عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 13-02-2020, 04:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,286
الدولة : Egypt
افتراضي الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث

الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث (1)
د. عيد نعيمي آل فيصل





قال الذهبيُّ في تذكرة الحفَّاظ: "فحقٌّ على المحدِّثِ أن يَتورَّعَ في ما يُؤديهِ، وأن يَسألَ أهلَ المعرفةِ والورعِ؛ ليعينوه على إيضاحِ مَرويَّاتهِ، ولا سَبيلَ إلى أن يصيرَ العَارِفُ الذي يُزَكِّي نَقَلةَ الأخبارِ ويَجرحهم جهبذًا إلاَّ بإدمانِ الطَّلبِ، والفَحْص عن هذا الشأنِ، وكَثرةِ المذاكرةِ والسَّهر، والتيقُّظ والفَهم، مع التقوى والدِّين المتين، والإنصاف والتردُّد إلى مجالسِ العلماء، والتحرِّي والإتْقان، وإلاَّ تفعل:
فَدَعْ عَنْكَ الكِتَابَةَ لَسْتَ مِنْهَا
وَلَوْ سَوَّدْتَ وَجْهَكَ بِالْمِدَادِ



قال الله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [بالنحل: 43]، فإنْ آنستَ يا هذا مِن نفسك فهمًا وصدقًا ودِينًا وورعًا، وإلاَّ فلا تَتَعَنَّ، وإن غلَب عليكَ الهَوى والعصبيَّة لرأيٍ أو لمذهَب، فباللهِ لا تتعَب، وإنْ عرفتَ أنَّك مُخَلِّطٌ مُخَبّطٌ مهملٌ لحدودِ الله، فأرِحْنا منك، فبعدَ قليلٍ ينكشف البَهْرَجُ، وَيَنْكَبُ الزَغَلُ، ولا يَحيق المكرُ السيِّئُ إلا بأهلِه، فقد نصحتُك، فعِلم الحديثِ صَلفٌ؛ فأين عِلمُ الحديث، وأينَ أهلُه؟ كدتُ ألاَّ أراهم إلاَّ في كِتاب أو تحتَ تُراب".


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسمِ الله، والحمدُ لله، والصَّلاةُ والسلامُ على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وبعدُ، فبَيْن يديك الآن الشرحُ الذي لا يُوجَد في المحاضراتِ المطبوعة التي وزَّعها شيخنا د. عيد نعيمي - حفظه الله - ونصَح بكتابتها وتدوينها خَلْفَه، وذلك مقدِّمة في عِلم مصطلح الحديث.

تعريف علم مصطلح الحديث:
قال السيوطيُّ في ألفيته:
عِلْمُ الحَدِيثِ ذُو قَوَانِينَ تُحَدّ
يُدْرَى بِهَا أَحْوَالُ مَتْنٍ وَسَنَدْ

فَذَانِكَ المَوْضُوعُ والمَقْصُودُ
أَنْ يُعْرَفَ المَقْبُولُ وَالمَرْدُودُ



علم مصطلح الحديث هو:
العِلمُ بالقواعدِ والقوانين التي يُعرَف بها أحوالُ السَّند والمتن مِن حيث القَبولُ والردُّ.

و معلومٌ أنَّه في بدايةِ الدِّراسة في أيِّ علم تكون هناك كلماتٌ في حاجةٍ إلى بيانٍ وتفسير، وأولُ هذه الكلمات هي (السَّند).

تعريف السند:
هو عبارةٌ عن سِلسلةِ الرِّجال الموصلة إلى المتْن.

وكما تعلمون، فإنَّ حديث النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يأتي على صورةِ: ((حدَّثَنا فلان عن فلان أنَّ فلانًا قال: أخبرَنا فلان، قال: أنبأَنا فلان، قال: سمعتُ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال كذا وكذا)).

مثال: "حدَّثَنا مالكٌ عن نافع، عن ابنِ عُمرَ أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال كذا وكذا، فكما ترَى مالك ونافع وابن عمر - رضي الله عنهما - فهؤلاء هُم سلسلةُ الرِّجالِ الموصلة إلى المتن".

تنبيه: درَج كثيرٌ مِن طلبةِ العِلم على تعريفِ السَّند بهذا التعريف السابِق (سلسلة الرجال الموصلة إلى المتن)، إلاَّ أنَّ هذا التعريف عليه بعضُ الانتقادات[1].

انتقادات تعريف السند بأنَّه سلسلةُ الرِّجال الموصلة للمتن:
الانتقاد الأول:
تعريف السَّند بأنَّه سلسلة الرِّجال، ترَك صِيَغ التحمُّل المباشرة وغير المباشرة، فعندما نقول: حدَّثَنا مالك عن نافع عن ابنِ عُمر، فهذا التعريفُ ذَكَر الرِّجال فقط (ذكر مالكًا ونافعًا وابنَ عمرَ - رضي الله عنهما) وترَك (حدَّثَنا، أنبأَنا، أخبرَنا، سمعْت، قال، عن، أنّ)، ففي علم الحديث تُسمَّى هذه الكلمات (حدَّثَنا، أنبأَنا، أخبرَنا، سمعت، قال، عن، أنّ) تُسمَّى صِيغَ التحمُّل، وهي تنقسم إلى قِسمين:
صيغ التحمُّل المباشِرة
صيغ التحمُّل غير المباشِرة
مثل: (سمعت، حدَّثَنا، أنبأَنا، أخبَرَنا) وهي تعتمد على المواجهةِ مع الشيخ وجهًا لوجه، ولا تحتمل إلا السماعَ أو الخطأ، أو التأويل أو الكَذِب.
مثل: (عن، قال، أن) وتُقبَل هذه الصِّيَغ من الثِّقات[2] غير المدلِّسين؛ أي: إنَّها محمولةٌ على السَّماع، أما الثقات المدلِّسون فلا تُحْمَل على السَّماع، إنَّما تُحْمَل على الانقطاع - على تفصيل سوف يأتي في مراتب المدلِّسين؛ أي: إنَّ الثقةَ المدلِّس أوهم (استخدم التعريض) أنَّه سمِع الحديثَ مِن الشيخ مباشرةً، وهو إنَّما سمِعه بواسطة، ثم قام بإسقاط هذه الواسِطة ورواه عن الشيخ مباشرةً، ولكن بصِيغة تحتمِل السماعَ مثل (عن، قال، أنّ) كما أنَّ صيغ التحمُّل غير المباشرة تحتمل الكذب (مِن غير الثقات)، وتحتمل الخطأَ مِن الجميع.


التَعْرِيض:
فمثلاً تُريد أن تحصُل على سندٍ عالٍ مِن شيخك في حديثٍ لم تسمعْه منه، ولكنَّك سمعتَه من قرينٍ لك في طلبِ العِلم، فتقوم بإسقاطِ قرينِك وتَروي الحديثَ عن شيخك مباشرةً؛ طلبًا لعلوِّ السَّند، ولكنَّك ترويه بصيغةٍ تحتمل السماعَ (صيغ التحمُّل غير المباشِرة)، وهذا يُعدُّ تدليسًا؛ لأنَّك أوهمتَ الطالب أنَّك سمعتَ الحديثَ مِن شيخك، وإنَّما سمعتَه بواسطة، ثم قُمتَ بإسقاطِ هذه الواسِطة؛ طلبًا لعلوِّ السند أو غيره مِن الأغراض الحامِلة على التدليسِ، والتي سوف تدرس في مبحث التدليس - إنْ شاء الله.

في الماضي - في زمن الرِّواية - كان علوُّ السَّند شرفًا، فكلَّما اقترب الراوي مِن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بسندٍ نظيفٍ، حاز شرفًا، يقول: وصلتُ إلى النبيِّ براويين، وآخَر وصَل بثلاثة، وآخَر بخمسة، فهذا الذي وصَل بخمسةِ رُواة فيه نوعٌ من النزول؛ لأنَّك اضطررتَ أن تأخذَ عن أقرانك وتلاميذك، ولا يُعدُّ هذا عيبًا[3] ولكنَّه دنوٌّ في الهمة؛ قيل لابنِ مَعينٍ في بيتِه حين وفاته: ما تطلُب؟ قال "بيتٌ خالٍ، وسندٌ عالٍ" يُريد بيتًا خاليًا؛ ليطلبَ عِلمَ الحديث، وسندًا عاليًا؛ ليقتربَ من النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهذه كانت آخرَ أمنياته قبل موته.

الاعتراض على الانتقاد:
يردُّ على هذا الانتقاد الأوَّل؛ (لينتصرَ لتعريف السَّند بأنه سلسلةُ الرجال الموصلة للمتن)، فيقول: كلمة سلسلة تشمل صِيَغ التحمُّل المباشِرة وغير المباشرة؛ لأنَّ السلسلة مِن صِفتها أنَّها متشابكة، فلا يصلُح أن يأخذ رجلٌ عن رجلٍ إلاَّ إذا كانت هناك وسيلةُ اتصال بينهما، إذًا كلمة سلسلة تضمَّنت صِيَغ التحمُّل تضمنًا غيرَ مباشرٍ.

الرد على الاعتراض:
فيُرَدُّ على هذا الاعتراضِ بأنَّ كلمة سلسلة تَعني أنَّ الأسانيدَ متصلة أيضًا، وكثير مِن الأسانيد غير متصلة، والدَّليل على ذلك أنَّ هناك أحاديثَ ضعيفةً كثيرةً، وسببُ ضعْفِها السَّقْط في السَّند، إذًا الاعتراض على الانتقادِ مَردود، إذا ثبَت لنا الانتقاد.

الانتقاد الثاني:
إنَّ تعريفَ السند بأنَّه سلسلةُ الرجال أهملَ الوسائط غيرَ الرجال مِثل الوجادة[4]، حيث إنَّ التعريف ذكَر الرجال فقط، وفي عِلم الحديث يُمكن أن آخُذ الحديث "وجادة"؛ نعني: بذلك أنَّ شَيْخي قدْ ماتَ - رحمه الله - ثم ذهبتُ إلى مكتبته فوجدتُ كتابًا له، ولكنِّي لم أسمعْه منه، فأنقل عن كتاب شيخي - هذا يُسمَّى وجادة - وعندما أَتكلَّم بما وجدتُه لا أقول: حدَّثني شيخي، وإلاَّ أكون كاذبًا، وإن قلت: عن شيخي أكون مدلِّسًا؛ لماذا؟ لأنِّي أسقطتُ الواسطة بيني وبيْن شيخي، ألاَ وهو الكتاب الذي وجدته؛ (لذلك يُسمَّى هذا النَّوْع مِن طُرُق التحمُّل وجادة)، والصواب أن أقولَ: عن كتاب شَيْخي، فهذه هي الدقَّة، فعِلْم الحديث الذي بهذه الدقَّة المتناهية - مِن خصائص هذه الأمَّة.

كما أنَّه لا يجوز أن نَنقُل عنِ الشرائط الصوتيَّة والفيديوهات المرئيَّة وأقول: سمعتُ عن فلان أو حدَّثني فلان، بل أقول: قال فلان في شريط الفيديو، فأكون ذكرتُ الواسطةَ التي بيْني وبيْنه؛ لاحتمالِ أن يكونَ حدَث نوعٌ من التغيير والتبديل في هذه الوسائط.

كما أنَّه في عِلم الحديث لا يُؤخَذ عِلمُ عللِ الحديث مِن الصَّغير في السنِّ، بل تأخذه مِن الكبيرِ ليس في السنِّ فقط، بل الكبير في طلَب العِلم، كأن يكونَ دَرَس عِلم الحديث لخمسٍ وستِّين سَنة مثلاً (مثل الشيخ الألباني - رحمه الله)، بحيثُ يصِلُ لدرجة أنَّه مجرَّد أن يسمعَ الحديثِ يَعرِف أنَّه صحيح أم غير صحيح؛ لكثرة ممارسته للألفاظِ النبويَّة، حتى اختلط بها شحمُه ولحمُه، فمثلاً لو أعطيت نقودًا مزوَّرة لصيرفي، فسيَعرِفها بمجرَّد النَّظَر، وأمَّا إنْ أعطيتها لغير متخصِّص، فلن يعرفَ، كذلك المحدِّث الذي طال عمرُه في التحديثِ، والْتَحم شحمُه ولَحمُه بالتحديث، ويُسمَّى هذا (عِلم العِلل) عندَ الجاهل كهانةً، ولكنَّه عندَ العلماء عِلمٌ له قواعدُ وقوانين تحكمه، لكنَّها لا تُدرَك إلا بكثرةِ الممارسة، ولقدْ كان علماءُ العِلل يعلُّون بعضَ الأحاديث بقولِهم: هذا الحديث أشبهُ بحديث فلانٍ، وليس معهم في ذلك سوى كثرةِ الاطِّلاع والممارسة، حتى أصبحتْ لهم ملَكَة في ذلك[5]، فيأتي مَن لا يُحسن ويُخطِّئ هؤلاء الفحولَ؛ لمجرَّد أنَّه دَرَس خمسة أو ستة أعوام في عِلم مصطلح الحديث، فيقول: لقد أخطأ فلانٌ في هذا التعليل؛ إذ إنَّ ليس معه دليل، ولا يَدري هذا الجاهلُ المتطاول على مائدةِ العلماء أنَّ تعليل علماء العِلل للحديث هو الدليل[6]، فقولهم هو القولُ، وما سواه مردود، فهم أهلُ الصنعة، بل هم أهلُ الذِّكْر في هذا الباب، فهذا الطُّويلب يحتاج إلى أن يَتعلَّم الأدبَ قبل أن يتعلَّمَ العِلم، وكما قال العلماء: لو سَكَتَ مَن لا يَعلم، لقلَّ الخلاف، وإليك ما يُدلِّل على ذلك:[7]
قال الحُسينُ بنُ الحسَنِ المروزيُّ[8]: سمعتُ عبدَالرحمن بن مهديٍّ يقول: كنتُ عندَ أبي عَوَانةَ، فحدَّث بحديثٍ عن الأعْمَش، فقلتُ: ليس هذا مِن حديثِك.


قال: بلَى! قلتُ: بلى! قال: يا سلامة! هاتِ الدُّرج فأخرجتُ، فنظَر فيه، فإذا الحديث ليسَ فيه، فقال: صدقْتَ يا أبا سعيد؛ فمِن أين أُتيت؟! قلتُ: ذُوكرتَ به وأنت شابٌّ، ظننتَ أنَّك سمعتَه!

وقال يحيى بن معين[9]: حضرتُ نُعيمَ بن حماد بمصر، فجعَل يقرأ كتابًا صنَّفه، فقال: حدَّثَنا ابنُ المبارك، عن ابنِ عون؛ وذكَر أحاديث. فقلتُ: ليس ذا عنِ ابن المبارَك. فغَضِب؛ وقال: تردُّ عليَّ؟! قلتُ: إي واللهِ! أريد زَيْنَك، فأبَى أن يرجع، فلمَّا رأيتُه لا يرجع، قلت: لا، واللهِ؛ ما سمعتَ هذه مِن ابنِ المبارك، ولا سَمِعها هو مِن ابنِ عون قطُّ! فغضِب، وغضِب مَن كان عندَه، وقام فدخَل؛ فأخرج صحائفَ، فجعل يقول - وهي بيدِه - أين الذين يَزْعُمون أنَّ يَحيى بن مَعينٍ ليس بأميرِ المؤمنين في الحديث؟! نعمْ! يا أبا زكريا؛ غَلِطتُ، وإنَّما روَى هذه الأحاديثَ غيرُ ابن المبارك، عنِ ابن عونٍ!


وهذا حديثٌ مِن تلك التي أنكرها ابنُ معينٍ على نُعيمِ بن حمَّاد، بهذا الإسناد: قال هاشمُ بن مَرْثدٍ الطبرانيُّ[10]: قيل ليحيى بن مَعينٍ - وأنا أسمع -: حديث رواه نُعيمُ بنُ حمَّاد عنِ ابن المبارَك، عنِ ابن عون، عن محمَّد بن سِيرين، عن ابنِ عُمر، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "إذا اغْتَلَمَتْ[11]آنيتُكُم، فاكْسِروها بالماء"؟ فقال يَحيى بنُ مَعين: قال لي نعيم: سمعتُه مِن ابن المبارَك؛ فقلت كَذِبٌ - أي: خطأ - فقال لي: اتَّق الله! فقلتُ: كذِب، والله الذي لا إله إلا هو، فذَهَب، ثم لَقِيني بعدُ، فقال: ما وجدتُ له عندي أصلاً؛ فرجَع عنه!


وكان رُواة الحديث يَعرِفون شأن نقَّادِه، ويَقدرونهم قدرَهم، ويُنزلونهم منزلتَهم، فكانوا يَرجِعون إليهم ويسألونهم عنْ أحوالِ أنفسِهم وأحاديثهم، وإذا بيَّنوا لهم الخطأ رَجَعوا عنه، ولم يُحدِّثوا به بعدُ، فكلُّ راوٍ مِن الرواة كان يَعلم أنَّ نقَّاد الحديث وجهابذته أعلمُ بحديثِه: صحيحه وسَقيمِه، ومحفوظِه ومُنكَرِه، وأعلم بحاله: ثقتِه وَضْعفهِ - من نفسِه التي بين جنبيه.

قال ابنُ معين[12]: قال لي إسماعيلُ بنُ عُليَّةَ يومًا: كيف حَديثي؟! قلتُ: أنت مستقيم الحديث، فقال لي: وكيف عَلمْتُم ذاك؟! قلتُ له: عارضْنا بها أحاديثَ الناس، فرأيناها مستقيمةً، فقال: الحمدُ لله، فلم يزلْ يقول: الحمد لله، ويحمَد ربَّه، حتى دخَل دار بشر بن معروفٍ - أو قال: دار البختري - وأنا معه.

وقال ابنُ أبي حاتمٍ[13]: رأيتُ كتابًا كتَبه عبدُالرحمن بن عمر الأصبهانيُّ المعروف بـ "رُوسْتَه"؛ مِن أصبهان، إلى أبي زُرْعَةَ - بخطِّه -: وإني كنتُ رَويتُ عنكُم عن ابنِ مهديٍّ، عن سُفيانَ، عنِ الأعمشِ، عن أبي صالِح، عن أبي هُرَيرَةَ، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((أبْرِدوا بالظُّهر؛ فإنَّ شِدَّة الحرِّ مِن فَيحِ جهنَّمَ))، فقلتَ: هذا غلطٌ؛ الناسُ يروونه "عن أبي سعيدٍ، عنِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم". فوقع ذلك مِن قولِك في نفْسي، فلم أكُنْ أنساه، حتى قَدِمتُ، ونظرتُ في الأصل، فإذا هو "عن أبي سعيدٍ، عنِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -"؛ فإنْ خَفَّ عليك، فأعْلِمْ أبا حاتم - عافاه الله - ومَن سألك مِن أصحابنا؛ فإنَّك في ذلك مأجور - إنْ شاء الله - والعار خيرٌ مِن النار.

ولهذا كان أئمَّة الحديث يُجرِّحون الرَّاوي الذي لا يُبالي بنقدِ النقَّاد،ولا يَرجِع عن خطئِه الذي بيَّنه له أهلُ العلم، ويُقيم على رِوايته آنفًا مِن الرُّجوعِ عنه.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.87 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.24 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.10%)]