أختاه : هل تريدين السعادة ؟
علي بن عبد الخالق القرني
فيه نشرت إحدى الصف الأمريكية استقراءً خطيرًا في إحدى جامعاتها في سنة واحدة ثبت أن عشرين ألف فتاة حملن من الزنا –نعوذ بالله من الفواحش ما ظهر منها وما بطن- وأن أمريكا تستقبل مليون طفل من الزنى والسفاح سنويًا، وتعاني من مشكلة رعاية هؤلاء الأطفال الآن. وفي إحصائيات للتليفزيون الفرنسي بلغ عدد العازبات من النساء ثمانية ملايين امرأة، وبلغت حوادث اغتصاب الفتيات اثنتين وعشرين ألف حالة سنويًا، كاتب أمريكي يقول: إحصائيات عام تسعة وسبعين للميلاد تدق ناقوس الخطر؛ عدد اللواتي يلدن سنويًا دون زواج في سن المراهقة ستمائة ألف فتاة، منهن عشرة آلاف دون سن الرابعة عشرة، ومع ذلك يقولون –وكبرت كلمة تخرج من أفواههم- يقولون: إن الحجاب وعدم الاختلاط كبْتٌ جنسي، ومع ذلك تجد الواقع يكذبهم. أين اثنان وعشرون ألف حالة سنويًا من الاغتصاب عندهم؟ أين هذا الكبت الذي يقول: بأنه لا يعيشه إلا المسلمة التي تأتمر بأمر الله؟! حالات الاغتصاب –كما سمعتن- لا تُحصى، ونكاح الرجل ابنته وأمه وأخته مألوف ومشهور –عافانا الله وإياكم من الفسق والفجور-. وفي بريطانيا عشرون ألف حالة إجهاض سنويًا، ناهيك عن الأمراض التي طمَّت وعمَّتْ كالإيدز والسيلان والهربز. وصدق رسول الله –صلى الله عليه وسلم- القائل –قبل أربعة عشر قرنًا-: "وما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إلا ظهرت فيهم الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم". (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ). يا فتاة الإسلام إنهم يريدون لمجتمعنا أن يكون كمجتمعهم (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) فانتبهي واحذري –يا أخت الإسلام- أنت أمام داعييْن: داعٍ إلى النار والعار والشنار؛ ففرِّي منه فرارك من الأسد، وداعٍ إلى الجنة وهو رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الذي جعل من أكبر اهتماماته المرأة، خاطبها، ووعظها، وبالله ذكَّرها وأبكاها. كان يصلي العيد، ثم ينتقل إلى النساء، فيعظهنَّ، ويذكرهن بالله، ويربيهن على الإيمان، وهديه –صلى الله عليه وسلم- موجود بيْن أَيْديكنَّ، وخيرُ الهدي هديُه –صلى الله عليه وسلم- فالْزموه. في وقت ستجدين فيه من يستهزئ بكِ، ويريد منكِ أن تكوني غربية سافلة ساقطة. ستجدين من يقول للحجاب: خيمة، ولقد قيل –وكبرت كلمة تخرج من أفواههم- ستجدين من يقول: عليكِ أن تبحثي عن قائد يقودك إلى المدرسة، وستجدين من يقول: آن لكِ أن تمزقي حجابك وتمشى سافرة يدعونكِ إلى جهنم إن أجبتيهم قذفوكِ فيها؛ فليكن جوابك:
اخسئوا لأني مولعة بالحق لستُ *** إلى سواه أنحو ولا في نصره أئنُّ
دعهم يعضوا على صم الحصى *** كمدًا من مات من غيظه منهم له كفن؟
ولنقف مع نموذج هنا وهو وقفة عظيمة أخيرة وقفة تأمل وتدبر. لابد أن نقفها مع هذا النموذج إنه مع نموذج فريد. مع نموذج درس وحده لنقف مع[ أسماء] –رضى الله عنها وأرضاها- ذات النطاقين الصدِّيقة بنت الصديق التي حظيت بموقف لم تحظَ به امرأة قبلها ولا بعدها ولا حتى الرجال، ألا وهو خدمة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأبيها في الغار، في طريق الهجرة إلى المدينة النبوية، حدث لم يتكرر، وخدمة لن تتكرر، تزوجت بالزبير –رضى الله عنه وأرضاه- وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، رضيت به زوجًا؛ لأنه ابن الدعوة الذي شهد فجرها كما شهدتها هي، ولأنه ابن الدعوة الذي ذاق حلاوة الأذى في سبيلها كما ذاقتها هي، إنهما يشتركان في الإيمان والدعوة والشجاعة، انتقلت من بيت أبيها إلي بيت زوجها المتواضع، لم تحمل جواهر، ولم تحمل فساتين، وإنما تحمل همَّ مستقبل الإسلام بين أضلاعها ومصير الدعوة، تقول ذات يوم: تزوجني الزبير، وما له في الأرض مالٌ، وماله مملوك غير فرسه، فكنت أعلف فرسه، وكنت أكفيه مئونته، وكنت أقوم فوق ذلك بأعباء بيته. واسمعوا –يا أيتها الأخوات- لم تكن أسماء عبئًا على زوجها الزبير بما لها من مطالب دنيوية ورغبات ذاتية؛ لأنها لم تطلب الدنيا للمتعة، ولم تطلب من زوجها أن يكون لها لوحدها يحقق رغباتها، ويسعى لتوفير السعادة لها؛ بل كانت هي في خدمة زوجها تسعده وترضيه وتقف وراءه، وتحتسب ذلك. فهو على ثغر في خارج البيت، وهي على ثغر في داخل البيت، وهذه هي القسمة العادلة، وهكذا تكون الأسرة المسلمة. فأين تقف المرأة المسلمة اليوم مع زوجها في دعوته؟ هل تتعهده بالطمأنينة؟ هل تشحنه بالعزيمة؟ هل تقف صفًّا وراءه، وتتخلى عن بعض رغباتها في سبيل الله؟ أم أنها تقف عقبة تُعيقُه في طريق دعوته، وفي طريق رسالته. إني لأدعو الأخوات إلى دفع الأزواج، وإلى دفع الأبناء، وإلى دفع الإخوان، وإلى دفع الأخوات إلى الإصلاح والدعوة والعلم ولهن في أسماء قدوة ونعم القدوة. لا زلنا نعيش مع أسماء ويرزقها الله -جل وعلا- بعبد الله، فتربيه تربية المؤمنات، تُتحفُّ سمعه وقلبه بمبادئ هذا الدين تُتْحف سمعه صباحًا ومساءً بتلاوة آيات الله البينات على آذانه، تُتْحِف سمعه وقلبه بذكر الله آناء الليل وأطراف النهار حتى شبَّ وترعرع، وأبواه لا يفتران عن تعليمه أمور الدين، وتربيته على الإسلام حتى إنه ليقتحم مجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومًا من الأيام، وهو لا زال صغيرًا فيتبسم -صلى الله عليه وسلم- يوم جاء يبايعه، ويقول:" إنه ابن أبيه، إنه ابن أبيه "كما روى عنه -صلى الله عليه وسلم-. فهل تعي الأمهات مسؤولية الأبناء، نرجو ذلك. إن المرأة الغارقة في الرفاه والتنعم والترف والتي تستهلكها الدنيا من طعام وشراب وزينة وتفاخر ومظاهر براقة لا تربي الأطفال، ولا تربي العلماء، ولا تربي الأتقياء. إنما تربي التنابلة والبطَّالين والكسالى والخاملين والعالة على المجتمع المتسكعين أشباه الرجال ولا رجال. انظرن -يا أيتها الأخوات- لأسماء في أحْلَكِ المواقف، وقد بلغت السابعة والتسعين من عمرها، يوم حوصر ابنها في الحرم، فتدخل عليه، فيدخل هو عليها يستشيرها في الموقف؛ ماذا يفعل؟ فقالت بثبات المؤمنة المربية: أنت أعلم بنفسك يا عبد الله، إن كنت تعلم أنك على حق وتدعو إلى الحق؛ فاصبر عليه حتى تموت في سبيله، وإن كنت تريد الدنيا فلبئس العبد أنت، أهلكت نفسك ومن معك. قال: يا أماه –والله- ما أردت الدنيا، وما جُرْتُ في حكم، وما ظلمتُ، وما غدرت، والله يعلم سريرتي، وما في قلبي، فقالت: الحمد لله، وإني لأرجو الله أن يكون عزائي فيك حسنًا إن سبقتني إلى الله، تعانقَا عناق الوداع، ثم قالت: يا بني اقترب حتى أشمَّ رائحتك، وأضم جسدك، فقد يكون هذا آخر العهد بك، فأكبَّ على يديها ووجهها يلثمها ويقبلها وتشتبك دموعه بدموعها وهي تتلمسه. عمياء لا ترى، ثم ترفع يدها، وهي تقول: يا عبد الله ما هذا الذي تلبسه؟ قال: درعي. قالت يا بني ما هذا لباس من يريد الشهادة في سبيل الله، انزعه عنك؛ فهو أقوى لوثبتك، وأخفُّ لحركتك، والبس بدلا منه سراويل مضاعفة حتى إذا صُرعت لم تنكشف عورتك. نزع درعه، وشدَّ سراويله، ومضى إلى الحرم، وهو يقول: يا أماه لا تَفْتُري عن الدعاء،. فرفعت كفَّها وقلبها إلى الله قائلة: اللهم ارحم طول قيامه، وشدة نحيبه في سواد الليل، والناس نيام. اللهم ارحم جوعه وظمأه في هواجر مكة والمدينة، وهو صائم. اللهم إني قد أسلمته إليك، ورضيت بما قضيت فيه، فأثبني فيه ثواب الصابرين. ويذهب ويصلي طوال ليلته تلك، ويصلي بالناس الفجر، ثم يحمد الله، ويثني عليه، ويحرض أصحابه على القتال، ثم ينهض ليقاتل وتأتيه ضربة في وجهه، يرتعش لها ويسيل الدم على وجهه، فيقول:
ولسنا على الأعقاب تدمي كلومنا *** ولكن على أقدامنا تقطر الدم
ثم سقط فأسرعوا إليه، فأجهزوا عليه، فارتجت مكة بالبكاء عليه -عليه رحمة الله- ثم لم يكتفوا بذلك، بل صلبوا جسمانه كالطود الشامخ في ريع الجحون.
عُلواً في الحياة وفي الممات *** بحق أنت إحدى المكرمات
كأنك واقف فيهم خطيبا *** وهم واقفون قيامًا للصلاة
وتسمع الأم الصابرة ذات السبع والتسعين سنة العمياء البصيرة، وتذهب إلى ولدها المصلوب كالطود الشامخ، وتقترب منه، وهي لا ترى وتدعو له، وإذ بقاتله يأتي إليها في هوان، ويقول: يا أمَّه إن الخليفة أوصاني بكِ خيرًا، فتصيح به: لست لك بأم، أنا أم هذا المصلوب، وعند الله تجتمع الخصوم، ويتقدم ابن عمر مخاطبًا عبد الله المصلوب: السلام عليك يا أبا خبيب، السلام عليك يا أبا خبيب، والله ما علمتك إلا صوَّامًا قوَّامًا وصولا للرحم، أما وقد قال الناس: إنك شرُّ هذه الأمة، أما والله لأمةٌ أنت شرُّها لأمة خير كلها. ثم الْتفت إلى أصحابه قائلاً: أما آن لهذا الفارس أن يترجل، ويتقدم ابن عمر إلى أسماء معزيًا مواسيًا، ثم يقول لها: اتقي الله واصبري، فقالت –بلسان الصابرة المؤمنة الواثقة بموعود الله-: يا ابن عمر، وماذا يمنعني من الصبر وأقد أهِدي رأس يحيى بن زكريا إلى بَغِيٍ من بغايا بني إسرائيل؟!. أرأيتنَّ ما أعظم الأم المربية! وما أعظم الابن المربَّى! لم تلطم خدًّا، ولم تشق جيبًا، ولم تنُح، وإنما سلَّمت الأمر لله، فلله الأمر من قبل ومن بعد. (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ) انظرن –أيتها الأخوات- إلى[ أسماء] يوم يقدم ابنها المنذر، يوم يقدم ابنها [المنذر بن الزبير]، فأرسل إليها بكسوة من بلاد <مرو>، كسوة رقاق عتاق، وهي لا ترى، فقامت تتلمس هذه الكسوة، ثم قالت: أفٍ أفٍ ردوا عليه كسوته، فشقَّ ذلك على ابنها، وقال: يا أماه إنه لا يشفُّ –يعني لا يشف عما تحته- قالت: إن لم يشفّ فهو يَصِفُ، إن لم يَشفّ فهو يَصِفُ، فاشترى لها ثيابًا أخرى لا تشف وأعطاها، فقالت: مثل هذا فاكسني يا بني، مثل هذا فاكسني يا بني. رحم الله أسماء لو رأت ما يصنع بعض نساء المسلمين اليوم، وما يلبسه بعض حفيدات أسماء وخديجة وسمية وصفية ماذا يكون الجواب؟ إننا لنعجب والله من أُذن تسمع قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- "صنفان من أهل النار –وذكر منهم- نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات –إلى أن قال-: لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسافة كذا وكذا وكذا". ثم لا نزال نرى في بعض المسلمات -هداهنَّ الله- من تلبس الضيق، وتلبس الشفاف، وتجمع الحشف وسوء الكيل؛ فتلبس القصير والضيق والشفاف.
كأن الثوب ظل في صباح *** يزيد تقلصًا حينًا فحينًا
تظنين الرجال بلا شعور *** لكأنك ربما لا تشعرين
إنه وعيد شديد، وزجر أليم، ماذا بعد الحرمان من الجنة ورائحتها الزكية التي توجد من مسيرة ألف عام وأكثر، إلا النار؟!. يا أيتها المسلمة إنكِ في هذه الحياة يوم تخالفين أمر الله، فتقعين في الوعيد الشديد. يوم تجوبين الأسواق سافرة، وتقفين مع باعة الأغنيات والمجلات والفيديوهات ماجنة لتحطِّي من قدركِ في هذه الحياة؛ فلا عفاف ولا حياء، والحياء من الإيمان، ثم تتنازلين شيئًا فشيئًا حتى تقعي فيما نسأل الله أن يجيرك منه، وإذا وقعتي -بالطبع- لا أحد -حتى الفجرة- يريدون رؤيتك بهذا المستوى.
إذا سقط الذباب على طعام *** رفعت يدي ونفسي تشتهيه.
وتجتنب الأسود ورود ماء *** إذا كان الكلاب ولغن فيه
فيا أيتها المسلمة المصلية الساجدة، يا من خضع رأسك للحي القيوم، وخشع له سمعك وبصرك، ألا يكفيكِ زاجرًا حديث رسول الله الذي سمعتيه آنفًا، والله إنه لعظيم لو صُبَّ على الجبال الراسيات لأذابها. فأي شيء بعد الحرمان من دار النعيم، وهل هناك دار إلا الجنة أو النار.
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها *** إلا التي كان قبل الموت يبنيها
فإن بناها بخير طاب مسكنه *** وإن بناها بشر خاب بانيها
فارفعي رأسك -أختي المسلمة- وانظري بعين بصيرتك إلى أمهاتك وأخواتك من خير سلف الأمة، وسلي الله اللحاق بهن واعملي عملهن علَّكِ أن تلحقي بهن؛ فتُحشَري معهن، والمرء مع من أحب. يا أمَةَ الله راقبي الله، وقومي بما أوجب الله عليكِ من تكاليف. وادعي إلى الله ما استطعتِ إلي ذلك سبيلا (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا ممن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا) وإذا قسي قلبك فتذكري كربًا بيد سواك، لا تدرين متي يغشاك، إنه الموت الذي لا بُدَّ فيه. (كُلُّ نَفْسٍ ذائقة الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ) يا أمة الله تذكري يوم يأتيكِ منكر ونكير، فيسألانِك: من ربُّك؟ وما دينك؟ ومن نبيُّك؟ كيف بكِ إذا صاح إسرافيل، ونفخ في الصور، وجُمِعْتِ مع الخلائق حافية عارية ذاهلة، قد دنت الشمس منك قدر ميل، ونادى الرب أبانا آدم: يا آدم أخرج بَعْثَ النار من ذريتك، فيقول: يا رب وما بعْثُ النار؟ فيقول الله -عز وجل-: من كل ألفٍ تسعمائة وتسعة وتسعون. عند ذاك يشيب الصغير، وتذهل المرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سُكارَى وما هم بسكارى ولكن عذاب شديد. كيف بكِ -يا أمة الله- إذا رُجَّت الأرض، وبُثَّتِ الجبال، وشخصت الأبصار، وخشعت الأصوات للرحمن؛ فشاب الصغير، وزفرت النار، وتقطعت الأسباب، وصاح الكبير: واشيبتاه وصاح المفرِّط: واخيبتاه وأَزِفَتِ الآَزفة، وبلغت القلوب الحناجر، وتوالت المِحَن على العباد، ونُوديتي باسمك من بين الخلائق للحساب، ما حالك عندها يا أمة الله؟ لا إله إلا الله. أين عُدتُك أيتها الغافلة؟ كم في كتابك من حسنات؟ كم فيه من سيئات؟ هل تنفع الأزياء والموديلات؟ هل تنفع الأغاني والمسلسلات والتمثيليات؟ هل تنفع الفيديوهات والتليفزيونات والإكسسوارات؟ هل تنفع الجواهر والمجوهرات؟
ألا فتوبي قبل ألا تستطيعي أن تتوبي واستغفري لذنوبك الرحمن غفار الذنوب.
إن المنايا كالرياح عليك دائمة الهبوب
ألا فازدادي من الحسنات، والحسنات يذهبن السيئات؛ فوالله ما بعد هذه الدار من دار إلا الجنة أو النار، والله لَلْجنَّة أقرب من شِراك النعل، والنار كذلك. اتقي الله يا ابنة الإسلام. اتقي الله يا من تخرجين إلى الأسواق متبرجة. اتقي الله يا من تلبسين العباءة للزينة لا للستر. اتقي الله يا من كلَّفكِ الله بمهمة عجزت عن حملها السماوات والأرض. اتقى الله وصوني نفسك من أن تكوني ألعوبة في يد ضعاف الإيمان. اتقي الله يا من تزاحمين الرجل، وتخرجين مع الرجل الذي ليس بمحرم لكِ كالسائق وغيره. اتقي الله يا من تدخلين على الطبيب بدون محرم ودونما ضرورة. اتقي الله يا من تربي أبناءها تربية البهائم؛ فلا تذكرهم بالله ولا تَعِظُهم. اتقي الله يا من تتعطر وتخرج حتى إلى الصلاة. إن رسول الله قد نهى عن ذلك، يقول: "أيما امرأة أصابت بخورًا؛ فلا تشهدْ معنا العشاء الآخرة " كما رواه مسلم.
اتقي الله وارجعي إلى الهدى قبل يوم تتقلب فيه القلوب والأبصار، واعلمي أن عذاب الله شديد، وأن الدنيا ليست مقر، وأن الفضيحة أمام الأولين والآخرين عظيمة؛ فاتقي الله، ثم اتقي الله، ثم اتقي الله.وفَّقكنَّ الله جميعًا –أيتها الأخوات- لما يحب ويرضى، ووفَّقنا الله جميعًا لما يحب ويرضى. نسأل الله أن يحفظ فتيات المسلمين من كيْد الكائدين، وتربص المتربصين. اللهم اجعلهن من الصالحات، وبالصالحات مقتديات، وعن الضلال معرضات، وللكتاب والسنة مقتديات. اللهم اجمعهن -كما جمعتهن في هذه الروضة- على الإيمان، وفي الآخرة في جنات ونهَر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر. اللهم وفِّقنا للقيام بمسئولياتنا -أيها الرجال- فنحن القوَّامون على النساء. اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، واحفظنا من بين أيدينا، ومن خلفنا، وعن إيماننا، وعن شمائلنا، ومن فوقنا، ونعوذ بك –اللهم- أن نُغتال من تحتنا. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
تم الكلام وربنا محمود *** وله المكارم والعلا والجود
وعلي النبي محمد صلواته *** ما ناح قُمَريٌ وأورق عود
الأسئلة
1-سائل يقول: هل من وصايا للمرأة الداعية؟ وما هو دورها في موقعها؟
أقول للأخت المسلمة الداعية –والمفترض في كل أخت مسلمة أن تكون داعية؛ لأن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "بلِّغوا عني ولو آية"- أقول لهذه الأخت: أوصيكِ ونفسي بتقوى الله –عز وجل- فهي جامعةُ كل خير، وهي منطلق كل داعية؛ فمتي اتقيت الله –عز وجل- نجَّاكِ الله في الدنيا والآخرة، ثم عليكِ بالرفق واللين "فما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه" ثم عليكِ -يا أيتها الأخت- أن تعلمي أن وسائل الدعوة ليست بالكلام فقط، وأن وسائل الدعوة كثيرة كثيرة، وأعظمُها أن تكوني قدوة في لباسك، وفي مشيتك، وفي كلامك، وفي كل أمورك؛ فتلك -والله- هي الدعوة العظيمة، وعندها يقبل الله -عز وجل- عملك، وتقع الكلمة من الناس موقعًا جميلاً، ثم بعد ذلك إن من الوسائل الشريط، الشريط إذا رأيتِ منكرًا من المنكرات؛ فلا بأس أن تأخذي هذا الشريط، وتقدميه لأختك، وتقولي: اسمعي هذا، ولعل الله -عز وجل- أن ينفعكِ به، بالرسالة، بأمور كثيرة. ووسائل الدعوة لا تخفى علينا ولا عليكم -إن شاء الله تعالى-، وارجعوا إلى بعض الكتب التي تدعو وتوصي، وكل كتب المسلمين تدعو إلى ذلك.
2-يقول: في بعض الأحياء -وذكر الحيَّ- الزوجة تقابل أخا الزوج، وكذلك الزوج يقابل أخت الزوجة أرجو التوجيه.
أما التوجيه؛ فأقول قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "أفرأيت الحموَ يا رسول الله؟ قال: الحمو الموت، الحمو الموت، الحمو الموت".
اسأل الله أن يحفظنا وإياكم بحفظه وأن يحفظ علينا بيوتنا، وأن يحفظ علينا أنفسنا، وأن يحفظ علينا أولادنا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.