عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18-02-2020, 02:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,185
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اسم الله الرقيب

وعن الشَّعبي قال: سَمِع عمرُ امرأة تقول:



دَعَتْنِي النَّفْسُ بَعْدَ خُروجِ عَمْرٍو

إِلَى اللَّذَّاتِ تَطَّلِعُ اطِّلاَعَا



فَقُلْتُ لَهَا عَجِلْتِ فَلَنْ تُطَاعِي

وَلَوْ طَالَتْ إِقَامَتُهُ رُبَاعَا



أُحَاذِرُ أَنْ أُطِيعَكِ سَبَّ نَفْسِي

وَمَخْزَاةً تُجَلِّلُنِي قِنَاعَا






فقال لها عمر: ما الذي يمنعك من ذلك؟ قالت: الحياء وإكرام زوجي، قال عُمر: إنَّ في الحياة لهَنات ذات ألوان؛ مَن استَحيا استَخفى، ومن استخفى اتَّقى، ومن اتقى وُقِي؛ خرجه ابن أبي الدُّنيا.



عن سَلمان بن جبير مولى ابن عباس، وقد أدرك أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ما زِلْت أسمع حديث عمر هذا أنه خرج ذات ليلة يَطُوف بالمدينة، وكان يفعل ذلك كثيرًا، فمرَّ بامرأة مغْلِقة عليها بابها، وهي تقول - فاستمع لها عمر -:



تَطَاوَلَ هَذَا اللُّيْلُ مَا تَمُرُّ كَوَاكِبُهْ

وَأَرَّقَنِي أَلاَّ ضَجِيعَ أُلاَعِبُهْ



فَوَاللهِ لَوْلاَ اللهُ لاَ شَيْءَ غَيْرَهُ

لَحُرِّكَ مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوَانِبُهْ



وَبِتُّ أُلاَهِي عَبْرَ بِدْعٍ مُلَعَّنٍ

لَطِيفِ الْحَشَا لاَ يَحْتَوِيهِ مُصَاحِبُهْ



يُلاَعِبُنِي طَوْرًا وَطَوْرًا كَأَنَّمَا

بَدَا قَمَرًا فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ حَاجِبُهْ



يُسَرُّ بِهِ مَنْ كَانَ يَلْهُو بِقُرْبِهِ

يُعَاتِبُنِي فِي حُبِّهِ وَأُعَاتِبُهْ



وَلَكِنَّنِي أَخْشَى رَقِيبًا مُوَكَّلاً

بِأَنْفُسِنَا لاَ يَفْتُرُ الدَّهْرَ كَاتِبُهْ






ثُم تنفَّست الصُّعَداء، وقالت: أهان على ابنِ الخطَّاب وَحْشَتي في بيتي، وغيبة زوجي عنِّي، وقلَّةُ نفقتي؟ فقال لها عمر: رَحِمَك الله، فلمَّا أصبح بَعَث إليها بنفقة وكسوة، وكتب إلى عامله يُسرع إليها زوجها.



لولا الله... عامر بن عبدقيس:

عن أبي عبدة العنبري قال: لما هبط المسلمون "المدائن" وجمَعوا الأقباض، أقبل رجلٌ بحقٍّ معه فدَفَعه إلى صاحب الأقباض، فقال الذين معه: ما رأينا مثل هذا قَطُّ، ما يَعْدله ما عندنا ولا يُقاربه، فقالوا له: هل أخذْتَ منه شيئًا؟ فقال: أمَا والله، لولا الله ما أتيتكم به، فعرفوا أنَّ للرَّجل شأنًا، فقالوا: مَن أنت؟ فقال: لا والله، لا أُخبركم لِتَحمدوني، ولا غَيْركم ليقرظوني، ولكنيِّ أحمد الله وأرضى بثوابه، فأتْبَعوه رجلاً حتى انتهى إلى أصحابه، فسأل عنه، فإذا هو عامر بن عبدقيس.



أدرك عامرٌ الصَّدر الأول، ورَوى عن عُمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لكنه اشتَغل بالعبادة عن الرِّواية؛ قال نحوه الطَّبري، وفي "تاريخ دمشق".



زوجة بَشير بن سعدٍ عمْرةُ بنت رواحة:

عنْ حُصيْنٍ عنْ عامرٍ قال: سمعْت النُّعْمان بن بشيرٍ - رضي الله عنهما - وهو على المنْبر يقول: أعطاني أبي عطيَّةً، فقالتْ عمْرة بنْت رواحة: لا أرْضى حتىَّ تُشْهد رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فأتى رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: إنِّي أعطيْتُ ابني مِنْ عمْرة بنْت رواحة عطيةً، فأمرَتْني أنْ أُشْهدك يا رسول الله، قال: ((أعطيْتَ سائر ولدك مثْلَ هذا؟)) قال: لا، قال: ((فاتَّقوا الله، واعْدلوا بيْن أولادكم))، قال: فرجع، فردَّ عطيته؛ البخاري ومسلم.

وفي رواية لمسلم، قال: ((فلا تُشْهِدْني إذًا؛ فإني لا أشْهد على جوْرٍ)).

انظروا ماذا فعَلَت الزوجة؟ فإن بشير بن سعد أراد أن يُكْرمها وهي زوجته الثانية، ويخصَّ ولدَها بعطية، فعرفت أن الله رقيب عليهم، غيرةُ النِّساء لم تحملها على الظُّلم؛ لأنَّها تراقب الله - عز وجل - آه يا نساءَنا لو راقبْتُنَّ الله!



أمانة فريدة:

رجل تزوَّج سرًّا على امرأته، وحَدَث أنْ عَلِمت هذه المرأة أنَّ زوجها قد تزوَّج عليها، فلم تُواجِهْه، وكتمَتْ معرفتها بسرِّه، وكانت قد تيقَّنَت من هذا الأمر، ومات هذا الرَّجل وترك ميراثًا ضخمًا، فأرسلت المرأة لضرَّتها نصيبَها في الميراث، ولكن الأصعب من ذلك أنَّ الزوجة الثانية رفَضَت أن تأخذ هذا المال؛ لأنَّ زوجها كان قد طلَّقها قبل وفاته!



قال الأصمعي: قال أعرابيٌّ: خرَجْتُ في ليلة ظَلْماء، فإذا أنا بجارية كأنَّها علَمٌ، فأردتُها، فقالت: ويلك! أمَا لك زاجِرٌ من عقل؛ إذ لم يكن لك ناهٍ من دين؟ فقلتُ: إيه والله ما يرانا إلاَّ الكواكب، فقالت: وأين مُكَوكِبُها؟؛ "صفة الصفوة".





ماذا لو أنك في عمل وأُخبرتَ أن صاحب العمل قد وضع كاميرات للمراقبة، كيف يكون الحال؟ وكيف لو أن السماء كلها كاميرات مراقبة؟ وكيف لو فوجئت أنك كنت مراقبًا دون أن تعلم وتذكرت ما قد صنعت؟



وسائل المراقبة:

وسائل وضعها الله للمراقبة، وأخبرَنا بها من فضله؛ حتىَّ نعلم أننا مُراقَبون:

أوَّلها: عين الله التي لا تنام

ï´؟ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ï´¾ [النساء: 108].



عن عبدالله بن عُمر قال: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببعْض جسدي، فقال: ((اعْبد الله كأنَّك تراه، وكنْ في الدُّنْيا كأنك غريبٌ أوْ عابر سبيلٍ))؛ أخرجه الإمام أحمد وغيره، وصحَّحه الإمام الألباني، ورواه البخاري بلفظ: ((كنْ في الدنْيا كأنك غريبٌ، أوْ عابر سبيلٍ)).

وكان ابْن عمر يقول: إذا أمْسيْتَ فلا تنْتظر الصباح، وإذا أصْبحْت فلا تنْتظر المساء، وخُذْ مِن صِحَّتك لمرضك، ومن حياتك لموْتك.

عن عبدالله بن مسعودٍ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((استحيُوا من الله حقَّ الحياء))، قال: قلنا: يا رسول الله، إنَّا لنستحيِي، والحمد لله، قال: ((ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حقَّ الحياء أن تَحفظ الرَّأس وما وعى، وتحفظ البطن وما حوى، وتتذكَّر الموت والبِلَى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدُّنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حقَّ الحياء))؛ قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديثٌ غريبٌ، إنما نعرفه من هذا الوَجه من حديث أبَان بن إسحاق عن الصَّبَّاح بن محمدٍ، وحسَّنه الألباني.

قال معاذ بن جبلٍ: قُلت: يا رسول الله، أوصني، فقال: ((اعبُد الله كأنَّك تراه، واعدد نَفسك من الموتى، واذكُر الله - عزَّ وجل - عند كلِّ حجَرٍ وعند كلِّ شجرٍ، وإذا عَملت سيِّئةً، فاعمَل بجنبها حسنةً، السِّر بالسر، والعلانية بالعلانية))، ثم قال: ((ألاَ أُخبرك بأَمْلك الناس من ذلك؟)) قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بِطَرَف لسانه، فقلت: يا رسول الله، كأنَّه يتَهاون به، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وهل يَكُب الناسَ على مناخرهم في النَّار إلاَّ هذا؟))، وأخذ بطرَف لسانه؛ الطَّبرَاني "المعجم الكبير"، وحسَّنه الألباني.

عن رجل من النَّخع قال: شهِدتُ أبا الدَّرداء حين حضرَته الوفاةُ، قال: أحدِّثكم حديثًا سمعتُه من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: سمعتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((اعبُدِ الله كأنك تراه، فإن كنتَ لا تراه فإنه يراك، واعدُد نفسك في الموتى، وإياك ودعوةَ المظلوم؛ فإنها مستجابة، ومن استطاع منكم أن يشهد الصَّلاتين العشاء والصُّبح، ولو حبوًا فليفعل))؛ رواه الطبراني في "الكبير"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"، وحسَّنه الألباني؛ "شُعَب الإيمان".



الوسيلة الثانية: الملائكة

ï´؟ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ï´¾ [ق: 18].

ï´؟ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ï´¾ [الكهف: 49].

ï´؟ هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ï´¾ [الجاثية: 29].

ï´؟ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ï´¾ [الزخرف: 80].

أيْ: ما يُسرُّونه في أنفسهم ويتناجَوْن به بينهم، ï´؟ بلى ï´¾ نَسْمع ونعلم، ï´؟ ورسُلنا لديهم يكتبون ï´¾؛ أي: الحفَظَة عندهم يكتبون عليهم، ورُوي أنَّ هذه الآية نزلت في ثلاثة نفَر، كانوا بين الكعبة وأستارها، فقال أحدهم: أتَرَون أنَّ الله يَسمع كلامنا؟ وقال الثاني: إذا جهَرتُم سَمِع، وإذا أسررتم لم يَسمع، وقال الثالث: إن كان يَسمع إذا أعلنتم، فهو يسمع إذا أسرَرْتم؛ قاله محمَّد بن كعب القُرَظي، وقد مضى هذا المعنى عن ابن مسعود في سورة فُصِّلت؛ "تفسير القرطبي".





فاعمل حسابًا لمن لا يُفارقونك ليلاً ولا نهارًا، ويُحْصون عليك الصغير والكبير، والفتيل والقِطْمير، ويَعُدُّون عليك أنفاسك، ويسجِّلون همساتك ولمساتك، وسَكناتك وحرَكاتك.



الوسيلة الثالثة: الضمير (النفس اللَّوامة)

عن نوَّاس بن سمْعان، قال: أقمْتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة سنةً، ما يمْنعني من الهجْرة إلاَّ المسْألةُ، كان أحَدُنا إذا هاجر لَمْ يسْألْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شيء، قال: فسألْتُه عن البِرِّ والإثْم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((البِرُّ حُسْن الخُلُق، والإثْم ما حاك في نَفْسك وكَرِهْت أنْ يطَّلِع عليْه الناسُ))؛ مسلم، الترمذي، أحمد، الدَّارمي.



النفس السَّويَّة بطبيعتها جبَلَها الله - تعالى - على الفطرة التي فطر الناس عليها، التي تطمئنُّ للخير والمعروف، وتضطرب للشَّر والمنكَر والسُّوء، فتُسَرُّ لما يُرضي الله، وتَحزن وتضيق لما يُغضب الله، رزَقَنا الله وإيَّاكم نفْسًا مطمئنَّة بِطاعته.



الوسيلة الرابعة: أعضاؤك

ï´؟ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ï´¾ [يس: 65].

ï´؟ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ï´¾[النور: 24].

ï´؟ حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ï´¾ [فصلت: 21 - 23].



فالشهود عليك من نفْسِك يوم تتكلَّم من الأعضاء، ويخرس منك اللِّسان، أعضاؤك تُسجِّل عليك ما تقترفه من الذُّنوب والمعاصي؛ اليد تسجِّل السَّرقات، والعين تسجِّل النَّظرات، والرِّجْل تسجِّل الحركات والسَّكنات، والبطن تصوِّر أكل الحرام، والفَرْج يسجِّل الفاحشة، والعياذ بالله!

كل الناس تتجَمَّل، وما يَظهر للناس القليل؛ فجبَل الجليد، الظَّاهر منه فوق الأرض عِشْرون بالمائة، وتحت الأرض ثمانون بالمائة، والناس كلُّها تحرص أن تركِّز على نسبة الـعشرين التي هي الظَّاهر، ولكن نحن نريد أن نعمل على تجميل الدَّاخل، ولن يتحقَّق ذلك إلاَّ مع اسم الله "الرقيب".

هل أنا سواء ما اختفى وما علن؟ ï´؟ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ï´¾ [العلق: 14].



ولكن هذه الرقابة أيضًا فيها نقطة جميلة أخرى، أنت مع الناس تحاول أن تَشرح لهم قصْدَك أو نَيَّتك، إن كان لك عندهم حاجة، لكن مع الرَّقيب الذي يعرف عنك كلَّ شيء، لا تحتاج إلى شَرْح أو تفصيل، لكن مع الله الرَّقيب يجعلك في غِنًى عن الشَّرح؛ فهو يعرف سِرَّك وحالك، وأنت أحيانًا يُمكِن أن تَبْكي أثناء دعائك، فيستجيب الله لك بدمعة ذَرفْتَها دون أن تطلب منه مسألتك، فهو معك ومُطَّلِع عليك، هذه رقابة جميلة، تجعلك سعيدًا، وتحميك يوم القيامة، وتنجيك: الله مُراقبِي، الله ناظِرٌ إليَّ، الله شهيدٌ عليَّ.



فلو عِشْنا مع اسم "الرقيب" سيَصلح داخلنا ويكون مثل ظاهِرِنا، فأنا إن أخطأتُ أعلم بأنَّ الله يراني، وإن فعلْتُ حسنة سأفرح؛ لأنَّه أيضًا يراني.



كيف حال بلادنا إذا عاشت بهذا الاسم؛ اسم الله الرقيب؟

البِلاد تَلْجأ إلى القوانين من أجْل مراقبة الناس، وتصحِّح من أفعالهم وحركاتهم، ولكن لو استطَعْنا أن نجعل الوازع الدَّاخلي يَعْلو عند الناس باسْم الله الرَّقيب، فسيتغيَّر الأمر، هل تتخيَّل كَمْ سنوفِّر من المال؟

المدارس وما يحدث فيها، العلاقات الاجتماعيَّة، المشاكل الزَّوجية، فلو أنَّ كلَّ هؤلاء اختاروا العيش باسْم الله الرقيب، ماذا سيحدث للمجتمع؟

أنا أرجو من كلِّ مُسْلم أن يجلس مع نفْسِه وأن يتوجَّه إلى الله، ويقول: يا رب، يا رقيبِي، سأعيش معك يا رقيبُ في كلِّ لمحة، سأركِّز في كلِّ خطوة وكل ثانية، فهل نتواعد على ذلك، ونستطيع أن ننفِّذ هذا، ونرى كيف ستكون النتيجة؟




هل نستطيع أن نعيش مع الرَّقيب هكذا؟ هل تستطيع أن تراجع نفسك، وتَرى أين هي نقاط الضَّعف؟

هل تستطيع أن تعود نظيفًا؛ داخلك وخارجك نفسُ الشيء؟



أسأل الله أن يُعيننا، وأن نتعلَّم من هذه القَصص: الله مُراقبي، الله ناظرٌ إليَّ، الله شهيدٌ عليَّ.



وفي النهاية:

كن سواءً؛ ما أخفيتَ وما أعلنت.

عِشْ بـ: الله ناظر إليَّ، الله مطَّلع عليَّ، الله شاهدي.

وفي النهاية أرجو من الله القبول، وممن يَقرأ هذه الكلمات الدُّعاء بِظَهر الغيب.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.04 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.98%)]