مختصر الكلام على بلوغ المرام(14)
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك
باب سُتْرَةِ المصلي
218- عن أبي جُهَيْم بن الحارث - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -: «لوْ يَعْلَمُ المارُّ بَيْنَ يدي المُصلِّي ماذا عليْه من الإثم لكان أن يقف أربعينَ خيْراً له منْ أنْ يمُر بين يديه» متّفق عليه،واللفظُ للبخاريِّ، ووقعَ في البَزَّار من وجهٍ آخر «أَربعين خريفاً».
الحديث دليل على تحريم المرور بين يدي المصلي، وهو عام في كل مصل، وقيل: يختص بالإمام والمنفرد لحديث ابن عباس ذكره البخاري في باب: «سترة الإمام سترة من خلفه» وأوله: «أقبلت راكباً على حمار أتان». الحديث.
219- وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «سُئِل النّبي - صلى الله عليه وسلم - -في غَزوةِ تَبوك- عنْ سُترةِ المُصَلي، فقَالَ: «مثلُ مُؤخِرَةَ الرَّحْلِ» أخرجه مُسْلِمٌ.
قال العلماء: الحكمة في السترة كف البصر عما وراءها ومنع من يجتاز بقربه، قال النووي: استحب أهل العلم الدنو من السترة بحيث يكون بينه وبينها قدر مكان السجود وكذلك الصفوف.
220- وعن سَبْرة بن مَعْبَدٍ الجُهنيِّ - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -: «لِيَسْتَتِرْ أحدُكم في الصَّلاَةِ ولوْ بسَهْمٍ» أخرجه الحاكم.
الحديث دليل على استحباب السترة وأنها تجزئ غلظت أو دقت.
221- وعن أبي ذرّ الغفاري - رضي الله عنه - قالَ: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «يَقْطعُ صلاة الرَّجُلِ المسلم -إذا لم يكن بين يديْهِ مِثْلُ مُؤخِرةَ الرَّحل- المرأةُ، والحمارُ، والكَلْبُ الأسودُ - الحديث»- وفيه «الكلبُ الأسودُ شيطانٌ» أخرجه مسلمٌ.
222- وله عن أبي هريرة نحوه، دون الكلب.
223- ولأبي داود والنسائيِّ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - نحْوُهُ، دون آخرهِ. وقَيّد المرْأة بالحائض.
الحديث دليل على أنه يقطع صلاة من لا ستر له مرور هذه المذكورات، وظاهر القطع الإبطال، وقد اختلف العلماء في ذلك، وذهب الجمهور إلى أنه لا يقطعها شيء، وتأولوا الحديث بأن المراد بالقطع نقص الأجر لا الإبطال.
224- وعن أبي سعيد الخدريِّ - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -: «إذا صلَّى أحدكم إلى شيءٍ يسترُهُ من الناس، فأراد أحدٌ أنْ يجتازَ بين يديهِ فَلْيَدْفَعَهُ، فإن أبى فَلْيُقاتلهُ، فإنّما هو شَيْطَانٌ» متّفق عليه، وفي رواية: «فإنَّ معهُ القرين».
قال القرطبي: يدفعه بالإشارة ولطيف المنع فإن لم يمتنع عن الاندفاع قاتله، أي دفعه دفعاً أشد من الأول، قال: وأجمعوا على أنه لا يلزمه أن يقاتله بالسلاح.
225- وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: « إذَا صلَّى أحدُكم فَلْيجعل تِلْقاءَ وَجْهِه شَيئاً، فإن لم يجد فَلْيَنْصُبْ عصا، فإن لمْ يكُن فلْيَخُطَّ خطَّاً، ثمَّ لا يضُرُّهُ منْ مرَّ بين يديْه» أخرجهُ أحمدُ وابنُ ماجه وصححه ابن حبان، ولمْ يُصِبْ مَنْ زعمَ أنَّهُ مُضطَربٌ، بل هو حسنٌ.
الحديث دليل على أن السترة تجزئ بأيّ شيء كانت، وإذا لم يجد جمع تراباً وأحجاراً؛ واختار أحمد أن يكون الخط كالهلال وكيفما خط أجزأ، قال في الشرح الكبير: فإن كان معه عصا لا يمكنه نصبها ألقاها بين يديه عرضاً، نقله الأثرم.
226- وعن أبي سعيدٍ الخدْري - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -: «لا يقطعُ الصَّلاةَ شَيءٌ، وادْرَأْوا ما اسْتَطَعْتُمْ» أخرجهُ أبو داوُدَ، وفي سنده ضَعْفٌ.
الحديث دليل لقول الجمهور إن الصلاة لا يبطلها مرور شيء وإن نقص ثوابها ولهذا قال: «وادرأوا ما استطعتم».