عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 13-02-2020, 03:06 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,892
الدولة : Egypt
افتراضي رد: زاد العقول شرح سلم الوصول


زاد العقول شرح سلم الوصول (15/ 17)
أبي أسامة الأثري جمال بن نصر عبدالسلام



القـياس



68- إِنَّ الْقِيَاسَ رَدُّكَ الْفَرْعَ إِلَى
أَصْلٍ لَهُ لِعِلَّةٍ قَدِ انْجَلَى



♦ ردُّك: إرجاعُك.
♦ الفَرْع: ما بُنِي على غيره.
♦ لعلَّة: العلَّة السبب.
♦ انجلى: وضح، وبان.


المعنى الإجمالي:
القياس هو: ردُّ الفرع الذي لم يُنَصَّ على حُكْمِه، إلى أصل منصوص على حكمه بعلَّة تجمع بينهما.

المباحث التي يشتمل عليها البيت:
المبحث الأول:
تعريف القياس:
القياس في اللغة هو: التقدير، فيُقال: قِسْت الأرض بالمتر؛ يعني: قدَّرْتها به، ويُقال: قِسْتُ الأمر على الأمر؛ أي: حمَلْتُه على نظيره.

أمَّا في الاصطلاح فهو: حَمْل فرْعٍ غير منصوص على حُكْمه، على أصْل منصوص على حكمه بِجامع بينهما.

إذًا فالقياس مبنيٌّ على أربعة:
1 - الفرع: غير المنصوص عليه، والمراد معرفة حكمه.
2 - الأصل: وهو المسألة المنصوص على حكمها، ويُسَمَّى: "المَقِيس عليه".
3 - العلَّة: وهي الوَصْف الجامع بين الأَصْل المنصوص عليه، والفرع غير المنصوص على حكمه.
والعلَّة أعظم أركان القياس.
4 - حُكْم الأصل: وهو الحكم الشَّرعيُّ المنصوص عليه، والذي يُراد تعديته إلى غيره.

أمثلة على القياس:
قال تعالى: ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ï´¾ [الجمعة: 9].

هذه الآية نصٌّ في تحريم البيع وقت صلاة الجمعة.
وعلَّة التحريم تفويت صلاة الجمعة، أو التعويق عن حضورها.

فإذا سأل سائل عن حكم العُقود يوم الجمعة ساعة الصَّلاة؟ قُلْنا: لم يَرِد فيها نصٌّ، إذًا العقود وقت صلاة الجمعة "فرْعٌ" غير منصوص على حُكْمه، ونحتاج إلى أصْلٍ منصوص على حكمه؛ حتى نَرُدَّه إليه.

♦ التَّعاقد وقت صلاة الجمعة قد يفوتها، أو يعوق عن حضورها على أقلِّ تقدير.

قلتُ: وهي نَفْس علَّة تحريم البيع يوم الجمعة.
إذًا: البيع وقت صلاة الجمعة "أصل" منصوص على تحريمه، والتَّعاقد يوم الجمعة فرْعٌ له.
إذًا فحُكم التعاقد وقت صلاة الجمعة التحريم.


تتمات البحث:
التتمة الأولى:
حُجِّيَّة القياس:
القياس دليلٌ من أدلَّة الأحكام المعمول بها عند الجمهور، وقد دَلَّت الأدلة الكثيرة على ذلك، ومنها:
♦ قال - تعالى -: ï´؟ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ï´¾ [يس: 81].
♦ قال - تعالى -: ï´؟ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ï´¾ [الأنبياء: 104].

قال العلاَّمة محمَّد بن صالح العثيمين - رحمه الله - في "الأصول من عِلْم الأصول" ص 514: "وهذا قياس: ï´؟ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ï´¾، يعني: أنَّنا لما كُنَّا قادرين على ابتداء الخَلْق كنَّا قادرين على إعادته، ï´؟ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ï´¾ [الروم: 27]، فهنا قاسَ الإعادة على البدء، وهو قياس واضحٌ جلي"؛ اهـ.

عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: جاء رجل إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: يا رسول الله، إنَّ أُمِّي ماتت، وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟ قال: ((نعم))، قال: فدَيْنُ الله أحقُّ أن يُقضَى؛ متفق عليه[1].

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رجلاً من بني فَزارة أتى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: يا نبيَّ الله، إنَّ امرأتَه ولدَتْ غُلامًا أسود، وكأنه يُعَرِّض أن يَنتفي منه، فقال له رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ألَكَ إبِل؟)) قال: نعم، قال: ما ألوانُها؟، قال: حُمْر، قال: ((هل فيها ذَوْدٌ أَوْرَق؟))، قال: نعم فيها ذودٌ أورق، قال: ((ومِمَّا ذاك؟)) قال: لعلَّه نزَعَه عِرْق، قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((وهذا لعلَّه يكون نزَعَه عرق))؛ متَّفق عليه[2].


قال الناظم:
69- أَقْسَامُهُ ثَلاَثَةٌ يَا مُنْتَبِهْ
قِيَاسُ عِلَّةٍ، دَلاَلَةٍ، شَبَهْ
70- فَالْأَوَّلُ: الْعِلَّةُ فِيهِ تُوجِبُ
الْحُكْمَ، وَالثَّانِي: لَهُ تُقَرِّبُ
71- وَهُوَ الِاسْتِدْلاَلُ بِالنَّظِيرِ
عَلَى نَظِيرِهِ بِلاَ نَكِيرِ
72- وَثَالِثٌ: فَرْعٌ عَلَى أَصْلَيْنِ
يَدُورُ أَلْحِقْهُ بِأَقْوَى ذَيْنِ




معاني المفردات:
♦ مُنتبِه: مُتَيقِّظ، واعٍ للكلام.
♦ تُوجِب: تُلْزِم
♦ النَّظير: المَثِيل
♦ ذَيْن: اسم إشارة للمثنى المذكَّر


المعنى الإجمالي:
اعلم يا مُنتبِه في طلب العلم أن القياس على ثلاثة أقسام:
♦ قياس علَّة.
♦ قياس دلالة.
♦ قياس شبَه.

فالأول: وهو قياس العلَّة: ما صُرِّح فيه بالعِلَّة الموجِبَة للحكم.
فيكون الجامع بين الأصل والفرع العِلَّة المنصوص عليها، وهنا يجب أن يقَع الحُكْم، ولا يحسن عقلاً أن يتخلَّف الحكم.

والثاني: قياس الدلالة: وهو ما لم يُنَصَّ فيه على العلة، وإنما يُذْكَر في النصِّ لازمٌ من لوازمها، كأثَرِ الحكم، فيكون الجامع هو دليلَ العِلَّة.

والثالث: قياس الشَّبَه: وهو ما يكون الفَرْع فيه متردِّدًا بين أصلين، فيُلْحَق بأقواهما.


المباحث التي تشتمل عليها الأبيات:
المبحث الأول:
أقسام القياس:
قسَّمَ المُصَنِّف - رحمه الله - وتَبِعه على ذلك الناظمُ القياسَ إلى ثلاثة أقسام:
1 - قياس العلَّة:
وهو ما نُصَّ فيه على علَّة الحكم - كما مرَّ آنِفًا.

ومثاله:
قياس الضَّرب على التَّأفيف في قوله تعالى: ï´؟ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ï´¾ [الإسراء: 23]، ويُسَمَّى قياس الأَوْلى.

2 - قياس الدلالة:
وهو ما لم ينصَّ فيه على علَّة الحكم، ولكن يُذْكَر فيه لازمٌ من لوازمه، كما مرَّ آنفًا.

ومثاله:
قياس مال الصَّبي الصغير على مال البالغ الكبير في وجوب الزكاة فيه، لِعِلَّة أن المال نامٍ، ويُسمَّى قياسَ المُسَاوي.

3 - قياس الشَّبَه:
ويكون الفرع فيه متردِّدًا بين أصلَيْن، فيُلْحَق بأكثرهما شبَهًا.

ومِثاله: العبد المقتول، فإنَّه متردِّد في الضَّمان بين الإنسان الحُرِّ من ناحية كونه آدميًّا، وبين ما يُباع ويشترى، فهو يُلحَق بالمال؛ لأنَّه أكثر شبهًا به؛ لكونه يُباع ويُشترى، ويُورث، ويُوقَف، ويُسمَّى قياسَ الأَدْنَى.

تتمَّات البحث:
التتمَّة الأولى:
قياس الشبه أو قياس الأدنى، من أضعف الأقيسة.

وقد استدل على ذلك بعدة أدلة منها:
قوله تعالى - حكايةً عن إِخْوة يُوسف -: ï´؟ قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ï´¾ [يوسف: 77]، فلا يَلْزم من كون أخيه سارقًا، أن يكون هو سارقًا أيضًا.

وكذا قوله تعالى - حكاية عن قوم نوح -: ï´؟ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا ï´¾ [هود: 27]، فلا يلزم أن يقوم شبَهُهم به في البشريَّة دليلاً على عدم صحَّة إرساله، فالله هو الذي يختصُّ برسالاته مَن يشاء.


قال - تعالى -: ï´؟ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ï´¾ [الأنعام: 124].

التتمة الثانية:
فات المُصَنِّف - رحمه الله - ذكْرُ أقسامٍ من القياس، فالقياس يُنظَر إليه باعتبارات مختلفة، اكتفى المُصَنِّف منها باعتبار العِلَّة فقط.

وسأذكر بعضًا منها - إن شاء الله.

أوَّلاً: القياس باعتبار القوة:
وينقسم إلى قسمين:
1 - القياس الجليِّ: وهو ما كانت فيه العِلَّة منصوصًا عليها، أو مُتَّفقًا عليها.
ومثاله: أكْلُ مال اليتيم فإنه محرَّم، قال - تعالى -: ï´؟ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ï´¾ [النساء: 10]، فإنه يلْحَق به إحْراقُ مال اليتيم.

وهذا القسم من أقوى الأَقْيِسة؛ لكونه مَقْطوعًا به، ولا يحتاج في إثباته إلى براهين وأدلَّة، وقد اختُلِف في تسميته قياسًا أصلاً، وألحقه البعضُ بمفهوم الموافقة.

قال الشافعي - رحمه الله - في كتاب "الرِّسالة" ص 515: "وقد يمتنع بعْضُ أهل العلم من أن يسمِّي هذا قياسًا، ويقول: هذا معنى ما أحلَّ الله وحرَّم، وحمد وذمَّ؛ لأنَّه داخلٌ في جملته، فهو بعينه، لا قياس على غيره".

ثم قال: "ويقول غيرُهم من أهل العلم: ما عدا النَّص من الكتاب أو السُّنة، فكان في معناه، فهو قياس، والله أعلم"؛ اهـ.

2 - القياس الخفي: وهو الذي تَثْبت علَّتُه بالاستنباط.
ومثاله: تحريم النَّبيذ قياسًا على الخمر؛ لعِلَّة الإسكار.
يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.10 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.04%)]