أدلة ابن تيمية السمعية في إثبات الصفات والأفعال
أ. د. مصطفى حلمي
إن هذه الأدلة في جانب أهل الإثبات من السلف فإنهم "إذا قالوا: المتكلم من قام به الكلام وهو يتكلم بمشيئته وقدرته خصموا المعتزلة وانقطعت حجتهم عنهم".[1]
والآيات والأحاديث الدالة على ذلك كثيرة جدًا: منها قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82] وقوله: ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 105] وقوله: ﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [الأعراف: 54].
وقد بحث ابن تيمية في تفسير الآيات المثبتة لقيام الأفعال الاختيارية واختار منها قولان، أحدهما لجعفر الصادق في تفسير الآية: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا ﴾ [المؤمنون: 115] فقد سئل: لم خلق الخلق؟ فأجاب "لأن الله كان محسنًا بما لم يزل فيما لم يزل إلى ما لم يزل"[2].
وفسر ابن عباس قوله تعالى: ﴿ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 96]، ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 17] قال: "كان ولم يزل ولا يزال"[3].
كما يقول الإمام أحمد "لم يزل عالمًا متكلمًا غفورًا"[4].
وكذلك الأحاديث الصحيحة، منها قول الرسول صلى الله عليه وسلم لما صلى بهم صلاة الصبح بالحديبية: "أتدرون ماذا قال ربكم الليلة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: فإنه قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بالكوكب"[5].
فالآيات والأحاديث - أي الأدلة السمعية - متوافرة في جانب الإثبات دون النفي، بعكس المنازعين الذين يقررون حسب أهوائهم أولًا امتناع الكلام بالمشيئة والقدرة ثم يحاولون تأويل النصوص بزعم الاستناد إلى أدلة عقلية.
[1] ابن تيمية شرح العقيدة الأصفهانية ص 61.
[2] شرح حديث النزول ص 185.
[3] نفس المصدر والصفحة.
[4] موافقة صريح المعقول ج 2 ص 137.
[5] ابن تيمية. شرح العقيدة الأصفهانية ص 61.