مشروعية السرية
أ. د. علي أبو البصل
ثبتَتْ مشروعية السرية بضوابطها الشرعية بأدلة كثيرة من القرآن والسنَّة، منها قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ ﴾ [التحريم: 3]، وليس أدل على الجواز من الوقوع والآية الكريمة نص في الموضوع.
وقوله تعالى: ﴿ وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [الملك: 13].
وقوله تعالى: ﴿ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولًا ﴾ [الإسراء: 34].
وحفظ السر يدخل في عموم العهد، ويأخذ حكمه شرعًا وعقلاً وواقعًا.
وقوله تعالى: ﴿ ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا ﴾ [نوح: 9].
وهذا دليل على جواز الدعوة، سرًّا وعلانية، وفق مقتضيات الحال.
وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: "أسرَّ إليَّ النبي صلى الله عليه وسلم سرًّا، فما أخبرت به أحدًا بعده، ولقد سألتني أمُّ سُليم فما أخبرتها به"[1].
وليس أدل على الجواز من الوقوع.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن مِن أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجلَ يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرها))[2].
والحديث الشريف نص صريح في تحريم إفشاء سر المرأة.
[1] صحيح البخاري ج 5 ص 2318، كتاب الاستئذان، باب حفظ السر.
[2] صحيح مسلم ج 2 ص 1060، باب تحريم إفشاء سر المرأة.