عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-03-2020, 09:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,716
الدولة : Egypt
افتراضي رد: آيات من سورة النور بتفسير الزركشي





قال ابن فارس: كل "مصباح" في القرآن فهو: الكوكب، إلا الذي في سورة النور ï´؟ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ï´¾ [النور: 35]فإنه السراج نفسه[46].




قال الراغب[47]: قوله تعالى: ï´؟ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ ï´¾ [النور: 35]، قيل معناه: أنها شرقية وغربية[48].




وقيل معناه: مصونة عن الإفراط والتفريط[49].




وأما قوله تعالى: ï´؟ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ ï´¾ [النور: 35] فلم يثبت للزيت الضوء، وإنما أثبت له المقاربة من الضوء قبل أن تمسّه النار، ثم أثبت النور بقوله: ï´؟ نُورٌ عَلَى نُورٍ ï´¾ [النور: 35] فيؤخذ منه أن النور دون الضوء لا نفسه.




فإن قلت: ظاهرة أن المراد: يكاد يضيء؛ مسّته النار أو لم تمسّه، فيُعطى ذلك أنه مع أن مساس النار لا يضيء، ولكن يقارب الإضاءة، لكن الواقع أنه عند المساس يضيء قطعًا!




أجيب: بأن الواو ليست عاطفة، وإنما هي للحال، أي يكاد يضيء والحال أنه لم تمسه نار، فيفهم منه أنها لو مسته لأضاء قطعًا[50].




وأما"المشكوة" فقاعدة الهداية ومفتاح الولاية قال الله تعالى: ï´؟ نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ï´¾ [النور: 35][51].




ï´؟ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ï´¾ [النور: 36].




قال رحمه الله: مما يحتَمِل الاتصال والانقطاع قوله تعالى: ï´؟ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ï´¾ [النور: 36].يحتمل أن يكون متصلاً بقوله: ï´؟ فِيهَا مِصْبَاحٌ ï´¾ [النور: 35][52]، أي: المصباح في بيوت، ويكون تمامه على قوله: ï´؟ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ï´¾ [النور: 36]ï´؟ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ï´¾ [النور: 36] صفة للبيوت، ويحتمل أن يكون منقطعًا خبرًا لقوله: ï´؟ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ ï´¾ [النور: 37] [53].




قوله تعالى: ï´؟ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ ï´¾ [النور:37،36]ببناء الفعل للمفعول، فإن التقدير: يُسبِّحه رجال، وفيه فوائد: منها: الإخبار بالفعل مرتين، ومنها جعل الفضلة عمدة.




ومنها: أن الفاعل فُسِّر بعد إلياس منه كضالة وجدها بعد إلياس، ويصح أن يكون "يُسَبَّح" بدل من "يُذْكَر"على طريقة: ï´؟ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ï´¾ [الأعلى: 1][54] ï´؟ لَهُ فِيهَا ï´¾ [النور: 36]خبر مبتدأ هو "رجال"[55].




ï´؟ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ï´¾ [النور: 39].



قوله تعالى: ï´؟ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ ï´¾ [النور: 39]أخرج ما لا يُحَسّ - وهو الإيمان - إلى ما يُحَسّ - وهو السراب - والمعنى الجامع بطلان التوهم بين شدة الحاجة وعِظَم الفاقة[56].




ضرب الله للكافر مثلين:

أحدهما ï´؟ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ï´¾ [النور: 39]، والثاني: ï´؟ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ ï´¾ [النور: 40][57] شبّه في الأول ما يعلمه مَن لا يقدّر الإيمان المعتبر بالأعمال التي يحسبها بقيعة، ثم يخيب أملُه، بسراب يراه الكافر بالساهرة، وقد غلبه عطش يوم القيامة، فيجيئه فلا يجده ماء، ويجد زبانية الله عنده، فيأخذونه فيلقونه إلى جهنم[58]، وقوله: ï´؟ حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا ï´¾ [النور: 39]أي: مما ظنه وقدره[59].




ï´؟ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ï´¾ [النور: 40].




قوله تعالى: ï´؟ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ï´¾ [النور: 40]، وهي: ظلمة البحر، وظلمة الموج فوقه، وظلمة السحاب فوق الموج [60].




ومن أساليب القرآن وفنونه البليغة: التوسع، ومنه: التوسع في ترادف الصفات، كقوله تعالى: ï´؟ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ ï´¾ [النور: 40]، فإنه لو أريد اختصاره لكان: ï´؟ أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ ï´¾ [النور: 40]مظلم [61].




قال رحمه الله: من معاني "كاد": التفصيل في النفي بين المضارع والماضي، فنفي المضارع نفي، ونفي الماضي إثبات، بدليل قوله: ï´؟ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ï´¾ [البقرة: 71] [62] وقوله ï´؟ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ï´¾ [النور: 40]مع أنه لم يرَ شيئًا، وهذا حكاه ابن أبي الربيع[63] في "شرح الجمل"[64] وقال إنه الصحيح.




والمختار هو أن "كاد": إثباتها إثبات، ونفيها نفيٌ، كغيرها من الأفعال؛ وذلك لأن معناها المقاربة، فمعنى "كاد يفعل" قارب الفعل، ومعنى "ما كاد يفعل" لم يقاربه، فخبرها منفيٌّ دائمًا.




أما إذا كانت منفية فواضح؛ لأنه إذا انتفت مقاربة الفعل اقتضى عقلاً عدم حصوله، ويدل له قوله تعالى ï´؟ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ï´¾ [النور: 40] ولهذا كان أبلغ من قوله "لم يرها" لأن مَن لم يَرَ قد يقارب الرؤية[65].




ï´؟ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ ï´¾ [النور: 43].




قوله تعالى: ï´؟ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ ï´¾ [النور: 43] فـ "من" الأولى لابتداء الغاية، أي: ابتداء الإنزال من السماء، والثانية: للتبعيض، أي: بعض جبال منها، والثالثة: لبيان الجنس؛ لأن الجبال تكون بردًا وغير برد[66].




ï´؟ وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ï´¾ [النور: 45].




قوله تعالى: ï´؟ وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ ï´¾ [النور: 45]، فيها لطيفة حيث بدأ بالماشي على بطنه، فإنها سيقت لبيان القدرة، وهو أعجب من الذي بعده، وكذا ما يمشي على رجلين أعجب ممن يمشي على أربع [67].




ويجوز أن تكون من باب تقديم الأعجب لأن خلقها أغرب[68].




قوله تعالى: ï´؟ وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ ï´¾ [النور: 45]، لما تقدم لفظ الدابة، والمراد بها عموم مَنْ يعقل ومَنْ لا يعقل غلّب من يعقل فقال: ï´؟ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي ï´¾ [النور: 45].




فإن قيل: هذا صحيح في ï´؟ فَمِنْهُمْ ï´¾ [النور: 45] لأنه لمن يعقل؛ وهو راجع إلى الجميع، فَلِمَ قال: "مَنْ" وهو لا يقع على العام، بل خاص بالعاقل؟




قلت: "مَنْ" هنا بعض "هُمْ" وهو ضمير من يعقل.




فإن قلت: فكيف يقع على بعضه لفظ ما لا يعقل؟




قلت: من هنا قال أبو عثمان[69]: إنه تغليبٌ من غير عموم لفظ متقدم، فهو بمنزله من يقول رأيت ثلاثة زيدًا وعمرًا وحمارًا.




وقال ابن الضائع: "هُمْ" لا تقع إلا على مَنْ يعقل، فلما أعاد الضمير على كل دابة غلّب مَنْ يعقل، فقال: "هُمْ"، و"مَنْ" بعضُ هذا الضمير؛ وهو للعاقل، فلزم أن يقول "مَنْ" فلما قال بوقوع التغليب في الضمير، صار ما يقع عليه حكمه حُكمَ العاقلين؛ فتمم ذلك بأن أوقع "مَنْ"[70].




قوله تعالى: ï´؟ وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ ï´¾ [النور: 45]، فإنه سبحانه إنما اقتصر على ذكر الماء دون بقية العناصر؛ لأنه أتى بصيغة الاستغراق، وليس في العناصر الأربعة ما يعم جميع المخلوقات إلا الماء، ليدخل الحيوان البحري فيها[71].




قوله تعالى: ï´؟ وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ ï´¾ [النور: 45]، فعبّر بـ"مَنْ" عمن يمشي على بطنه وهم الحيات، وعمن يمشي على أربع وهم البهائم، لاختلاطهم مع من يعقل في صدر الآية؛ لأن عموم الآية يشمل العقلاء وغيرهم فغلّب على الجميع حكم العاقل[72].




ï´؟ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ ï´¾ [النور: 48].



قوله تعالى: ï´؟ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ï´¾ [النور: 48] فذكر الله تعظيمًا، والمعنى تام بذكر رسوله صلى الله عليه وسلم [73].




ï´؟ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ï´¾ [النور: 55].



قوله تعالى: ï´؟ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ï´¾ [النور: 55]، لم يُعَدَّ الفعل فيها إلا إلى واحد، ï´؟ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ ï´¾ [النور: 55] تفسير للوعد ومبين له، كقوله تعالى: ï´؟ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ï´¾ [النساء: 11] [74] فالجملة الثانية تبيين للوصية لا مفعول ثان[75].




و"مِنْ" تأتي لعدة معانٍ، منها: بيان الجنس، ومن ذلك قوله تعالى: ï´؟ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ï´¾ [النور: 55]، أي: الذين هم أنتم؛ لأن الخطاب للمؤمنين، فلهذا لم يتصور في "مِنْ" التبعيض[76].




ï´؟ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ï´¾ [النور: 58]




قوله تعالى: ï´؟ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ï´¾ [النور: 58] ï´؟ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ï´¾ [النور: 58] ثم قال: ï´؟ وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ ï´¾ [النور: 59] ï´؟ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ï´¾ [النور: 59] [77]، قال ابن عبد السلام في تفسيره[78]: في الأولى: "عليم" بمصالح عباده، "حكيم" في بيان مراده، وقال في الثانية: "عليم" بمصالح الأنام، "حكيم" ببيان الأحكام، ولم يتعرض للجواب عن حكمة التكرار[79].




وقوله: ï´؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ï´¾ [النور: 58]، خص هذه الأوقات الثلاثة بالاستئذان؛ لأن الغالب تبدُّل البدن فيهن، وإن كان في غير هذه الأوقات ما يوجب الاستئذان فيجب[80].




ï´؟ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ ï´¾ [النور: 61].



قوله تعالى: ï´؟ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ ï´¾ [النور: 61]لم يذكر الأولاد؛ قيل لدخولهم في قوله: ï´؟ بُيُوتِكُمْ ï´¾ [النور: 61] [81].






ï´؟ لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ï´¾ [النور: 63].




قال رحمه الله: إذا دخلت "قد" على المضارع فذلك الفعل يكون في حاله، نحو: ï´؟ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ ï´¾ [النور: 63]أي: قد يتسللون فيما علم الله[82].




وقال رحمه الله: "عن": تقتضي مجاوزة ما أضيف إليه كقوله تعالى: ï´؟ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ï´¾ [النور: 63]لأنهم إذا خالفوا أمره بعدوا عنه وتجاوزوه[83].

ï´؟ أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ï´¾ [النور: 64].



قال ابن أبان[84]: تفيد "قد" مع المستقبل التعليل في وقوعه أو متعلقه، فالأولى كقولك: زيد قد يفعل كذا، وليس ذلك منه بالكثير، والثاني كقوله تعالى: ï´؟ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ ï´¾ [النور: 64]المعنى - والله أعلم - : أقل معلوماته ما أنتم عليه[85].




وقال الزمخشري[86] في قوله تعالى: ï´؟ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ ï´¾ [النور: 64]: "قد" للتأكيد، وقال: إن" قد" إن دخلت على المضارع كانت بمعنى "ربما"، فوافقت "ربما" في خروجها إلى معنى التكثير، والمعنى: إن جميع السموات والأرض مختصًا به خلقًا وملكًا وعلمًا، فكيف يخفى عليه أحوال المنافقين[87].





[1] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة - حذف الفاعل 3/ 94.



[2] سورة النساء:25.
البرهان: وجوه المخاطبات والخطاب في القرآن - خطاب العام والمراد الخاص 2/ 141.



[3] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة - التقديم والتأخير 3/ 166.



[4] أفراد كلمات القرآن العزيز، لأحمد بن فارس ص/ 13. البرهان: جمع الوجوه والنظائر 1/ 88.



[5] الكشاف 4/ 267.



[6] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة - التقديم والتأخير 3/ 166.



[7] المصدر السابق: معرفة أسباب النزول 1/ 35.



[8] البرهان: الكلام على المفردات من الأدوات - معاني إلا 4/ 151.



[9] المصدر السابق: معرفة الفواصل ورؤوس الآي 1/ 76.



[10] انظر قوله في: معاني القرآن للفرّاء، عالم الكتب، بيروت، لبنان، ط/ 3 ت/ 1403هـ - 1983م، ج/ 2 ص/ 247.



[11] انظر قوله في: معاني القرآن وإعرابه، للزَّجَّاج 4/ 33.



[12] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة - حذف الأجوبة 3/ 121.



[13] البرهان: الكلام على المفردات من الأدوات - لولا 4/ 230.



[14] المصدر السابق: الكلام على المفردات من الأدوات - عند 4/ 181.



[15] المصدر السابق: الكلام على المفردات من الأدوات - كان 4/ 192.



[16] المصدر السابق: أساليب القرآن وفنونه البليغة - حذف الأجوبة 3/ 121.



[17] هو أبو بكر الصديق عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن كعب التيمي القرشي، أبو بكر: أول الخلفاء الراشدين، وأول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم من الرجال، وأحد أعاظم العرب، ولد بمكة، ونشأ سيدًا من سادات قريش، وغنيًّا من كبار موسريهم، وعالمًا بأنساب القبائل وأخبارها وسياستها، وكانت العرب تلقبه بعالم قريش، وحرم على نفسه الخمر في الجاهلية، فلم يشربها، ثم كانت له في عصر النبوة مواقف كبيرة، فشهد الحروب، واحتمل الشدائد، وبذل الأموال، وبويع بالخلافة يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم سنة 11هـ فحارب المرتدين والممتنعين من دفع الزكاة، وافتتحت في أيامه بلاد الشام وقسم كبير من العراق، مدة خلافته سنتان وثلاثة أشهر ونصف شهر، وتوفي في المدينة سنة 13هـ. (الأعلام، للزركلي 4/ 102).



[18] هو مسطح بن أُثاثة بن عباد بن عبدالمطلب بن عبدمناف بن قصي، المطلبي المهاجري البدري، المذكور في قصة الإفك، كان فقيرًا ينفق عليه أبو بكر، توفي سنة أربع وثلاثين، ت. (تهذيب سير أعلام النبلاء 1/ 22 رقم الترجمة (23).



[19] البرهان: وجوه المخاطبات والخطاب في القرآن الكريم - خطاب الواحد بلفظ الجمع 2/ 147.



[20] المصدر السابق: أقسام معنى الكلام - الاستفهام بمعنى الإنشاء 2/ 210.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 53.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.60 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.18%)]