عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 10-03-2020, 03:48 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,690
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لماذا قتل هارون الرشيد جعفرا؟


لماذا قتل هارون الرشيد جعفرا؟


د. سعيد إسماعيل صيني





السبب المرجح لقتل جعفر:
يؤخذ على جعفر البرمكي قتله عبد الله بن الحسن، وقيل، الحسن بن علي بن علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم. وكان عمر عبد الله 28، وقُتل دون أن يحصل منه خروج ولا أثر، وإنما كان القتل في الصحراء، قتله جعفر يوم النيروز في حال السكر. وصلى عليه هارون الرشيد، ودفن بمقبرة الخيزران ببغداد. وتقول الرواية المفصلة:[61] "أن هارون الرشيد دعا الحسن بن الحسن الأفطس إلى بغداد، قال: بلغني أنك تجمع الزيدية وتدعوهم إلى نفسك، فقال يا أمير المؤمنين ما أنا من هذه الطبقة، أنا شاب نشأت بالمدينة أتصيد بالبزاة والبواشيق في الصحاري، ما هممت بغير ذلك قط.

قال هارون الرشيد: صدقت لكني أنزلك داراً وأوكل بك رجلاً، ولا يحجب من يدخل عليك، وإن أردت أن تلعب بالطيور فافعل.
فقال هذا السيد: يا أمير المؤمنين نشدتك بالله في دمي، فوالله إن فعلت ذلك لذهب عقلي، فلم يقبل الرشيد ذلك وحبسه.
فأرسل المذكور إلى هارون الرشيد رقعة فيها كل كلام قبيح وكل شتم شنيع، فلما قرأها هارون طرحها، وقال: ضاق صدر هذا الفتى، فهو يتعرض لقتله، وما يحملني فعله وقوله على قتله.

ثم دعى جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي وأمره أن يحوله إلى داره ويوسع عليه، ففعل جعفر ذلك، فلما كان يوم النيروز قدمه جعفر وضرب عنقه وغسل رأسه وجعله في منديل وأهداه إلى الرشيد مع الهدايا.

فلما نظر الرشيد إلى الرأس اقشعر جلده وقال: ويحك لم فعلت هذا؟ فقال: لما كتب إلى أمير المؤمنين من الكلام القبيح، فقال: ويحك قتلك إياه بغير إذني أعظم من فعله، ثم أمره بغسله وتكفينه، وصلى عليه ودفنه في مقابر قريش.

بعد ذلك بأيام قلائل تغيّر عنده أحوال آل برمك، وأمر بقتل جعفر بن يحيى، وقال لمسرور الخادم أن يقول له: يقول الرشيد أقتلك قصاصاً...

ويقول مسرور خادم الرشيد وسيافه: سمعت الرشيد يقول في الطواف اللهم إنك تعلم أن جعفر بن يحيى قد وجب عليه القتل، وأنا أستخيرك في قتله فخر لي. وعندما عاد هارون الرشيد إلى الأنبار بعث إلى جعفر بمسرور ليقتله.[62].

ولا عجب أن يتردد الخليفة هارون بين تطبيق القصاص على جعفر وبين تجنب النتيجة المحتملة لتطبيق الحد بسبب نفوذ البرامكة، فيستخير الله، ثم يعزم على تنفيذ القصاص. ومن دهائه وحكمته يحتاط للنتائج التي قد يخلفها القصاص، بسبب النفوذ الأدبي والفعلي للبرامكة، في دولته، وفي الناس، فيحبس يحيى والفضل...، وينتهز الفرصة لاسترداد أموال الدولة منهم. ولم يكن الرشيد ليعبأ بالدعايات المضادة، إن لم يعلن عن السبب، فهو إنما إنما يقوم بذلك خشية من رب العباد.

قصة جعفر والعباسة ومناقشتها:
تزوج العباسة محمد بن سليمان ابن على فمات عنها، ثم تزوجها إبراهيم بن صالح بن المنصور فمات عنها، ثم تزوجها محمد بن على بن داود فمات عنها، ثم أراد أن يخطبها عيسى بن جعفر فتحاماها لأن أبا نواس قال فيها:[63].
ألا قل لأمين الله
وابن القادة الساسه

إذا ما ناكث سرك
أن تفقده رأسه

فلا تقتله بالسيف
وزوجه بعباسه


فالعباسة كانت ذات حظ سيئ للغاية، أو أن من تزوجتهم كان حظهم سيئا. ولكن القصة التي سجلها الطبري في تاريخه تدعي أن هارون الرشيد اكتشف قصة العباسة في العام الذي سبق قتل جعفر البرمكي عام 187هـ. وبهذا يتضح أن الطبري سجل هذه القصة بعد ما يقارب السبعين عاما. فلا عجب أن يعتمد الطبري على الحكايات الشعبية، سواء في إيراد القصة أو إيراد تفاصيلها، مثل قطع جثة جعفر إلى جزئين، مما لا يتسق وورع الخليفة هارون الرشيد.

ومما يلفت الانتباه أن السامرائي المحقق لكتاب الوزراء والكُتّاب ينقل رواية عن الجهشياريّ توفي في 331هـ بأن عبيد الله بن يحيى بن خاقان سأل مسرورا الكبير في أيام المتوكل، وكان قد عمر إليها ومات فيها، عن سبب قتل الرشيد لجعفر وإيقاعه بالبرامكة. فقال : كأنك تريد ما تقوله العامة فيما ادعوه من أمر المرأة؟ فقلت: ما أردت غيره. فقال : "لا والله ما لشيء من هذا أصل ولكنه ملل موالينا وحسدهم".[64] فالجهشياري المعاصر للطبري توفي عام 310هـ بدلا من إيراد القصة، يورد دليلا على تكذيبها. وهذا مع أنه كان يميل إلى مدح أعوان الخلفاء، ومنهم البرامكة، وذلك لطبيعة موضوع كتابه. فعنوان كتابه هو "تاريخ الوزراء والكُتّاب".

رواية الطبري لقصة العباسة:
يقول الطبري [65] "حدثني أحمد بن زهير –أحسبه عن عمه زاهر بن حرب – أن سبب هلاك جعفر والبرامكة أن الرشيد كان لا يصبر عن جعفر وعن أخته عباسة بنت المهدي. وكان يحضرهما إذا جلس للشرب، وذلك بعد أن أعلم جعفرا قلة صبره عنه وعنها. وقال لجعفر أزوجكها ليحل لك النظر إليها إذا أحضرتها مجلسي. وتقدم إليه أن لا يمسها، ولا يكون منه شيء مما يكون للرجل إلى وزوجته. فزوجها منه على ذلك. فكان يحضرهما مجلسه إذا جلس للشرب، ثم يقوم عن مجلسه ويخليهما، فيثملان من الشراب، وهما شابان، فيقوم إليها جعفر فيجامعها، فحملت منه وولدت غلاما. فخافت على نفسها من الرشيد إن علم بذلك، فوجهت بالمولود مع حواضن له من مماليكها إلى مكة. فلم يزل الأمر مستور عن هارون، حتى وقع بين عباسة وبين بعض جواريها شر، فأنهت أمرها وأمر الصبي إلى الرشيد، وأخبرته بمكانه، ومع من هو من جواريها، وما معه من الحلي الذي كانت زينته به أمه. فلما حج هارون هذه الحجة أرسل إلى الموضع الذي كانت الجارية أخبرته أن الصبي به من يأتيه بالصبي وبمن معه من حواضنه. فلما أحضروا سأل اللواتي معهن الصبي، فأخبرنه بمثل القصة التي أخبرته بها الرافعة على عباسة، فأراد - فيما زعم - قتل الصبي، تهوّب من ذلك.

ويضيف الطبري، كان جعفر يتخذ للرشيد طعاما كلما حج بعسفان، فيقربه إذا انصرف شاخصا من مكة إلى العراق، فلما كان في هذا العام سنة 186هـ، اتخذ الطعام جعفر كما كان يتخذه هنالك، ثم استزاره فاعتل عليه الرشيد، ولم يحضر طعامه، ولم يزل جعفر معه حتى نزل منزله من الأنبار، فكان من أمره وأمر أبيه.

رواية المسعودي لقصة العباسة:
وأما المسعودي فبنزعته الشيعية، والحقد على الدولة العباسية، يستغل القصة لمدح جعفر والرفع من شأنه، في مقابل الحط من قدر الرشيد والعباسة، فيقول: "ذكر ذو معرفة بأخبار البرامكة أنه لما بلغ جعفر بن يحيى بن خالد بن برْمَك ويحيى بن خالد والفضل وغيرهم من آل برمك ما بلغوا من الملك، وتناهوا إليه من الرياسة، واستقامت لهم، الأمور، حتى قيل: أن أيامهم عرُوسٌ وسرور دائم لا يزول، "قال الرشيد لجعفر بن يحيى: ويْحك يا جعفر إنه ليس في الأرض طلعة أنا بها آنس، ولا إليها أميل، وأنا بها أشد استمتاعاً وأنساً مني برؤيتك وأن للعباسة أختي مني موقعاً ليس بدون ذلك، وقد نظرت في أمري معكما، فوجدتني لا أصبر عنك ولا عنها، ورأيتني ناقص الحظ والسرور منك يوم أكون معها، وكذاك حكمي منك في يوم كوني معك دونها، وقد رأيت شيئاً يجتمع لي به السرور، وتتكاثف لي به اللذة والأنس، فقال: وفقك اللّه يا أمير المؤمنين وعزم لك على الرشد في أمورك كلها قال الرشيد: قد زوجتكما تزويجاً تملك به مجالستها والنًظرَ إليها والاجتماع بها في مجلس أنا معكما فيه لا سوى ذلك. فزوجه الرشيد بعد امتناع كان من جعفر إليه في ذلك، وأشهد له منْ حضره من خدمه وخاصة مواليه. وأخذ الرشيد عليه عهد اللّه ومواثيقه وغليظ أيمانه أنه لا يخلو بها، ولا يجلس معها، ولا يظله وأياها سَقفُ بيتٍ إلا وأمير المؤمنين الرشيد ثالثهما. فحلف له جعفر على ذلك، ورضي به، وألزمه نفسه. وكانوا يجتمعون على هذه الحالة التي وصفناها وجعفر في ذلك صارف بصره عنها، مزورٌّ بوجهه هيبة لأمير المؤمنين، ووفاء بعهده وأيمانه ومواثيقه على ما وافقه الرشيد عليه وعَلقَتْه العباسة، وأضمرت الاحتيال عليه وكتبت إليه رقعة، فردَ رسولها وشتمه وتهدده، وعادت فعاد لمثل ذلك، فلما استحكم اليأس عليها قصدت لأمه، ولم تكن بالحازمة، فاستمالتها بالهدايا من نفيس الجواهر والألطاف، وما أشبه ذلك من كثرة المال وألطاف الملوك، حتى إذا ظنّت أنها لها في الطاعة كالأمةِ، وفي النصيحة والإشفاق كالوالدة، ألقت إليها طرَفأ من الأمر الذي تريده، وأعلمتها ما لها في ذلك من حميد العاقبة، وما لإبنها من الفخر والشرف بمصاهرة أمير المؤمنين. وأوهمتها أن هذا الأمر إذا وقع كان به أمان لها ولولدها من زوال النعمة وسقوط مرتبته، فاستجابت لها أم جعفر، ووعدتها بأعمال الحيلة في ذلك، وأنها تلطف لها حتى تجمع بينهما. فأقبلت على جعفر يوماً فقالت له: يا بنيَ، قد وصفت لي وصيفة في بعض القصور من تربية الملوك قد بلغت من الأدب والمعرفة والظرفِ والحلاوة مع الجمال الرائع والقدِّ البارع والخصال المحمودة ما لم يرَ مثله، وقد عزمت على اشترائها لك، وقد قرب الأمر بيني وبين مالكها، فاستقبل جعفر كلامها بالقبول، وعلقت بذلك قلبه، وتطلعت إليها نفسه، وجعلت تمطله، حتى اشتد شوقه، وقويت شهوته. وهو في ذلك يلح عليها بالتحريك والإقتضاء، فلما علمت أنه قد عجز عن الصبر واشتد به القلق قالت له: أنا مُهدِيتها إليك ليلة كذا وكذا.

وبعثتْ إلى العباسة فأعلمتها بذلك، فتأهبَتْ بمثل ما تتأهب به مثلها وسارت إليها في تلك الليلة، وانصرف جعفر في تلك الليلة من عند الرشيد، وقد بقيَ في نفسه من الشراب فضلة لما قد عزم عليه، فدخل منزله، وسأل عن الجارية، فأُخبر بمكانها، فأدخلت على فتى سكران لم يكن بصورتها عالماً، ولا على خلْقها واقفاً، فقام إليها فواقعها. فلما قضى حاجته منها قالت له: كيف رأيت حيل بنات الملوك؟ قال: وأي بنات الملوك تعنين؟ وهو يرى أنها منِ بعض بنات الروم. فقالت له: أنا مولاتك العباسة بنت المهدي. فوثب فزعاً قد زال عنه سكره ورجع إليه عقله، فأقبل على أمه وقال: لقد بعْتِنِي بالثمن الرخيص، وحملتني على المركب الوَعرِ، فانظري ما يؤول إليه حالي. وانصرفت العباسة مشتملة منه على حَملٍ، ثم ولدت غلاماً، فوكلت به خادماً من خدمها يقال له رياش وحاضنة تسمى برة، فلما خافت ظهور الخبر وانتشاره وجّهت الصبيَّ والخادم والحاضنة إلى مكة، وأمرتهما بتربيته. وطالت مدة جعفر، وغلب هو وأبوه وأخوته على أمر المملكة، وكانت زبيدةُ أم جعفر زوجُ الرشيد من الرشيد بالمنزلة التي لا يتقدمها أحد من نظرائها، وكان يحيى بن خالد لا يزال يتفقد أمر حرم الرشيد ويمنعهن من خدمة الخدم، فشكت زبيدة إلى الرشيد. فقال ليحيى بن خالد: يا أبت، ما بال أم جعفر تشكوك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، أمتّهم أنا في حرمك وتدبير قصرك عندك، فقال: لا واللّه، لا تقبل قولها، قال الرشيد: فلست أعاودك، فازداد يحيى لها منعاً، وعليها في ذلك غلْظَة، وكان يأمر بقَفل أبواب الحرم بالليل، ويمضي بالمفاتيح إلى منزله. فبلغ ذلك من أم جعفر كل مبلغ، فدخلت ذات يوم على الرشيد فقالت: يا أمير المؤمنين، ما يحمل يحيى على ما لا يزال يفعله من منعه إياي من خدمي ووضعه إياي في غير موضعي، فقال لها الرشيد: يحيى عندي غير متهم في حرمي، فقالت: إن كان كذلك لحفظ ابنه مما ارتكبه، فقال: وما ذاك؟ فخبرَته بالخبر وقصت عليه قصة العباسة مع جعفر، فسقط في يده، وقال لها: هل لك على ذلك من دليل أو شاهد؟ قالت: وأي دليل أدل من الولد؟ قال: وأين الولد؟ قالت: قد كان ههنا، فلما خافت ظهور أمره وجَّهته إلى مكة، فقال لها: أفيعلم هذا أحد غيرك؟ قالت: ما في قصرك جارية إلا وقد علمت به، فأمسكَ عن ذلك، وطوَى عليه كشْحاً، وأظهر أنه يريد الحج. فخرج هو وجعفر بن يحيي، وكتبت العباسة إلى الخادم والحاضنة أن يخرجا بالصبي إلى اليمن [66].

ومن ظريف التأليف والتلفيق خروج قوم يزعمون أنهم من سلالة جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي من ذرية الولد الذي جاء من العباسة اخت الرشيد [67].

وهناك ملاحظات وتساؤلات على القصة، تؤكد في مجموعها أنها قصة اختلقها حكواتي يقوم بوظيفة التسلية في المقاهي،[68] سجلها الطبري في تاريخه. ثم استغلها بعض الحاقدين على الدولة العباسية، مثل المسعودي، وشحنها بالتحيز الشيعي المتطرف وبالعنصرية الفارسية، ورددها، عن غفلة، كثير من المؤرخين المسلمين. ومن التساؤلات التي تثيرها القصة:
أولاً - هل كانت زبيدة التي ترفض تسلط يحي البرمكي عليها غافلة عن القصة التي لا تخبر بها الخليفة إلا بعد سنوات، ولا سيما أن رواية المسعودي تقول بأنها قالت"ما في قصرك جارية إلا وقد علمت به؟"؛ و هل هي مغفلة لهذه الدرجة، حيث لم تثر الموضوع من قًبلُ والصراع المبطن بينها وبين البرامكة الثلاث موجودة، منذ أن أصبح زوجها الخليفة، وذلك إضافة إلى تسلط يحيى عليها بإصرار؟

ثانياً - هل كان الرشيد مغفلا وجاهلا ليبرر بعقد نكاح صوري الاجتماع المحرم بين أخته التي يغير عليها ويحترمها بأجنبي؟ ولاسيما أن جلسة اللذة والأنس في القصة هي جلسة معاقرة لأم الخبائث؟

ثالثاً - هل يمكن أن يخفى على الخليفة حمل أخته وهو -حسب القصة- لا يصبر من مسامرتها؟

رابعاً - ما هي درجة احتمال افتقاد هارون الرشيد للغيرة الفطرية، والعقلية والدينية، حتى يجمع أخته الشريفة العربية العباسة بجعفر، في مجلس شراب، وقد يتركهما فاقدي الوعي ثملان، حسب رواية الطبري؟

خامساً - هل يرضى أي إنسان طبيعي، أن يوصم بهذه الصفة؟ وهل يجيز كبار العلماء تسخير عقد النكاح الصوري لإباحة الجلسات المشحونة بالمحرمات؟

سادساً - ينقل الأباصيري عن الجومرد تساؤله: كيف يصح القول بأن الرشيد كان لا يصبر عن مجالسة أخته العباسة بحضور رجل غريب عنها، وإن أصبح زوجها؟! هذا مع الرشيد كان من أشد الناس غيرة على نساء أسرته. وكان يغضب إذا سمع جارية من جواري أخته "عَلِيَّة" تُغني بشيء من شعرها أمام أحد من الناس. وكان الأصمعي يضع - كمه على رأس "مواسة"" بنت الرشيد وهي طفلة صغيرة، ويُقَبِّل كمه؛ خوفًا من غَيْرة أبيها وبطشه.

وأخيراً - ولعله السؤال الذي يحسم الأمر في القصة هو: إذا علمنا بأن العباسة توفيت عام 182هـ؛ بل، هناك ما يشير إلى أنها ماتت قبل هذا التاريخ، وذلك لأن هارون الرشيد، تكريما لأحد قضاته من أهل العلم، صلى عليه، ودفنه في مقبرة العباسة بنت المهدي عام 178هـ.[69] وإذا تأكد لنا بأن الوشاية وقعت عام 186هـ، حسب رواية الطبري والمسعودي، فإن سؤالين كبيرين يبرزان: [70]
الأول - ما هو احتمال حصول خصومة بين ميتة منذ أربع سنوات أو أكثر وبعض الأحياء؟ فرواية الطبري تقول: بأن القصة بقيت مخفية عن الخليفة "حتى وقع بين عباسة وبين بعض جواريها شر، فأنهت أمرها وأمر الصبي إلى الرشيد"؟

الثاني - ما هو احتمال أن تأمر العباسة، الميتة قبل أربع سنوات أو أكثر، أحد الأحياء ليأخذ الصبي المزعوم من مكة إلى اليمن، عندما علم هارون الرشيد بالقصة وأراد الذهاب إلى مكة للحج ليتأكد- حسب رواية المسعودي؟

لتحميل المادة نصيا إضغط هنا


[1] بن جابر، أنساب ج4: 373؛ بن خياط ج1: 460 ؛ وفي رواية مات 192؛ المعارف جزء 1: 381- 382؛ السيوطي، تاريخ الخلفاء ص 237.

[2] ابن خياط، ج1: 447- 458، وأضاف المسعودي عام 176 للهجرة ج2: 213.

[3] تاريخ اليعقوبي جزء 2 صفحة 426.

[4] البلاذري، فتوح البلدان جزء 1 صفحة 172.

[5] ابن كثير، البداية ج10: 177.

[6] المعارف جزء 1: 382.

[7] اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي جزء 2 صفحة 410 .

[8] تاريخ بغداد جزء 14 صفحة 7، الغزالي، إحياء ج2 8.

[9] السيوطي ص 227-238.

[10] ابن كثير، البداية ج10: 216.

[11] شرف أصحاب الحديث ج1: 55.

[12] اطبري، تاريخ ج5: 24.

[13] جمهرة نسب قريش وأخبارها جزء 1 صفحة 107، 132؛ وتاريخ بغداد جزء 8 صفحة 466؛ البلدان جزء 1 صفحة 83؛

[14] الشريعة جزء 5 صفحة 2370.

[15] حلية الأولياء جزء 6 صفحة 332.

[16] ابن كثير، البداية ج10: 216.

[17] الأخبار الطوال جزء 1 صفحة 563-56.

[18] الجهشياري ص 166.

[19] المعارف جزء 1 صفحة 533

[20] المنتظم جزء 10 صفحة 9

[21] المنتظم ج10: 9- 10.

[22] الكامل في التاريخ جزء 5 صفحة 338.

[23] تفسير السمرقندي جزء 1 صفحة 163.

[24] شعب الإيمان جزء 6 صفحة 39.

[25] تاريخ بغداد جزء 14 صفحة 8.

[26] الشافعي، تاريخ مدينة دمشق ج5: 408.

[27] صفة الصفوة جزء 2 صفحة 310- 318.

[28] فضائح الباطنية جزء 1 صفحة 213.

[29] فضائح الباطنية جزء 1 صفحة 218.

[30] البداية والنهاية جزء 10 صفحة 217-218.

[31] ابن كثير، البداية ج10: 217.

[32] ابن كثير، البداية ج10: 218.

[33] احياء علوم الدين جزء 2 صفحة 353.

[34] تاريخ بغداد جزء 9 صفحة 239- 240، ابن كثير، البداية ج10: 217.

[35] تاريخ بغداد جزء 14 صفحة 375.

[36] الإنتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء جزء 1 صفحة 95-97.

[37] المنتظم جزء 9 صفحة 127.

[38] المنتظم جزء 9 صفحة 36- 37.

[39] الأغاني جزء 6 صفحة 194- 195.

[40] الوافي بالوفيات جزء 13 صفحة 263 264.

[41] المعارف جزء 1: 382.

[42] الطبري ج2: 1823؛ ابن كثير، البداية ج10: 189- 191؛.

[43] ابن خلكان، وفيات الأعيان ج1: ص333- 334، وانظر الأباصيري، في الألوكة.

[44] مروج الذهب ج2: 22.

[45] ابن كثير، البداية ج10: 177، ابن قتيبة، المعارف ج1: 382.

[46] المسعودي، مروج ج2: 21؛ ابن كثير، البداية ج10: 204.

[47] ابن كثير، البداية ج10: 177.

[48] ابن كثير، البداية ج10: 179.

[49] الطبري، تاريخ الطبري ج 3: 537.

[50] ابن كثير، البداية والنهاية ج10: 210.

[51] ابن كثير، البداية ج10: 212.

[52] المسعودي، مروج ج2: 21.

[53] البيهقي، لباب الأنساب ج1: 29؛ ابن كثير، البداية ج10: 190.

[54] الطبري، تاريخ، الكرمي ج2: 1822.

[55] المسعودي مروج الذهب ج2: 18.

[56] الطبري، تاريخ، الكرمي ج2: 1822.

[57] الطبري، تاريخ، الكرمي ج2: 1822؛ ابن كثير، البداية ج10: 190.

[58] المسعودي، مروج الذهب ج2: 15- 18؛ نقلا عن الأباصيري، الجهشياري، طبعة دار الكتب العلمية ص211.

[59] من حكمة الرشيد أو دهائه أنه، في الغالب، كان يدافع عن المتهم من خواصه حتى تثبت التهمة، وذلك منعا لنمو الوشاية الكاذبة.

[60] الحلف "بحياتي" تبدو سوقية، ولا تليق بمثل هارون الرشيد، ومن الشاهد على قول الرشيد "قتلني الله بسيف الهدى على عمل الضلالة، إن لم أقتلك". فهو مستبعد.

[61] البيهقي، لباب الأنساب ج1: 29، 44.

[62] ابن الجوزي، المنتظم جزء 9 صفحة 133.

[63] الأصفهاني، ملحق الأغاني أخبار أبي نواس ج1: 199؛ ابن العمراني، الإنباء، تحقيق السامرائي ج1: 269.

[64] ابن العمراني، الإنباء في تاريخ الخلفاء ج1: 268؛ وانظر الجهشياري ص 164.

[65] الطبري، تاريخ الطبري ، جمع الكرمي ج2: 1821-1822.

[66] المسعودي، مروج الذهب ج2: 15- 18.

[67] ابن كثير، البداية ج14: 172.

[68] ابن العمراني، الإنباء في تاريخ الخلفاء، تحقيق السامرائي ج1 285.

[69] بن سعد، الطبقات ج1: 464-465؛ البغدادي، تاريخ ج10: 408؛ ابن الجوزي، المنتظم ج9: 37.

[70] ابن خلكان، الوافي بالوفيات ج 16: 383، السامرائي المعلق على الإنباء لابن العمراني.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 41.87 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 41.25 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.50%)]