عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-02-2020, 03:33 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,735
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أفلا يتدبرون القرآن

أفلا يتدبرون القرآن


أنور الداود النبراوي



فهم المعاني ودلائل الألفاظ:


ï´؟ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ï´¾ [ص: 29]، بأن يفهمه ويفقهه، ثم يتدبره ويعتبر به؛ ï´؟ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ï´¾.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "دخل في قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((خيركم مَن تعلَّم القرآن وعلَّمه)) تعليمُ حروفه ومعانيه جميعًا؛ بل تعلُّم معانيه هو المقصود الأوَّل".

قال عبدالله بن عمر:" تعلَّمْنا الإيمان، ثم تعلَّمْنا القرآن، فازددنا إيمانًا".

ï´؟ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ï´¾ [محمد: 24]، وتدبر الكلام بدون فَهْم معانيه لا يمكن؛ ولذلك قال - تعالى -: ï´؟ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ï´¾ [يوسف: 2].

قال الشنقيطيُّ: "هو النُّور الذي أنزلَه الله ليُستضاءَ به، ويُهتدى بهداه في أرْضه، فكيف تَرضى لبصيرتك أن تَعْمى عن النُّور؟!".

فضل فهم كتاب الله وتعلم أحكامه:
قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "ضمَّني رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقال: ((اللهمَّ عَلِّمْه الكتاب))، وفي رواية ((علِّمْه الحِكمة))؛ رواه البخاري.

قال ابن حجر: "المراد بالتعلُّم ما هو أعمُّ مِن حفْظه والتفهُّم فيه"، ونقل في معنى الحِكمة أقوالاً كثيرة، ثم قال: "والأقرب أنَّ المراد بها في حديث ابن عبَّاس: الفهمُ في القرآن".

قال تعالى: ï´؟ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إلاَّ أُولُو الْأَلْبَابِ ï´¾ [البقرة: 269].

قال السيوطي: "هي المعرفة بالقرآن: ناسخِه ومنسوخه، ومُحكمِه ومتشابهه، ومقدَّمه ومؤخره، وحلاله وحرامه وأمثاله".

قال ابن الجوزي: "لَمَّا كان القرآن العزيزُ أشرفَ العلوم، كان الفَهمُ لمعانيه أوفى الفُهوم؛ لأنَّ شرف العِلم بشرف المعلوم".
فَتَدَبَّرِ القُرْآنَ إِنْ رُمْتَ الهُدَى ♦♦♦ فَالْعِلْمُ تَحْتَ تَدَبُّرِ القُرْآنِ

يقول القاضي التَّابعيُّ إياسُ بن معاوية - رحِمه الله -: "مثل الذين يقرؤون القرآن ولا يعرفون التَّفسير، كمثلِ قوم جاءهم كتابٌ من مَلكِهم ليلاً، وليس عندهم مصباحٌ، فتداخلهم روعةٌ لا يدرون ما في الكتاب".

وقد عدَّ البيهقيُّ - رحِمه الله - ذلِك من "شعب الإيمان"، فقال: "التَّاسعَ عشر: تعظيمُ القُرآن المجيد، بتعلُّمه وتعليمه، وحِفْظِ حدوده وأحكامه، وتعلُّم حلاله وحرامه".

يقول ابن مسعود - رضي الله عنه -: "واللهِ الذي لا إلهَ غيرُه، ما أُنزلتْ سورةٌ من كتاب الله إلاَّ أنا أعلم أين نزلت، ولا نزلت آيةٌ من كتاب الله إلاَّ أنا أعلم فيمَن نزلت، ولو أعلمُ أنَّ أحدًا أعلمُ منِّي بكتاب الله تبلغه الإبلُ، لركبتُ إليه، وكان الرَّجل منَّا إذا تعلَّم عشر آياتٍ، لم يجاوزهُنَّ حتى يعرف معانيَهن، والعملَ بِهنَّ".

قال عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنْه -: "قرأتُ اللَّيلة آيةً أسهرَتْني: ï´؟ أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ ï´¾ [البقرة: 266]، ما عني بها؟ ثم أجابه ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - وكذلك جرى لابن الزبير - رضي الله عنهما - حيث وقف عند آيةٍ حتى أسهرتْه، وهي قوله: ï´؟ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ ï´¾ [يوسف: 106]، ثمَّ أجابَه ابنُ عبَّاس - رضي الله عنْهما.

ويقول مجاهد - رحِمه الله -: "عرضتُ المصْحَف على ابن عبَّاس - رضِي الله عنْهما - ثلاث عرضاتٍ مِن فاتِحته إلى خاتمتِه، أُوْقفه عند كلِّ آية منه، وأسأله عنها".

ويقول القرطبي - رحمه الله - عن نفسه: "فلمَّا كان كتابُ الله هو الكفيلَ بجميع علوم الشَّرع، الذي استقلَّ بالسُّنة والفرْض، ونزل به أمين السَّماء إلى أمين الأرض - رأيتُ أن أشتغل به مدى عُمري، وأستفرغ فيه مُنيتي".

قال الآجُرِّيُّ - رحمه الله -: "القليل من الدَّرس للقرآن مع التفكُّر فيه وتدبُّره أحبُّ إليَّ مِن قراءة الكثير من القرآن بغير تدبُّر ولا تفكُّر فيه، وظاهر القرآن يدلُّ على ذلك، والسُّنَّة وقول أئمَّة المسلمين".

وفي موطَّأ مالك: "أنَّ عبدالله بن عمر - رضِي الله عنْهما - مكثَ على سورة البقرة ثماني سنين يتعلَّمها".

عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "تعلَّم عمرُ البقرة في اثنتي عشرة سنةً، فلمَّا ختمها نَحرَ جَزورًا".

حسن الاستماع:
ï´؟ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ï´¾ [الزمر: 18].

وقوله: ï´؟ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ï´¾ [الأعراف: 204].

قال وهب بن مُنبِّه: "من أدب الاستماعِ: سُكونُ الجوارح، وغضُّ البصر، والإصغاء بالسَّمع، وحضور العقل، والعزْم على العمل".

التطلع إلى الفهم:
ï´؟ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ï´¾ [ق: 37]، لمَن طَهَّر قلبَه، وأصغى سمعه، واستعدَّ إلى التفهم.

قال السَّعدي - رحمه الله - عند قوله – تعالى -: ï´؟ لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آَيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ ï´¾ [يوسف: 7]: "آيات لكلِّ مَن سأل عنها بلسان الحال، أو بلسان المقال، فإنَّ السائلين هم الذين ينتفعون بالآياتِ والعِبر".

فمَن تدبَّر القرآن طالبًا الهُدى منه، تبيَّن له طريق الحق.

تيسير الله لطالبه:
ï´؟ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ï´¾ [القمر: 17].

يقول مطر الوراق - رحمه الله -: "هل مِن طالب عِلم، فيُعان عليه؟".

وقال الطبري: "إنِّي لأعجب ممَّن قرأ القرآن، ولم يَعلم تأويلَه كيف يلتذُّ بقراءته؟!".

وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "ما صلَّى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعد أن نزلت عليه {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ}، إلاَّ يقول فيها ((سبحانَك ربَّنَا وبحمدك، اللهم اغفر لي، سبحانك اللهمَّ ربَّنا وبحمدك، اللهم اغفر لي))؛ متفق عليه.

علامات التدبر:
قال تعالى: ï´؟ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ï´¾ [التوبة: 124].

وقال – تعالى -: ï´؟ قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ï´¾ [الإسراء: 107 - 109].

وقال – سبحانه -: ï´؟ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ï´¾ [مريم: 58]، ï´؟ وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا ï´¾ [الفرقان: 73].

وقال: ï´؟ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ï´¾ [القصص: 53]، وقال: ï´؟ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ï´¾ [الزمر: 23].

فتحصَّل من الآيات السابقة سبعُ علامات من علامات التدبر؛ هي:
1- اجتماع القلب والفِكر حين القراءة، ودليلُه التوقف تعجُّبًا وتعظيمًا.
2- البكاء مِن خشية الله.
3- زِيادة الخُشوع.
4- زيادة الإيمان، ودليله التَّكْرار العفوي للآيات.
5- الفرح والاستبشار.
6- القشعريرة خوفًا من الله - تعالى - ثم غلبةُ الرَّجاء والسكينة.
7- السُّجود تعظيمًا لله - عزَّ وجلَّ.

حب القرآن:
من علامات حبِّ القلب للقرآن:
1- الفرح بلقائه.
2- الجلوس معه أوقاتًا طويلة دونَ ملل.
3- الشَّوق إليه متى بَعُد العهدُ عنه، وحال دون ذلك بعضُ الموانع.
4- كثرة مشاورته والثِّقة بتوجيهاته، والرُّجوع إليه فيما يشكل.
5- طاعته أمرًا ونهيًا.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.05 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.42 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.61%)]