عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 09-03-2020, 02:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير ربع يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ والْمَيْسِرِ

روائع البيان والتفسير:

سبب نزول هذه الآية ما جاء في الصحيح المسند من أسباب النزول ما نصه:

في صحيح مسلم- رحمه الله-: عن أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يواكلوها ولم يجامعوهن في البيوت فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأنزل الله تعالى:{يَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} فقال رسولالله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح" فبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر فقالا يا رسول الله إن اليهود تقول كذا وكذا فلا نجامعهن فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى ظننا أن قد وجد عليهما فخرجا فاستقبلهما هدية من لبن إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأرسل في آثارهما فعرفا أن لم يجد عليهما.اهـ[23].




ï´؟ ويَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ ولا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ï´¾ -قال أبو جعفر الطبري- رحمه الله- بتصرف يسير:

يعني تعالى ذكره بقوله:"ويسألونك عن المحيض"، ويسألك يا محمد أصحابك عن الحيض..ثم قال:

وإنما كان القوم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما ذُكر لنا - عن الحيض، لأنهم كانوا قبل بيان الله لهم ما يتبينون من أمره، لا يساكنون حائضًا في بيت، ولا يؤاكلونهنَّ في إناء ولا يشاربونهن. فعرَّفهم الله بهذه الآية، أنّ الذي عليهم في أيام حيض نسائهم: أن يجتنَّبوا جماعهن فقط، دون ما عدا ذلك من مضاجعتهن ومؤاكلتهن ومشاربتهن.




ثم قال: وقد قيل: إنهم سألوا عن ذلك، لأنهم كانوا في أيام حيضهن يجتنبون إتيانهن في مخرج الدم، ويأتونهنّ في أدبارهن، فنهاهم الله عن أن يقربوهن في أيامحيضهن حتى يطهرن، ثم أذن لهم - إذا تطهَّرن من حيضهن - في إتيانهن من حيث أمرَهم باعتزالهنَّ، وحرم إتيانهن في أدبارهنَّ بكل حال.اهـ[24].




ï´؟ فَإذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ويُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ ï´¾

قال الشنقيطي-رحمه الله-:

قوله تعالى: (فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله) لم يبين هنا هذا المكان المأمور بالإتيان منه، المعبر عنه بلفظة «حيث» ولكنه بين أن المراد به الإتيان في القبل في آيتين:

إحداهما: هي قوله هنا: ï´؟ فأتوا حرثكم ï´¾ [البقرة: 223]؛ لأن قوله: (فأتوا) أمر بالإتيان بمعنى الجماع، وقوله: (حرثكم)، يبين أن الإتيان المأمور به إنما هو في محل الحرث يعني بذر الولد بالنطفة، وذلك هو القبل دون الدبر كما لا يخفى؛ لأن الدبر ليس محل بذر للأولاد، كما هو ضروري.




الثانية: قوله تعالى: ï´؟ فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم ï´¾ [البقرة: 187] لأن المراد بما كتب الله لكم الولد، على قول الجمهور وهو اختيار ابن جرير، وقد نقله عن ابن عباس ومجاهد والحكم وعكرمة والحسن البصري والسدي، والربيع والضحاك بن مزاحم، ومعلوم أن ابتغاء الولد إنما هو بالجماع في القبل. فالقبل إذن هو المأمور بالمباشرة فيه بمعنى الجماع، فيكون معنى الآية فالآن باشروهن ولتكن تلك المباشرة في محل ابتغاء الولد، الذي هو القبل دون غيره، بدليل قوله: ï´؟ وابتغوا ما كتب الله لكم ï´¾ [البقرة: 187]، يعني الولد.




ويتضح لك من هذا أن معنى قوله تعالى: ï´؟ أنى شئتم ï´¾ [البقرة: 223] يعني أن يكون الإتيان في محل الحرث على أي حالة شاء الرجل، سواء كانت المرأة مستلقية، أو باركة، أو على جنب، أو غير ذلك، ويؤيد هذا ما رواه الشيخان وأبو داود والترمذي، عن جابر - رضي الله عنه - قال: كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول، فنزلت نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم.




فظهر من هذا أن جابرا - رضي الله عنه - يرى أن معنى الآية: فأتوهن في القبل على أية حالة شئتم، ولو كان من ورائها.اهـ[25].




ï´؟ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ واتَّقُوا اللَّهَ واعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلاقُوهُ وبَشِّرِ المُؤْمِنِينَï´¾

إعراب مفردات الآية[26]:

(نساء) مبتدأ مرفوع و(كم) ضمير متّصل في محلّ جرّ مضاف إليه (حرث) خبر مرفوع على حذف مضاف أي ذوات حرث (اللام) حرف جرّ و(كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف نعت لحرث (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (ائتوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعل (حرث) مفعول به منصوب و(كم) مضاف إليه (أنّى) ظرف مكان مبنيّ على السكون غير متضمّن معنى الشرط متعلق بـ (ائتوا «[27]»، شئتم) فعل ماض مبنيّ على السكون.. و(تم) ضمير فاعل (الواو) عاطفة (قدّموا) مثل ائتوا (لأنفس) جارّ ومجرور متعلّق بـ (قدّموا) و(كم) مضاف إليه (الواو) عاطفة (اتّقوا) مثل ائتوا (اللّه) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (الواو) استئنافيّة (اعلموا) مثل ائتوا (أنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد و(كم) ضمير في محلّ نصب اسم أنّ (ملاقو) خبر أنّ مرفوع وعلامة الرفع الواو و(الهاء) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (بشر) فعل أمر والفاعل ضميرمستترتقديرهأنت (المؤمنين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.




روائع البيان والتفسير:

سبب نزول هذه الآية ما ذكره صاحب كتاب الصحيح المسند من أسباب النزول:

قال ما نصه:
في البخاري رحمه الله "ج/ 9 - ص/ 257" عن ابن المنكدر سمعت جابر بن عبد الله قال: كانت اليهود تقول إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول فنزلت ï´؟ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ï´¾.اهـ
[28]





ï´؟ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْï´¾

قال العلامة ابن عثيمين- رحمه الله-: قوله تعالى: ï´؟ نساؤكم حرث لكم ï´¾ يعني زوجاتكم موضع حرث لكم، كما تكون الأرض حرثاً للزارع يبث فيها الحب؛ فيخرج الحب، وينمو، ويُنتفع به؛ كذلك النساء بالنسبة للرجال حرث يضع فيها الإنسان هذا الماء الدافق، فينزرع في الرحم حتى ينمو، ويخرج بشراً سوياً..




قوله تعالى: ï´؟ فأتوا حرثكم ï´¾: الفاء للسببية، أو للتفريع؛ والمراد بـ «الحرث» هنا موضع الحرث - وهو الفرج -.

قوله تعالى: ï´؟ أنى شئتم ï´¾ أي من حيث شئتم؛ فـ ï´؟ أنى ï´¾ ظرف مكان؛ والمعنى: ائتوا هذا الحرث من أي جهة شئتم؛ من جهة القبل - يعني الأمام -؛ أو من جهة الخلف؛ أو على جنب؛ المهم أن يكون الإتيان في الحرث؛ وقد زعمت اليهود أن الرجل إذا أتى امرأته من دبرها في قبلها صار الولد أحول؛ وكذبوا في ذلك؛ وقد أنزل الله تكذيبهم في هذه الآية: ï´؟ نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ï´¾.اهـ[29].




ï´؟ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ï´¾ -فسرها ابن كثير فقال-رحمه الله-:

قوله تعالى: ï´؟ وَقَدِّمُوا لأنْفُسِكُمْ ï´¾ أي: من فعل الطاعات، مع امتثال ما نهاكم عنه من ترك المحرمات؛ ولهذا قال: ï´؟ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ ï´¾ أي: فيحاسبكم على أعمالكم جميعًا..اهـ[30].




وزاد أبو جعفر الطبري- رحمه الله بياناً فقال ما مختصره:

فإن قال لنا قائل: وما وجه الأمر بالطاعة بقوله: ï´؟ وقدِّموا لأنفسكم ï´¾، من قوله: ï´؟ نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ï´¾؟

قيل: إن ذلك لم يقصد به ما توهمتَه: وإنما عنى به: وقدموا لأنفسكم من الخيرات التي ندبناكم إليها بقولنا:"يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خيرٍ فللوالدين والأقربين"، وما بعده من سائر ما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجيبوا عنه، مما ذكره الله تعالى ذكره في هذه الآيات. ثم قال تعالى ذكره: قد بيّنا لكم ما فيه رَشَدكم وهدايتكم إلى ما يُرضي ربكم عنكم، فقدِّموا لأنفسكم الخيرَ الذي أمركم به، واتخذوا عنده به عهدًا، لتجدوه لديه إذا لقيتموه في معادكم = واتقوه في معاصيه أن تقربوها، وفي حدوده أن تُضِيعوها، واعلموا أنكم لا محالة ملاقوه في معادكم، فَمُجازٍ المحسنَ منكم بإحسانه، والمسيء بإساءته.




ï´؟ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ï´¾ أي: المطيعين لله فيما أمرهم، التاركين ما عنهزجرهم..اهـ[31].




وأضاف السعدي- رحمه الله-ما مختصره: ï´؟ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ï´¾ لم يذكر المبشر به ليدل على العموم، وأن لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وكل خير واندفاع كل ضير، رتب على الإيمان فهو داخل في هذه البشارة.




وفيها محبة الله للمؤمنين، ومحبة ما يسرهم، واستحباب تنشيطهم وتشويقهم بما أعد الله لهم من الجزاء الدنيوي والأخروي.اهـ[32].




ï´؟ ولا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وتَتَّقُوا وتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ واللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ï´¾

إعراب مفردات الآية[33]:

(الواو) استئنافيّة (لا) ناهية جازمة (تجعلوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (اللّه) لفظ الجلالة مفعول به (عرضة) مفعول به ثان منصوب (لأيمان) جارّ ومجرور متعلّق بعرضه (أن) حرف مصدريّ ونصب (تبرّوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل (الواو) عاطفة (تتقّوا) مثل تبرّوا «[34]»والمصدر المؤوّل (أن تبرّوا) في محلّ جرّ عطف بيان من (ايمان) أو بدل منه«[35]» وكذلك أن تتّقوا، وأن تصلحوا...(الواو) عاطفة (تصلحوا) مثل تبرّوا (بين) ظرف مكان منصوب متعلّق بـ (تصلحوا)، (الناس) مضاف إليه مجرور (الواو) استئنافيّة (اللّه) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (سميع) خبر مرفوع (عليم) خبر ثان مرفوع.




روائع البيان والتفسير:

ï´؟ ولا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وتَتَّقُوا وتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ واللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ï´¾ -قال السعدي في بيانها إجمالاً ما نصه:-

المقصود من اليمين والقسم تعظيم المقسم به، وتأكيد المقسم عليه، وكان الله تعالى قد أمر بحفظ الأيمان، وكان مقتضى ذلك حفظها في كل شيء، ولكن الله تعالى استثنى من ذلك إذا كان البر باليمين، يتضمن ترك ما هو أحب إليه، فنهى عباده أن يجعلوا أيمانهم عرضة، أي: مانعة وحائلة عن أن يبروا: أنيفعلوا خيرا، أو يتقوا شرا، أو يصلحوا بين الناس، فمن حلف على ترك واجب وجب حنثه، وحرم إقامته على يمينه، ومن حلف على ترك مستحب، استحب له الحنث، ومن حلف على فعل محرم، وجب الحنث، أو على فعل مكروه استحب الحنث، وأما المباح فينبغي فيه حفظ اليمين عن الحنث.




ويستدل بهذه الآية على القاعدة المشهورة، أنه "إذا تزاحمت المصالح، قدم أهمها "فهنا تتميم اليمين مصلحة، وامتثال أوامر الله في هذه الأشياء، مصلحة أكبر من ذلك، فقدمت لذلك.




ثم ختم الآية بهذين الاسمين الكريمين فقال: ï´؟ وَاللَّهُ سَمِيعٌ ï´¾ أي: لجميع الأصوات ï´؟ عَلِيمٌ ï´¾ بالمقاصد والنيات، ومنه سماعه لأقوال الحالفين، وعلمه بمقاصدهم هل هي خير أم شر، وفي ضمن ذلك التحذير من مجازاته، وأن أعمالكم ونياتكم، قد استقر علمها عنده.اهـ[36].




وزاد أبو جعفر بياناً عند تفسير قوله تعالى: ï´؟ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ï´¾ فقال -رحمه الله-:

يعني تعالى ذكره بذلك:"والله سميع" لما يقوله الحالفُ منكم بالله إذا حلف فقال:"والله لا أبر ولا أتقي ولا أصلح بين الناس"، ولغير ذلك من قيلكم وأيمانكم"عليم" بما تقصدون وتبتغون بحلفكم ذلك، ألخير تريدون أم غيره؟ لأني علام الغيوب وما تضمره الصدور، لا تخفى عليّ خافية، ولا ينكتم عني أمر عَلَن فطهر، أو خَفي فبَطَن.




ثم قال-رحمه الله-:-وهذا من الله تعالى ذكره تهدُّد ووعيدٌ. يقول تعالى ذكره: واتقون أيها الناس أن تظهروا بألسنتكم من القول، أو بأبدانكم من الفعل، ما نهيتكم عنه - أو تضمروا في أنفسكم وتعزموا بقلوبكم من الإرادات والنيات بفعل ما زجرتكم عنه، فتستحقوا بذلك مني العقوبة التي قد عرَّفتكموها، فإنّي مطَّلع على جميع ما تعلنونه أو تُسرُّونه.اهـ[37].




ï´؟ لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ولَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ واللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ï´¾

إعراب مفردات الآية[38]:

(لا) نافية (يؤاخذ) مضارع مرفوع و (كم) ضمير في محلّ نصب مفعول به (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (باللغو) جارّ ومجرور متعلّق ب (يؤاخذ)، (في أيمان) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من اللغو أو بالمصدر اللغو و (كم) مضاف إليه (الواو) عاطفة (لكن) حرف استدراك لا عمل له (يؤاخذكم) مثل الأول والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الباء) حرف جرّ (ما) اسم موصول في محلّ جرّ متعلّق ب (يؤاخذكم)، (كسب) فعل ماض (التاء) تاء التأنيث (قلوب) فاعل مرفوع و (كم) مضاف إليه (الواو) استئنافيّة (الله غفور حليم) مثل الله سميع عليم «[39]».




روائع البيان والتفسير:

ï´؟ لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ولَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ واللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ï´¾ فسرها ابن عثيمين إجمالاً فقال- رحمه الله-:

قوله تعالى: ï´؟ لا يؤاخذكم الله باللغو في إيمانكم ï´¾؛ «يؤاخذ» لها معنيان؛ أحدهما: المؤاخذة بالعقوبة؛ والثاني: المؤاخذة بإلزام الكفارة؛ و «اللغو» في اللغة الشيء الساقط؛ والمراد به هنا اليمين التي لا يقصدها الحالف، كقول: «لا واللَّهِ»؛ «بلى والله» في عرض حديثه؛ ويبين ذلك قوله تعالى في سورة المائدة: ï´؟ لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان ï´¾ [المائدة: 89] أي نويتم عقده؛ و «الأيمان» جمع يمين؛ وهو القسم؛ والقسم: تأكيد الشيء بذكر معظَّم بصيغة مخصوصة - هي الواو، والباء، والتاء -؛ مثل: «والله»، و«بالله»، و«تالله».




قوله تعالى: ï´؟ ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ï´¾، يفسره قوله تعالى: ï´؟ بما عقدتم الأيمان ï´¾ [المائدة: 89].




قوله تعالى: ï´؟ والله غفور حليم ï´¾؛ لما ذكر اللغو من اليمين، والمنعقد منهما ختم الآية بهذين الاسمين الكريمين؛ وسبق معنى «الغفور»؛ و «الحليم» هو الذي يؤخر العقوبة عن مستحقها.اهـ[40].




ï´؟ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإن فَاءُوا فَإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ï´¾

إعراب مفردات الآية[41]:

(اللام) حرف جرّ (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (يؤلون) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون... والواو فاعل (من نساء) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من ضمير يؤولون أي متباعدين من نسائهم و(هم) ضمير متّصل في محلّ جرّ مضاف إليه (تربّص) مبتدأ مؤخّر مرفوع، (أربعة) مضاف إليه مجرور (أشهر) مضاف إليه مجرور (الفاء) عاطفة (إنّ) حرف شرط جازم (فاءوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ في محلّ جزم فعل الشرط.. والواو فاعل (الفاء) رابطة لجواب الشرط (إنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد (اللّه) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (غفور) خبر إنّ مرفوع (رحيم) خبر ثان مرفوع.




روائع البيان والتفسير:

ï´؟ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإن فَاءُوا فَإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ï´¾

-قال البغوي- رحمه الله- في تفسيره:

يؤلون أي يحلفون، والألية: اليمين والمراد من الآية: اليمين على ترك وطء المرأة، قال قتادة: كان الإيلاء طلاقا لأهل الجاهلية، وقال سعيد بن المسيب [42]:كان ذلك منضرار أهل الجاهلية، كان الرجل لا يحب امرأته ولا يريد أن يتزوجها غيره، فيحلف أن لا يقربها أبدا، فيتركها لا أيما ولا ذات بعل، وكانوا عليه في ابتداء الإسلام، فضرب الله له أجلا في الإسلام.اهـ[43].




وأضاف ابن عثيمين- رحمه الله-في تفسيرها ما نصه:

قوله تعالى: ï´؟ فإن فاءوا ï´¾ أي رجعوا إلى نسائهم بعد أن آلوا منهن؛ ï´؟ فإن الله غفور ï´¾ أي يغفر لهم ما تجرؤوا عليه من الحلف على حرمان الزوجات من حقوقهن؛ لأن حلفهم على ألا يطؤوا لمدة أربعة أشهر اعتداء على حق المرأة؛ إذ إن الرجل يجب عليه أن يعاشر زوجته بالمعروف؛ وليس من العشرة بالمعروف أن يحلف الإنسان ألا يطأ زوجته مدة أربعة أشهر؛ فإن فعل فقد عرض نفسه للعقوبة؛ لكنه إذا رجع غفر الله له؛ وï´؟ غفور ï´¾ أي ذو مغفرة، كما قال تعالى: ï´؟ وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم ï´¾ [الرعد: 6]؛ والمغفرة هي ستر الذنب مع التجاوز عنه، مأخوذة من «المغفر»؛ وهو ما يوضع على الرأس عند الحرب لاتقاء السهام؛ وفي المغفر تغطية، ووقاية؛ وï´؟ رحيم ï´¾ أي ذو رحمة، كما قال تعالى: ï´؟ وربك الغني ذو الرحمة ï´¾ [الأنعام: 133]؛ فهو مشتق من الرحمة المستلزمة للعطف، والحنوّ، والإحسان، ودفع النقم اهـ [44].






ï´؟ وإنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ï´¾

إعراب مفردات الآية[45]:

(الواو) عاطفة (إن) حرف شرط جازم (عزموا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ في محلّ جزم فعل الشرط.. والواو فاعل (الطلاق) مفعول به منصوب «[46]»، الفاء) رابطة لجواب الشرط (إنّ اللّه سميع عليم) سبق إعراب نظيرها إنّ اللّه غفور رحيم في الآية السابقة.




روائع البيان والتفسير:

ï´؟ وإنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ï´¾ قال السعدي في تفسيرها إجمالاً ما نصه:ï´؟ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ ï´¾ أي: امتنعوا من الفيئة، فكان ذلك دليلا على رغبتهم عنهن، وعدم إرادتهم لأزواجهم، وهذا لا يكون إلا عزما على الطلاق، فإن حصل هذا الحق الواجب منه مباشرة، وإلا أجبره الحاكم عليه أو قام به.




ï´؟ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ï´¾ فيه وعيد وتهديد، لمن يحلف هذا الحلف، ويقصد بذلك المضارة والمشاقة.ويستدل بهذه الآية على أن الإيلاء، خاص بالزوجة، لقوله: ï´؟ من نسائهم ï´¾ وعلى وجوب الوطء في كل أربعة أشهر مرة، لأنه بعد الأربعة، يجبر إما على الوطء، أو على الطلاق، ولا يكون ذلك إلا لتركه واجبا.اهـ[47].






ï´؟ والْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ولا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ وبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إنْ أَرَادُوا إصْلاحاً ولَهُنَّ مِثْلُ الَذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ولِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ واللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ï´¾

إعراب مفردات الآية[48]:

(الواو) عاطفة (المطلّقات) مبتدأ مرفوع (يتربّصن) مضارع مبنيّ على السكون في محلّ رفع.. و(النون) ضمير متّصل في محلّ رفع فاعل (بأنفس) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يتربّصن)، (هنّ) ضمير متّصل في محلّ جرّ مضاف إليه (ثلاثة) ظرف زمان مفعول فيه متعلّق بـ (يتربّصن)، (قروء) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (لا) نافية (يحلّ) مضارع مرفوع (اللام) حرف جرّ و(هنّ) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (يحلّ) (أن) حرف مصدريّ ونصب (يكتمن) مضارع مبنيّ على السكون في محلّ نصب بـ (أن) و(النون) ضمير متصل في محلّ رفع فاعل.والمصدر المؤوّل (أن يكتمن) في محلّ رفع فاعل يحلّ.




(ما) اسم موصول «[49]» مبنيّ في محلّ نصب مفعول به (خلق) فعل ماض (اللّه) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (في أرحام) جارّ ومجرور متعلّقبـ (خلق)، (هنّ) ضمير مضاف إليه (إن) حرف شرط جازم (كن) فعل ماض ناقص مبنيّ على السكون في محلّ جزم فعل الشرط.. و(النون) نون النسوة فاعل (يؤمنّ) فعل مضارع مبنيّ في محلّ رفع.. و(النون) فاعل (باللّه) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يؤمن)، (الواو) عاطفة (اليوم) معطوف على لفظ الجلالة مجرور مثله (الآخر) نعت لليوم مجرور مثله (الواو) عاطفة (بعولة) مبتدأ مرفوع و(هنّ) ضمير مضاف إليه (أحقّ) خبر مرفوع (بردّ) جارّ ومجرور متعلّق بـ (أحقّ)، (هن) ضمير مضاف إليه (في) حرف جرّ (ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بـ (أحقّ) «[50]»، و(اللام) للبعد و(الكاف) للخطاب (إن) مثل الأول (أرادوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ في محلّ جزم... والواو فاعل (إصلاحا) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (اللام) حرف جرّ و(هنّ) ضمير متّصل في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (مثل) مبتدأ مؤخّر مرفوع «[51]»، (الذي) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه (عليهنّ) مثل لهنّ متعلّق بصلة الموصول المحذوفة أي الذي يوجد عليهن (بالمعروف) جارّ ومجرور متعلّق بنعت لمثل لأنه لا يتعرف بالإضافة لإيغاله في التنكير «[52]»، (الواو) عاطفة (للرجال) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم، (عليهنّ) مثل لهنّ متعلّق بمحذوف حال من درجة (درجة) مبتدأ مؤخّر مرفوع. (الواو) استئنافيّة (اللّه) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (عزيز) خبر مرفوع (حكيم) خبر ثان مرفوع.
يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 49.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.14 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.26%)]