عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 19-02-2020, 02:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,657
الدولة : Egypt
افتراضي حكم وضع مغاسل الوضوء وأماكن قضاء الحاجة داخل المسجد

حكم وضع مغاسل الوضوء وأماكن قضاء الحاجة داخل المسجد


الشيخ أحمد الزومان






وضع أماكن قضاء الحاجة للنساء داخل المساجد كانت عندنا من الحالات النادرة وقد أخذت بالانتشار وهي من المسائل المشكلة عندي من سنين فاستعنت الله بالكتابة في هذا الموضوع وقد ناقشت بعض إخوتي من المشايخ فمنهم من وافقني على رأيي ومنهم من خالفني وسبب الاختلاف أمران:
هل يصح قياس البول في إناء في المسجد على هذه الأماكن؟
وعلى القول بصحة القياس هل هذا المكان داخل المسجد أو يعطى حكم الخارج؟

وقبل الكلام على المسألة أذكر أمرين:
الأول: لم أقف على كلام للفقهاء في حكم وضع أماكن قضاء الحاجة وأماكن الوضوء داخل المسجد فهي من النوازل في زماننا - فيما ظهر لي - ولا يتصور بناء أماكن قضاء الحاجة في السابق داخل المسجد لأمور ليست بخافية.

الثاني: لم يختلف أهل العلم في الجملة أنَّ ما يصلى فيه في المسجد مسجد يعطى أحكامه لكنهم اختلفوا في مرافق المسجد هل تعطى حكم المسجد أو لا؟

وأهم هذه المرافق التي يذكرها المتقدمون رحبة المسجد ومنارته.
تعريف رحبة المسجد: الرَّحْبَة في كلام العرب ما اتسع من الأرض [1].
أمَّارحبة المسجدأو صحنه هو ما كان مضافاً إلى المسجد محوطاً عليه[2]بخلاف الفضاء الذي خارج المسجد المعد لجلوس الناس أو مواقف لسياراتهم فليس بمسجد.

حكم رحبة المسجد ومنارته:
أولاً: رحبة المسجد: لها حكم المسجد في مذهب الأحناف[3] - في ما ظهر لي - وهو مذهب المالكية [4] والشافعية [5] والحنابلة [6].


ثانياً: المنارة: لها حكم المسجد إذا كانت داخل المسجد أو بابها داخل المسجد في مذهب الأحناف [7] والشافعية [8] والحنابلة [9] ولا تعطى حكم المسجد عند المالكية.

ضابط المسجد عند المالكية: قال ابن الحاج صفة المسجد أن يدخل بغير إذن، وأن يكون جميع الناس فيه سواء، وسطوح المسجد ليس كذلك فإنَّه محجور على بعض الناس، ولا تصح الجمعة فيما هو كذلك كما لا تصح في بيت القناديل لاشتراكهما في التحجير على بعض الناس دون بعض [10].
وقال اللخمي: لا يعتكف في بيت القناديل؛ لأنَّها لا تدخل إلا بإذن، ولا على ظهر المسجد، ولا في صومعته [11].

ومن خلال ما تقدم ظهر لي أنَّ ما يوجد داخل المساجد من مغاسل وأماكن قضاء الحاجة في الأماكن المخصصة لصلاة النساء داخلة في المسجد في مذهب الأئمة الأربعة والله أعلم.

أولاً: حكم وضع مغاسل الوضوء داخل المسجد:
ينص أهل العلم على حكم الوضوء في المسجد وهو جائز عند جمهورهم من الصحابة رضي الله عنهم ومن أتى بعدهم فقال بالجواز أبو هريرة وابن عباس وري عن الخلفاء الراشدين وابن عمر والعباس بن عبد المطلب رضي الله عنهم وقال بالجواز أيضاً عطاء بن أبي رباح [12] وطاوس بن كيسان[13]وعبد الرحمن بن أبي ليلى [14] وعبد الملك بن جريج [15] وأبو مجلز لاحق بن حميد [16] وسفيان الثوري [17] وروي عن سعيد بن جبير [18] ونافع بن جبير بن مطعم [19]وإبراهيم بن يزيد النخعي[20].
وقال به من الأحناف محمد بن الحسن [21] وهو أحد القولين للمالكية [22] وهو مذهب الشافعية [23] والحنابلة [24].

الدليل الأول: عن أبي العالية، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال:« حَفِظْتُ لَكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ فِي الْمَسْجِدِ » [25].

الدليل الثاني: عن نعيم المجمر، قال: رقيت مع أبي هريرة رضي الله عنه على ظهر المسجد، فتوضأ، فقال: إنِّي سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» [26].

الدليل الثالث: عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «لا أحلها لمغتسل يغتسل في المسجد، وهي لشارب ومتوضىء حِلٌ وبِلٌّ» [27].
فأباح ابن عباس رضي الله عنهما الوضوء من زمزم وهي في المسجد الحرام ونهى عن الاغتسال منها تنزيهاً للمسجد من التعري والاغتسال فيه من الجنابة [28].

الدليل الرابع: عن محمد بن سيرين، قال: « كان أبو بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم - فيما يعلم أبو خالد [يزيد بن هارون] - يتوضؤون لكل صلاة، فإذا كانوا في المسجد دعوا بالطست » [29].

الدليل الخامس: روي « أنَّ ابن عمر رضي الله عنهما،توضأ في المسجد» [30].

الدليل السادس: روي عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه يقول، وهو قائم عند زمزم وهو يرفع ثيابه بيده، وهو يقول: «اللهم إنِّي لا أحلها لمغتسل، ولكن هي لشارب - أحسبه قال: - ومتوضئ حل وبل» [31].

فإذا جاز الوضوء في المسجد فكذلك - والله أعلم - وضع مغاسل للوضوء داخل المسجد لاسيما عند الحاجة كالأماكن المعدة لصلاة النساء داخل المسجد وكما لو كان المسجد كبيراً ومرافقه بعيدة يشق على البعض الوصول إليها وتوضع في مكان لا يتأذى به المصلون.
تنبيه: قال بكراهة الوضوء في المسجد محمد بن سيرين [32] وأبو حنيفة وأبو يوسف وهو قول للمالكية ورواية عند الحنابلة وتقدم العزو.

ثانياً: وضع أماكن لقضاء الحاجة داخل المساجد:
تقدم قولي إنِّي لم أقف على نص للمتقدمين على حكم بناء أماكن قضاء الحاجة داخل المسجد لكنَّهم ينصون على حكم قضاء الحاجة العارض في المسجد في إناء ونحوه فقياس البناء عليه أولى - والله أعلم - ولهم في المسألة قولان:
القول الأول: يحرم البول في الإناء داخل المسجد في مذهب الأحناف والمالكية والحنابلة والصحيح عند الشافعية.

قال ابن نجيم: تحريم البول فيه ولو في إناء [33]. وقال ابن الحاج: البول في المسجد في وعاء حرام مع ما فيه من القبح، والشناعة [34]وقال ابن قدامة: إذا أراد أن يبول في المسجد في طست لم يبح له ذلك لأنَّ المساجد لم تبن لهذا وهو مما يقبح ويفحش ويستخفى به فوجب صيانة المسجد عنه كما لو أراد أن يبول في أرضه ثم يغسله [35].

وقال النووي: يحرم البول في المسجد في غير إناء وأمَّا في الإناء ففيه احتمالان لابن الصباغ أحدهما الجواز كالفصد والحجامة في إناء: والثاني التحريم لأنَّ البول مستقبح فنزه المسجد منه وهذا الثاني هو الذي اختاره الشاشي وغيره وهو الأصح المختار وجزم به صاحب التتمة ونقله العبدري عن الأكثرين [36].

والظاهر أنَّ الشيخ عبد العزيز بن باز وأعضاء اللجنة يختارون المنع جاء في فتاوى اللجنة الدائمة:
نحن جماعة مسجد ويوجد لدينا دورة مياه - أكرمكم الله - بداخل المسجد، وبجوار المصلى ويفصل بينهما حائط، وحيث إنَّها جهة القبلة وحين قضاء الحاجة يكون في اتجاه القبلة...
ج: يجب أن تفصل دورة المياه بحيث تكون خارج المسجد، ويجعل بينهما وبين المسجد جدار، ولا يضر بعد ذلك كونها إلى جوار المسجد من أي جهة، وأما استقبال القبلة حال قضاء الحاجة فلا بأس به داخل البنيان على الصحيح... [37].


الدليل الأول: عن أنس رضي الله عنه قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه مه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تُزْرِمُوهُ دَعُوهُ» فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له: «إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ، وَلَا الْقَذَرِ إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ»[38].

الدليل الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: عرسنا مع نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلم نستيقظ حتى طلعت الشمس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ، فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ» [39].
وجه الاستدلال: كره النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة في مكان حضر فيه الشيطان حضوراً عارضاً فأولى بالمنع - والله أعلم - وضع مكان داخل المسجد يكون مأوى للشياطين.

قال النووي: الصلاة في مأوى الشياطين مكروهة بالاتفاق[40] وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:الصلاة ببقعة يحضرها الشيطان أمر محذور في الشرع[41].

الدليل الثالث: ينهى عن الصلاة إذا كان في جهة القبلة حشروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح [42]
وصح عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما [43] وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما [44] وروي عن علي رضي الله عنه [45] ونسبه إبراهيم بن يزيد النخعي لفقهاء الكوفة [46]وقال به منهم المسيب بن رافع الأسدي وخيثمة بن عبد الرحمن الجعفي [47] والحنابلة لهم روايتان في صحة الصلاة إلى الحش واختار عدم الصحة إسحاق بن راهويه وشيخ الإسلام ابن تيمية [48].
فإذا كان ينهى عن الصلاة للحش وهو خارج المسجد فإذا كان في المسجد فهو أولى بالنهي والله أعلم.

الدليل الرابع: الأصل حرمة قضاء الحاجة داخل المسجد وإخراج مكان داخل المسجد من التحريم يحتاج إلى دليل مخصص وكون الواقف أو غيره استثناه من الصلاة لا يغير الحكم فشروط الواقف ليست كنصوص الشارع فكل شرط خالف الشرع فهو باطل.

القول الثاني: يجوز البول في الإناء عند أبي وائل شقيق بن سلمة[49] وهو قول للشافعية وعند الحنابلة احتمال جوازه مطلقاً أو للحاجة وفاقاً لإسحاق بن راهويه [50]
الدليل: عن عائشة رضي الله عنها، قالت: « اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ، فَكَانَتْ تَرَى الحُمْرَةَ، وَالصُّفْرَةَ، فَرُبَّمَا وَضَعْنَا الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي» [51].
وجه الاستدلال: يجوز البول في الإناء قياساً على خروج دم الاستحاضة [52].

الرد من وجهين:
الأول: قياس مع الفارق من وجوه منها:
1: الاستحاضة حال اضطرار ودوام بخلاف البول إنَّما يقاس من به سلس بول ونحوه على المستحاضة فلا يمنع من المسجد مع أمن التلويث.
2: يعفى عن الدم في محله للمشقة بخلاف البول في المسجد [53].
3: ينهى عن استقبال القبلة حال قضاء الحاجة بخلاف الدم كحال الحجامة [54].

الثاني: تعارضت مصلحة وهي سنة الاعتكاف للمرأة ومفسدة ويمكن تفويت المفسدة بصيانة المسجد من النجاسة [55]بخلاف وضع أماكن داخل المسجد فيمكن تحصيل المصلحة وتفويت المفسدة بجعله خارج المسجد حكماً.
الترجيح: الذي يظهر لي تحريم وضع أماكن قضاء الحاجة داخل المسجد لما تقدم. وجمهور أهل العلم يحرمون البول في إناء داخل المسجد وهو عارض وغالباً للحاجة لكبر أو اعتكاف فالمكان الدائم في المسجد أولى بالتحريم والله أعلم.

اقتراح: لمنع هذا المحظور أقترح أن تكون أماكن قضاء الحاجة معزولة عن المسجد ولها حكم خارج المسجد - وإن كانت داخل الأرض الموقوفة للمسجد كأماكن قضاء الحاجة للرجال في أغلب المساجد لها باب خارج المسجد - ويمكن ذلك بوضع موزع في أول المسجد يُجْعَل فيه مدخلان مدخل لمكان صلاة النساء ومدخل لمكان قضاء الحاجة.
هذا ما ظهر لي في هذه المسألة ولعل هذا البحث يكون سبباً لزيادة بحث هذه المسألة والله أعلم.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.27 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.65 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.14%)]