
27-02-2020, 08:51 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,464
الدولة :
|
|
رد: نعم، البخاريُّ ليس إلهًا...
نعم، البخاريُّ ليس إلهًا
يحيى صالح
* بابُ ذِكرِ ثناء الأئمّةِ عليه:
* الإمامُ مُسلم بن الحجاج الإمام صاحبُ الصّحيح:
وجاء إلى البخاري فقال: دعني أقبل رجليك يا أستاذَ الأسْتاذين، وسيدَ المحدثين، وطبيبَ الحديث في عِلَلِهِ.
(الأستاذ: هي كلمة أعجمية دخيلة على اللّغة العربية تُطلقُ على المُعلّم الماهرِ بالشّيء)
* عبد الله بن مُنير وأبو عيسى محمّد بن عيسى التّرمذي:
وقال أبو عيسى الترمذي: كان محمد بن إسماعيل عند عبد الله ابن منير، فلما قامَ مِنْ عِنْده قال له: يا أبا عبد الله، جعلك الله زَيْنَ هذه الأمة. قال الترمذي: استُجيب له فيه.
* قُتيبة بن سعيد بن جميل أبو رجاء الثّقفي شيخ الإسلام المحدّث الإمام شيخ البُخاري:
وقال محمد بن يوسف (الفريابي): كنا عند أبي رجاء، فسُئِل عن طلاق السكران، فقال: هذا أحمد بن حنبل وابن المديني وابن راهويه قد ساقهم الله إليك، وأشار إلى محمد بن إسماعيل. وكان مذهبُ محمد أنه إذا كان مغلوبُ العقلِ حتّى لا يذكر ما يُحدِّث في سكره، أنه لا يجوز عليه من أمره شيء.
* بُنْدَار الإمامُ الحافظ محمد بن بشار (لقب بذلك، لأنه كان بندار الحديث في عصره ببلده، والبندار الحافظ )، وكان يُحبُّ البُخاري ويُقدّرهُ ويفتخر به:
قال حاشد بن إسماعيل: كنت بالبصرة، فسمعت قدوم محمد بن إسماعيل، فلما قدم قال بندار: اليوم دخل سيد الفقهاء.
قال محمد بن يوسف الفريابي: لمّا دخلت البصرة صرت إلى بِنْدار، فقال لي: من أين أنت؟ قلت: من خُراسان. قال: من أيها؟ قلت: من بُخارَى، قال: تعرف محمد بن إسماعيل؟ قلت: أنا من قرابته، فكان بعد ذلك يرفعني فوق الناس.
* أبو عبد الله إمام أهل السّنة أحمد بن حنبل:
وعن عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: ما أخرجت خراسان مثلَ محمد بن إسماعيل.
* بابُ ذكر مِحْنته:
* قول الإمام البُخاريّ في خلق القرآن:
قال الفربري: سمعت البخاري يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق. ومن قال مخلوق فهو كافر.
* محنتهُ مع والي بُخارى:
بعث الأمير خالد بن أحمد الذهلي والي بخارى إلى محمد بن إسماعيل أن احمل إليَّ كتاب (الجامع) و (التاريخ) وغيرهما لأسمع منك. فقال لرسوله: أنا لا أذل العلم، ولا أحمله إلى أبواب الناس. فإن كانت لك إلى شيء منه حاجة، فاحضر في مسجدي، أو في داري. وإن لم يعجبك هذا فإنك سلطان، فامنعني من المجلس، ليكون لي عذر عند الله يوم القيامة، لأني لا أكتم العلم، لقول النبي: "من سُئِلَ عن علمٍ فكتمهُ ألجِم بلِجامٍ من نار" فكان سبب الوحشة بينهما هذا، فاستعان الأمير بحريث بن أبي الورقاء وغيره، حتى تكلموا في مذهبه، ونفاه عن البلد، فدعا عليهم، فلم يأت إلا شهر حتى ورد أمر بأن ينادى على خالد في البلد، فنودي عليه على أتان. وأما حريث، فإنه ابتلي بأهله، فرأى فيها ما يجل عن الوصف. وأما فلان، فابتلي بأولاده، وأراه الله فيهم البلايا.
* محنتهُ مع محمد بن يحيى الذهلي في مسألة "اللفظ بالقرآن":
قال مسلم بن الحجاج: لما قدم محمد بن إسماعيل نيسابور ما رأيت واليا ولا عالما فعل به أهل نيسابور ما فعلوا به، استقبلوه مرحلتين وثلاثة. فقال محمد بن يحيى في مجلسه: من أراد أن يستقبل محمد بن إسماعيل غدا فليستقبله. فاستقبله محمد بن يحيى(الذُّهلي) وعامة العلماء، فنزل دار البخاريين، فقال لنا محمد بن يحيى: لا تسألوه عن شيء من الكلام، فإنه إن أجاب بخلاف ما نحن فيه، وقع بيننا وبينه، ثم شَمِتَ بنا كل حروري، وكلُّ رافضي، وكلّ جهْمي، وكل مُرجِئ بِخراسان. قال: فازدحم الناس على محمد بن إسماعيل، حتى امتلأ السّطحُ والدّار، فحسده بعض من كان في ذلك الوقت من مشايخ نيسابور لما رأوا إقبال الناس إليه، واجتماعهم عليه، فقال لأصحاب الحديث: إن محمد بن إسماعيل يقول: اللفظ بالقرآن مخلوق، فامتحنوه في المجلس، فلمّا كان اليوم الثاني أو الثالث، قام إليه رجلٌ فقال: يا أبا عبد الله، ما تقول في اللفظ بالقرآن، مخلوق هو أم غير مخلوق؟ فأعرض عنه البخاري ولم يجبه. فقال الرجل: يا أبا عبد الله، فأعاد عليه القول، فأعرض عنه. ثم قال في الثالثة، فالتفت إليه البخاري، وقال: القرآن كلام الله غير مخلوق، وأفعال العباد مخلوقة والامتحان بدعة. فشغَّب الرجل، وشغَّب الناس، وتفرقوا عنه، فقال بعض الناس: قال: لفظي بالقرآن مخلوق، وقال بعضهم: لم يقل، حتى تواثبوا، فاجتمع أهل الدار، وأخرجوهم.
ولم يبقَ مع الإمام البخاري سوى الإمام مسلم وأحمد بن سلمة (أحمد بن سلمة بن عبد الله: الحافظ، الحجة، العدل، المأمون، المجود أبو الفضل النيسابوري البزاز، رفيق مسلم في الرحلة).
* الإمامُ يَشكو بثّهُ وحزنَهُ إلى الله عزّ وجل:
وقال أحمد بن سلمة: دخلت على البخاري، فقلت: يا أبا عبد الله، هذا رجل مقبول بخراسان خصوصًا في هذه المدينة، وقد لجَّ في هذا الحديث حتى لا يقدر أحد منا أن يكلمه فيه، فما ترى؟ فقبض على لحيته، ثم قال: وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد، اللهم إنك تعلم أني لم أرد المقام بنيسابور أشرا ولا بطرًا، ولا طلبًا للرئاسة، وإنما أبت عليَّ نفسي في الرجوع إلى وطني لغلبة المخالفين، وقـد قصـدني هذا الرجـل حسدًا لِمَا آتاني الله لا غير. ثم قال لي: يا أحمد، إني خارج غدًا لتتخلصوا من حديثه لأجلي.
* بابُ ذكرِ وفاته:
قال ابن عدي: سمعت عبد القدوس بن عبد الجبار السمرقندي يقول: جاء محمد بن إسماعيل إلى خَرْتَنْكُ -قرية قريبة من سمرقند - وكان له بها أقرباء، فنزل عندهم، فسمعته ليلة يدعو، وقد فرغ من صلاة الليل: اللهم إنه قد ضاقت عليَّ الأرض بما رحبت، فاقبضني إليك، فما تم الشهر حتى مات.
وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت أبا منصور غالب بن جبريل وهو الذي نزل عليه أبو عبد الله يقول: إنه أقام عندنا أيامًا، فمرض، واشتد به المرض حتى وجه رسولا إلى مدينة سمرقند في إخراج محمد، فلما وافى تهيأ للركوب، فلبس خفيه، وتعمم، فلما مشى قدر عشرين خطوة أو نحوها، وأنا آخذ بعضده، ورجل أخذ معي يقوده إلى الدابة ليركبها، فقال - رحمه الله -: أرسلوني، فقد ضعفت. فدعا بدعوات، ثم اضطجع، فقضى رحمه الله. فسال منه العرق شيء لا يوصف. فما سكن منه العرق إلى أن أدرجناه في ثيابه. وكان فيما قال لنا، وأوصى إلينا أن كفنوني في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة ففعلنا ذلك. فلما دفناه فاح من تراب قبره رائحة غالية أطيب من المسك، فدام ذلك أياما، ثم علت سواري بيض في السماء مستطيلة بحذاء قبره، فجعل الناس يختلفون، ويتعجبون. وأما التراب فإنهم كانوا يرفعون عن القبر، حتى ظهر القبر، ولم نكن نقدر على حفظ القبر بالحراس. وغُلِبْنا على أنفسنا، فنصبنا على القبر خشبا مشبكا لم يكن أحد يقدر على الوصول إلى القبر فكانوا يرفعون ما حول القبر من التراب، ولم يكونوا يخلصون إلى القبر.. وأما ريح الطيب فإنه تداوم أياما كثيرة، حتى تحدث أهل البلدة، وتعجبوا من ذلك، وظهر عند مخالفيه أمره بعد وفاته، وخرج بعض مخالفيه إلى قبره، وأظهروا التوبة والندامة مما كانوا شرعوا فيه من مذموم المذهب.
وقال ابن عدي: سمعت الحسن بن الحسين البزاز البخاري يقول: توفي البخاري ليلة السبت ليلة الفطر عند صلاة العشاء، ودفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر سنة 256. وعاش 62 سنة إلا 13 يوما.
ثم يأتي الدور في الرد على صاحب المقال، فنورد ما قاله بتصديره بكلمة (قال)، ثم نكتب التعقيب بتصديره بكلمة (نقول)، كما تم إمالة كلامه للتميز.
قال: أكمِل القراءةَ قبل أن تتهمَني بشيءٍ.
نقول: كاد المريب أن يقول: خذوني!
قال: إذْ ليس محمد بن إسماعيل البخاري «13 من شوال 194 هـ- 1 من شوال 256 هـ» و«20 من يوليو 810 م- 1 من سبتمبر 870 م»، المعروف باسم الإمام البخاري إلهًا لأعبدَهُ، ولا نبيًّا لأهتدي بسنَّته، وأسلِّمَ بما جاء في كتابهِ المعرُوف باسم «صحيح البخاري»، وآخذ ما جاء فيه على أنهُ صحيحٌ، لم يدركْه خطأ أو باطلٌ في إحدى صفحاته.
نقول: ومَن قال إنَّ البخاريَّ إلهٌ؟! ومَن قال إنه نبيٌّ؟!
أمَّا مسألة أن تُسَلِّم بما جاء في صحيحه وأن تأخذ ما جاء فيه على أنه صحيح؛ فهذا ما عليه عمل الأئمة المعروفين من ذوي الشأن والمشهود لهم بالتقدم فيه، وصاحب الدار أعلم بما فيه كما هو معلوم.
فإذا كان هؤلاء قد قالوا كلمتهم في صحيح البخاري فلا اعتبار بغيرهم.
ألا ترى إلى أنَّ الإنسان –مطلق الإنسان- إذا أراد بناء بيتٍ عمد إلى مهندس بينما إذا مرض عمد إلى طبيب؟
كلُّ شخص هو ملك في تخصصه إلا إذا اعترض على عمله مَن هو مثله أو شخص متقدم عليه في فنه ومهنته، ولذلك أجمع أهل العلم بهذه الصناعة على تقدم صحيح البخاري على غيره من كتب الحديث المسموعة والمصنفة من الأئمة إلا أحرف يسيرة انتقدها بعض أهل هذا الشأن على الإمام البخاري؛ مثل الإمام الدارقطني وغيره، ولكن عند التحري والبحث من قِبَلِ أهل الشأن فإن البتَّ في هذه الأحاديث يكون على ضربين:
أحدهما: التسليم بقول الإمام البخاري لأنَّ اجتهاد غيره في التصحيح والتضعيف ليس أولى من اجتهاده هو، فيقدم قوله على قول غيره فيما فيه اعتراض.
الثاني: التوقف في بعضها الآخر المختلف فيه على أساس عدم تقديم أحد القولين على الآخر لأنهما إمامان مجتهدان.
قال: ومـا دام لي عـقـلٌ، علىَّ أن أسـائـلَ وأراجـعَ وأصـفِّى وأستـقبلَ، ولا أتعامل كأعمى مع ما ورد في كتابه على أنه نصوصٌ صحيحةٌ أو مُنزَّلة.
نقول: إذا كان لك عقل –وهذا مع التنزل في الفرضية مع مثلك- فيجب أن يعقلك هذا العقل ويمنعك من أن تتعدى حدوده، والإنسان عدو ما جهل.
وإذا اتفق العقلاء جميعهم على وجوب الرجوع إلى ذوي الشأن في شأن، فلماذا تتحكم بعقلك فيما لم تتخصص فيه ولم يكن لك فيه باعٌ تضارع فيه أئمة هذا الشأن؟
ثم ما الذي يمنعك من التعامل مع ما ورد في صحيح الإمام البخاري على أنه نصوص صحيحة أو منزلة، وهي بالفعل كذلك؟
إذا رجعنا –بعقولنا- إلى ذوي الشأن لوجدناهم لم يقدموا الإمام البخاري على غيره إلا لعلَّة، فلماذا لم نسألهم عن هذه العلة وهذا السبب؟!
قالوا: إن أحاديثه صحيحة، فهل علمنا معنى كلمة (صحيحة)؟
الحديث الصحيح هو ما اتصل سنده بنقل العدل تام الضبط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة.
فهل عرف صاحب المقال معنى هذا التعريف؟
(اتصال السند) تعني أنَّ كلَّ راوٍ من الرواة –بما فيهم الإمام البخاري- سمع ممن فوقه، وإذا كان بعض الأئمة قد اكتفى بمعاصرة الراوي لشيخه لإثبات السماع فإنَّ الإمام البخاري لم يكتفِ بالمعاصرة وإنما اشترط دون غيره –حاشا الإمام المديني- اللقاء ولو مرة، فيبطل قولك –القادم- إنَّ الإمام البخاريَّ لم يعاصر الرسول ولم يعايشه...الخ كلامك الذي ينفي وجود عقلٍ لك ونعرف من هذا الكلام أنك تهرف بما لا تعرف!
(العدالة) –وهي الشرط الثاني في صحة الحديث؛ وتعني أنَّ كلَّ راوٍ –بما فيهم الإمام البخاري- ليس كافرًا ولا فاسقًا ولا كذابًا ولا متهمًا بالكذب، وبالجملة تعني أنَّ ليس فيه شيء (ظاهر) يخالف الشرع، وإذا ثبت فيه شيء من هذا لم يقبل العلماء حديثه ولا يضعه الإمام البخاري في صحيحه.
(تمام الضبط) وهو الشرط الثالث في صحة الحديث؛ والمقصود به أنَّ كلَّ راوٍ –بما فيهم الإمام البخاري- يجب أن يكون متصفًا بصفة الحفظ التام الذي لا ينخرم مع مرور الوقت والزمن، وإذا حدث في حفظه شيء مع تغير الوقت أو مع كبر سنه توقف العلماء في روايته ولم يقبلوها، وهذا حصل بالفعل في عدد من الرواة ثبت تغير حفظهم مع مرور الوقت فأخذ العلماء بما رووه قبل التغير ولم يقبلوا ما بعد التغير، وكذا مَن كان يروي من كتبه وفقدها أو احترقت كتبه.
وأخذ بعض مصنفي الكتب المعتمدة –غير البخاري- بأحاديث رواها بعض مَن كان خفيف الضبط شريطة أن لا يصل خفة ضبطه إلى سوء الحفظ، فإن اتصف بسوء الحفظ تركوا الرواية عنه إلا أن تأتي رواية –أو روايات- أخرى تعضد روايته هذه فيقبلونها منه، غير أنَّ الإمام البخاري رحمه الله تعالى لم يأخذ بهذا المذهب واشترط الصحة العليا في صحيحه.
(انتفاء الشذوذ) وهو الشرط الرابع في صحة الحديث؛ ومعناه أن لا يروي الراوي حديثًا يخالف فيه مَن هو أولى منه بالقبول، فإن فعل تركوا روايته.
(انتفاء العلة) وهو الشرط الخامس والأخير في صحة الحديث؛ وهو متعدد الأسباب التي يطول شرحها، ولكن تعريف العلة –كما قال أهل الحديث: هي سبب خفيٌّ يطعن في صحة الحديث مع أنَّ الظاهر السلامة منه.
باختصار شديد؛ إذا كان العلماء اشترطوا شروطًا لا يمكن لمثلك أن يفهمها فضلاً عن أن يعمل بها، فما بالك أن تقوم بالاعتراض على أحاديث اشترط صاحبها أعلى درجاتها؟!
قال: فلِمَ لا نتعامل مع كتاب البخاري على أنه عملٌ بشرىٌّ يحتملُ الصوابَ والخطأ؟
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|