عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 26-06-2020, 05:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي بين الرجل والنملة

بين الرجل والنملة


دعاء بيطار







ذكَر أحدُ الكتاب الغربيين أن سلوكَ الإنسان الذي يحدِّد شخصيتَه ما هو إلا محاكاةٌ للآخرين، وتقليدٌ لما أحبَّه من تصرفات لأشخاصٍ معينين، كان قد جعلهم قدوةً له في حياته، فأصبح يحاكي ما يفعلون، سواءٌ بشكل مباشر أو غيرِ مباشر، مما يشكل شخصيةَ هذا الإنسان ليصبح مزيجًا من كل هؤلاء.

وسواءٌ قبِلنا هذا الكلام أم لا، فمن المسلَّمات أن كلاًّ منا لديه قدوة في حياته، لها أكبر الأثر على اتجاهاته وآرائه، ومن ثَمَّ تصرفاته وأفعاله.

والناظرُ في أحوال الأمة يجد أن الأشخاصَ الذين يستحقّون أن يكونوا قدوةً ما هم إلا قلةٌ قليلةٌ، وعَت دورَها وتحملَت الأمانة التي عجزت عن حملها السماوات والأرض والجبال، والتي خلقها الله وسخرها لخدمة هذا الإنسان، ولكنها الغاية التي جهِلها وغفل عنها الكثير، ولكن لم يغفل عنها "صاحب يس"، ذلك الرجل الإيجابي الذي سمعنا وما زلنا نسمع في مشارق الأرض ومغاربها قولتَه الخالدة إلى قيام الساعة: {إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ} [يس: 25].

ليكتب له القرآن شجاعتَه وعزتَه بدينه، والذي استَحق بهذا أن يكون مُؤْثَرًا يُذكر، تمامًا مثلَ تلك النملة التي كانت مقالتُها أعلقَ بمقصود السورة، ومن ثمَّ اسمُها؛ لأنها تميزت بما قالته عن غيرها، فاستحقت أن تكون مُؤثَرةً يذكرُها القرآنُ: {يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [النمل: 18]، فانتصار منهج الله والتمكينُ له في الأرض وتَعرُّفُ الناسِ إليه يحتاج إلى رجالٍ يرفعون أصواتَهم حتى يسمع الآخرون؛ لأن سنة الله اقتضت ألاَّ يُذكرَ أصحابُ النفوسِ المنهزمةِ، القابعون في الصفوف الأخيرةِ، ممن رَضوا بأن يكونوا مع الخوالف، فهم يركضون خلفَ كلِّ موضة، ويقلِّدون ويحاكون الآخرين دونَ وعيٍ منهم بحقيقة ما يفعلون، لا سيما إذا كان ما يقلدونه آتٍ من الغرب.

فمتى نكون ممن يستحقُّ الذكرَ، ويُكتب له التأثيرُ في الأرض، كما استحق من ذُكروا في القرآن؟! هذا التكريم ابتداءً بصاحب يس، وانتهاءً بالنملة؛ ليتحقق مراد الله من الآية: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} [يس: 12].






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.96 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.03%)]