عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 29-02-2020, 03:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,970
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختصر الكلام على بلوغ المرام

مختصر الكلام على بلوغ المرام(58)
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك





(أبواب: حد الزاني والقذف والسرقة)


حَدِّ الزَّانِي

1158- عَنْ أَبي هُريرةَ وزيد بن خالدٍ الجُهَني - رضي الله عنهما - أنَّ رجُلاً من الأعْراب أَتَى رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسولَ اللهِ أَنْشُدكَ الله إلا قضيتَ لي بكتابِ اللهِ، فقالَ الآخرُ -وهُوَ أَفْقهُ منهُ-: نعمْ فاقْض بيْنَنَا بكتابِ اللهِ وأذَنْ لي، فقال: "قُلْ" قال: إن ابني كان عَسِيْفاً على هذا فَزَنى بامرأَتِهِ وإني أُخْبرتُ أنَّ على ابني الرَّجمَ فافتديتُ منه بمائةِ شاةٍ ووليدةٍ، فَسَأَلْتُ أهْل العِلم فأخبروني أَنَّما على ابني: جَلْدُ مائةٍ وتغريبُ عامٍ وأن على امرأة هذا الرَّجمَ، فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده لأقضِينَّ بينكُما بكتابِ اللهِ: الوليدةُ والغنمُ ردٌّ عليك، وعلى ابنك جلد مائةٍ وتغريبُ عامٍ، واغدُ يا أُنيسُ إلى امْرأَةِ هذا فإن اعترفتْ فارْجُمْها" مُتّفقٌ عليه وهذا اللفظ لمسلم.

الحديث دليل على أن حد الزاني غير المحصن مائة جلدة وتغريب عام، وأن حد المحصن الرجم، وعلى أنه يكفي في الاعتراف بالزنا مرة واحدة كغيره من سائر الأحكام، وهو قول الجمهور.

1159- وعنْ عُبادة بن الصَّامت - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "خُذُوا عنِّي، خُذُوا عنِّي، فقد جَعَل اللهُ لَهُنَّ سبـِيلا: البِكْرُ بالبـِكْرِ جلْدُ مائة ونفيُ سنَةٍ، والثّيِّبُ بالثّيِّبِ جلدُ مائةٍ والرَّجمُ" رواهُ مُسْلمٌ.

فيه إشارة إلى قوله تعالى: ï´؟ وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً ï´¾ [النساء: 15]، (قوله: البكر بالبكر) خرج مخرج الغالب لا أنه يراد به مفهومه، فإنه يجب على البكر الجلد والنفي إذا زنى ببكر أو ثيب كما في قصة العسيف، والبكر هو الحر البالغ العاقل الذي لم يجامع في نكاح صحيح، (قوله: والثيب بالثيب جلد مائة والرجم) استدل به على أن يجمع للثيب في الحد بين الجلد والرجم، وذهب الجمهور إلى أنه لا يجمع بينهما، فقالوا: وحديث عبادة منسوخ بقصة ماعز والغامدية واليهوديين فإنه - صلى الله عليه وسلم - رجمهم، ولم يرو أنه جلدهم، فدلت السنة على أن الجلد ثابت على البكر، ساقط عن الثيب.

1160- وعنْ أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أتى رجلٌ من المُسلمين رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وهُو في المسجدِ فناداهُ فقال: يا رسولَ اللهِ إني زنيتُ، فأعرْضَ عنْهُ، فتنحَّى تِلْقَاء وَجْهِهِ فقال: يا رسولَ اللهِ إني زنيتُ فأعْرضَ عنهُ حتى ثَنَّى ذلك عليه أربع مرَّاتٍ، فلما شهد على نفسه أربع شهاداتٍ دعاهُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أَبكَ جُنونٌ؟" قال: لا، قال: "فهل أَحْصَنْتَ؟" قال: نعم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اذهَبُوا به فارجُمُوهُ" متفقٌ عليه.

استدل به على أنه يشترط تكرار الإقرار بالزنا أربع مرات، قال الحافظ: وتأوّل الجمهور ذلك إنه لزيادة الاستثبات انتهى. وفيه دليل على أنه يجب الاستفصال على الإمام عن الأمور التي يجب معها الحد، وأنه يندب تلقين ما يسقط الحد لمن لم يشتهر بانتهاك المحرّمات.

1161- وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لَمّا أتى ماعِزُ بن مالك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ لـهُ: "لعلَّكَ قبّلتَ أو غمزْتَ أو نَظَرْتَ" قال: لا يا رسولَ اللهِ. رواه البخاريُّ.

الحديث دليل على التثبت وأنه لا بد من التصريح في الزنا بلفظ لا يحتمل غير ذلك.

1162- وعن عُمرَ بنِ الخطاب - رضي الله عنه - أنّهُ خطَب فقال: "إن الله بعثَ محمداً بالحقِّ وأَنزل عليه الكتابَ، فكان فيما أَنزلَ الله عليه آيةُ الرَّجم قرأناها ووعيناها وعقلْنَاها، فرَجَمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ورَجَمْنا بعدهُ، فأخشى إن طال بالنّاس زمانٌ أن يقول قائلٌ: ما نجد الرَّجمَ في كتاب الله فَيَضِلُّوا بتركِ فريضةٍ أَنزلها اللّهُ، وإن الرَّجم حقٌّ في كتاب الله على من زَنَى إذا أَحْصَنَ من الرِّجال والنساء إذا قامت البيّنةُ أو كان الحبَلُ أوْ الاعترافُ" متّفقٌ عليه.

فيه دليل على أن المرأة الخالية إذا وجدت حبلى، ولم تذكر شبهة أن الحدّ يجب عليها.

1163- وعن أبي هُريرةَ - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "إذا زنت أَمَةُ أحدكم فتبين زناها فليَجْلِدها الحدَّ ولا يُثَرِّب عليها، ثم إن زَنَت فليَجْلِدها الحد ولا يُثرِّبْ عليها، ثمَّ إن زنتِ الثّالثَة فتبيَّنَ زنَاها فَلْيَبِعْها ولوْ بحبْلٍ من شَعَرِ" متفقٌ عليه وهذا لفظ مسلم.

الحديث دليل على أن ولاية جلد الأمة إلى سيدها، وحدها خمسون جلدة، (قوله: ولا يثرب عليها) التثريب: التعنيف، قال ابن بطال: يؤخذ منه أن كل من أقيم عليه الحد لا يُعزر بالتعنيف واللوم، وإنما يليق ذلك بمن صدر منه قبل أن يرفع إلى الإمام، وقال أيضاً: حمل الفقهاء الأمر بالبيع على الحض عن مباعدة من تكرر منه الزنا لئلا يظن بالسيد الرضا بذلك فيكون ديوثاً.

1164- وعن علي - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أقِيمُوا الحُدودَ عَلى ما ملكتْ أيمانُكُمْ" رواه أبو داود وهُو في مسلمٍ موقوفٌ.

الحديث دليل على إقامة الملاك الحد على المماليك: ذكورهم وإناثهم.

1165- وعنْ عِمْرانَ بن حُصَينٍ - رضي الله عنهما - أنَّ امرأَةً منْ جُهينةَ أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي حُبْلى من الزنا فقالت: يا نبيَّ اللهِ أصبْتُ حداً فأَقمْه عليَّ، فدعا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وليَّها فقال: "أحْسِنْ إليها فإذا وَضعتْ فأتني بها" فَفَعَلَ فأَمر بها فَشُكَّتْ عَليْها ثِيابُها ثمَّ أَمر بها فرُجمت ثمَّ صلَّى عليها، فقال عُمَرُ: أتُصَلِّي عليها يا نبيَّ الله وقدْ زَنَتْ؟ فقال: "لقَدْ تابتْ توْبةً لَوْ قُسمتْ بين سبعين منْ أهل المدينة لوسِعَتْهُمْ، وهَلْ وجدْت أفضلَ مِنْ أنْ جادت بنفسِها للهِ تعالى" رواهُ مسلمٌ.

اتفق العلماء على أن المرأة ترجم قاعدة، وفي الحديث دليل على مشروعية الصلاة على المرجوم، وأن التوبة لا تسقط الحد إلا المحارب قبل القدرة عليه.

1166- وعنْ جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قالَ: رجمَ النبّيُّ - صلى الله عليه وسلم - رجُلاً مِنْ أسْلَمَ ورجُلاً من اليهودِ وامرأةً. رواهُ مسلمٌ. وقصَّةُ رجْم اليهوديّين في الصحيحين من حديث ابن عُمَرَ - رضي الله عنهما-.

فيه دليل على إقامة الحد على الكافر إذا زنى، وهو قول الجمهور.

1167- وعنْ سعيد بن سعد بن عُبادة - رضي الله عنهما - قال كانَ بين أبياتنا رُوَيْجلٌ ضعيفٌ فَخَبُثَ بأمةٍ من إمائهمْ فذَكر ذلك سعدٌ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "اضرِبُوهُ حدَّهُ" فقالوا: يا رسولَ اللهِ إنّهُ أضعفُ من ذلك، فقالَ: "خُذوا عِثْكالاً فيه مائة شِمْرَاخ ثمَّ اضْرِبُوه به ضربةً واحدةً". ففعلوا. رواهُ أَحْمَدُ والنَّسَائِيُّ، وابْنُ مَاجَهْ، وإسنادهُ حسنٌ، لكن اختُلِف في وصْله وإرساله.

الحديث دليل على أن من كان ضعيفاً لمرض ونحوه ولا يطيق إقامة الحد عليه بالمعتاد أقيم عليه بما يحتمله مجموعاً دفعة واحدة، وهو قول الجمهور.

1168- وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنَّ النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "منْ وجدتُموهُ يعْمَلُ عملَ قوْم لوطٍ فاقْتُلوا الفاعل والمفعولَ بهِ، ومَن وجدتمُوهُ وقَعَ على بهيمةٍ فاقْتُلوه واقْتُلُوا البهيمَةَ" رواهُ أحْمَدُ والأرْبعةُ ورجاله مُوَثّقون إلا أن فيه اختلافاً.

(قوله: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به). وأخرج البيهقي من حديث سعيد بن جبير ومجاهد عن ابن عباس في البكر يوجد على اللوطية، قال: يرجم، وأخرج عنه أنه قال: "ينظر أعلى بناء في القرية فيرمى به منكساً ثم يتبع الحجارة"، وقال الحافظ المنذري: حرق اللوطية بالنار أربعة من الخلفاء: أبو بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب، وعبدالله بن الزبير وهشام بن عبدالملك، قال الشوكاني: وذهب عمر وعثمان إلى أنه يلقى عليه حائط؛ وقد حكى صاحب الشفاء إجماع الصحابة على القتل، قال الشوكاني: فهذا اتفاق منهم على قتله وإن اختلفوا في كيفيته، وهذا موافق لحكمه - صلى الله عليه وسلم - فيمن وطئ ذات محرم، لأن الوطء في الموضعين لا يباح بحال انتهى، (قوله: ومن وجدتموه وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة) استدل به على أن حدّ من يأتي البهيمة القتل، وقال الشافعي: إن صح الحديث قلت به، وفي قول له: إنه يجب عليه حد الزنا، وذهب أحمد وغيره إلى أنه يعزر فقط، واستدل به على وجوب قتل البهيمة مأكولة كانت أو لا، وقيل لابن عباس: ما شأن البهيمة؟ قال: ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك شيئاً، ولكن أرى أنه كره أن يؤكل من لحمها، أو ينتفع بها بعد ذلك العمل.


1169- وعن ابنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما -: "أنَّ النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ضرَب وغرَّبَ، وأنّ أبا بكْر ضربَ وغرَّبَ وأنَّ عمرَ ضَرَبَ وغَرَّبَ" رواه الترمذي ورجالهُ ثقاتٌ إلا أنّهُ اختلف في وقْفِهِ ورفعه.

الحديث دليل على ثبوت التغريب وأنه لم ينسخ.

1170- عن ابن عبّاس - رضي الله عنهما - قال: "لَعن رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - المُخَنَّثين من الرِّجال والمُترجِّلات من النساء" وقال: "أخرِجُوهُم منْ بُيُوتِكم" رواه البخاري.

المخنث هو المتشبه بالنساء في حركاته وكلامه، وغير ذلك من الأمور المختصة بالنساء، والمراد من تخلق بذلك لا من كان ذلك من خلقته وجبلته، والمرتجلات: هنّ المتشبهات بالرجال.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.19 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.43%)]