
26-02-2020, 02:31 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,716
الدولة :
|
|
رد: مختصر الكلام على بلوغ المرام
مختصر الكلام على بلوغ المرام(39)
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك
768- وَعَنِ اِبْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: "اِبْتَعْتُ زَيْتاً فِي اَلسُّوقِ، فَلَمَّا اِسْتَوْجَبْتُهُ لَقِيَنِي رَجُلٌ فَأَعْطَانِي بِهِ رِبْحاً حَسَناً، فَأَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى يَدِ اَلرَّجُلِ، فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي بِذِرَاعِي، فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا هُوَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، فَقَالَ: لا تَبِعْهُ حَيْثُ اِبْتَعْتَهُ حَتَّى تَحُوزَهُ إِلَى رَحْلِكَ، فَإِنَّ رَسُولَ اَللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ تُبَاعَ اَلسِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ، حَتَّى يَحُوزَهَا اَلتُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ" رَوَاهُ أحمد وأَبُو دَاوُدَ، واللَّفْظُ لَهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالحَاكِمُ.
الحديث دليل على أنه لا يجوز للمشتري أن يبيع ما اشتراه قل أن يحوزه إلى رحله، وقال الجمهور: إذا نقله من مكان إلى مكان فقد قبضه فيجوز بيعه لما روى مسلم عن ابن عمر: "كنا نبتاع الطعام فيبعث إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من يأمرنا بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه".
769- وَعَنْهُ - رضي الله عنه - قَالَ: "قُلْتُ: يَا رَسُولَ اَلله! إِنِّي أَبِيعُ الإبل بِالْبَقِيعِ، فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ اَلدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ اَلدَّنَانِيرَ، آخُذُ هَذَا مِنْ هَذِهِ وَأُعْطِي هَذَهِ مِنْ هَذِا؟ فَقَالَ رَسُولُ اَلله - صلى الله عليه وسلم -: لا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَتَفَرَّقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ" رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ وصحَّحَهُ الحاكم.
(قوله: آخذ هذا من هذه وأعطي هذه من هذا) أي آخذ الذهب من الفضة وأعطي الفضة من الذهب، و الحديث دليل على أنه يجوز أن يقبض عن الذهب الفضة ممن هو في ذمته، وعن الفضة الذهب بشرط أن لا يفترقا وبينهما شيء، لأن ذلك من باب الصرف.
770- وَعَنْهُ - رضي الله عنه - قَالَ: "نَهَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النَّجْشِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
النجش: هو الزيادة في ثمن السلعة المعروضة للبيع ليثير الرغبة فيها وهو لا يريد شراءها ليغرّ غيره فيثبت له الخيار. قال البخاري وقال ابن أبي أوفى: الناجش آكل ربا خائن وهو خداع باطل لا يحل، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الخديعة في النار ومن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، انتهى.
771- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اَلله - رضي الله عنهما -: "أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ اَلْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ، وَالْمُخَابَرَةِ، وَعَنْ اَلثُّنيَا، إِلا أَنْ تُعْلَمَ" رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ إِلا اِبْنَ مَاجَهْ وصحَّحَهُ الترمذيُّ.
المحاقلة: كراء الأرض ببعض ما تنبت كما في حديث رافع بن خديج: "كنا أكثر الأنصار حقلاً وكنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه فنهانا عن ذلك"، والمزابنة: هي أن يبيع ثمر حائطه إن كان نخلاً بتمر كيلاً، وإن كان كرماً أن يبيعه بزبيب كيلاً، وإن كان زرعاً أن يبيعه بكيل طعام، والمخابرة، من الزراعة، وهي المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها من الزرع، قال ابن الأعرابي: أصل المخابرة معاملة أهل خيبر، وقال البخاري: باب حدثنا علي بن عبدالله حدثنا سفيان قال عمرو: قلت لطاوس: لو تركت المخابرة فإنهم يزعمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه، قال: أي عمرو، إني أعطيهم وأعينهم، وإنّ أعلمهم أخبرني –يعني ابن عباس- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عنه ولكن قال: (إن يمنح أحدكم أخاه خير له من أن يأخذ عليه خرجاً معلوماً) انتهى، قال الحافظ: ولم يرد ابن عباس بذلك نفي الرواية المثبتة للنهي مطلقاً، وإنما أراد أن النهي الوارد عنه ليس على حقيقته وإنما هو على الأولوية، (قوله: عن الثنيا إلا أن تعلم) إذا باع شيئاً واستثنى بعضه ولم يعينه لم يصح للجهالة فإن كان المستثنى معلوماً صح مطلقاً.
772- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اَلله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ اَلْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُخَاضَرَةِ، وَالْمُلامَسَةِ، وَالْمُنَابَذَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ" رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ.
المخاضرة: بيع الثمار والحبوب قبل أن يبدو صلاحها، والملامسة: أن يقول الرجل للرجل: أبيعك ثوبي بثوبك ولا ينظر أحد منهما إلى ثوب الآخر إذا مسه وجب البيع، والمنابذة: أن يقول: أنبذ ما معي وتنبذ ما معك ويشتري كل واحد منهما من الآخر ولا يدري كل واحد منهما كم مع الآخر، قال الحافظ: واختلف العلماء في تفسير الملامسة على ثلاث صور، وهي أوجه للشافعية أصحها أن يأتي بثوب مطوي أو في ظلمة فيلمسه المشتري فيقول له صاحب الثوب: بعتكه بكذا بشرط؛ أن يقوم لمسك مقام نظرك، ولا خيار لك إذا رأيته، الثاني: أن يجعلا نفس اللمس بيعاً بغير صيغة زائدة، الثالث: أن يجعلا اللمس شرطاً في قطع خيار المجلس وغيره، والبيع على التأويلات كلها باطل، وأما المنابذة فاختلفوا فيها أيضاً وهي أوجه للشافعية أصحها أن يجعلا نفس النبذ بيعاً، الثاني: أن يجعلا النبذ بيعاً بغير صيغة، والثالث: أن يجعلا النبذ قاطعاً للخيار.
773- وَعَنْ طَاوُسٍ، عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: "قَالَ رَسُولُ اَلله - صلى الله عليه وسلم - "لا تَلَقَّوْا اَلرُّكْبَانَ، وَلا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ". قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا قَوْلُهُ: "وَلا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ؟" قَالَ: لا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ واللفظ للبخاريِّ.
الحديث دليل على تحريم التلقي، قال البخاري: باب النهي عن تلقي الركبان، وإن بيعه مردود لأن صاحبه عاص آثم إذا كان به عالماً وهو خداع في البيع، والخداع لا يجوز انتهى، وفيه دليل على تحريم بيع الحاضر للبادي، والسمسار الدلال، قال في المقنع: وفي بيع الحاضر للبادي روايتان: إحداهما يصح، والأخرى لا يصح بشروط خمسة: أن يحضر البادي ليبيع سلعته، بسعر يومها، جاهلاً بسعرها، ويقصده الحاضر، وبالناس حاجة إليها؛ فإن اختل شرط منها صح البيع؛ وأما شراؤه له فيصح رواية واحدة انتهى.
774- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَلله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَلَقَّوا اَلْجَلَبَ، فَمَنْ تُلُقِّيَ فَاشْتُرِيَ مِنْهُ، فَإِذَا أَتَى سَيِّدُهُ اَلسُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
الحديث دليل على ثبوت الخيار للبائع إذا أتى السوق ولو اشتراه المتلقي بسعر السوق.
775- وَعَنْهُ - رضي الله عنه - قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اَلله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلا تَنَاجَشُوا، وَلا يَبِيعُ اَلرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، وَلا تَسْأَلُ اَلْمَرْأَةُ طَلاقَ أُخْتِهَا لِتَكْفَأَ مَا فِي إِنَائِهَا" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِمُسْلِمٍ: "لا يَسُومُ اَلْمُسْلِمُ عَلَى سَوْمِ اَلْمُسْلِمِ".
الحديث دليل على تحريم البيع على البيع، وصورته أن يكون قد وقع البيع فيأتي رجل في مدة الخيار فيقول للمشتري: افسخ وأنا أبيعك مثله بأرخص من ثمنه أو أحسن منه وكذا الشراء على الشراء، وأما السوم على السوم؛ فصورته أن يأخذ شيئاً ليشتريه فيأتي رجل فيقول للمالك: استرده لأشتريه منك بأكثر وكذا عكسه وكله بعد استقرار الثمن وركون أحدهما إلى الآخر، وقال البخاري: باب لا يبيع على بيع أخيه ولا يسوم على سوم أخيه حتى يأذن له أو يترك انتهى؛ قال الجمهور: لا فرق في ذلك بين المسلم والذمي، وخرج الأخ مخرج الغالب فلا مفهوم له، وأما بيع المزايدة فلا بأس به لما روى الخمس واللفظ للترمذي عن أنس أنه - صلى الله عليه وسلم - باع حلساً وقدحاً، وقال: من يشتري هذا الحلس و القدح؟ فقال رجل: آخذهما بدرهم؟ فقال: من يزيد على درهم؟ فأعطاه رجل درهمين فباعهما منه.
وفي الحديث تحريم الخطبة على الخطبة، وتحريم سؤال المرأة طلاق زوجة من خطبها أو طلاق ضرتها.
776- وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأنْصَارِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اَللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا، فَرَّقَ اَللهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ" رَوَاهُ أحمدُ واَلتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الحاكم، وَلَكِنْ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ. وَلَهُ شَاهِدٌ.
شاهده حديث عبادة بن الصامت: "لا يفرق بين الأم وولدها قيل: إلى متى؟ قال: حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية" أخرجه الدارقطني والحاكم. والحديث دليل على تحريم التفريق في الملك بين الوالدة وولدها.
767- وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: "أَمَرَنِي رَسُولُ اَلله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أَبِيعَ غُلامَيْنِ أَخَوَيْنِ، فَبِعْتُهُمَا، فَفَرَّقْتُ بَيْنَهُمَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: أَدْرِكْهُمَا، فَارْتَجِعْهُمَا، وَلا تَبِعْهُمَا إِلا جَمِيعًا" رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ. وقد صحَّحَهُ ابنُ خزيمة وابنُ الجارود وابنُ حبَّانَ والحاكم والطبرانيُّ وابن القَطَّان.
الحديث دليل على تحريم التفريق بين الأخوين في البيع، وألحقوا به الهبة ونحوها؛ والمراد بذلك ما قبل البلوغ.
778- وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: "غَلا اَلسِّعْرُ في الْمَدِينَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اَلله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ اَلنَّاسُ: يَا رَسُولَ اَلله! غَلا اَلسِّعْرُ، فَسَعِّرْ لَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اَلله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ اَلله هُوَ اَلْمُسَعِّرُ، اَلْقَابِضُ، اَلْبَاسِطُ، الرَّازِقُ، وَإِنِّي لارْجُو أَنْ أَلْقَى اَلله تَعَالَى، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي بِمَظْلِمَةٍ فِي دَمٍ وَلا مَالٍ" رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ إِلا النَّسَائِيَّ وصحَّحَهُ ابن حِبَّان.
الحديث دليل على أن التسعير حرام لأنه مظلمة؛ وإلى هذا ذهب أكثر العلماء، وقال بعضهم: يجوز تسعير اللحم ونحوه للمصلحة.
779- وَعَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ الله - رضي الله عنه - عَنْ رَسُولِ اَلله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لا يَحْتَكِرُ إِلاَّ خَاطِئٌ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
الحديث دليل على تحريم الاحتكار، وهو إمساك الطعام عن البيع وانتظار الغلاء مع الاستغناء عنه وحاجة الناس إليه.
780- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لا تَصَرُّوا اَلإبِلَ وَالْغَنَمَ، فَمَنِ اِبْتَاعَهَا بَعْدُ فَإِنَّهُ بِخَيْرِ اَلنَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا، إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِمُسْلِمٍ: "فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ". وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ، عَلَّقَهَا اَلْبُخَارِيُّ: "رَدَّ مَعَهَا صَاعاً مِنْ طَعَامٍ، لا سَمْرَاءَ" قَالَ اَلْبُخَارِيُّ: وَالتَّمْرُ أَكْثَرُ.
الحديث دليل على تحريم التصرية للبيع، وثبوت الخيار بها للمشتري إلى ثلاثة أيام، إن شاء أمسكها، وإن شاء ردها، وصاعاً من تمر، أو ما يتراضيان عليه، والحديث أصل في النهي عن الغش وفي ثبوت الخيار لمن دُلِّسَ عليه.
781- وَعَنِ اِبْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: "مَنِ اِشْتَرَى شَاةً مَحَفَّلَةً، فَرَدَّهَا، فَلْيَرُدَّ مَعَهَا صَاعًا" رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ. وَزَادَ اَلإسْمَاعِيلِيُّ: "مِنْ تَمْرٍ".
عقب المصنف حديث أبي هريرة بحديث ابن مسعود إشارة منه إلى أن ابن مسعود قد أفتى بوفق حديث أبي هريرة.
782- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - "أَنَّ رَسُولَ اَلله - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ مِنْ طَعَامٍ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلاً، فَقَالَ: "مَا هَذَا يَا صَاحِبَ اَلطَّعَامِ؟" قَالَ: أَصَابَتْهُ اَلسَّمَاءُ يَا رَسُولَ اَلله. فَقَالَ: "أَفَلا جَعَلْتَهُ فَوْقَ اَلطَّعَامِ: كَيْ يَرَاهُ اَلنَّاسُ؟ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
الحديث دليل على تحريم الغش، وهو مجمع على تحريمه شرعاً، مذموم فاعله عقلاً، وللمشتري الخيار بين الرد والإمساك بالأرش، فإن لم يدلس البائع العيب خير المشتري بين الرد والإمساك ولا أرش؛ لأن البائع لم يعلم بالعيب، قال في الاختيارات: والصحيح في مسألة البيع بشرط البراءة من كل عيب، والذي قضى به الصحابة وعليه أكثر أهل العلم أن البائع إذا لم يكن علم بذلك العيب فلا ردّ للمشتري، لكن إذا ادعى أن البائع علم بذلك فأنكر البائع حلف إنه لم يعلم، فإن نكل قضى عليه انتهى.
783- وَعَنْ عَبْدِ اَلله بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَلله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ حَبَسَ اَلْعِنَبَ أَيَّامَ اَلْقِطَافِ، حَتَّى يَبِيعَهُ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْراً، فَقَد تَقَحَّمَ اَلنَّارَ عَلَى بَصِيرَةٍ" رَوَاهُ اَلطَّبَرَانِيُّ فِي "الأوْسَطِ" بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.
الحديث دليل على تحريم بيع العنب على من يتخذه خمراً، ويقاس عليه كل ما يستعان به في المعصية وكذلك بيع السلاح في الفتنة، وأما المزامير والطنابير ونحوها، فلا يجوز بيعها ولا شراؤها إجماعاً.
784- وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اَلله - صلى الله عليه وسلم -: "اَلْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ" رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ، وَضَعَّفَهُ اَلْبُخَارِيُّ وأبُو دَاوُدَ، وصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وابْنُ خُزَيْمَةَ، وابْنُ الجَارُودِ، وابْنُ حِبَّانَ، و الحَاكِمُ، وابْنُ القَطَّانِ.
الحديث أخرجه الشافعي وأصحاب السنن بطوله، وهو: "أن رجلاً اشترى غلاماً في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان عنده ما شاء الله، ثم رده من عيب وجده، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برده بالعيب، فقال المقضيّ عليه: قد استعمله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الخراج بالضمان) والخراج: هو الغلة والكراء؛ والمعنى أن غلة المبيع للمشتري، لأنه لو تلف ما بين مدة العقد والفسخ لكان في ضمان المشتري، فوجب أن يكون الخراج له.
785- وَعَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ - رضي الله عنه - "أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي بِهِ أُضْحِيَّةً، أَوْ شَاةً، فَاشْتَرَى شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، فَأَتَاهُ بِشَاةٍ وَدِينَارٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، فَكَانَ لَوْ اِشْتَرَى تُرَابًا لَرَبِحَ فِيهِ" رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ إِلا النَّسَائِيَّ، وقَدْ أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ في ضِمْنِ حَدِيثِ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ، وأَوْرَدَ التِّرْمِذِيُّ لَهُ شَاهِدَاً مِنْ حَدِيثِ حَكِيمِ بنِ حِزَامِ.
الحديث ظاهر في أن عروة اشترى ما لم يوكل بشرائه وباع كذلك، قال الشوكاني: وإذا باع الوكيل بزيادة على ما رسمه موكله كانت الزيادة للموكل، وإذا خالفه إلى ما هو أنفع أو إلى غيره ورضي به صح انتهى، وفيه دليل على جواز شراء السلعة وبيعها بأقل من ثمنها أو أكثر، وفيه استحباب شكر الصنيع لمن فعل المعروف ومكافأته ولو بالدعاء.
786- وَعَنِ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - "أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ شِرَاءِ مَا فِي بُطُونِ الأنْعَامِ حَتَّى تَضَعَ، وَعَنْ بَيْعِ مَا فِي ضُرُوعِهَا، وَعَنْ شِرَاءِ اَلْعَبْدِ وَهُوَ آبِقٌ، وَعَنْ شِرَاءِ اَلْمَغَانِمِ حَتَّى تُقْسَمَ، وَعَنْ شِرَاءِ اَلصَّدَقَاتِ حَتَّى تُقْبَضَ، وَعَنْ ضَرْبَةِ اَلْغَائِصِ" رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَهْ والبزارُ والدارقُطْنِيُّ، بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.
اشتمل هذا الحديث على النهي عن ست صور: الأولى: بيع ما في بطون الحيوان، وهو مجمع على تحريمه، الثانية: اللبن في الضرع لما فيه من الغرر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية إذا باعه لبناً موصوفاً في الذمة، واختار كونه من شاة معينة جاز، الثالثة: العبد الآبق، وذلك لتعذر تسليمه، الرابعة: شراء المغانم قبل القسمة، وذلك لعدم الملك، الخامسة: شراء الصدقات قبل القبض، واستثنى بعضهم بيع العامل لها، فجعلوا التخلية كالقبض في حقه، السادسة: ضربة الغائص وهو أن يقول: أغوص في البحر غوصة، فما خرج فهو لك بكذا، والعلة في ذلك الغرر.
787- وَعَنِ اِبْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَشْتَرُوا اَلسَّمَكَ فِي اَلْمَاءِ؛ فَإِنَّهُ غَرَرٌ" رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ اَلصَّوَابَ وَقْفُهُ.
الحديث دليل على تحريم بيع السمك في الماء، لأنه يرى الصغير فيه كبيراً وعكسه، وقال بعضهم: إن كان في ماء لا يفوت فيه صح، ويثبت فيه خيار الرؤية.
788- وَعَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اَلله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُبَاعَ ثمَرَةٌ حَتَّى تُطْعَمَ، وَلا يُبَاعَ صُوفٌ عَلَى ظَهْرٍ، وَلا لَبَنٌ فِي ضَرْعٍ" رَوَاهُ اَلطَّبَرَانِيُّ فِي "الأوْسَطِ" والدارقطنيُّ.
وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي "اَلْمَرَاسِيلِ" لِعِكْرِمَةَ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضاً مَوْقُوفاً عَلَى اِبْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ ورجَّحَهُ البيهقيُّ.
(قوله: أن تباع ثمرة حتى تطعم) أي يبدو صلاحها ويطيب أكلها، (قوله: ولا يباع صوف على ظهر)، فلا يصح لأنه يقع الاختلاف في موضع القطع، وقال مالك: يصح البيع لأنه مشاهد، وعن أحمد: يجوز بشرط جزّه في الحال.
789- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - "أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ اَلْمَضَامِينِ، وَالْمَلاقِيحِ" رَوَاهُ اَلْبَزَّارُ، وَفِي إِسْنَادِه ضَعْفٌ.
المضامين: ما في بطون الإبل، والملاقيح: ما في ظهور الجمال، والحديث دليل على عدم صحة بيع ذلك، وهو إجماع.
790- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أَقَالَ مُسْلِماً بَيْعَتَهُ، أَقَالَهُ اَلله عَثْرَتَهُ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وابن ماجه وصحَّحَه ابن حِبَّانَ والحاكم.
ولفظ الحاكم: (من أقال مسلماً أقال الله عثرته يوم القيامة)، وفيه دليل على فضل الإقالة وهي رفع العقد الواقع بين المتعاقدين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|