شرح حديث النزول لابن عبدالبر (ت 463 هـ) من كتابه التمهيد
محمد لطفي الدرعمي
27- لا نُسمِّيه ولا نصِفُه ولا نطلق عليه إلا ما سمى به نفسه، على ما تقدَّم ذكرنا له من وصفه لنفسه لا شريك له، ولا ندفع ما وصف به نفسه؛ لأنه دفع للقرآن.
• وقد قال الله عز وجل: ï´؟ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ï´¾ [الفجر: 22]، وليس مجيئُه حركةً ولا زوالًا ولا انتقالًا؛ لأن ذلك إنما يكون إذا كان الجائي جسمًا أو جوهرًا، فلما ثبت أنه ليس بجسمٍ ولا جوهر، لم يجب أن يكون مجيئه حركة ولا نقلة[9].
ولو اعتبرت ذلك بقولهم: جاءت فلانًا قيامتُه، وجاءَه الموتُ، وجاءه المرضُ، وشبه ذلك مما هو موجودٌ نازلٌ به، ولا مجيء؛ لَبَانَ لك، وبالله العصمة والتوفيق.
28- فإن قال: إنه لا يكون مستويًا على مكان إلا مقرونًا بالتكييف.
قيل: قد يكون الاستواء واجبًا، والتكييف مرتفعًا، وليس رفعُ التكييف يُوجِب رفع الاستواء، ولو لزم هذا لزم التكييف في الأزل؛ لأنه لا يكون كائنٌ في لا مكان إلا مقرونًا بالتكييف، وقد عقَلْنا وأدرَكْنا بحواسِّنا أن لنا أرواحًا في أبداننا، ولا نعلم كيفية ذلك، وليس جهلنا بكيفية الأرواح يوجب أن ليس لنا أرواح، وكذلك ليس جهلنا بكيفية (على عرشه) يوجب أنه ليس على عرشه.
29- أخبرنا عبدالوارث بن سفيان قال: حدَّثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا أحمد بن زهير، قال: حدثنا أبو عبدالله محمد بن عبدالله الخزاعي قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حرس، عن عمه أبي رُزين العقيلي قال: قلت: يا رسول الله، أين كان ربنا تبارك وتعالى قبل أن يخلُقَ السماء والأرض؟ قال: ((كان ما فوقه هواء وما تحته هواء، ثم خلق عرشه على الماء))[10].
30- قال أبو عمر: قال غيره في هذا الحديث: ((كان في عماء، فوقه هواء وتحته هواء))، والهاء في قوله: (فوقه وتحته) راجعةٌ إلى العماء.
31- وقال أبو عُبيد: العَماء هو الغمام، وهو ممدود.
وقال ثعلب: هو عَمى مقصور؛ أي: في عمى عن خلقه، والمقصود الظُّلَم، ومَن عمي عن شيء، فقد أظلم عليه[11].
32- أخبرنا أبو محمد عبدالله بن محمد بن عبدالمؤمن قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك قال: حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا سريج بن النعمان قال: حدثنا عبدالله بن نافع قال: قال مالك بن أنس: (الله عز وجل في السماء، وعلمه في كل مكان، لا يخلو منه مكان)[12].
قال: وقيل لمالكٍ: ï´؟ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ï´¾ [طه: 5]، كيف استوى؟ فقال مالكٌ رحمه الله: (استواؤه معقول، وكيفيته مجهولة، وسؤالك عن هذا بدعة، وأراك رجل سوء)[13].
33- وقد روينا عن ربيعة بن أبي عبدالرحمن أنه قال في قول الله عز وجل: ï´؟ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ï´¾ [طه: 5]، مثلَ قول مالك هذا سواء.
34- وأما احتجاجهم بقوله عز وجل: ï´؟ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ï´¾ [المجادلة: 7]، فلا حجة لهم في ظاهر هذه الآية؛ لأن علماء الصحابة والتابعين - الذين حملت عنهم التأويل في القرآن - قالوا في تأويل هذه الآية: (هو على العرش، وعلمه في كل مكان)[14]، وما خالفهم في ذلك أحدٌ يُحتجُّ بقوله.
35- ذكر سنيد عن مقاتل بن حيان عن الضحاك بن مزاحم في قوله: ï´؟ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ ï´¾ [المجادلة: 7]، الآيةَ، قال: (هو على عرشه، وعلمه معهم أين ما كانوا).
قال: وبلغني عن سفيان الثوري مثلَه.
قال سنيد: وحدثنا حماد بن زيد عن عاصم بن بَهْدلة عن زِرِّ بن حُبيش عن ابن مسعود قال: (الله فوق العرش لا يخفَى عليه شيء من أعمالكم)[15].
قال سنيد: وحدثنا هشيم عن أبي بشر عن مجاهد قال: (إن بين العرش وبين الملائكة سبعين حجابًا؛ حجاب من نور وحجاب من ظلمة).
36- وأخبرنا إبراهيم بن شاكر قال: حدثنا عبدالله بن محمد بن عثمان قال: حدثنا سعيد بن جبير وسعيد بن عثمان قالا: حدثنا أحمد بن عبدالله بن صالح قال: حدثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن زِرِّ عن عبدالله بن مسعود قال: (ما بين السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة عام، وما بين كل سماء إلى الأخرى مسيرة خمسمائة عام، وما بين السماء السابعة إلى الكرسي مسيرة خمسمائة، والعرش على الماء، والله تبارك وتعالى على العرش يعلم أعمالكم)[16].
37- قال أبو عمر: لا أعلم في هذا الباب حديثًا مرفوعًا إلا حديث عبدالله بن عميرة، وهو حديث مشهور بهذا الإسناد؛ رواه عن سماك جماعةٌ؛ منهم: (أبو خالد الدالاني، وعمر بن أبي عمرو بن أبي قيس، وشعيب بن أبي خالد، وابن أبي المقدام، وإبراهيم بن طهمان، والوليد بن أبي ثور)، وهو حديث كوفي.
38- أخبرنا عبدالله بن محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود، وأنبأنا عبدالوارث: حدثنا قاسم: حدثنا محمد بن إسماعيل قالا: حدثنا محمد بن الصباح الدولابي البزار قال: حدثنا الوليد بن أبي ثور عن سماك عن عبدالله بن عميرة عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبدالمطلب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى سحابة مرَّت، فقال: ((ما تُسمُّون هذه؟))، قالوا: السحاب، قال: ((والمُزْن))، قالوا: والمُزْن، قال: ((والعنان))، قالوا: نعم، قال: ((كم تَرَون بينكم وبين السماءِ))، قالوا: لا ندري، قال: ((بينكم وبينها إمَّا واحدة، أو اثنتين[17]، أو ثلاث وسبعون سنةً، والسماء فوقها كذلك بينهما مثل ذلك))، حتى عدَّ سبع سماوات، ((ثم فوق السماءِ السابعة بحرٌ، بين أعلاه وأسفله كما بين سماءً إلى سماء، ثم فوق ذلك ثمانيةُ أَوْعالٍ[18]، بين أظلافِهم ورُكَبِهم مثلُ ما بين سماء إلى سماء، ثم اللهُ فوق ذلك)).
وفي رواية فروة بن أبي المغراء هذا الحديث عن الوليد بن أبي ثور قال في الأَوْعالِ: ((ما بين رؤوسهم إلى أظلافهم مثل ذلك))؛ يعني ما بين سماء إلى سماء، ((ثم فوقهم العرشُ، ما بين أعلاه وأسفله مثل ذلك، ثم الله فوق ذلك)) [19].
وفيه حديث جُبير بن مطعم مرفوعًا أيضًا.
39- وأخبرنا عبدالوارث بن سفيان قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا أحمد بن زهير قال: حدثنا يحيى بن مَعين قال: حدثنا وهب بن جرير قال: حدثنا أبي قال: سمعتُ محمد بن إسحاق يُحدِّث عن يعقوب بن عتبة عن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم أعرابيٌّ، فقال: يا رسول الله، جهدت الأنفس، وضاع العيال، ونهكت الأموال، فاستَسْقِ الله لنا، فإنا نستشفع بك على الله، ونستشفع بالله عليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ويحك، أتدري ما تقول؟))، وسبَّح رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما زال يُسبِّح حتى عُرِف ذلك في وجوهِ أصحابه، ثم قال: ((ويحَك، إنه لا يُستَشفَع بالله على أحدٍ مِن خلقه، شأن الله أعظمُ من ذلك، ويحك، وتدري ما الله؟ إن الله على عرشه، على سماواته وأرضه لهكذا - وأشار بأصابعه الخمس - مثل القُبَّة))، وأشار يحيى بن معين بأصابعه كهيئة القبَّة، ((وإنه ليئِطُّ أَطِيطَ الرَّحْل بالراكب))[20].
40- أخبرني أبو القاسم خلف بن القاسم قال: حدثنا عبدالله بن جعفر بن الورد قال: حدثنا أحمد بن إسحاق بن واضح قال: حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال: حدثنا علي بن الحسن بن شقيق قال: حدثنا عبدالله بن موسى الضبي قال: سألتُ سفيان الثوري عن قوله تعالى: ï´؟ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ï´¾ [الحديد: 4]، قال: علمُه.
قال علي بن الحسن: وسمعتُ ابن المبارك يقول: "إن كان بخراسانَ أحدٌ من الأبدال، فهو معدانُ".
41- قال أبو داود: وحدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال: حدثنا يحيى بن موسى وعلي بن الحسن بن شقيق عن ابن المبارك قال:
الرب تبارك وتعالى على السماء السابعة على العرش، قيل له: بحدٍّ ذلك؟ قال: نعم، هو على العرش فوق سبع سماوات.
قال: وحدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال: حدثني محمد بن عمرو الكلابي قال: سمعتُ وكيعًا يقول: كَفَر بِشْر بن المِرِّيسي في صفته هذه، قال: هو في كل شيء، قيل له: وفي قَلَنْسُوَتِك هذه؟ قال: نعم، قيل له: وفي جوفِ حمار؟ قال: نعم.
42- وقال عبدالله بن المبارك: إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى، ولا نستطيع أن نحكي كلام الجَهْميَّة.
43- وأما قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: ((ينزل تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا))، فقد أكثر الناسُ التنازعَ فيه.
• والذي عليه جمهور أئمة أهل السنة أنهم يقولون: ينزلُ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويُصدِّقون بهذا الحديث، ولا يُكيِّفون.
• والقول في كيفية النزول كالقول في كيفية الاستواء والمجيء، والحجة في ذلك واحدة.
44- وقد قال قومٌ من أهل الأثر أيضًا: إنه ينزلُ أمرُه وتنزلُ رحمته، ورُوِي ذلك عن حبيب كاتبِ مالكٍ وغيره، وأنكره منهم آخرون، وقالوا: هذا ليس بشيء؛ لأن أمرَه ورحمته لا يزالانِ ينزلان أبدًا في الليل والنهار، وتعالى المَلِكُ الجبَّار الذي إذا أراد أمرًا قال له كُنْ فيكون، في أي وقت شاء، ويختصُّ برحمته مَن يشاء متى شاء، لا إله إلا هو الكبيرُ المتعالِ.
45- وقد روى محمد بن علي الجبلي - وكان من ثقاتِ المسلمين بالقيروان - قال: حدَّثنا جامع بن سوادة بمصر قال: حدثنا مطرف عن مالك بن أنس أنه سُئِل عن الحديث: ((إن الله ينزلُ في الليل إلى سماء الدنيا))، فقال مالك: يتنزَّل أمرُه.
• وقد يحتمل أن يكون كما قال مالكٌ رحمه الله على معنى أنه تتنزَّل رحمتُه وقضاؤه بالعفو والاستجابة، وذلك من أمرِه؛ أي أكثر ما يكون ذلك في ذلك الوقت، والله أعلم؛ ولذلك ما جاء فيه الترغيب في الدعاء.
• وقد روي من حديث أبي ذر أنه قال: يا رسول الله، أيُّ الليل أسمع؟ قال: ((جوف الليل الغابر))؛ يعني الآخر، وهذا على معنى ما ذكرنا، ويكون ذلك الوقت مندوبًا فيه إلى الدعاء، كما ندب إلى الدعاء عند الزوال وعند النداء وعند نزول غيث السماء، وما كان مثله من الساعات المستجاب فيها الدعاء، والله أعلم.
46- وقال آخرون: ينزل بذاتِه.
• أخبرنا أحمد بن عبدالله أن أباه أخبره قال: حدثنا أحمد بن خالد قال: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح بمصر قال: سمعت نُعَيم بن حماد يقول: حديث النزول يردُّ على الجهمية قولَهم، قال: وقال نُعيم: ينزل بذاته وهو على كرسيِّه.
47- قال أبو عمر: ليس هذا بشيء عند أهل الفهم من أهل السنة؛ لأن هذا كيفيَّة، وهم يفزعون منها؛ لأنها لا تصلح إلا فيما يحاط به عيانًا، وقد جلَّ الله وتعالى عن ذلك، وما غاب عن العيون فلا يصفه ذوو العقول إلا بخبر، ولا خبر في صفات الله إلا ما وصف نفسه به في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا نتعدَّى ذلك إلى تشبيه أو قياس أو تمثيل أو تنظير، فإنه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
48- قال أبو عمر: أهل السنة مُجْمِعون على الإقرار بالصفات الواردة كلِّها في القرآن والسنة، والإيمان بها، وحملِها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يُكيِّفون شيئًا من ذلك، ولا يَحُدُّون فيه صفة محصورة.
وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلُّها والخوارج، فكلهم يُنكِرها، ولا يحمل شيئًا منها على الحقيقة، ويزعمون أن مَن أقرَّ بها مُشبِّه، وهم عند مَن أثبتها نافُون للمعبود.
والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسُنَّة رسوله، وهم أئمة الجماعة، والحمد لله.
49- روى حرملة بن يحيى قال: سمعت عبدالله بن وهب يقول: سمعت مالك بن أنس يقول: (مَن وصف شيئًا من ذات الله مثل قولِه: ï´؟ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ï´¾ [المائدة: 64]، وأشار بيده إلى عنقه، ومثل قوله: ï´؟ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ï´¾ [الشورى: 11]، فأشار إلى عينَيْه أو أذنِه أو شيئًا من بدنه - قُطِع ذلك منه؛ لأنه شبَّه اللهَ بنفسِه!
ثم قال مالك: أما سمعت قولَ البراء حين حدَّث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يُضحَّى بأربعٍ من الضحايا))، وأشار البراء بيده كما أشار النبي صلى الله عليه وسلم بيده، قال البراء: ويدي أقصرُ مِن يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكَرِه البراءُ أن يصف رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إجلالًا له، وهو مخلوقٌ، فكيف الخالق الذي ليس كمثله شيء؟!
50- أخبرنا عبدالله بن محمد بن بكر: حدثنا أبو داود: حدثنا هارون بن معروف: حدثنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزالُ الناسُ يتساءلون حتى يقولوا: هذا خلق الله الخلق، فمَن خلق الله؟ فمَن وجد من ذلك شيئًا فليَقُلْ: آمنتُ بالله)).
51- وأخبرنا عبدالله حدثنا محمد: حدثنا أبو داود: حدثنا محمد بن عمرو: حدثنا سلمة بن الفضل: حدثني محمد بن إسحاق قال: حدثني عتبة بن مسلم مولى بني تميم عن أبي سلمة بن عبدالرحمن عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه، قال: ((فإذا قالوا ذلك، فقولوا: الله أحدٌ، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، ثم ليتفُلْ عن يساره ثلاثًا، وليستعِذْ باللهِ من الشيطان الرجيم))[21].
52- وروي عن محمد بن الحنفية أنه قال: (لا تقومُ الساعةُ حتى تكونَ خصومةُ الناسِ في ربِّهم)[22].
وقد رُوي ذلك مرفوعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم[23].
وقال سحنون: مِن العلم بالله الجهلُ بما لم يُخبِر به عن نفسه.
وهذا الكلام أخذه سحنون عن ابن الماجشون، قال: أخبرني الثقة عن الثقة عن الحسن بن أبي الحسن قال: لقد تكلَّم مُطرِّف بن عبدالله بن الشخِّير على هذه الأعواد، بكلامٍ ما قيل قبله ولا يقال بعده، قالوا: وما هو يا أبا سعيد؟ قال: قال: الحمد لله الذي مِن الإيمانِ به الجهلُ بغيرِ ما وصف مِن نفسِه.
53- أخبرنا أحمد بن محمد قال: حدثنا الحسن بن سلمة قال: حدثنا ابن الجارود قال: حدثنا سحنون بن منصور قال: قلتُ لأحمد بن حنبل: ينزلُ ربُّنا تبارك وتعالى كل ليلةٍ حين يبقى ثُلُث الليل الآخر إلى السماء الدنيا، أليس تقول بهذه الأحاديث، و((يرى أهل الجنة ربَّهم))[24]، وبحديث ((لا تُقبِّحوا الوجوه؛ فإن الله خلق آدم على صورته))[25]، و((اشتَكَتِ النار إلى ربها حتى يضع الله فيها قَدَمَه))[26]، وأن موسى عليه السلام لطم مَلَك الموت صلوات الله عليه[27]؟
• قال أحمد: كل هذا صحيح.
• وقال إسحاق: كل هذا صحيح، ولا يَدَعُه إلا مبتدعٌ أو ضعيف الرأي.
• قال أبو عمر: (الذي عليه أهل السُّنة وأئمة الفقهِ والأثرِ في هذه المسألة وما أشبهها، الإيمانُ بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها، والتصديقُ بذلك، وتركُ التحديد والكيفيَّة في شيء منه).
54- أخبرنا أبو القاسم خلف بن القاسم قال: حدثنا عبدالله بن جعفر بن الورد قال: حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم عن أحمد بن نصر أنه سأل سفيان بن عُيَينة قال:
حديث عبدالله: ((إن الله عز وجل يجعَلُ السماءَ على أصبع))[28]، وحديث: ((إن قلوبَ بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن))[29]، و((إنَّ الله يعجب أو يضحك ممن يذكره في الأسواق))[30]، وأنه عز وجل ((ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة)) ، ونحو هذه الأحاديث، فقال:
• هذه الأحاديث نَرْويها ونُقِرُّ بها كما جاءَتْ بلا كيف.
يتبع