عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-04-2020, 08:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,635
الدولة : Egypt
افتراضي يعقوب بن سفيان الفسوي

يعقوب بن سفيان الفسوي

أ. د. أكرم ضياء العمري

هو الحافظ الإمام الحجة أبو يوسف يعقوب بن سفيان بن جوّان الفارسيّ الفسوي[1]، ولد في العقد الأخير من القرن الثاني الهجريّ[2] في مدينة فسا، وهي حاضرة مقاطعة درابجرد في إقليم فارس ومن أكثر مدن فارس عمارة وأوسعها أبنية[3].

وتوفي في مدينة البصرة في 13 رجب سنة 277هـ[4]. وعمره بضع وثمانون سنة[5]، وأرّخ ابن حبان - في كتاب "الثقات" - وفاته سنة ثمانين أو إحدى وثمانين ومائتين[6]، وتابعه حاجي خليفة[7].

رحلته في طلب العلم:
لم تكن مدينة (فسا) من المراكز العلمية المهمة في دراسة الحديث النبوي وعلومه خلال القرون الثلاثة الأولى، لذلك أهملها كل من محمد بن سعد (ت 230هـ). وخليفة بن خياط (ت 240 هـ) في كتابيهما (الطبقات) وهما يمثلان دراسة شاملة لمراكز علوم الحديث في القرنين الأولين ومطلع القرن الثالث الهجريّ. بل أهملها أيضا كل من ابن حبان البستي (ت 354 هـ) في كتابه (مشاهير علماء الأمصار) وابن خلّاد الرامهرمزيّ (ت 360هـ) في كتابه (المحدث الفاصل) عند ذكره للمدن والأقطار التي يكثر فيها العلماء ويقصدها الطلاب[8]. لا غرابة إذًا في أن يرحل يعقوب بن سفيان منذ شبابه إلى مراكز العلم المشهورة في عصره، وكانت الرحلة في طلب العلم شائعة في زمنه رغبة في سماع الحديث على أعلام المحدثين في المراكز المختلفة، وسعيًا في تكثير طرقه، وطلبًا للإسناد العالي، ورغبة في التحقق من صحة بعض الأحاديث، وحبًّا في التعرُّفِ على الشيوخ الكثيرين ومذاكرتهم[9].

وقد تغرب يعقوب بن سفيان عن بلدته «فسا» ثلاثين عاما[10] أمضاها في الرحلة الى المشرق والمغرب[11] وزار خلالها عدة مدن وأقطار، ذكرت المصادر بعضها وسجل هو في تأريخه معلومات أوسع عن رحلته اليها.

مكّة:
وقد استأثرت "مكة" بأكبر عدد من زياراته وبأطول وقت من إقامته، حيث ذكر يعقوب أنَّه قدَّمها في أول شهر رمضان سنة 216 هـ ولعل هذه هي زيارته الأولى لها، وقد مكث فيها أربعة أشهر ثم غادرها بعد هلال المحرم إلى مصر[12]. وسجل يعقوب في كتابه أنَّه حج ست عشرة حجة وذلك خلال سني 216 - 241 هـ، ولم يحج في سني 226 و 237 و 238 و 239 و 240 هـ[13]. وقد تعرّف في مكة على عدد من العلماء الذين أفاد منهم كثيرًا في تحمل الحديث، وروى عنهم في كتاب المعرفة والتأريخ.

مصر:
وقد ذكر يعقوب بن سفيان أنَّه زار مصر في أول سنة سبع عشرة ومائتين بعد حجه [14]، وأنَّه كان فيها سنة 226 هـ[15]، وأنَّه وافى موسم الحج سنة 230هـ من مصر[16]، ولكن يبدو أنَّه لم يمكث في مصر طيلة الفترة بين سنتي 226- 230هـ، لأنَّ ابن يونس[17] ذكر أنَّ يعقوب بن سفيان «قدِم مصر مرَّتين، الثانية سنة تسع وعشرين ومائتين وكتب عنه بها»[18]. فلابدَّ أنه غادرها قبل سنة 229هـ، وبذلك يكون قد دخل مصر ثلاث مرات وليس مرَّتين كما يذكر ابن يونس. وثمة احتمال أن «تسع» في عبارة ابن يونس تصحيف «ست» فيكون قد دخلها مرتين، ويكون قد مكث فيها ما بين سنتي 226 - 230هـ.

الشّام:
وذكر يعقوب أنَّه دخل دمشق في آخر سنة 217هـ، لكنه لم يمكث فيها طويلا حيث غادرها إلى الحج[19]. وزار الشام ثانية سنة 219هـ، حيث التقى ببعض الشيوخ في فلسطين ودمشق وحمص[20]. كما زارها أيضا سنة 241هـ، حيث قدِم فلسطين وعسقلان[21]. ودخل أيلة في إحدى هذه القدمات[22]. وقد ذكر أبو زرعة الدمشقيّ - صاحب التاريخ - قدوم يعقوب الى دمشق فقال: «قدم علينا من نبلاء الرجال يعقوب بن سفيان، يعجز أهل العراق أن يروا مثله» [23].

العراق والمشرق:
وقد ذكر يعقوب زيارته للبصرة سنة 236هـ، وثانية سنة 237هـ[24]، كما ذكر وجوده بالسيرجان[25] سنة 239هـ[26]، وببلخ سنة 240هـ[27]، وهذا يعني أنه زار المقاطعات الشرقية والشمالية الشرقية من إيران، وإن لم يسجل ذلك في تاريخه حيث لم يستوعب أخبار رحلاته كلها فيه، فقد ذكر أبو عبد الله الحاكم النيسابورىّ[28] قدوم يعقوب بن سفيان إلى نيسابور وسماع شيوخ الحاكم منه [29].

إقامته بفارس:
وهكذا طوّف يعقوب بن سفيان بمعظم مراكز الحديث المهمة في شرق العالم الإسلامي وغربة، لكنه كان يرجع الى موطنه ويقيم بين أهله حيث سجل وجوده في فارس خلال سنتي 237 و 238 هـ[30]. وكان في فارس في فترة استيلاء يعقوب بن الليث الصفار عليها [31]، - وكان استيلاء الصفار عليها منذ سنة 262 هـ[32]- حيث جرت له حكاية معه [33]. ولكنه لم يستقر في موطنه حتى أواخر حياته حيث توفي في مدينة البصرة[34].

وثمة مراكز مهمة لا توجد إشارة الى أن يعقوب دخلها مثل بغداد والكوفة رغم ازدهار دراسات الحديث فيهما في القرن الثالث.

ولا شك أن يعقوب بن سفيان كابد صعوبات وشدائد في رحلاته الكثيرة حيث سجل أن قطاع الطرق تعرضوا للقافلة التي كان يصحبها بالسويداء[35]. وقد حكى لأحد تلاميذه بعض ما كان يلقاه من عناء فقال:
«كنت في رحلتي فقلَّتْ نفقتي، فكنت أدمن الكتابة ليلا وأقرأ نهارًا، فلما كان ذات ليلة كنت جالسًا أنسخ في السِّراج، وكان شتاءً، فنزل الماء في عيني فلم أبصر شيئًا، فبكيت على نفسي لانقطاعي عن بلدي وعلى ما فاتني من العلم، فغلبتني عيناي فنمت، فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم فناداني: يا يعقوب لم أنت بكيت؟ فقلت: يا رسول الله ذهب بصري فتحسرت على ما فاتني. فقال لي: أدن مني، فدنوت منه فأمرّ يده على عيني كأنه يقرأ عليهما، ثم استيقظت فأبصرت فأخذتُ نسخي وقعدت أكتب»[36].

شيوخه والرّواة عنه:
قال يعقوب: «رويت عن ألف شيخٍ كلهم ثقات»[37]، ونقل كلٌّ من ابن حجر - عن يعقوب أيضا - وابن كثير أنهم أكثر من ألف شيخ كلهم ثقات[38]. وقد جمعتُ أسماء 402 شيخ منهم[39]، وكثير منهم من الأعلام المشهورين بالعناية بالحديث وروايته مثل أبي بكر الحميدي صاحب "المسند"، وأبي زرعة الدمشقيّ صاحب "التاريخ"، وعلي بن المديني صاحب كتاب "العلل" وغيره، وسعيد بن كثير بن عفير صاحب "التاريخ"، ونعيم بن حماد الخزاعي صاحب "كتاب الفتن"، وهشام بن عبد الملك أبي الوليد الطيالسي صاحب "المسند"، والأصمعي اللغوي المشهور. وقد خصصتُ المؤلفين منهم بالذكر لأنَّ أغلب شيوخه من الأعلام ومعظمهم يستحق الذكر.

أمَّا الرواة عنه فقد ذكرت مصادر ترجمته عددًا منهم، هم: الحافظ الترمذي صاحب "الجامع"، والحافظ النسائي صاحب "السنن"، وابن أبي حاتم صاحب كتاب "الجرح والتعديل"، وابن خزيمة صاحب "السنن"، ومحمد بن إسحاق السراج صاحب "التاريخ"، وعبد الله بن جعفر بن درستويه صاحب المؤلفات الكثيرة في النحو واللغة، والحسن بن محمد بن عثمان الفسوي، وأحمد بن إبراهيم بن شاذان. والثلاثة الأخيرون هم رواة مؤلفاته.

ومنهم أيضا: محمد بن إسحاق الصاغاني وهو من شيوخه، وإبراهيم ابن أبي طالب، وحسين بن محمد القباني، وإسحاق بن إبراهيم المنجنيقي، وأبو عوانة الأسفراييني، وعبد الله بن أبي داود السجستاني، ومحمد بن يعقوب الصفار، ومحمد بن حمزة بن عمارة، وأبو محمد أحمد بن السري ابن صالح بن أبان الشيرازي.

توثيقه:
حظي يعقوب بن سفيان بتقدير العلماء وكبار النقاد من أعصر مختلفة وبيئات عديدة، فقال عنه أبو زرعة الدمشقيّ[40]: «كان نبيلًا جليل القدر»[41]، ووصفه ابن حبان البستي [42] بالورع والنسك والصلابة في السنة[43]. وقال عنه أبو عبد الله الحاكم النيسابورىّ: «هو إمام أهل الحديث بفارس»[44]. وأطلق عليه الحافظ الذهبي: «الحافظ الإمام الحجة»[45]، وقال عنه ابن العماد الحنبلي: «أحد أركان الحديث... وكان ثقة بارعًا عارفًا ماهرًا»[46].

ومن ذلك يتضح إجماع القدامى والمتأخرين على توثيقه، ومما يبين مكانته في نفوس أصحابه ما حدّث به عبدان بن محمد المروزي من رؤيته إياه في المنام بعد وفاته وأنَّه سأله ما فعل بك الله؟ قال: غفر لي وأمرني أن أحدث في السماء كما كنت أحدث في الأرض»[47].

عقيدته:
وصفه ابن حبان بالصلابة في السنة[48]، وقال ابن الأثير: «وكان يتشيع»[49]، وقال ابن كثير: «وقد نسبه بعضهم الى التشيع»، ونقل ابن كثير عن ابن عساكر: «أن يعقوب بن الليث صاحب فارس بلغه أن يعقوب بن سفيان يتكلم في عثمان بن عفان، فأمر بإحضاره، فقال له وزيره: أيها الأمير إنَّه لا يتكلم في شيخنا عثمان بن عفان السجزيّ، إنَّما يتكلم في عثمان بن عفان الصحابي، فقال: دعوه ما لي وللصحابي!! إني إنما حسبته يتكلم في شيخنا عثمان بن عفان السجزيّ!». وعقب ابن كثير على ذلك بقوله: «وما أظن هذا صحيحًا عن يعقوب بن سفيان فإنَّه إمام محدِّث كبير القدر»[50].

وقال الحافظ الذهبي: «وقيل كان يتكلم في عثمان رضي الله عنه ولا يصح»[51]. ويدل استقراء القسم المتبقي من كتابه وما اقتبس عنه في بقية الكتب على أنه لا يتحامل على أحد من الخلفاء الراشدين، بل إنَّه عقد فصلا في فضائل أبي بكر وفصلا في فضائل عمر رضي الله عنهما، كذلك فإنَّ مشيخة يعقوب حوت - فيما حوت - فضائل أبي بكر وعمر فقد ذكر الذهبي في ترجمة أحمد بن محمد الغزال الشيعي: «قال شجاع الذهلي: كتبت عنه مشيخة يعقوب الفسوي، فكان إذا مرَّ به فضيلة لأبي بكر وعمر تركها»[52].

أمَّا ما ذكره عن عثمان - رضي الله عنه - فكله في الثناء عليه مثل تخريجه حديث: «اسْكُنْ حِرَاءُ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أو صديق أو شهيد»، وذكره أن عثمان - رضي الله عنه - كان على حراء مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ[53]. وتخريجه حديث: «لَا يَضُرُّ ابْنَ عَفَّانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ اليوم»، وأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قاله في حقه عند تجهيزه جيش العُسْرة بألف دينار»[54].

وحديث: «أصدقهم حياءً عثمان»[55]، وتخريجه قول ابن عياش عن عثمان: «كان والله صوامًا قوّامًا من رجل يحبُّ قومه»[56].

وقول عبد الله بن عكيم: «لَا أُعِينُ عَلَى وَاحِدٍ بَعْدَ عُثْمَانَ، فَقِيلَ له: يا أبا معبد وأعنتَ على دمه؟ قال: إني أعدُّ ذكر مساوئه عونًا على دمه»[57].

وقول الشعبي عن القرآن الكريم: «لم يجمعه أحد من الخلفاء من أصحاب النبي صلى الله عليه غير عثمان»[58].

وقد ذكر الفسوي عثمان ضمن الصحابة فترضَّى عنه وخرَّج له حديثًا.

وكل ذلك يشير إلى عدم تحامله على عثمان رضي الله عنه، ولو بقي القسم الأول من تاريخه - وفيه حوادث خلافة عثمان - لأمكنني التحقق بشكل أوفى عن تقويمه لشخصية الخليفة الثالث.

وتشير بعض رواياته الى عدم تأييده التشيع كقوله في ترجمة زبيد بن الحارث: «ثِقَةٌ ثِقَةٌ خِيَارٌ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَمِيلُ الى التشيع»[59]. كما تدل مروياته التي اقتبسها اللالكائي - واحسبها من كتاب "السنة" ليعقوب - على أنه يتابع في عقيدته السلف وأهل الحديث حيث خرّج أحاديث في أنَّ القرآن كلام الله ليس بمخلوق، وإثبات رؤية الله يوم القيامة، وذم أهل البدع والأهواء، والقول بأن الإيمان قول وعمل وأنَّه يزيد وينقص[60].

ثقافته وسماعاته الكتب ومصنّفاته:
اهتم يعقوب بن سفيان بالحديث النبوي اهتمامًا كبيرًا، وكرَّس جهده لتحمُّله عن الشيوخ العديدين الموزعين بين مدن العالم الإسلامي شرقًا وغربًا فرحل إليهم وسمع منهم. واهتمَّ بسماع الكتب المشهورة كالموطأ الّذي سمعه مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ تلميذ الامام مالك، وهمّ بسماعه من شيخ آخر لولا أن الحميدي أشار عليه أن لا يفعل لدقة رواية ابن قعنب وإمكان الاعتماد عليها[61]. كما سمع على الحميدي "مسنده"[62]، ورحل الى أيلة وجهد كل الجهد - كما ذكر هو - ليسمع من محمد بن عزيز الأيلي كتب سلامة بن روح وحديثه، لكن محمد بن عزيز زعم أنه لم يسمع من سلامة شيئًا، ثم حدَّث عنه بعد بما ظهر من حديثه[63].

وقد أفاد يعقوب بن سفيان من المؤلفات والنسخ التي سمعها أو اطلع عليها دون أن يمتلك حق روايتها سماعًا[64] في تصنيف مؤلفاته، وهي:
1- كتاب "المعرفة والتاريخ"[65].
2- "مشيخته"[66].
3- كتاب "السنة"[67].
4- كتاب "البر والصلة"[68].
5- كتاب "الزوال"[69].

وقد وصل إلينا من مؤلفاته المجلدان الثاني والثالث من كتاب "المعرفة والتأريخ" وفقد المجلد الأول منه [70]، كما وصل إلينا الجزءان الثاني والثالث من مشيخته[71] أما بقية أجزاء المشيخة فمفقودة. ويذكر كل من الردّاني والكتاني أن المشيخة تقع في ستة أجزاء وأنها مرتبة على البلدان[72].

ولكن القسم الّذي وصل إلينا من "المشيخة" غير مرتب على أساس معين، وقد خرّج يعقوب فيها عن كل شيخ من شيوخه حديثا أو حديثين ولم يترجم لهم.

أمَّا الكتب الثلاثة الأخيرة فيبدو من عناوينها أن كتاب "السنة" يعالج موضوعات تتصل بالعقائد، ولعله كان يحتوي على أحاديث وآثار في موضوعات العقائد حيث عني المحدثون بتأليف كتب بهذا العنوان توضح عن طريق سرد الأحاديث والآثار والعقائد كما كانت عند السلف. وأما «كتاب البر والصلة» فلعل مادته تتعلق بالرقائق، ولعله ضم أحاديث وآثارًا في البر والصلة. ولعل كتاب "الزوال" له علاقة بمواقيت الصلاة.

وتدلُّ مؤلفات يعقوب على أنَّه كان معنيًّا بالحديث وعلم الرجال والتاريخ والعقائد والرقائق. وكان متفنِّنًا في علمه واسع الاطلاع حتى ذكر أبو زرعة الدمشقيّ أنَّ يحيى بن معين كان ينتخب منه في التاريخ، وقال أبو زرعة أيضا: «بين أنا قاعد في المسجد إذ جاءني رجل من أهل خراسان فقال لي: أنت أبو زرعة؟ قلت: نعم. فجعل يسألني عن هذه الرقائق. فقلت: من أين جمعت هذه؟ قال: هذه كتبناها عن يعقوب بن سفيان عنك»[73].

رواة مؤلّفاته عنه:
وصل إلينا كتاب "المعرفة والتاريخ" من رواية عبد الله بن جعفر بن درستويه الفسوي (ت 346هـ) الّذي سمعه من يعقوب بن سفيان، ومن طريق ابن درستويه اقتبس معظم المؤلفين من كتاب "المعرفة والتاريخ".

كذلك روى ابن درستويه مشيخة يعقوب عنه، ومن طريقه وصل إلينا الجزءان الثاني والثالث منها.

وابن درستويه من أعلام النحويين والأدباء صنف عدة مؤلفات منها: كتاب "الإرشاد في النحو"، و"تفسير كتاب الجرمي"، و"كتاب الهجاء"، و"كتاب شرح الفصيح"[74]، و"كتاب الكتّاب"[75]، وغيرها [76].

وقد وثّقه أبو سعد الحسين بن عثمان الشيرازي والحافظ أبو عبد الله ابن مندة وضعّفه هبة الله بن الحسن الطبري، وقال: «بلغني أنه قيل له حدث عن عباس الدوري حديثًا ونحن نعطيك درهمًا ففعل، ولم يكن سمع من عباس». وقد ردَّ الخطيب البغدادي ذلك فقال: «وهذه الحكاية باطلة لأنَّ أبا محمد بن درستويه كان أرفع من أن يكذب لأجل العوض الكثير فكيف لأجل التافه الحقير، وقد حدثنا عنه ابن رزقويه بأمالي أملاها في جامع المدينة [77]، وفيها عن عباس الدوري أحاديث عدة»[78].

وقال الخطيب: «سألت البرقاني عن ابن درستويه فقال: ضعفوه لأنَّه لما روى كتاب "التاريخ" عن يعقوب بن سفيان أنكروا عليه ذلك، وقالوا له إنما حدَّث يعقوب بهذا الكتاب قديمًا فمتى سمعه منه؟!»[79].

وردَّ الخطيب ذلك فقال: «وفي هذا القول نظر لأن جعفر بن درستويه من كبار المحدثين وفهمائهم، وعنده عن علي بن المديني وطبقته، فلا يستنكر أن يكون بكّر بابنه في السماع من يعقوب بن سفيان وغيره، مع أن أبا القاسم الأزهري قد حدثني قال: رأيت أصل كتاب ابن درستويه بتاريخ يعقوب بن سفيان لما بيع في ميراث ابن الأبنوسي، فرأيته أصلا حسنًا، ووجدت سماعه فيه صحيحًا»[80].
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.17 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.11%)]