
27-02-2020, 09:03 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,562
الدولة :
|
|
رد: نعم، البخاريُّ ليس إلهًا...
نعم، البخاريُّ ليس إلهًا...
يحيى صالح
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا هو اللقاء الثالث –والأخير- مع هذه المقالات الخبيثة التي أراد صاحبها الطعنَ في الإمام البخاري وصحيحه بكل الطرق.
وبإذن الله تعالى نقوم بالرد عليه في مقاله هذا بنفس الطريقة التي قمنا بها في مقاليه السابِقَيْنِ؛ فنُصَدِّر كلامه بكلمة (قال) وكلامنا في الرد عليه بكلمة (نقول)، وأيضًا من باب إحقاق الحق قمنا بإمالة كلامه إذ هو عن الحق مائل، وكتابة الردِّ عليه بالخط المعتدل القائم استبشارًا لعلنا نكون عند الله تعالى كذلك.
قال: ليس على قلبك قفل، ولستَ ناقصَ عقلٍ ولا دين، ولا تحتاج إلى مُرشدٍ أو مُعينٍ أو مُفْتٍ أو رجلٍ يصفونه بالفقيه أو العالم ليشرح لك دينك.
اذهبْ أنت مباشرةً إلى القرآن، فهو كتابك المُقدس الأول كمسلم. وأنت صاحبُ عقلٍ فلا تركنْه، ولا تتركْه يمشي في ركَابِ أحدٍ، وكما قال أبو العلاء المعرى: (فكلُّ عقلٍ نبيّ).
نقول: أمَّا أنه يجب على المسلم أن لا يكون على قلبه قُفْلٌ فهذا واجب ليستوعب أوامرَ ونواهيَ الله تعالى إليه ويعمل بها، ومسألة أنه ليس ناقصَ عقلٍ ولا دينٍ فهذه يشير بها إلى الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم والإمام أحمد وابن ماجه وغيرهم، وفي كلام صاحب المقال هذا إشارة إلى اعتماده الحديث وإن لم يقل إنه حديث، فانظر إلى كيفية أنه يكيل بمكيالين!
أمَّا أنَّ المسلم ليس في حاجة إلى مرشدٍ أو معينٍ أو مفتٍ أو فقيه أو عالِمٍ ليشرح له دينه، فهذا كلام ليس بكلام عاقلٍ أصلاً ويجب الإعراض عنه، إلا أننا مضطرون للكلام عنه لإيراده هنا، وإلا فقل لي بربِّكَ لماذا قال الله تعالى:(فاسألوا أهل الذِّكر إن كنتم لا تعلمون)؟
قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: هذه الآية وإن كان سببها خاصًّا بالسؤال عن حالة الرسل المتقدمين لأهل الذِّكر؛ وهم أهل العلم، فإنها عامة في كل مسألة من مسائل الدين؛ أصوله وفروعه إذا لم يكن عند الإنسان علمٌ منها أن يسأل مَن يعلمها، ففيه الأمر بالتعلم والسؤال لأهل العلم، وفي تخصيص السؤال بأهل الذِّكرِ والعلمِ نهيٌ عن سؤال المعروف بالجهل وعدم العلم، ونهيٌ له أن يتصدَّى لذلك.
وقال رسول الله : ألا سألوا إذ لم يعلموا؟ فإنما شفاء العِيِّ السؤالُ. رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى.
وإذا كان من الممكن الاستغناء عن أهل العلم –كما تزعم- فلماذا لا تستغنَى أنت بعقلك عن سؤال أهل الطبِّ إذا مرضتَ، ولماذا لا تستغنَى يا ذا العقل بعقلك هذا المزعوم عن سؤال أهل الهندسة إذا أردتَ تشييد بناية ونحوها؟ ولكنَّك ترى أنَّ الدِّين هو المطية السهلة!
ونصحك للمسلمين باقتحام كتاب الله تعالى دون شيء من معرفة بلغة عربية صحيحة أو شيء من علوم القرآن كالناسخ والمنسوخ و شيء من أصول الفقه للجمع أو الترجيح، وغيرها من علوم الآلة، فأرنا عالِمًا واحدًا سبقك إلى القول بهذا يا صاحبَ العقل، وإلا فأخبرني لماذا كان الصحابة يسألون النبي ولديهم اللغة العربية، ولماذا لم يكتفوا باللغة إلا إذا لم يكونوا استكملوا أدوات النظر في القرآن بأنفسهم؟
وأين نحن من قول الله تعالى (ولو ردُّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)؟!
قال قتادة (الإمام التابعي) في تفسيرها: إلى علمائهم، ويقول الشيخ الشعراوي رحمه الله تعالى: يعني: أهل العلم. ولم يخالف في هذا التفسير أحدٌ من أهل العلم.
ومن العجب استدلالك بكلامٍ لأبي العلاء المعري أعمى البصر والبصيرة، أليس هو القائل:
وإنِّي وإنْ كنتُ الأخيرَ زمانه *** لآتٍ بما لم تستطعهُ الأوائل؟
فيبدو أنك –يا صاحب العقل- تريد من كل مسلمٍ أن يأتي بما لم يأتِ به الأوائل رضوان الله ورحمته عليهم من أهل السنة والجماعة، وأن يبتكر المسلم ويخترع في دين الله تعالى ما لم يُنَزِّل الله به سلطانًا!
أبو العلاء المعري هذا قال فيه أهل السنة وشبعوا، ولن أزيد هنا في استدلالي لِما أقول إلا باثنين من العلماء الذين أوردتَ أسماءهم في مقالك السابق مستدِلاًّ بهما؛ وهما: ابن الجوزي، وابن قيم الجوزية..
قال الإمام ابو الفرج ابن الجوزي في (تلبيس إبليس) في فصل أسماه (فيـمن لبَّس عليـهم إبليس حتى جحدوا البعث): وقـال أبو العـلاء المعري: حـيـــاة ثـم مـوت ثم بـعـث ... حـديـث خرافة يا أمَّ عمروٍ، وقال ابن الجوزي في موضع آخر: وأمَّا أبو العلاء المعري فأشعاره ظاهرة الإلحاد وكان يبالغ في عداوة الأنبياء، وقال في موضع ثالثٍ: ألا ترى إلى أول المعترضين وهو إبليس كيف ناظر فقال: أنا خيرٌ منه، وقول خليفته وهو أبو العلاء المعري: رأى منك ما لا يشتهي فتزندقا؟).
وقال الإمام ابن قيم الجوزية تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (طريق الهجرتين): وممن كان على هذا المذهب –أي الامتناع عن أكل الحيوان- أعمى البصر والبصيرة كلبُ مَعَرَّةِ النُّعمانِ المكنى بأبي العلاء المعري، فإنه امتنع من أكل الحيوان، زعم لظلمه بالإيلام والذبح!).
وأبو العلاء هذا نقرأ من شعره الكافر أنه يصرح بأن الحكم الأول والأخير يجب أن يكون للعقل فيقول :
جـاءت أحاديثُ إن صــحتْ فإن لها شـأنـًا ولـكن فيهـا ضـعـف إسنادِ
فشاور العقل واترك غيره هـــدرًا فالعقلُ خيرُ مشيٍر ضمّه النادي
أو قوله :
في كل أمرك تقليدٌ رضيتَ به حتى مقالك ربي واحدٌ أحدُ
وقــد أُمـرنـا بفـكـرٍ فـي بدائـعـه وإن تفكر فيه معشر لحدوا ؟
فهيَّا أيها المسلم كن –كما يأمرك ويشير عليك صاحب هذا المقال كن- كأبي العلاء المعري وقم بتحكيم عقلك واترك شرع ربِّك!!
ونستكمل بالمرة القادمة إن شاء الله تعالى شيئًا من الردِّ على هذا المتطفل على شرع ربنا دون بينة أو مسكة من عقل..
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|