
11-02-2020, 02:10 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,975
الدولة :
|
|
رد: تحقيق متن المنظومة البيقونية في علم الحديث
وقد عدَّل الأستاذُ عبدالستار أبو غُدَّة هذا البيت فجَعَله:
وَالْحَسَنُ الْخَفِيفُ ضَبْطًا إِذْ غَدَتْ 
رِجَالُهُ لاَ كَالصَّحِيحِ اشْتَهَرَتْ 
[20] * ما بين القوسين في المخطوط (ج): (روية).
والرُّتبة: المنزلة والمكانة.
[21] * ومع ذلك هي على مراتبَ متفاوتةٍ من الضعْف، بحسب حال سببِ الضعْف، فالضَّعْف الناتِج بسبب عنعنة مدلِّس الإسناد، أو مَن رُمي بالاختلاط أقلُّ بكثير مِن ذلك الناتج عن حديث من عُرِف بالوضع، أو حديث الراوي المُتفق على ترْك حديثه.
فائدة: وقدِ اختُلِف في حُكم روايةِ الحديث الضعيف على ثلاثة أقوال:
أ- حيث قال فريقٌ بجواز روايته مطلقًا، وهو قولُ بعض الفقهاء.
ب- وقال فريقٌ بردِّه مُطلقًا، وهو قولُ بعض أهلِ الحديث.
ج- بينما توسَّط الفريقُ الثالث، وقال بجواز رِوايته بشُروط، وهو قولُ بعضِ الفقهاء وأغلب المتأخِّرين مِن أهل الحديث، وشروط قَبول الحديث الضعيف عندَهم:
- ألاَّ يكون شديدَ الضعف.
– أن يوافق أصلاً من الكتاب والسُّنة.
- ألا يعتقد راويه نسبتَه إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم.
- أن يُبيِّن ضعْفَه، بأن يقدِّمه بصيغة تمريض؛ نحو: رُوي، ورَد، قِيل، ونحو ذلك.
- أن يُحتجَّ به في فضائلِ الأعمال فقط.
والرأي الراجِح عدم جواز الاعتدادِ بالحديث الضعيف، لا في فضائلِ الأعمال ولا في غيرها، وأنَّه لا يجوز العمل في شرْع الله إلا بالحديثِ الصحيح أو الحسَن.
ويُجاب على مَن قال بالجواز مطلقًا بأنَّ الله - عزَّ وجلَّ - حكيم، ومِن حِكمته ألاَّ يتفرَّد حديثٌ ضعيف بحُكم شرعي يحتاج إليه المسلمون، فيكون سببًا في اتِّساع هُوَّة الخلاف بينهما، وأنَّ هذا الحُكم إنْ كان في غيْره من الأحاديث والآيات لَم يُلتفت أصلاً لهذا الضعيف، وإنْ كان منفردًا به، فهذا لا يجوز لِمَا ذَكَرْناه آنفًا.
ويُجاب على مَن قال بجواز ذلك بِشُروط: أنَّ هذه الشروط تؤدِّي إلى القول بعدم جواز الاحتجاج بالحديث الضعيف مطلقًا.
فقولهم: ألاَّ يكون الحديثُ شديدَ الضعف، يحتاج إلى معرفة تامَّة بالصنعة الحديثيَّة، وأغلب مَن يحتجُّون بالحديث الضعيف مِن غير أهل الحديث أصالة.
وقولهم: أن يكون له أصلٌ مِن الكتاب والسُّنة، إنْ كان الحديث موافقًا لهذا الأصل تمامًا فيُستدل بهذا الأصل، وهنا لا يحتاج المستدلُّ إلى الضعيف، وإنْ كان يَزيد عليه، فهذه الزيادة لن يُستدلَّ بها أصلاً؛ لأنَّها لا أصلَ لها، وإنَّما الأصل وافَق البعض، وهذا البعضُ يُستدلُّ بما ورَد في الأصل لا به.
أمَّا قولهم: ألاَّ يُحتجَّ به إلا في فضائلِ الأعمال، فلا يوجد حديثٌ يخلو مِن حُكم شرعي.
وقدْ يحتجُّ بعضُهم بِقَوْل الإمام النووي - رحمه الله - في مقدِّمة (شرح الأربعين النووية) ص 9:
"وقد اتَّفق العلماءُ على جواز العملِ بالحديث الضعيف في فضائلِ الأعمال)؛ ا. هـ.
بل توسَّع البعضُ وادَّعى الإجماع على ذلك، ويُردُّ عليهم بأنَّ دعوى الإجماع مرْدودة، واتِّفاق الجمهور له اعتبار ولكن لو خالَف نصًّا أو أصلاً، أو تمَّ الرد عليه، فالقول مع الحجَّة والبينة، وقد استوفينا الردَّ على القولين؛ قول مَن يحتج مُطلقًا، وقول مَن يشترط للاحتجاج شروطًا، والله المستعان.
[22] * يعني: ما أُضيف إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - مِن قول، أو فِعل، أو تقرير.
وهذا يُسمَّى المرفوع الصريح، وفات الناظِمَ - رحمه الله - ذكرُ القسم الثاني من المرفوع، وهو ما يُسمِّيه العلماء المرفوع حُكمًا، وهو في الأصل غير منسوب للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - صراحة، ولكن يُفهم بقرائن خارجيَّة أنَّ هذا الحُكم لا يمكن أن يَعرِفه الصحابي من غير النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.
وقدِ اختلف في دخولِ الإقرار في حدِّ الحديث الموقوف، والراجِح دخوله، وأقْصى ما استدلَّ به المانعون أنَّ سكوت الصحابة كانتْ له أسبابٌ مُتعدِّدة، وخاصَّة في عصْر بني أُمية، ممَّا يعني أنَّ السكوت قد يكون لغير الإقرار.
قلتُ: هذا على الأصل؛ لأنَّ ما حدَث في هذه الفترة يشمل الجوانبَ السياسية، بينما سلمت منه جميعُ الجوانب الأخرى الفقهيَّة والعقدية، ثم إنَّ ما سكَت عنه البعض ربَّما بيَّنه البعض، فيكون الفائتُ قليلاً، فلا يُبنى على القليل كما هو معلوم؛ حيث إنَّ التعاريف والحدود تُبنى على الأكثر.
ومثال المرفوع الحُكمي قول الصحابي: (أُمِرنا بكذا)، و(نُهينا عن كذا)، وكذا قوله: (كنَّا نفعل كذا)، وقوله: (من السُّنة كذا).
ومِن المرفوع حُكمًا قول التابعي عن الصحابي: يرفعه، أو ينميه، أو يسنده، أو يبلُغ به، ونحو ذلك مِن دون ذِكْر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.
ومِن المرفوع حُكمًا أن يكونَ القوْلُ منْسُوبًا للصحابي من قوله أو مِن اجتهاده، وتتوفَّر فيه شروط أربعة:
أ- أن يُعلم عن الصحابيِّ الفِقهُ والاجتهاد.
ب- ألاَّ يُعارَض بقول صحابي آخَر.
ج- ألاَّ يُخالف نصًّا من الكتاب أو السُّنة.
د- إذا كان الصحابيُّ كتابيًّا قبل إسلامه كعبدِالله بن سلاَم وصُهَيب وسلمان، أو أكثر من السماع عن أهل الكتاب؛ كعبدِ الله بن عمرو وأبي هُرَيرة، يُشترَط التوقُّف فيما تفرَّدوا به من قصص السابقين، والغيبيات؛ كأخبار القيامة، ووصف العرْش، ونحو ذلك، وعدم رفْعها لاحتِمال أخْذِهم إيَّاها عن أهل الكتاب، فإذا ما استوفَى قول الصحابي الصريح هذه الشروط الأربعة أخَذَ حُكْمَ الرفع.
[23] * يعني: وما أُضيف.
[24] * هذا هو الاصطلاح المُتَّفق عليه عندَ أهل الحديث، وهو أنَّ قول وفعل التابعي يسمَّى: (مقطوعًا), وقد يأتي في بعضِ المواضع على خلافِ ذلك، فقد أطْلَقه البرديجي على (المنقطع)، بينما أطلق الشافعيُّ، والطبراني، والحميدي، والدارقطني على (المنقطع) اسم المقطوع.
والعِبْرة باصطلاح أهلِ الشأن، فلا يجوز الانتقالُ عنه إلا بعدَ البيان.
ويُعتذر لبعضهم كالشافعي أنه أَطْلَق هذا قبل استقرارِ الاصطلاح، أمَّا مَن عُلم منه هذا الاستخدام بعدَ استقرار الاصطلاح، فإذا لم ينصَّ على ذلك، أو إذا عُلِم منه الاضطراب في استخدامِه - فهذا يُعابُ عليه هذا الأمْر.
وقد اخْتُلِف في إقرار التابعي، هل يدخُل في حدِّ الحديث المقطوع أم لا، والراجِح دخوله.
[25] * مِن جهة المصنِّف؛ كالبخاري، وأحمد وغيرهما.
[26] * اعلم أنَّ (المصطفى) ليس اسمًا للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأنَّ ما يُنسب للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من أسماء على ثلاثة أقسام:
الأول: أسماء صحيحة ثابِتة بالكتاب والسُّنة؛ مثل: أحمد، قال تعالى: ï´؟وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُï´¾ [سورة الصف: 6]، ومثل محمَّد؛ قال تعالى: ï´؟مُّحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْï´¾ [سورة الفتح: 29].
الثاني: أوصاف وردتْ في بعض الآيات والأحاديث، وليستْ مِن أسمائه، مثل: البشير، والنذير.
قال تعالى: ï´؟إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِï´¾ [سورة البقرة: 119].
قال تعالى: ï´؟بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌï´¾ [سورة التوبة: 128].
الثالث: ما هو ليْس بأسماء ولا أوصاف، ولا يصحُّ التسمية به؛ مثل: طه، ويس، ونحو ذلك من مقاطِع الحروف في أوائل السور.
وأما الاصطفاء فهو وصفٌ له - صلَّى الله عليه وسلَّم - وليس اسمًا.
عن واثلةَ بن الأسقع أنه قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ الله اصطفى كنانةَ مِن ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم)).
أخرجه مسلم في صحيحه: (كتاب الفضائل/ باب: فضل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وتسليم الحَجَر عليه/ح 1).
[27] * لم يبن: لم ينقطع.
اعتمَد الناظمُ - رحمه الله - تعريفَ الخطيب البغدادي - رحمه الله - للحديثِ المسند، وللمُسند عِدَّة تعريفات، قال الخطيبُ البغدادي - رحمه الله -: (هو ما اتَّصل إسنادُه إلى منتهاه). اهـ، وقال الحاكم: (ما اتَّصل إسناده إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم). اهـ.
وقال ابن عبدالبر: (هو المرويُّ عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - سواء كان متَّصلاً أم منقطعًا). اهـ
قلتُ: فهذه الحدودُ غير مانِعة، يدخُل فيها المتَّصل على تعريفِ الخطيب، وتُصبح الصحة شرطًا فيه على قول الحاكِم، ولا فرْقَ بينه وبين المرفوع على قولِ ابن عبدالبر.
ومِن أجود التعاريف للحديث المسند، ما قاله الحافظ في (نخبة الفكر)، حيث قال: (هو مرفوعُ صحابي بسندٍ ظاهرُه الاتصال)؛ ا هـ.
[28] * سبَق بيان أنَّ المصطفى ليس اسمًا من أسماء النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم، إنما هو وصفٌ له، راجع الحاشية رقم: (26).
[29] * آخر اللوحة الأولى من المخطوط: (ج).
هذا التعريف من الناظِم - رحمه الله - فيه نظرٌ من وجوه:
- أولاً: قوله: (وَمَا بِسَمْعِ كُلِّ رَاوٍ يَتَّصِلْ) يُوهِم أنه يشترط أن يكون الاتصال مقرونًا بالسماع، وأنَّ ما عداه لا يُعدُّ اتصالاً عنده، وهذا القول غير مسبوق، ولكن العبارة مُغلَقة عليه، فلعلَّه اضطرَّ لذلك في النظم.
وقد يُقال: إنَّه مثَّل بالسماع لبقية أشكال التحمُّل. والله أعلم.
ثانيًا: أنَّ المتأمِّل في هذا البيت وسابقِه لا يَجِد كثيرَ فرْق بين تعريف الحديث المسنَد والحديث المتَّصل، انظرْ لقوله في تعريف المسند:
والمُسْنَدُ الْمُتَّصِلُ الإسْنَادِ مِنْ 
رَاوِيهِ حَتَّى المُصْطَفَى وَلَمْ يَبِنْ 
وقوله في تعريف الحديث المتصل:
وَمَا بِسَمْعِ كُلِّ رَاوٍ يتَّصِلْ 
إِسْنَادُهُ لِلْمُصْطَفَى فَالْمُتصِلْ 
فليس هناك كبيرُ فرْق بين التعريفَيْن، فأركان التعريف الأول:
أ - اتصال السند.
ب - أن يكون السندُ منتهاه إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم.
وأركان التعريف الثاني:
أ- الاتصال.
ب- أن يكون منتهاه إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم.
والتعريفُ المختار للحديث المتَّصل هو: ما اتَّصل سندُه إلى منتهاه.
لذا أقترح تعديلَ هذا البيت إلى:
وَمَا بِنَقْلِ كُلِّ رَاوٍ يَتَّصِلْ 
إِسْنَادُهُ لِلْمُنْتَهَى فَالْمُتَّصِلْ 
فائدة: الفرْق بين المُسْنَد والمتَّصل:
المسند والمتصل بينهما عمومٌ وخُصوص، أمَّا العموم فهو اشتراطُ الاتِّصال ولو في الظاهِر.
وأمَّا الخصوص فمُنتهى كلٍّ منهما، حيث يَنتهي المسند إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - والمتصل قد يَنتهي بالنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقد ينتهي بصحابي أو تابعي.
[30] * واحد؛ يَعْني: للراوي أو الرِّواية، وقد أتَى بأمثلةٍ تشتمل على الصِّنفين - كما سيأتي.
[31] * أمَا: بفَتْح الهمزة، وتخفيف الميم، بمعنَى (ألا) الاستفتاحية.
[32] * أنباني: أصلها (أنبأني)، ولكن قُلِبت الهمزةُ الثانية ألفًا لضرورةِ النظم.
[33] * وصْفٌ في الراوي حيث يلتزم الرُّواة صِفةً واحدة في التلقِّي؛ مثل أن يقول كلُّ راو: أنبأني شيخي، حدَّثَني شيخي، فيلتزمون جميعًا صيغةَ سماع واحِدة.
[34] * يعني: يلتزم الرُّواةُ هيئةً واحدةً عندَ السماع، كأنْ يأخذَه كلُّ واحد عن شيخه وهو قائِم، أو يبتسم كلُّ شيخ مثلاً عقِبَ تحديثه به، ولا يشترط في المُسلسل أنْ يكونَ الوصف في السَّند كله، وإنَّما مِن الممكن أن يُكتفى بالتسلسل إلى موضِع معيَّن؛ بشرْط أن يُقال فيه: مسلسل إلى فلان.
[35] * عزيزُ: بالضمِّ مِن غير تنوين؛ مراعاةً للنظم.
[36] * مَرْوِي: حُذِفتِ الياء المتحرِّكة لفظًا للوزن، وثبتَتْ خطًّا، ثم حُذفت الياء الساكنة لمنع التقاء الساكنين، ووُضعت كسرةٌ تحت الواو لتدل عليها.
[37] * وهذا التعريفُ خلاف المشهور عندَ المتأخِّرين من أهل الاصطلاح، وما ذكره الناظم ذَهَب إليه ابن مَنْدَه، ووافقه عليه ابنُ طاهر المقدسي، وابن الصلاح، وابن دقيق العيد، والنووي، والعراقي، وابن الجَزَري.
وقد استقرَّ المتأخرون مِن أهل الاصطلاح على أنَّ العزيز هو: ما رَواه اثنانِ في أقل طبقةٍ مِن طبقات السَّند، وقد اقترح الأستاذُ عبدالستار أبو غُدَّة تعديل هذا البيت إلى:
عَزِيزُ مَرْوِي اثْنَيْنِ لاَ ثَلاَثَهْ 
............................. 
[38] * مشهورُ: بالضم من غير تنوين، مراعاة للنظم.
[39] * مروي: فيها وجهان، أولهما: إثبات الياء الساكِنة؛ لأنَّ ما بعدَها متحرِّك، والثاني: حذفها مع إثباتِ التنوين (مروٍ).
[40] * قوله: إنَّ الحديث المشهور هو ما رواه أكثرُ مِن ثلاثة في أقل طبقة مِن طبقات السند.
قلتُ: وأنا أميل إلى القول بما استقرَّ عليه الاصطلاح، ولكني لا أُخطِّئ الناظمَ؛ حيث إنَّه مسبوق في قوله بجمهرة مِن أهل الشأن، وقسم أهل الحديث المشهور إلى قسمَيْن:
- مشهور اصطلاحي، وهو ما أشار إليه الناظم.
- مشهور غير اصطلاحي: ويُقصَد به ما اشتهرَ مِن الحديث على ألسِنة الناس، وإنْ لم يستوفِ الشروط السابقة، بل يكفي أن يكون مشهورًا عندَ طائفة من الناس، كحديث: ((المَعِدَة بيتُ الداء)) مشهور عندَ الأطباء، وكحديث: ((نعم العبدُ صُهَيب؛ لو لم يخفِ الله لم يعْصِه))، مشهور عندَ أهل اللُّغة، وكحديث: ((إنَّ أبغضَ الحلال إلى الله الطلاق))، مشهور عند الفقهاء.
وهذه الأحاديث كلُّها لا أصلَ لها، على الرغم مِن اشتهارها، ويرجع ذلك إلى أنَّها مشتهرةٌ بين مَن لا علم لهم بتطبيق قواعدِ المحدِّثين في تصحيح وتضعيف الأحاديث؛ بل اعتمدوها في فنونهم لمَّا أعجبهم ما فيها من كلام، وحُسن الكلام لا يَعني نسبتَه إلى النبي - صلَّى الله عليه سلَّم - أو غيره، وعلم الحديث يَعتني في المقام الأول بنِسبة الأقوال إلى قائليها، وقد فات الناظمَ ذِكْر المشهور غير الاصطلاحي.
وقد اقترَح الأستاذُ عبدالستار أبو غُدَّة تعديلَ هذا البيت إلى:
............................ 
مَشْهُورُ مَرْوِيٍّ عَنِ الثَّلاَثَهْ 
[41] * يعني: أنَّ المعنعن هو: ما يَرويه الراوي عن شيْخه بلفظ (عن)، دون أن يَذكُر سماعًا، أو تحديثًا، أو نحو ذلك من ألفاظِ التحمُّل، وقدِ اختلف أهلُ الحديث في حُكم الحديث المعنعن على ثلاثةِ أقوال: فمِنهم مَن قبِله مُطلقًا، ومنهم مَن ردَّه مُطلقًا، ومنهم مَن قبله بشُرُوط، وهي:
أ- أن يكون الراوي عدلاً في دِينه، ضابطاً في حفظه.
ب- ألاَّ يكون المُعنعِن مدلِّسًا.
ج- أن يكونَ الراوي الْتقَى بشيخه.
وقدِ اختلفوا حولَ هذا الشَّرْط إلى فريقَيْن: فمِنهم مَن قال بشرط اللِّقاء ولو لمرَّة واحدة وهو مذهب ابنِ المديني، والبخاري، ونسبَه ابن رجب في (شرح علل التَّرمَذي) إلى المحقِّقين، ومنهم مَن اكتفى بالمعاصَرة مع إمكان اللِّقاء، وهو قولُ مُسْلم في مُقدِّمة صحيحه، وقد ادَّعى الإجماعَ عليه، وفي دعواه الإجماع نظر، وإنْ كان مذهب أغلب أهلِ الحديث.
قلت: والصواب في حُكم الحديث المَعنعَن أنَّ الراوي إنْ كان معاصرًا لشيخه، عدلاً في دِينه، متَيَقظًا في حِفْظه، ولم يغمز أحدُ النقَّاد سماعَه من شيخه المعنعن عنه، وخلا مِن تُهمة التدليس - يجب قَبولُ الحديث منه ولو بصِيغة العنعنة؛ لأنَّه ليس فيه ما يَدْعوه إلى إسقاطِ أحدٍ مِن السند عمدًا، ولا سهوًا.
[42] يعني: لم يُعيَّن اسمه.
والإبهام يكون في السَّنَد، ويكون في المتن، وقدِ اكْتَفى الناظمُ بذِكْر مبهم الإسناد فقط، وقد يُعتذر له في ذلك بأنَّه اكتفَى بمبهم الإسناد؛ لأنَّه هو المؤثِّر في الحديث صِحَّةً وضعفًا، أما مبهم المتْن فليس له تأثيرٌ في ذلك، ووجود الإبهام في السَّنَد يضرُّه ويضعفه، حتى لو قال الراوي: حدَّثَني الثِّقة؛ فهذا الثِّقة عندَه، ولو كشَفه كما حدَث للشافعي - رحمه الله - لمَّا قال: حدَّثَني الثقة، ثم تبيَّن أنه إبراهيم بن محمَّد بن أبي يحيى، وهو كذَّاب، فلو قبلنا حديثَ الشافعي حدَّثَني الثقة لقبلنا حديثَه، وهذا لا يصح، ومِن هنا نرد على مَن يقول: مِن الممكن أن نَقبل الإبهامَ في قول بعض الأئمَّة: حدَّثَني الثقة؛ لأنَّهم أدرى بشيوخهم، وهم لا يكذبون، وعندَهم من القواعد التي تُصحِّح توثيقهم لهذا المبهم، ويُقبل مُبهم الإسناد في حالةٍ واحدة أن يكونَ المبهم مِنَ الصحابة وإلا فلا - كما مرَّ آنفًا.
[43] وينقسم العلو إلى خمسة أقسام:
أ- ما كان قريبًا منَ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - هو أشرفُ أنواع العلو، إنْ كان عنِ الثقات، أمَّا إنْ كان عن الضعفاء فلا كرامةَ له، قال الإمام الذهبيُّ - رحمه الله -: "متى رأيتَ المحدِّث يفرح بعوالي هؤلاءِ فاعلم أنَّه عامي"؛ اهـ
ب- ما كان قريبًا مِن إمام حافِظ؛ كالأعمش، والزُّهري، ومالك، مع صِحَّة السَّند إليهم.
ج- علوُّ السَّند إلى كتاب مِن كُتب السُّنة؛ كالكُتب السِّتة، أو مسند أحمد، أو موطأ مالك.
وصُورته أن تَروي صحيحَ البخاري مثلاً بإسناد إلى شيخ البخاري، أو شيخ شيخه، أو أبعد مِن ذلك، ويكون رجالك في الحديث أقلَّ مِن رجال البخاري نفسه.
فإذا انتهى الإسنادُ إلى شيخ البخاري يُسمَّى بـ(الموافقة)، أمَّا إذا انتهى السندُ إلى شيخِ شيخِه أو مِثل شيخه يسمى بـ: (البدل)، أما إذا كانتِ الرواية مِثل رواية البخاري سميتْ بـ: (المساواة)، وإذا نزَل عن البخاري سُمِّي بـ: (المصافحة).
د- تَقدُّم وفاة الشيخ الذي تَروي عنه عن وفاةِ شيخ آخَر، وإنْ تساويَا في الإسناد.
هـ- التقدُّم في السماع، فمَن سمِع من الشيخ قبل غيرِه فهو أعْلَى سماعًا منه.
(ذاك): ذا اسم إشارة، تُستخدَم مُجرَّدة للمشار إليه القريب، والكاف للمشار إليه المتوسِّط، واللام للمشار إليه البعيد.
[44] * يعني: أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.
[45] * وكذا التقرير، فالصحابة لا يُقِرُّون شيئًا منكرًا يُفعل بحَضْرتهم إلاَّ لو كان دفعُه مفسدتُه أكبر، ويجب علينا ألاَّ نردَّ الأصل لفرع، فالسكوت لمصلحة أقل بكثيرٍ مِن القيام للتغيير.
فإنْ قال قائل: ربما يذهلون، قلت: إذا أجْرَيْنا هذا الاحتمالَ لم نُثبِت قاعدةً قطُّ.
[46] * لأنَّ رَاويه وقَف به عندَ الصحابي ولَم يَتعدَّاه.
[47] * زُكِن: زَكِنَ الأمر زَكْنًا: ظنَّه ظنًّا يقرُب مِن اليقين.
[48] * تعريف الناظِم - رحمه الله - فيه نظَر؛ حيث إنَّ المرسل يُعدُّ مِن أقسام الضعيف؛ لأنَّ التابعي لما قال فيه: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم نعلمْ كُنهَ الساقط، فلو كان الساقطُ مِن صحابة رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ما ضرَّنا هذا السقوطُ؛ حيث إنَّ الصحابةَ كلهم عُدول، ولكن لما جَهِلنا عددَ مَن سقط لاحتمال سقوط أكثر مِن واحد بيْن التابعي والنبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - حيث سقَط في بعض الأحيان ثمانية رُواة؛ حَكَمْنا عليه بالضعف.
لذا فالتعريفُ الأمْثَل له: ما قال فيه التابعيُّ: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مِن غير ذِكْر الواسطة.
وأهل الحديث يخصُّون المرسلَ برِواية التابعين عن رسولِ الله مِن غير ذكْر الواسطة، أما الفُقهاء وأهل الأصول فيُوسِّعونه، قال ابنُ الحاجب: (قول غير الصحابي قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم). اهـ.
وقدْ يُطلقونه على المنقطع، فيقولون: هذا حديثٌ مرسَل؛ فلان لم يُدرِكْ فلانًا.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|