عرض مشاركة واحدة
  #26  
قديم 15-03-2020, 03:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,970
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نظرات على صيام الصالحين

نظرات على صيام الصالحين

سادات الصائمين
(65-41)
الشيخ سيد حسين العفاني



(57) صوم جعفر بن الحسن الدرزيجاني المقرئ:

الزاهد الفقيه الحنبلي.

قال عنه الحافظ ابن رجب: "كان من عباد الله الصالحين، أمارًا بالمعروف، نهَّاءً عن المنكر، وله المقامات المشهورة في ذلك.

كان مداومًا على الصيام والتهجد والقيام، وله ختمات كثيرة جدًّا، كل ختمة منها في ركعة، توفي في الصلاة ساجدًا سنة 506 - رحمه الله تعالى -[33].

(58) صوم رحلة العابدة مولاة معاوية:

عن سعيد بن عبدالعزيز قال: ما بالشام ولا بالعراق أفضل من رَحْلة، ودخل عليها نفر من القراء، فكلموها في الرفق بنفسها فقالت: "ما لي وللرفق بها؟ فإنما هي أيام مبادرة، فمن فاته اليوم شيء لم يدركه غدًا، والله، يا إخوتاه، لأصلين ما أقلتني جوارحي، ولأبكين له ما حملت الماء عيناني" ثم قالت: أيكم يأمر عبده بأمر، فيحب أن يقصر فيه، ولقد قامت - رحمها الله - حتى أقعدت، وصامت حتى أسودت، وبكت حتى عميَت، وكانت تقول: "علمي بنفسي فرح فؤادي، كلم قلبي، والله لوددت أن الله لم يخلقني، ولم أك شيئًا مذكورًا".

وكانت - رحمها الله - تخرج إلى الساحل، فتغسل ثياب المرابطين في سبيل الله[34].

(59) صوم ميمونة بنت الأقرع:

عابدة زاهدة كتبت عن الإمام أحمد بن حنبل أشياء، وأخبر المروزي، فقال: ذكرت لأحمد بن حنبل ميمونة بنت الأقرع، فقلت له: "إنها أرادت أن تبيع غزلها، فقالت للغزال: إذا بعت هذا الغزل فقل إني ربما كنت صائمة، فأرخي يدي فيه، ثم ذهبت، ورجعت فقالت: رد عليَّ الغزل أخاف ألا تبين للغزال هذا"[35].

(60) صوم أبي حنيفة:
عن الحسَن بن عمارة أنه غسل حين توفي، وقال: غفر الله لك، لم تفطر منذ ثلاثين سنة، ولم تتوسَّد يمينك في الليل منذ أربعين سنة[36].

(61) صوم محمد بن عبدالرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي وهب:

قال الواقدي: كان يصلي الليل أجمع ويجتهد في العبادة، فلو قيل له: إن القيامة تقوم غدًا ما كان فيه مزيدٌ لاجتهادٍ، وقال أخوه: إنه كان يصوم يومًا، ويفطر يومًا ثم سرده[37].

(62) صوم الملك العادل نور الدين محمود زنكي:

الشهيد بن الشهيد، والقسيم بن القسيم.

قال ابن كثير: "صاحب بلاد الشام وغيرها من البلدان الكثيرة الواسعة، كان مجاهدًا في الفرنج، آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر، محبًّا للعلماء والفقراء والصالحين، مبغضًا للظُّلم، صحيح الاعتقاد، مؤثرًا لأفعال الخير، لا يجسر أحد أن يظلم أحدًا في زمانه، وكان قد قمع المناكر وأهلها، ورفع العلم والشرع، وكان مدمنًا لقيام الليل، يصوم كثيرًا ويمنع نفسه من الشهوات، وكان يحب التيسير على المسلمين، ويرسل البر إل العلماء، والفقراء، والمساكين، والأيتام، والأرامل، وليست الدنيا عنده بشيء - رحمه الله - وبل ثراه بالرحمة والرضوان".

قال ابن الجوزي: استرجع نور الدين محمود بن زنكي - رحمه الله - تعالى من أيدي الكفار نيفًا وخمسين مدينة.

"وكان قد عزم على فتح بيت المقدس - شرَّفه الله - فوافته المنية في شوال من هذه السنة (569هـ)، والأعمال بالنيات، فحصل له أجر ما نوى"[38].

"كان قد أمر الولاة والأمراء بها أن لا يفصلوا بها أمرًا حتى يعلموا الملا به، فما أمرهم به من شيء امتثلوه، وكان من الصالحين الزاهدين، وكان نور الدين يستقرض منه في كل رمضان ما يفطر عليه، وكان يرسل إليه بفتِيتٍ ورقاق فيفطر عليه جميع رمضان"[39].

يَرحَمُ الله نور الدين لا يطعم ولا يفطر في رمضان على طعام المملكة بل يفطر على طعام شيخه.

وهو الذي قال عنه ابن الأثير: "لم يكن بعد عمر بن عبدالعزيز مثل الملك نور الدين، ولا أكثر تحريًا للعدل والإنصاف منه، وكان مقتصدًا في الإنفاق على نفسه وعياله في المطعم والملبس، وكانت له دكاكين بحمص قد اشتراها مما يخصه من المغانِم، فكان يقتات منها".

كتب إليه الشيخ عمر بن الملا هذا: "إن المفسدين قد كثروا، ويُحتَاج إلى سياسة، ومثل هذا لا يجيء إلا بقَتْل وصَلْب وضَرْب، وإذا أخذ إنسان في البرية من يجيء ويشهد له؟ فكتب إليه الملك نور الدين على ظهر كتابه، إن الله خلق الخلق وشرع لهم شريعة، وهو أعلم بما يصلحهم، ولو علم أن في الشريعة زيادة في المصلحة لشرعها لنا، فلا حاجة بنا إلى الزيادة على ما شرعه الله تعالى، فمن زاد فقد زعم أن الشريعة ناقصة فهو يكملها بزيادته، وهذا من الجرأة على الله وعلى ما شرعه، والعقول المظلمة لا تهتدي، والله سبحانه يهدينا وإياك إلى صراط مستقيم، فلما وصل الكتاب إلى الشيخ عمر الملا جمع الناس بالموصل وقرأ عليهم الكتاب، وجعل يقول انظروا إلى كتاب الزاهد إلى الملك، وكتاب الملك إلى الزاهد".

فَألبَسَ اللهُ هَاتِيكَ الْعِظَامَ وَإنْ بَلِينَ تَحْتَ الثَّرَى عَفْوًا وَغُفْرَانَا
سَقَى ثَرًى أوْدَعُوهُ رَحْمَةً مَلأتْ مَثْوَى قُبُورِهِمُ رُوحًا وَرَيْحَانَا



ويرحم الله من يقول:

وَمَدْرَسَةٍ سَتَدْرُسُ كُلَّ شَيْءٍ وَتَبْقَى فِي حِمَى عِلْمٍ وَنُسْكِ
تَضَوَّعَ ذِكْرُهَا شَرْقًا وَغَرْبًا بِنُورِ الدِّينِ مَحْمُودِ بْنِ زَنْكِي[40]



(63) صوم الشيخ الورع علي العياش:

يصوم يومًا ويفطر يومًا.

"الشيخ الصالح الورع المجد على العبادة ليلاً ونهارًا، كان من أجل أصحاب سيدي أبي العباس الغمري وسيدي إبراهيم المتبولي، وكان يصوم يومًا ويفطر يومًا"[41].

ونختم بختام المسك من آل هاشم.

(64) صوم السيدة المكرمة الصالحة نفيسة ابنة الحسن بن زيد بن السيد سبط النبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الحسن بن علي (رضي الله عنهم)، العلوية الحسنية:

"كانت - رحمها الله وأكرمها - بين الصالحات العوابد، زاهدةً، تقيةً نقيةً، تقوم الليل، وتصوم النهار حتى قيل لها: ترفقي بنفسك؛ لكثرة ما رأوا منها، فقالت: كيف أرفق بنفسي وأمامي عقبة لا يقطعها إلا الفائزون؟ حجت ثلاثين حجة وكانت تحفظ القرآن وتفسيره"[42].

قال عنها ابن كثير: "كانت عابدة، زاهدة، كثيرة الخير".

"توفِّيَت - رحمها الله تعالى - وهي صائمة، فألزموها الفِطْر، فقالت: "واعجباه! أنا منذ ثلاثين سنة أسأل الله تعالى أن ألقاه صائمة، أأفرِّط الآن، هذا لا يكون" وخرجت من الدنيا، وقد انتهت قراءتها إلى قوله: {قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 12][43].

ويرحم الله من قال:

لَوْ كَانَ يَقْعُدُ فَوْقَ الشَّمْسِ مِنْ كَرَمٍ قَوْمٌ بِأوَّلِهِمْ أوْ مَجْدهِم قَعَدُوا
قَوْمٌ أبُوهُمُ [عَلِيٌّ] حِينَ تَنسِبُهُمْ طَابُوا وَطَابَ مِن الأوْلادِ مَا وَلَدُوا
إنْسٌ إذَا أمِنُوا جِنٌّ إذَا فَزِعُوا مُرَزَّؤونَ بَهَالِيلٌ إذَا حَشَدُوا
مُحَسَّدُونَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ نِعَمٍ لا يَنْزَعُ اللهُ مِنْهُم مَا لَهُ حَسَدُوا



قال عمر: "حسن، وما أعلم أحدًا أولى بهذا الشعر من هذا الحي من بني هاشم؛ لفضل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقرابتهم منه"[44].

ونختم سادات الصائمين بالعجب العجاب:

(65) زيد بن بندار بن زيد أبو النخاني:
يصوم هو وابنه وامرأته نحو أربعين سنة.

رحم الله أبا جعفر زيد بن بندار بن زيد أبا النخاني، "كان من العابدين"[45]، قال عنه أبو نعمي الأصبهاني: "من الفقهاء، صام نحو أربعين سنة هو وابنه وامرأته، توفي سنة ثلاث وسبعين ومائتين"[46].

أخي، هل سمعت بأعجب من هذا، رحمهم الله، أهل بيت عابدون، ما سمعنا بمثل قصتهم هذه أبدًا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] "تاريخ بغداد" (6/204).
[2] "تاريخ بغداد" (6/205).
[3] "تاريخ بغداد" (6/206)، و"صفة الصفوة" (2/401).
[4] "مناقب الإمام أحمد" (167، 618).
[5] "سير أعلام النبلاء" (13/286، 287).
[6] "سير أعلام النبلاء" (13/289).
[7] "سير أعلام النبلاء" (13/292).
[8] "سير أعلام النبلاء" (13/295).
[9] "سير أعلام النبلاء" (14/290).
[10] "تاريخ بغداد" (10/122)، "سير أعلام النبلاء" (15/66).
[11] "سير أعلام النبلاء" (15/464).
[12] "تاريخ بغداد" (10/372)، و"سير أعلام النبلاء" (16/529، 530).
[13] "سير أعلام النبلاء" (16/530).
[14] "سير أعلام النبلاء" (17/155، 156).
[15] "سير أعلام النبلاء" (17/157).
[16] "سير أعلام النبلاء" (17/628).
[17] "سير أعلام النبلاء" (19/240).
[18] "سير أعلام النبلاء" (22/48، 49).
[19] في "النهاية": كان ابن عمر يتتبع اليوم المعمعاني فيصومه، أي: الشديد الحر.
[20] "حلية الأولياء" (2/318).
[21] "حلية الأولياء" (2/318).
[22] "حلية الأولياء" (2/320).
[23] "حلية الأولياء" (3/169).
[24] "حلية الأولياء" (3/170).
[25] "سير أعلام النبلاء" (9/156).
[26] "سير أعلام النبلاء" (9/142).
[27] "سير أعلام النبلاء" (9/143).
[28] "سير أعلام النبلاء" (9/149).
[29] "سير أعلام النبلاء" (9/157).
[30] "حلية الأولياء" (8/303).
[31] "حلية الأولياء" (8/303).
[32] "تهذيب التهذيب" (12/36)، وانظر أيضًا "الثبات عند الممات" (109).
[33] "ذيل طبقات الحنابلة" (1/110).
[34] "صفة الصفوة" (4/40، 41).
[35] "أعلام النساء"، لعمر رضا كحالة (5/138)، نقلاً عن "طبقات الفقهاء الحنابلة"، للفراء (مخطوط).
[36] "إقامة الحجة على أن الإكثار من التعبد ليس ببدعة" (ص77).
[37] "العبر" (1/231)، واليافعي في "مرآة الجنان" (1/340).
[38] "البداية والنهاية" (12/306 – 307).
[39] "البداية والنهاية" (12/302).
[40] "البداية والنهاية" (12/299 – 307).
[41] "الكواكب السائرة" (2/222).
[42] "عودة الحجاب" (2/607 - 608).
[43] "مرآة الزمان" (82).
[44] "تاريخ الطبري" (2/577 – 578)، والبيت الثاني في الأصل: قوم أبوهم سنان بدلاً من علي.
[45] "طبقات المحدثين بأصبهان" لأبي الشيخ الأصبهاني (3/229)، مؤسسة الرسالة.
[46] كتاب "تاريخ أصبهان" لأبي نعيم الأصبهاني (1/377) – دار الكتب العلمية.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.60 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.15%)]