عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 13-02-2020, 04:22 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,140
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث


الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث (5)
د. عيد نعيمي آل فيصل






إنَّ الحمدَ لله، نحمَده ونَستعينه ونستغفِره، ونعوذُ بالله مِن شُرورِ أنفسنا ومِن سيِّئات أعمالِنا، مَن يَهدِه الله فهو المهتد، ومَن يضللْ فلن يجدَ له وليًّا مرشدًا، وصلِّ اللهم على سيِّدنا محمَّد، وعلى آله وصحْبه وسلِّم.


ثم أما بعد:
فنبدأ درسَنا اليوم بسؤال: هل مِن الأفضل أن أقول على الرَّاوي: إنَّه عدلٌ ضابط، أم يكفيني أن أقول: ثقة؟
الإجابة: الأفضل أن نقول: عدلٌ ضابِط؛ لأنَّه قد يكون ثِقة وليس بضابط، فبعضُ العلماء يُطلِقون الثقةَ على العدالة فقط (الدِّين)، وأنَّه تقيٌّ، ولكن لا يُطلقونها على الضبط، وهذا كان مصطلحًا خاصًّا بابنِ معين، فهوكان شديدًا في ألفاظ الجرْح والتعديل، وكان مِن أئمَّة الجرْح والتعديل، ولكن عُرِف عنه أنَّهإذا قال: فلان ثِقة، فلا بدَّ وأن نبحثَ في ضبط هذا الرجل؛ لأنَّ ابن معين عندما يقول: (ثقة فإنَّه يقصِد العدالة، إذًا مِن الأفضل عندما يتكلَّم طالِبُ العلم على رَاوٍ أن يقول: عدل ضابط لأنَّ كلمة ثِقة وردَتْ عن بعض الأئمَّة أنَّه يُطلِقها على النِّصف الأوَّل ألا وهو العَدالة، فلكي تخرُج مِن هذا المأزق نفسِّر ونقول: عدلٌ ضابط.


سؤال آخَر: هل مِن الأفضل أن أقول في تعريف الحديث الصحيح: مِن غير شذوذ ولا عِلة، أم أنَّ أقول: ألا يكون الحديث شاذًّا وألاَّ يكون مُعلَّلاً؟
الإجابة: الأفضل حتى أكون دقيقًا في التعريف أنأقول: ألاَّ يكون الحديثُ شاذًّا وألا يكون معلَّلاً، لماذا؟ لأنَّ العلماء قالوا: إنَّ قيد (مِن غير شذوذ ولا علَّة) يشمَل العِلَّة القادحة والعِلة غيرَ القادِحة؛ لأنَّه - وكما هو معلوم في عِلم الأصول - أنَّ النكرة في سِياق النفي تُفيد العموم، ونحن في عِلم الحديثِ نَتكلَّم على العلَّة القادِحة فقط، إذًا تعريف الحديث الصحيح بقيد مِن غيرشذوذ ولا عِلَّة - شَمِل العلَّة غير القادِحة، التي لا تُؤثِّر في صحة الحديث، ولكن عندما أقول: ألا يكون الحديثُ شاذًّا وألاَّيكون معلَّلاً، إذًا العلَّة صبغتِ الحديث بصِبغة،فأصبح الحديثُ معلولاً، ولا يكون الحديثُ معلولاً إلا إذا كانتِ العِلَّة قادِحة، فاللفظُ الصواب أنْ أقول: ألاَّ يكون الحديثُ شاذًّا وألاَّيكون مُعللاً؛ حتى لا تدخُلمعي العلَّة غير القادِحة، وهذا سنَعرِفه من تعريف العلَّة، وأنها سببٌ خفي يَقدَح في صحَّة الحديث، معأنَّ الظاهرَ السلامة منها، إذًا العلَّة لا بدَّ أن تكونَ قادحة.


الشرط الرابع مِن شروطِ صحَّة الحديث: انتفاء الشُّذوذ:
س: ما هو تعريفُ الشذوذ؟
للشذوذ تَعاريف كثيرةٌ، وسنتكلَّم عن هذه التعارِيف.
فأوَّل هذه التعارِيف هو: مخالَفة الثِّقة للأوثق (وهذا التعريفُ ناقصٌ؛ لأنَّ درجةَ الثقة كبيرة إلى حدِّ أنَّها ستترك الصدوقَ الذي حديثُه مِنْ قبيل الحسَن، وحديثه مقبول أيضًا، فلكي يَدخُل معي في هذه المرتَبة مَنْ حديثه مِنْ قبيل الحسَن؛ نأتي بلفظٍ يشمل الصدوقَ أيضًا، وهذا اللفظ هو: المقبول، ولو تَذكَّرْنا شجرة الحديث، فمنها المقبول، وكان مِن ضمن أقسامِه الحسَن، فإذا قلنا: إنَّ تعريفَ الشاذِّ هو مخالفة الثِّقة لمن هو أوثقُ منه، فبهذا نكون تركْنا جزءًا مِن الحديث المقبول، ألاَ وهو الحديث الحسَن، إذًا لا بدَّ أن نُدْخِل كلمةً تشملُ الراوي الذي يكون في أعْلى درجات القَبول (الثِّقةوتشمل أيضًا الرَّاوي الذي يكون حديثُه في أدْنى درجاتِ القَبول (الحسن)، وهذه الكلمة هي المقبول.


وعليه؛ فإنَّ التعريف الصواب هو: مخالفة المقبول لمن هو أوْلَى منه؛ أي: عندما يُخالف أحدٌ أحدًا نرَى مَنْ الأوثقُ ومَنْ الأقل، ويكون الأوثقُ هو الصوابَ، والأقل في الثِّقة يكون حديثه شاذًّا.


هناك تعريفٌ آخَر للشاذِّ، وهو تعريفٌ مهم لابدَّ مِن معرفته:
تَكلَّم بعضُ العلماء على أنَّ الشاذَّ والمنكر هما مطلَق التفرُّد، مثلاً: إذا وجدْت أيَّ إنسان تفرَّد بحديثٍ، فحديثه يكون مِن قبيلالشاذِّ أو المنكَر، هذا الكلام ورَد عن بعضِ الأئمَّة، ولكنَّه مقيَّد بفِعلهم العمَلي في التطبيق، فهُم لم يَردُّوا الحديثَ لمجرَّد التفرد، ولكن ردُّوا التفرُّدَ المقترِن بقرينةٍ تدلُّ على النَّكارة، إذًا مجرَّد التفرد ليس عِلَّة في حدِّ ذاته، ولكن لا بدَّ أنيكونَ التفرُّد مقرونًا بقرينة تدلُّ على الشذوذِ أو النَّكارة.


وما الدليل؟
الدليل هو: حديث ((إنَّما الأعمالُ بالنيَّات))، فيه تفرُّدٌ في أربع طَبقات، ولم يتكلَّم فيه أحدٌ مِن العُلماء - إذًا مطلَق التفرُّد ليس علَّةً في حدِّ ذاته، ولكن إنْ وُجِدت قرينةٌ أخرى تدلُّ على الخطأ، فنقول على هذا التفرد: إنَّه شاذٌّ أو منكَر.


الأمر الثاني: لفظُ الحديث الشاذِّ عندَ الأئمَّة المتقدِّمين قليل جدًّا، مثلاً إذارجعْت لكتُب الأئمَّة، مِثل "العلل" للدارقطني، و"العلل الكبير" للترمذي، و"علل الإمام أحمد والكتُب التي تَتحدَّث عن صحَّة الحديثِ وضعْفه، فإذا حصرْت هذه الكتُب ممكن مثلاً لا تخرُج منها بكلمة شاذ، إلاَّ في خمْسة أحاديث، ولكنَّك على العكسِ مِن ذلك تجِد لفظ الحديث المنكَر كثيرًا، ولكن لفظ الشاذ إنَّما ظهَر بكثرةٍ عندَ الأئمَّة المتأخرين، أما عندَ الأئمَّة المتقدِّمين فكان قليلاً، وإنَّما كانوا يُعبِّرون عنه بالمنكَر؛ أي: أن يَحكُموا على الحديث بالشذوذ لا تَجِده كثيرًا، ولكن يقولون عليه: منكر، والأئمَّة المتقدِّمون كانوا لا يُفرِّقون بيْن المنكَروالشاذ، إذًا عندما نَتكلَّم عنِ المنكَر، يمكن تقول عليه: شاذٌّ، وتقول على الشاذ: منكرٌ، وسنتكلَّم عن معنى المنكَر مع أنَّه مبحَث سابِق لأوانِه، ولكن كما قال الشيخُ ابن عثيمين: "إذا وردتْ لفظةٌ في باب وليس موضعها، لا بدَّمِن تَعريفِها للطالب؛ حتى لا تمرّ على الطالِب الفائدة".


تعريف المنكَر: هو مُطلَق التفرُّد المقترِن بقرينةٍ تدلُّ على الخطأ (وهو نفْس تعريفِ الشاذ)، ولكن بعض العُلماء فرَّقوا، فقالوا:
الشاذ: مُخالَفة المقبول لِمَن هو أوْلى منه.


والمنكَر: هو مخالفة الضعيف لِمَن هو أوْلى منه.


قلت: إنَّ مخالفة أيِّ إنسان لِمَن هو أوْلى منه يصلح أن أقول عليه: شاذٌّ، ويصلح أن أقول عليه: منكرٌ؛ لأنَّ الشاذ = المنكر = الخطأ، فما دمْت خالفت الأفضلَ، فحديثُك هذا يصحُّ أن تقول عليه: شاذٌّ، ويصحُّ أن تقول عليه: منكَر، والأفضل أن تقول: مُنكَر، تقيدًا بأئمَّة هذا الشأن.


â—„ تعريفٌ آخَر مهم للمنكر:
تفرُّد مَن لا يحتمل حالَه التفرُّد والمخالَفة بمِثل هذه الرِّواية.


لاحِظ أنَّ هذا التعريفَ به ثلاثة قيود:
1- التفرُّد.
2- المخالَفة.
3- بمِثل هذه الرِّواية.


1- التفرُّد: فلا بدَّ أنْ تلاحِظَ في التعريف قولَه: بمِثل هذه الرِّواية، وكأنَّه يريد أن يقول لك: ليس كل تفرُّد مردودًا، ولكن التفرُّد المردود هو التفرُّد برِواية تحتفُّ بأمورٍ تجعل التفرُّدَ بها منكرًا؛ أي: إنَّ حالك لا يَحتمل أنْ تخالِف أو تتفرَّد بحديثٍ فيه أمرٌ تعمُّ به البلوى والهِمم تتداعَى على نقْله (هاتان قرينتان تجعل التفرُّد بالرواية منكرًا).


مثال: أنت مِن أئمَّة الحديث، ولكن مستواك في الحِفظ في درجة الحسن (أي درجة أقل قليلاً مِن درجة الثِّقة)، ففي هذه الحالة لو تَفرَّدتَ بحديث فيه أمرٌ تعمُّ به ا البلوى والهِمم تتداعَى على نقْله (كصلاة التسابيح)، نقول على تفرُّدك هذا: تفرُّد مُنكَر؛ لماذا؟


لأنَّه احتفَّ بثلاث قرائن تدلُّ على أنَّك أخطأت:
القرينة الأولى: أنَّ حالك لا يَسْمح بالتفرُّد بمِثل هذه الرِّواية، فأين كان فلانٌ وفلان؟ حيثُ كان العلماء يُحَاسِبُونَ مَن تفرَّد بحديثٍ ما، فيقولون لهذا المُتفرِّد: أين كان فلان، وأين كان فلان، وأين كان فلان؛ لكي تتفرَّد أنتَ بهذا الأمْر؟!


بصيغة أخرى: عندما يأتي راوٍ أقلُّ فيالدرجة مِن أئمَّة عصره ويتفرَّد بسُنَّة عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يأخذها عنْ إمام مُكْثِر، مثلاً يأخذ الحديثَ عنِ الأعمش، فنقول له: أين كان أصحابُ الأعْمَش لكي تتفرَّد أنت بسُنَّة عنِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحالك هو أقل دَرَجات القَبول؟ إذًا وُجِدَت قرينة هي: حالك لا يَحتمِل التفرُّد بمِثل هذه الرِّواية.


القَرينة الثانية: أنَّك تفرَّدت عنِ الأعمش، وهو إمام مُكْثِر، كان الأئمَّة يَلهَثون خلْفه؛ لكي يأخذون منه الحديث، فإذًا كيف لك وأنت مُستواك في الحِفظ والإتْقان أقل، ثُم تتفرَّد عمَّنْ يلهَثالناسُ وراءَه؟ فبذلك لم نَحكُم عليه بالنَّكارة لمجرَّد أنَّ فلانًا هذا تفرَّد بالحديث، ولكن لأن:
1- حاله أقلُّ حالاً.



2- ولأنَّه تفرَّد عن إمام مكثِر يَسعَى الناسُ إلى حديثه.


القرينة الثالثة: أنَّك تفرَّدت بأمْرٍ تعمُّ به البلوى، ولكن إذا تفرَّدتَ بأمر معلومٍ مِن الدِّين بالضرورة، مِثل النيَّات؛ حيثُ إنَّ كلَّ الشَّرْع يأمر بالنيَّات، فلا مُشكلةَ في التفرُّد بمِثل هذا؛ لذلك قُبل حديثُ: ((إنَّما الأعمالُ بالنيَّات)) رغمَ أنَّ فيه رواةً في مرتبة الحسن وتفرَّدوا به؛ لأنَّه ارتبط بأمر لا تعمُّ به البلوى (معلوم مِن الدِّين بالضرورة)، فمثلاً إنْ كان حديثُ ((إنَّما الأعمالُ بالنيَّات)) ليس موجودًا، فلا بدَّ لأيِّ عملٍ مِن نية حتى يصحَّ هذا العمل؛ لأنَّالقرآن فيه آياتٌ تدلُّ على رُكنيَّة النيَّة <img alt="">، إذًا هي مسألة لا تعمُّ بها البلوى؛ أي: معلومة لدَى الجميع.


مثال للأمور التي تعمُّ بها البلوى: صلاة التسابيح، حيث إنَّ الحافظَ ابن حجر ضعَّفالحديث؛ لماذا؟ لأنَّ راويًا اسمه عبدالعزيز حالُه في مرتبةِ الحسن، والحديث شديدالفرديَّة؛ أي: لم يرِدْ عن غيره، وصِفتُه غريبة عن جميعِ صِفات الصَّلوات، إذًا مِن أين أتَى به عبدُالعزيز؟ ليس معنى هذا أنَّ الحديث ضعيفٌ، لا، فالشيخُ الألبانيُّ- رحمه الله تعالى - قد صحَّحه، ولكن نقول لك: انظر كيف نقَد الحافظُ ابن حجر الحديثَ، ولماذا ضعَّفه وقال: إنَّه منكر؟
1- لأنَّ الراوي حالُه متوسِّط لا يحتمل التفرُّد بمِثل هذه الرِّواية.


2- أنَّه انفرَد بأمرٍتعمُّ به البلوى.


3- انفرد بأمرٍ تتداعى الهِممُ على نقْله، فهي صلاةٌ غريبةٌ في صِفتها عن جميعِ صِفات الصلوات.


أي: إنَّ الحافظَ ابن حجر يُريد أن يقول: إنَّ هذه الصلاة لو كان صلاَّها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لكان كثيرٌ مِن الصحابة نقَلَها؛ لأنَّها صِفة جديدة علينا، فَضَعَّفَ الحديث؛ لأنَّ الراوي حاله متوسِّط، وتفرَّد بأمرتعمُّ به البلوى، وتتداعى الهِممُ على نقْله.


2- المخالفة:
أ- قدْ تكون المخالفةُ خاصَّةً بصِفة الرَّاوي مِن حيث الحفظُ والتثبتُ: فمثلاً راوٍ حاله متوسِّط من حيثُ الحفظُ، ثم خالف إمامًا مِن أئمَّة الحفظ مِثل يحيى بن سَعيد القطَّان، أو مالك أو شُعْبة أو غيرهم، فهل يصحُّ هذا؟ لا يجوز لك أن تخالفَ مِثل هؤلاءِ العلماء؛ لأنَّهم أئمَّةٌ في الحِفظ، وهم أئمَّة هذا الشأن، بل ومؤسِّسوه.


ب- وقد تكون المخالفةُ خاصَّةً بالعَدَد؛ أي: راوٍ واحِد يُخالف مجموعة (مثلاً ثِقة يُخالِف مجموعةً مِن الثِّقات)، أو عدَد قَليل يُخالِف عددًا كثيرًا، فيُقدَّم العَددُ الكثير على القليل.


سؤال أحد الإخوة: مِن الممكن أنَّ هذا الحديثَ الشاذَّ أو المنكَر لم يأخذْه مِن العالم غير هذا الرَّاوي؟
كلِمة ممكِن هذه لا تَصلُح؛ لأنَّهبهذا التعليل يفْتَح المجال لمن أراد أنْ يُصحِّح الأحاديثَ كلَّها سوف يُصحِّحها، ومَن أراد أن يُضعِّفها سوف يُضعِّفها، إذ إنَّ تحتَ (ممكِن) كل شيء ممكِن، فمثلاً الرَّاوي الضعيف الذي أُضَعِّف حديثه، من الممكِن أن تقول: إنَّهحفِظ هذا الحديث، ولكن سنُحاكمه بقاعدة أنَّ النادِر ليس له حُكم، فأنتَتقول: ممكن، وكَلِمة (ممكِن) هذه على التَّقليل، إذًا هذا أمر نادِر فليس له الحُكم، فنَحكُم على الرَّاوي بالغالب، والغالبأنَّ هذا الراوي لم يسمعْ هذا الحديثَ وحْدَه.


سؤال آخَر لأحدِ الإخوة: مخالفةُ الثقة لأحدٍ مِن الثقات؛ ماذا يكون حديثه؟
ج: حديثُه يكون شاذًّا أو منكرًا، فما معنى مخالفةِ الثِّقة للثِّقات، (وهذا تعريفُ الشاذِّ عند البعض)؟ إنَّه - أي: الثِّقةَ الذي خالَف الثِّقات - أخْطأ، وما معنَى مخالفةِ الضعيف للثِّقاتِ (وهذا تعريفُ المنكَر عندَ البعض)؟ أنَّ الضعيف أخطأ، فخَطأُ الثِّقة هل يُساوي خطأ الضعيف؟ نعَمْ يساويه.



ولكي نُريحكم في هذا المبحَث، فالشاذُّ بمعنَى الخطأ، والمنكَر بمعنى الخطَأ، إذًا هل يتساويان؟ نعم يتساويان؛ لأنَّ الخطأ لا يتعدَّد، وعليه يصحُّ أن تقول على الشاذِّ: منكَرٌ، ويصحُّ أن تقول على المنكر: شاذٌّ، والأفضل أن تقول: منكَر؛ لأنَّ غالبَ الأئمَّة المتقدِّمين على هذا اللفظ.


تنبيه:
إذا استخدمْت الشاذ على المعنى الذي هو مُخالَفةُ الثِّقة للأوثق، أو مخالفة المقبول للأَولَى، وإذا استخدمْت المنكَر على المعنى الذي هو مخالفةُ الضعيف للثِّقة، فلك سلفٌ في هذا مِثل الحافِظ ابن حجر والسيوطي، والخطيب البغداديّ وابن الصلاح، وغيرهم؛ أي: الأئمَّة بعدَ سَنَة 400هجرية تقريبًا، لكن الأئمَّة الذين كانوا في فترةِ الرِّواية مثلاً مِن سَنة 100 لسنة 385، إلىالدارقطني، فكلُّ هؤلاء في غالب أمرِهم كانوا يستخدمون الشاذَّ والمنكَر بمعنى واحد، (تفرُّد مَن لا يحتمل حالُه التفرُّد والمخالَفة بمِثل هذه الرِّواية = مطلق التفرُّد المقترِن بقرينة تدلُّ على الخطأ)، بلإنَّهم كانوا يُعبِّرون عن هذا المعنَى بالمُنكَر بصورةٍ أكثر.


سؤال مهمٌّ جدًّا: لماذا اشترط الأئمَّة المحدِّثون انتفاءَ الشذوذ على الرَّغْم مِن أنَّ الشذوذَ مِن أنواع العِلل؟ فهذا نوعٌ مِن التَّكرار، ألَيْس كذلك؟
â—„ نقول - وبالله التوفيق -: هذا كلامٌ غير صحيح، فانتفاء الشذوذ لا بدَّ مِن ذِكْره...لماذا؟
لأنَّ الفُقهاءَ لا يَعتبرون الشذوذَ عِلَّة، فيَجب التنبيهُ على أنَّ الشذوذَ عندَالمحدِّثين عِلَّة؛ لكي لا نَسير خلفَ طريقةِ الفقهاء (عندما يأتي ثِقة ويَنفرِد بحديث، وتكونهناك قرائنُ دالَّة على خطئِه يقول الفقهاء: إنَّه ثِقة، وحديثُه صحيح).

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 38.32 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 37.69 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.64%)]