5- وقال مُقتبسًا من الحديث:
وظَبيَةٍ قد هِمتُ يا رَبِّ بها *** فَهَاجَرَتْنِي وتَوَلَّتْ نافِرَهْ
وانتَصَرَتْ لي أَدمُعِي في بَيْنِها *** فاعفُ عنِ الأنصَارِ والمُهاجِرَهْ[41]
6- وقال:
وإذا الدِّيارُ تنَكَّرَتْ سافَرتُ في *** طَلَبِ المعارِفِ هاجِرًا لِدِياري
وإذا أَقَمتُ فمُؤنِسِي كُتبي فلا *** أَنْفَكُّ طُولَ الدَّهرِ مِن أسفارِ[42]
7- وقال:
ثلاثٌ مِن الدُّنيا إذا هي حُصِّلَتْ *** لشَخصٍ فلن يَخشَى مِن الضُّرِّ والضَّيرِ
غِنًى عن بَنِيها والسَّلامَةُ مِنهُمُظ“ *** وصِحَّةُ جِسمٍ ثم خاتِمَةُ الخَيرِ[43]
8- وقال:
خَليلَيَّ ولَّى العُمرُ مِنَّا ولم نَتُبْ *** ونَنوي فِعَالَ الصَّالِحاتِ ولكِنَّا
فحَتَّى متى نَبني بُيوتًا مَشِيدَةً *** وأعمارُنا مِنَّا تُهَدُّ وما تُبنا[44] / 44أ/
9- وقال في التغزُّل مُكتفيًا:
ألا يا مَعشَرَ العُذَّال كُفُّوا *** فَلَسْتُ بتارِكٍ حُبَّ[45] المِلَاحِ
ولا حِينَ المَشِيبِ أُطيع نُصحًا *** ولا أُصغِي لِلوَّامٍ وَلَاحِ[46]
10- وقال جوابًا عن لُغزٍ للشيخ علي بن أبي عيسى بن مَهدِي المغربي[47]:
كتبتُمْ رُموزًا[48] ولم تَكتُبوا *** كهذا الذي سُبْلُهُ واضِحَهْ
فما اسمٌ جَرى ذِكرُه في الكتابْ *** وإن شِئتُمُظ“ فاقرؤوا الفاتِحَهْ
ففيها مُصَحَّفُ مَعكوسِهِ[49] *** يدل على حالةٍ صالِحَهْ
وليسَتْ بغادِيَةٍ فافهموا *** ولكنَّها أبدًا رائِحَهْ
والجواب لكاتبه:
قرأنا الكتابَ جِهارًا وقد *** تبَدَّى لنا السِّرُّ في الفاتِحَهْ
وَجَدناهُ مَنْ يَتْلُ تَصِحيفَهُ *** تُسهَّلْ لهُ سُبْلُهُ الواضِحَهْ
ومِن قَبلِ تِسعٍ قُبَيل البُروج *** يُرَى ثَمَّ كالأنجُمِ اللائحَهْ
وتَغْيِيرُ ثانيه مَعْ قَلبِهِ *** ومَعْ حَذفِهِ نَمَّ بالرائحَهْ[50]
11- وقال[51]:
أقول لِحِبِّي إن رحلتَ فلا تَدَعْ *** مُكاتَبَةَ العبد الذي ما ابتغى عِتقا
ورقَّ له وارفُق به متفَضِّلًا *** فما بعث المحبوبُ دَرْجًا ولا رَقّا[52] / 44ب/
12- وقال:
سألتُ مَن لَحظُهُ وحاجِبُهُ *** كالسَّهم والقَوس مَوعِدًا حَسَنَا
ففَوَّقَ السهمَ مِن لواحِظِه *** وانقَوَّس الحاجبان واقترنا (وقت رنا)[53]
13- وقال -وهو مما لم يُسبَق فيه، وتَبِعَه فيه جماعة، والنادرُ مِنهم مَن أجاد[54]-:
نَسِيمُكمْ يُنعِشُني والدُّجى *** طال فمَن لي بمجيء الصَّبا ح
ويا صِباح الوجه فارَقتُكُمْ *** فَشِبْتُ هَمًّا إذ فَقَدتُ الصِّبا ح[55]
14- وقال:
ولم أنسَ إذْ مَرَّ الحبيبُ برَوضَةٍ *** فغارَتْ مِن المعشوقِ أعيُنها المرضى
ولاحَتْ بخَدِّ الوردِ حُمرةُ خَجلةٍ[56] *** حياءً وشِمْنا[57] طرفَ نرجسِها غَضّا[58]
15- وقال:
لي صاحبٌ أخطأتُ في وُدِّهِ *** والمرءُ لا بُدَّ لهُ مِن غَلَطْ[59]
أعددتُ مِنهُظ“ في العِدَى صارِمًا *** فكان لكِنْ لودادِي فَقَطْ[60]
16- وقال:
حَيَّا بتقبيل كَفِّي *** وكان قَبلُ يُمانعْ
فَأَطْمَعَ النفسَ فيهِ *** فليتَ لي قلبُ قانعْ / 45أ/
17- وقال:
ولقد بكيتُ على العقيق بمِثلِهِ *** شوقًا وقد أبصَرْتُهُ مِن أَدمُعي
لم تَبكِ عيني بالدماءِ وإنما *** خضبَتْ سُرورًا باللِقَا المتَوَقَّعِ[61]
18- وقال:
ذَكَرَ العقيقَ وسفحَهُ فدموعُهُ *** تحكيهِ عند السَّفح مِن جفنَيهِ
ما للمُتَيَّمِ والعقيق أما كفى *** ما قد جَرى مِنهُ على خَدَّيهِ[62]
19- وقال:
قال حِبِّي اكتُمِ الهوى *** خوفَ واشٍ ولاحِيَهْ[63]
كيف أسَطِيع كَتمَهُ *** وسقامي علانِيَهْ[64]
20- وقال:
الأرضُ داري إذا ما *** وجدتُ[65] رِزقًا هَنِيّا
إن طابَ عيشي بأرضٍ *** أقَمتُ فيها مَلِيّا[66]
21- وقال[67]:
سألوا عن عاشقٍ في *** قمرٍ بادٍ سَنَاهُ
أسْقَمَتهُظ“ مُقلتاهُ؟ *** قلتُ: لا بَل شَفَتَاهُ[68]
22- وقال مقتبسًا: [69]
"إنما الأعمالُ بالنياتِ" في *** كُلِّ أمرٍ أمْكَنَتْ فُرصَتُهُ
فانوِ خيرًا واعملِ الخيرَ فإن *** لم تُطِقْهُ نَفَعَتْ نِيَّتُهُ[70] / 45ب/
23- ومن القصائد المطوَّلة: القصيدة الملقَّبة: «الموقظة»[71]- وهي على طريقة ابن القيم في قصيدته: «بُنَيُّ أبي بكرٍ»[72]-:
بُنَيُّ عليٍّ قد تفاقَمَ وِزرُهُ *** فليس على مَن خاضَ في عِرضهِ وِزرُ
بُنَيُّ عليٍّ مِثلَما قال ربُّهُ *** ظَلومٌ كَنودٌ شأنُهُ الغَدرُ والمكرُ
بُنَيُّ عليٍّ خاب واللهِ سَعيُهُ *** إذا لم يَكُن في الصالحين لهُ ذِكرُ
بُنَيُّ عليٍّ يأمُرُ الناسَ بالتُّقى *** ويغفلُ عما يَقتضي النَّهيُ والأمرُ
بُنَيُّ عليٍّ قَد غَدَا مُتَصَدِّرًا *** لِفَقدِ أولي العَليا وأنَّى لهُ الصَّدرُ
بُنَيُّ عليٍّ صارَ يُفتي ويَجتَرِي *** عليها ولا فَهمٌ لديهِ ولا ذُكرُ
بُنَيُّ عليٍّ ليسَ يَذكرُ إذ نَشَا *** يَتيمًا ذليلًا ما لهُ في الوَرَى قَدرُ
بُنَيُّ عليٍّ صار مِن بعدِ يُتمِهِ *** وحظُّ اليتامى عِندَهُ النَّهرُ والقَهرُ
بُنَيُّ عليٍّ صار مِن بعدِ ذُلِّه *** عزيزَ أُناسٍ دأبُهُ البأوُ والفَخرُ
بُنَيُّ عليٍّ صار مِن بعدِ جَهلِهِ *** عليمًا وبعد القُلِّ صار لهُ وَفرُ / 46أ/
بُنَيُّ عليٍّ كلُّ ما يشتهي جرى *** على وَفقِ ما يَهوى وليسَ لهُ شُكرُ
بُنَيُّ عليٍّ ما أحبَّ رأى ولا *** يميلُ إلى التَّقوى وهل يُؤمَنُ المكرُ
بُنَيُّ عليٍّ صار للأمرِ مالِكًا *** وهيهاتَ عن قُربٍ لقد قُضِيَ الأمرُ
بُنَيُّ عليٍّ قَد أتاهُ نَذيرُهُ *** وليس لمن جاء النذيرُ لهُ عُذرُ
بُنَيُّ عليٍّ جاز في العُمر سِنَّ مَن *** مَضى لهُ مِن أبٍ وابنٍ كذا العمُّ والصِّهرُ
بُنَيُّ عليٍّ ما الذي يرتجيه مِن *** سوى اللهِ هيهاتَ انقضى الأمَلُ الغِرُّ
إلهي أنا الخطَّاءُ للذَّنبِ عامدًا *** وكم حزتُ[73] أطماعًا [و][74]ما كنتُ أضطَرُّ
إلهيَ قد حَوَّلتَني فوقَ ما أنا *** له الأهلُ والتقصيرُ وصفيَ والغَدرُ
إلهيَ كَم مِن نعمةٍ إثرَ نعمةٍ *** أزَلتَ بها بؤسي فما مَسَّني الضُّرُّ
إلهي فما قابَلتُ بالشُّكرِ نعمةً *** ولكن لجهلي لاحَ لِلنِّعَمِ الكُفرُ
إلهيَ كم نَجَّيتَني مِن مُلِمَّةٍ *** فأذعَنَ لي في سَيريَ البَرُّ والبحرُ / 46ب/
إلهي أنا العَبدُ المسيءُ وأنتَ يا *** إلهي المليكُ المحسِنُ المنعِمُ البَرُّ
إلهيَ أنتَ الربُّ شِيمَتُكَ الغِنَى *** وإني لَعَبدُ السُّوءِ شِيمَتيَ الفَقرُ
إلهيَ عامِلني بما أنتَ أهلُهُ *** فلِلذَّنبِ في ظَهري إذا لم تُعِنْ وَقرُ
إلهي تَداركني بِرَحمتِك التي *** يُقابلها مِن فَيضِ فَضلِك لي الجَبرُ
إلهي كما أنعمتَ زِدْ وأَدِم ولا *** تُغيِّر فتُشمِتْ بي عَدوًّا به غِمرُ
إلهي بذنبي بُؤْتُ فاغفِرهُ لي عسى *** أكونُ كَمَن في الحشر أوجُهُهم زُهرُ
إلهيَ كم عبدٍ أَدَمتَ سُرورَهُ *** فوافاكَ بَعدَ الموت بالعفو يَنْسَرُّ
إلهيَ فاجعَلني برُحماك مِنهُمُ *** فإن شَفيعي أحمدُ المصطفى الطّهرُ
فلا عملٌ أرجو سِوَى حُبِّه ومَن *** إليه انْتَمَى عُسرِي بِحُبِّهمُظ“ يُسرُ[75]
آخـرهـا.
24- ومما نظمتُهُ في هذا الضرب[76]، في الاقتباس:
هَنيئًا لِقَومٍ لازَمُوا طولَ دَهرِهِم *** أوامرَ حُكمِ الخالقِ الآمِرِ الناهي
فأوَّلُ رَجْوَاهُم سَلامَةُ دينِهِمْ *** "وآخِرُ دَعواهُمْ أنِ الحَمدُ للهِ"
♦ ♦ ♦ ♦
يتبع