وقوله تعالى: ï´؟ وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ï´¾، ولا بكرة هنا ولا عشيًا، وإنما هو زمان تقديري فرضي[38].
ï´؟ وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ï´¾ [مريم: 64].
قوله تعالى: ï´؟ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ ï´¾ استوفى أقسام الزمان ولا رابع لها[39]، قال رحمه الله: من المشكل قوله تعالى: ï´؟ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ï´¾، فإن النفي متوجه على الخبر وهو صيغة مبالغة، ولا يلزم من نفي المبالغة نفي أصل الفعل؛ فلا يلزم نفي أصل النسيان، ويجاب عنه بما سيأتي من الأجوبة في قول الله تعالى: ï´؟ ظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ï´¾ [40]، ويختص هذا بجواب آخر وهو مناسبة رؤوس الآي قبله[41].
ï´؟ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ï´¾ [مريم: 71].
قوله تعالى: ï´؟ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ï´¾، تقديره: "والله.. "[42].
وقوله تعالى:ï´؟ كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ï´¾، أي كان الورود حتمًا مقضيًّا من ربك[43].
ï´؟ قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا ï´¾ [مريم: 75]
قوله تعالى: ï´؟ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا ï´¾، التقدير: مدَّه الرحمن مدًّا[44].
وقال الكواشي[45] في قوله تعالى: ï´؟ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا ï´¾، الأمر بمعنى الخبر؛ لتضمنه اللزوم؛ نحو: إن زرتنا فلنكرمك، يريدون تأكيد إيجاب الإكرام عليهم[46].
قال رحمه الله: من معاني اللام العاملة "الخبر" نحو: ï´؟ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا ï´¾، أي يمد[47].
ï´؟ وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا ï´¾ [مريم: 76].
قال رحمه الله: من معاني "الهدى" الإيمان، قال تعالى ï´؟ وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى ï´¾ [48].
ï´؟ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا ï´¾ [مريم: 77].
قال رحمه الله: إذا دخلت الهمزة على "رأيت" امتنع أن تكون من رؤية البصر أو القلب، وصارت بمعنى "أخبرني"، كقولك: أرأيت زيدًا ما صنع؟ في المعنى تعدى بحرف، وفي اللفظ تعدى بنفسه، ومنه قوله تعالى: ï´؟ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا ï´¾ [49].
ï´؟ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ï´¾ [مريم: 88، 89].
قوله تعالى: ï´؟ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ï´¾، ولم يقل: "لقد جاءوا" للدلالة على أن من قال مثل قولهم ينبغي أن يكون موبخًا عليه، منكرًا عليه قوله، كأنه يخاطب به قومًا حاضرين[50].
قوله تعالى: ï´؟ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ï´¾[51]، عدل عن الغيبة إلى الخطاب للدلالة على أن قائل مثل قولهم ينبغي أن يكون موبخًا ومنكرًا عليه، ولما أراد توبيخهم على هذا أخبر عنه بالحضور، فقال: ï´؟ لَقَدْ جِئْتُمْ ï´¾؛ لأن توبيخ الحاضر أبلغ في الإهانة له[52].
ï´؟ وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ï´¾ [مريم: 92، 93].
قال رحمه الله: استنبط الإمام الشافعي[53] عتق الأصل والفرع بمجرد المِلك من قوله تعالى: ï´؟ وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ï´¾ فجعل العبودية منافية للولادة حيث ذكرت في مقابلتها فدل على أنهما لا يجتمعان[54].
ï´؟ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ï´¾ [مريم: 96].
قال رحمه الله: الأكثر في السين الوعد وتأتي للوعيد، مثال الوعد قوله تعالى: ï´؟ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ï´¾[55].
[1] المصدر السابق: أساليب القرآن وفنونه البليغة - حذف الحرف 3/ 137.
[2] المصدر السابق: أساليب القرآن وفنونه البليغة - باب حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه 3/ 96.
[3] المصدر السابق: معرفة إعجازه - اختلاف المقامات ووضع كل شي في موضع يلائمه 2/ 79.
[4] المصدر السابق: أساليب القرآن وفنونه البليغة – الاستعارة 3/ 267 – 270.
[5] هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي الهاشمي. ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأم علي: فاطمة بنت أسد بن هاشم، وكنيته: أبو الحسن، أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهره على ابنته فاطمة سيدة نساء العالمين، وأبو السبطين، وهو أول خليفة من بني هاشم، وهو أول الناس إسلامًا في قول كثير من العلماء، وهاجر إلى المدينة وشهد بدرًا وأحدًا والخندق وبيعة الرضوان وجميع المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبوك؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه على أهله، آخاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين، ثم آخى بين المهاجرين والأنصار بعد الهجرة، وقال لعلي في كل واحدة منهما: "أنت أخي في الدنيا والآخرة"، روى علي عن النبي صلى الله عليه وسلم فأكثر وروى عنه بنوه الحسن والحسين ومحمد وعمر وعبد الله بن مسعود وابن عمر وعبد الله بن جعفر وعبد الله بن الزبير وغيرهم كثير، وروى عنه من التابعين: سعيد بن المسيب ومسعود بن الحكم الزرقي وقيس بن أبي حازم، وغيرهم. مات في شهر رمضان سنة أربعين. أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير الجزري، دار الكتب العلمية، بيروت، ج4 ص/ 87-109 رقم الترجمة 3789.
[6] هو حبر الأمة، وفقيه العصر، وإمام التفسير، أبو العباس عبدالله بن عباس ب، تقدمت ترجمته عند تفسير الآية رقم 1 من سورة الكهف.
[7] انظر: الكشاف 4/ 6-7.
[8] المحتسب، لابن جني، ط/ 2، ت/ 1406هـ، ج2 ص/ 38. البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة – التجريد 3/ 275.
[9] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة – حذف القول 3/ 126.
[10] المصدر السابق: جمع الوجوه والنظائر 1/ 87.
[11] البرهان: جمع الوجوه والنظائر 1/ 89.
[12] سورة مريم:20.
[13] البرهان: أقسام معنى الكلام – النفي 2/ 234.
[14] المصدر السابق: أساليب القرآن وفنونه البليغة – قاعدة في التعريف والتنكير 4/ 60.
[15] البرهان: بيان حقيقته ومجازه 2/ 182.
[16] سورة العاديات: 8.
[17] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة – قاعدة في الضمائر 4/ 30.
[18] هو أبو الفتح النحوي عثمان بن جني، تقدمت ترجمته عند تفسير الآية رقم 28 من سورة الكهف.
[19] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة – أقسام الحذف 3/ 88.
[20] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة – وضع الطلب موضع الخبر ج3ص219.
[21] البيت للمتنبي من قصيدة عنوانها: الحسن في الخلائق لا في الوجه، يقول في مطلعها: تذكرت ما بين العُذيب وبارق... انظر: ديوان المتنبي، دار بيروت، بيروت، ت/ 1403هـ-1983هـ، ص/ 394.
أساليب القرآن وفنونه البليغة – مشاكلة اللفظ للمعنى 3/ 236.
[22] سورة المائدة: 15. البرهان: الكلام على المفردات من الأدوات – باب "عند" 4/ 181.
[23] سورة يس: 18.
[24] سورة الكهف: 20.
[25] أفراد كلمات القرآن العزيز، لأحمد بن فارس، ص/ 11. البرهان: جمع الوجوه والنظائر 1/ 87.
[26] البرهان: الكلام على المفردات من الأدوات – باب اللام العاملة جرًا 4/ 207.
[27] سورة البقرة: 35.
[28] سورة الأعراف: 19.
[29] سورة الأعراف: 22.
[30] البرهان: أقسام معنى الكلام 2/ 202.
[31] هو عبدالرحمن بن عبدالله بن أحمد بن أصبغ بن حبيش بن فتوح الإمام أبو زيد وأبو القاسم السهيلي الخثعمي الأندلسي الحافظ، قال عنه ابن الزبير: كان عالمًا بالعربية واللغة والقراءات، غزير العلم نبيهًا ذكيًا، كُفَّ بصره وهو ابن سبع عشرة سنة، من مصنفاته "الروض الأُنف في السيرة، التعريف والإعلام بما في القرآن من الأسماء والأعلام"، مات ليلة الخميس 11 شوال من العام 581هـ. بغية الوعاة، للسيوطي 2/ 81، رقم الترجمة 1491.
[32] سورة القصص: 44.
[33] التعريف والإعلام بما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام، للحافظ عبدالرحمن السهيلي، مكتبة الأزهر الكبرى، القاهرة، ط/ 1 ت/ 1356هـ - 1938م، ص/ 98-99.
[34] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة – التأدب في الخطاب بإضافة الخير إلى الله 4/ 41.
[35] سورة البقرة:91. المصدر السابق: أساليب القرآن وفنونه البليغة - فوائد تتعلق بالصفة 2/ 264.
[36] البرهان: بيان حقيقته ومجازه - إقامة مفعول بدل فاعل 2/ 177.
[37] البيت للنابغة الذبياني من قصيدة بعنوان: كليني لهم.. يا أميمة يقول في مطلعها: كليني لهم يا أميمة ناصب.. انظر ديوان النابغة الذبياني شرح عباس عبدالساتر، دار الكتب العلمية، لبنان، ط/ 3 ت/ 1416هـ- 1996م، ص/ 32.
البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة – إبراز الكلام في صورة المستحيل على طريق المبالغة ليدل على بقية جمله 3/ 33.
[38] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة – أحكام لألفاظ يكثر دورانها في القرآن 4/ 80.
[39] المصدر السابق: أساليب القرآن وفنونه البليغة – التقسيم 3/ 288.
[40] سورة فصلت: 46.
[41] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة – ما جاء على فعيل 2/ 313.
[42] المصدر السابق: أساليب القرآن وفنونه البليغة – القسم 3/ 30.
[43] المصدر السابق: الكلام على المفردات من الأدوات – باب على 4/ 177.
[44] البرهان: بيان حقيقته ومجازه – إطلاق الأمر وإرادة الخبر 2/ 180.
[45] هو أحمد بن يوسف بن حسن بن رافع الإمام موفق الدين الكوَاشي الموصلي المفسر الفقيه الشافعي، قال الذهبي: بَرَع في العربية والقراءات والتفسير، وقرأ على والده والسخاوي، وكان عديم النظير زهدًا وصلاحًا وتبتلاً وصدقًا، يزوره السلطان فمن دونه فلا يعبأ بهم ولا يقوم لهم، ولا يقبل لهم شيئًا، وله كشف وكرامات، وأضر قبل موته بعشر سنين، وله "التفسير الكبير" و"الصغير"، جوَّد فيه الإعراب، وحرَّر أنواع الوقوف، وأرسل منه نسخة إلى مكة والمدينة والقدس، مات الكواشي بالموصل في جمادى الآخرة سنة ثمانين وستمائة. بغية الوعاة 1/ 401 رقم الترجمة 796.
[46] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة – وضع الطلب موضع الخبر 3/ 219.
[47] المصدر السابق: الكلام على المفردات من الأدوات – باب اللام العاملة الجازمة 4/ 214.
[48] المصدر السابق: جمع الوجوه والنظائر 1/ 85.
[49] البرهان: الكلام على المفردات من الأدوات – دخول الهمزة على رأيت 4/ 114.
[50] المصدر السابق: أساليب القرآن وفنونه البليغة – الالتفات 3/ 202.
[51] سورة مريم: 89-90.
[52] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة – أسباب الالتفات 3/ 206.
[53] هو فقيه العصر والإمام الكبير والجليل الخطير، أبو عبدالله محمد بن إدريس الشافعي، كان مولده بغزة سنة خمسين ومائة، ونقل إلى مكة وله سنتان، حفظ القرآن وهو ابن سبع سنين، و"الموطأ" وهو ابن عشر، تفقه على مسلم بن خالد الزَّنجي مفتي مكة وأذِن له في الإفتاء وعمره خمس عشرة سنة، ثم لازم مالكًا في المدينة، وقدم بغداد سنة 95هـ، فاجتمع عليه علماؤها وأخذوا عنه، وأقام بها حولين، وصنَّف بها كتابه القديم، ثم عاد إلى مكة، ثم خرج إلى بغداد سنة ثمان وتسعين فأقام شهرًا، ثم خرج إلى مصر وصنَّف بها كتبه الجديدة كـ "الأم" و"الأمالي الكبرى" و"مختصر الربيع" و"الرسالة" و"السنن"، قال إسحاق بن راهويه: لقيني أحمد بن حنبل بمكة فقال: تعال حتى أُريك رجلاً لم تر عيناك مثله، قال: فأقامني على الشافعي، مات يوم الجمعة سلخ رجب سنة 204هـ. شذرات الذهب 3/ 19-20-21.
[54] البرهان: معرفة أحكامه – ما يعرف بطريقة الاستنباط 2/ 6.
[55] المصدر السابق: الكلام على المفردات من الأدوات – باب السين 4/ 176.