأه الغُسل، وكفاه الوضوء؛ (المغني لابن قدامة جـ 3 صـ 227).


(2) الذهاب مبكرًا إلى المسجد:
روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح، فكأنما قرَّب بدَنةً، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرَّب بقرةً، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرَّب كبشًا أقرنَ، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرَّب دجاجةً، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرَّب بيضةً، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر))؛ (البخاري حديث 881/ مسلم حديث 85).


(3) قراءة سورة الكهف:
روى النسائي عن أبي سعيد الخدري: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة، أضاء له من النور ما بين الجمعتين))؛ (حديث صحيح؛ صحيح الترغيب للألباني جـ 1 حديث 736).


(4) الإكثار من الدعاء والصلاةِ على النبي صلى الله عليه وسلم:
روى مسلم عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال: ((فيه ساعةٌ لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ وهو يصلي يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه))؛ (مسلم حديث 852).


وروى أبو داود عن أوس بن أوسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من أفضل أيامكم يومَ الجمعة؛ فيه خُلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة؛ فأكثِروا علَيَّ من الصلاة فيه؛ فإن صلاتَكم معروضةٌ عليَّ))، قال: قالوا: يا رسول الله، وكيف تُعرَض صلاتنا عليك وقد أرِمْتَ؟ يقولون: بَلِيتَ، فقال: ((إن الله عز وجل حرَّم على الأرض أجسادَ الأنبياء))؛ (حديث صحيح؛ صحيح أبي داود للألباني، حديث 925).


(5) قراءة سورة السجدة والإنسان في فجر الجمعة:
من السنَّة في صلاة فجرِ يوم الجمعة: قراءةُ سورة السجدة كاملةً في الركعة الأولى، وقراءة سورة الإنسان كاملة في الركعة الثانية.


روى مسلم عن ابن عباسٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة "الم تنزيل السجدة" و" ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ ﴾"، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الجمعة سورةَ "الجمعة" و"المنافقين"؛ (مسلم جـ 2 حديث 879).


تنبيه هام:
ما يقوم به كثير من الناس من قراءة بعض آيات من سورة السجدة، وبعض آيات من سورة الإنسان في الركعة الثانية - فهو بدعة مخالِفة لسنَّة النبي صلى الله عليه وسلم.


فائدة هامة:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لا ينبغي المداومة عليها (يقصد قراءة سورة السجدة والإنسان في فجر يوم الجمعة)، بحيث يتوهَّم بعض الجهال أنها واجبة، وأن تاركها مسيء، بل ينبغي تركها أحيانًا؛ لعدم وجوبها؛ زاد المعاد لابن القيم جـ 1 صـ 44.


حكم صيام يوم الجمعة:
يُكرَه صوم يوم الجمعة منفردًا، إلا لمن وافق عادة له؛ كمن يصوم يومًا ويفطر يومًا، أو كمَن عادته صوم يوم عرفة، فوافق ذلك يومَ جمعة؛ وذلك لوجود أحاديث تدل على استحباب صيام هذه الأيام؛ (فتح الباري جـ 4 صـ 275).


روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يومًا قبله أو بعده))؛ (البخاري حديث 1985/ مسلم حديث 1144).


روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تختصوا ليلة الجمعة بقيامٍ من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيامٍ من بين الأيام، إلا أن يكون في صومٍ يصومه أحدُكم))؛ (مسلم جـ 2 ـ كتاب الصيام حديث 148).


وروى البخاري عن أبي أيوب، عن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمةٌ، فقال: ((أصُمْتِ أمسِ؟))، قالت: لا، قال: ((تريدين أن تصومي غدًا؟))، قالت: لا، قال: ((فأفطري))؛ (البخاري حديث 1986).


قال النووي (في تعليقه على أحاديث النهي عن صوم يوم الجمعة منفردًا]: وفي هذه الأحاديث الدلالة الظاهرة لقول جمهور أصحاب الشافعي وموافقيهم، وأنه يُكره إفراد يوم الجمعة بالصوم، إلا أن يوافق عادةً له، فإن وصله بيومٍ قبله أو بعده، أو وافق عادةً له بأن نذر أن يصوم يوم شفاء مريضه أبدًا، فوافق يوم الجمعة - لم يُكرَه؛ لهذه الأحاديث؛ (مسلم بشرح النووي جـ 4 صـ 274).


وقال ابن قدامة: (يُكرَه إفراد يوم الجمعة بالصوم، إلا أن يوافق ذلك صومًا كان يصومه، مثل من يصوم يومًا ويفطر يومًا، فيوافق صومه يوم الجمعة، ومَن عادته صوم أول يومٍ من الشهر، أو آخره، أو يوم نصفه، ونحو ذلك؛ (المغني لابن قدامة جـ 4 صـ 426:427).


قال ابن حجر العسقلاني: ذهب جمهور العلماء إلى أن النهى فيه للتنزيه؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 4 صـ 276).


الحكمة من النهي عن صوم يوم الجمعة:
قال النووي: والحكمة في النهي عن صوم يوم الجمعة: أن يوم الجمعة يومُ دعاء وذكرٍ وعبادةٍ: من الغُسل، والتبكير إلى الصلاة، وانتظارها، واستماع الخطبة، وإكثار الذِّكر بعدها؛ لقول الله تعالى: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الجمعة: 10]، وغير ذلك من العبادات في يومها؛ فاستُحبَّ الفِطر فيه، فيكون أعونَ له على هذه الوظائف، وأدائها بنشاطٍ وانشراحٍ لها، والتذاذٍ بها من غير مللٍ ولا سآمةٍ، وهو نظير الحاجِّ يومَ عرفةَ بعرفةَ؛ فإن السنَّة له الفِطرُ، كما سبق تقريره، لهذه الحكمة؛ (مسلم بشرح النووي جـ 4 صـ 274).


حكم صلاة الجمعة:
تجب صلاة الجمعة على كل مسلم ذكَر، بالغ، عاقل، حرٍّ، مقيم، قادر على الذهاب إلى المسجد؛ وذلك بالكتاب والسنة والإجماع.


أولًا القرآن: قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الجمعة: 9].
أمَر الله تعالى بالسعي إلى صلاة الجمعة، والأمرُ بالسعي يقتضي هنا الوجوب، ولا يجب السعي إلا إلى الواجب، ونهى عن البيع؛ لئلا يشتغل به عنها، فلو لم تكن واجبةً، لَمَا نهى عن البيع من أجلها، والمراد بالسعي ها هنا الذهابُ إليها، لا الإسراع؛ فإن السعيَ في كتاب الله لم يرد به العَدْو، (المغني بتحقيق التركي جـ 3 صـ 158).


ثانيًا السنَّة:
روى مسلم عن عبدالله بن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقومٍ يتخلفون عن الجمعة: ((لقد همَمْتُ أن آمُرَ رجلًا يصلي بالناس، ثم أُحرِّقَ على رجالٍ يتخلَّفون عن الجمعة بيوتَهم))؛ (مسلم حديث 652).


روى مسلم عن عبدالله بن عمر وأبي هريرة: أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعوادِ مِنبره: ((لينتهيَنَّ أقوامٌ عن وَدْعِهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين))؛ (مسلم حديث 865).


ثالثًا الإجماع: أجمع المسلمون على وجوب صلاة الجمعة؛ المغني بتحقيق التركي جـ 3 صـ 159.


مَن تسقط عنه الجمعة:
لا تجب صلاة الجمعة على المرأة، والصبي، والعبد المملوك، والمريض الذي يشق عليه الذهاب إلى المسجد، والمسافر، وأصحاب الأعذار الشرعية؛ كمن يقوم برعاية المريض، إذا كان وجوده بجواره وقت صلاة الجمعة ضروريًّا، وكمن يخاف من ظالم، أو المَدين المعسِر الذي يخاف من الحبس، أو مطر غزير أو وحل شديد يمنع الخروج إلى المسجد، أو ما شابه ذلك من الأعذار؛ (شرح السنة للبغوي جـ 4 صـ 226).


ولهم أن يصلُّوا الظهر قبل صلاة الإمام في الجمعة؛ لأنهم لم يخاطَبوا بالجمعة؛ فصحت منهم صلاة الظُّهر.


روى أبو داود عن طارق بن شهابٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الجمعة حق واجبٌ على كل مسلمٍ في جماعةٍ، إلا أربعةً: عبدٌ مملوكٌ، أو امرأةٌ، أو صبي، أو مريضٌ)).


قال أبو داود: طارق بن شهابٍ قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئًا(حديث صحيح؛ صحيح أبي داود للألباني 942).


تنبيه هام: طارق بن شهابٍ أدرك الجاهلية، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئًا".
وأخرج الحاكم حديث طارق بن شهاب عن أبي موسى الأشعري، وقال الحافظ ابن حجر: صححه غير واحد، وقال الإمام النووي: هذا غيرُ قادح في صحته؛ فإنه يكون مرسَلَ صحابيٍّ، وهو حجة، والحديث على شرط الشيخين؛ (سبل السلام للصنعاني جـ 2 صـ 416)، (نيل الأوطار جـ 3 صـ 27).


وروى الطبراني في الأوسط - بسنده - عن عبدالله بن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس على مسافرٍ جمعة))؛ (حديث صحيح؛ صحيح الجامع جـ 2، رقم 54، 5).


قال ابن قدامة: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسافر فلا يصلي الجمعة في سفره، وكان في حجة الوداع بعرفة يوم جمعةٍ، فصلى الظهر والعصر، وجمع بينهما، ولم يصلِّ جمعةً، والخلفاء الراشدون رضي الله عنهم كانوا يسافرون في الحج وغيره، فلم يصلِّ أحدٌ منهم الجمعةَ في سفره، وكذلك غيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم؛ (المغني لابن قدامة بتحقيق التركي جـ 3 صـ 216).


وقفـة هامة:
قال أبو القاسم البغوي: كل من لا يجب عليه حضور الجمعة، إذا حضر وصلى سقط عنه فرض الظُّهر بأداء الجمعة؛ (شرح السنة للبغوي جـ 4 صـ 226).


وقت السعي للجمعة:
للسعي إلى صلاة الجمعة وقتان: وقت وجوب، ووقت فضيلة.
وقت الوجوب: هو وقت أذان الظهر؛ لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الجمعة: 9].


وقت الفضيلة: هو من أول النهار، فكلما ذهب المسلم مبكرًا إلى المسجد، كان ذلك أفضل.
روى مالك والشيخانِ عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح، فكأنما قرَّب بدَنةً، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرةً، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشًا أقرنَ، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجةً، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضةً، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر))؛ (الموطأ ـ كتاب الجمعة ـ 1)، (البخاري 881/ مسلم 85).
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 47.21 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.59 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.33%)]