
11-02-2020, 02:00 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,935
الدولة :
|
|
رد: تحقيق متن المنظومة البيقونية في علم الحديث
تحقيق متن المنظومة البيقونية في علم الحديث
أبي أسامة الأثري جمال بن نصر عبدالسلام
أولاً: (تعريف مصطلح الحديث باعتبار مُفرداته):
يتكوَّن هذا المصطلح المركب من كلمتين:
â—ک المُصطلح.
â—ک الحديث.
أمَّا المصطلح فهو: عبارة عن رمْز، أو لفْظ، يستخدمه أهلُ فنٍّ من الفنون، أو عِلم مِن العلوم للدَّلالة على أشياءَ خاصَّة بعِلمهم أو بفنِّهم.
وقيل: لكلِّ علم مصطلحاته الخاصَّة به.
وقدْ تشترك عدَّةُ علوم أو فنون في استخدام مصطلح واحِد، ويكون له معنًى خاصٌّ في كلِّ موضع، وقد يُساء فَهْم هذا المصطلح، أو يُحمَل على معناه في علمٍ آخَر، فيحدث الاختلاط، وكم مِن إشكال وقَع وكان سببه الاشتراك اللفظي.
أمَّا (الحديث) في اللُّغة فيأتي على عِدَّة معانٍ، منها:
â—ک كل ما يُتحدَّث به مِن كلام وخبَر.
â—ک الجديد.
أمَّا في الاصطلاح فهو: ما أُضيف إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - من قول، أو فعل، أو إقرار، أو صِفة خُلُقية، أو خِلْقية وصِف بها الحبيبُ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في اليقظة أو المنام، حالَ النبوَّة.
وعِلم الحديث ينقسم قسمَيْن:
â—ک عِلم الحديث رِواية.
â—ک وعِلم الحديث دِراية.
والمقصود بالأوَّل: هو النَّقْل، والمقصود بالثاني: القواعِد التي تحكُم هذا النقْل.
ثانيًا: علم مصطلح الحديثِ باعتبار أنَّه لقبٌ على عِلم خاص:
هو عِلمٌ بقواعدَ يُعرَف به أحوالُ الراوي والمروي.
2- الموضوع:
موضوع علم (مُصطلح الحديث): السَّنَد والمتن وما يتعلَّق بهما.
والسند: سلسلةُ الرُّواة الموصلة إلى المتن.
والمتن: ما يَنتهي إليه السَّند مِن الكلام.
3- الثمرة:
يُحصِّل الإنسانُ بدِراسته لهذا العلم فوائدَ عِدَّة، منها:
â—ک معرفة الصحيح مِن السقيم في الحديثِ المنسوبِ إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - حتى يُتَّبع الصحيح، ويُطرَح السقيم.
â—ک تنقيةُ السُّنَّة وحفظها من عبَث العابثين.
4- النسبة:
نِسبة هذا العِلم إلى غيرِه التبايُن.
يعني الاختلافَ، فهو يختلف عن غيرِه من العلوم الشرعية، ونِسبته إلى علم الحديث كنِسبة عِلم أصول الفقه إلى الفِقه، وكنسبةِ علم أصول التفسير إلى التفسير.
5- الفضل:
هو مِن أفضل العلوم الشرعيَّة، وأشرفها، وفضْلُه يأتي من موقعِه من حديثِ رسولِ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – ومن كونه الحصن الذي تتكسَّر عنده مطامعُ المفسدين والعابثين بدِين ربِّ العالمين، وسُنَّة خير المرسَلين.
ومِن كونه وسيلةَ الاتباع الصحيح للرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – والوسائل لها أحكامُ المقاصد؛ قال – تعالى -: ï´؟قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌï´¾ [آل عمران: 31].
6- الواضع:
واضِع هذا العِلم هو أبو محمَّد الحسن بن عبدالرحمن بن خلاَّد الرَّامَهُرمُزي، المُتوفَّى سَنَة 360 هـ، وكتابه: (المُحدِّث الفاصِل بين الرَّاوي والواعي) يُعدُّ أوَّل كتاب صُنِّف استقلالاً في هذا العلم.
7- الاسم:
يُطلَق على هذا العِلم عِدَّةُ أسماء منها:
â—ک علم أصول الحديث.
â—ک مُصطلح الحديث.
â—ک علوم الحديث.
â—ک علِم الحديث دراية.
8- حُكم الشَّارع:
تعلُّم هذا العلمِ فرْضُ عين على كلِّ مَن أراد النظرَ والاستدلال من الكتاب والسُّنة، وفرض كفاية على مَن سواهم.
9- الاستمداد:
تُستمدُّ قواعدُ هذا العِلم من الكتاب والسُّنة، وأقوال أئمَّة الشأن.
10- المسائل:
السند والمتن وما يتعلَّق بهما.
المقدمة الثانية
التعريف بالناظِم
اختُلِف في اسمِه، فقيل: عمر، وقيل: طه ابن فَتُّوح البَيْقوني الدمشقي الشافعي.
ولا يُدرَى له تاريخ ميلاد، أو تاريخ وفاة، وإنَّما أقْصَى ما يُعرَف أنه كان حيًّا قبل 1080هـ، 1669م.
وله معرفةٌ بالحديث والأصول، وله كتاب: (فتح القادر المغيث في مصطلح الحديث) أيضًا، ولكنَّه فُقِد فلا يُعلم مِن مؤلَّفاته سوى المنظومةِ البيقونية.
المقدمة الثالثة
التعريف بالمنظومة
1- تتكوَّن المنظومة مِن (34) بيتًا، على بحر الرَّجَز.
وتفعيلته:
مستفعلن مستفعلن مستفعلن، في كلِّ شطر.
â—ک وهو مِن أسهل البحور الشِّعريَّة للقارض، والقارئ، والحافِظ.
ومن أقسامه:
التام: وهم ما تَألَّف مِن ثلاث تفعيلات في كلِّ شطر.
والمجزوء: وهو ما تألَّف مِن تفعيلتين في كلِّ شطر.
والمشطور: وهو كل ما بُنِي على أساسِ الشطر، وليس الأبيات، وكانَ مؤلَّفًا من ثلاثِ تفعيلات في كلِّ شطر.
والمنهوك: وهو ما بُني على أساسِ الشَّطر، وليس الأبيات، وكان مؤلَّفًا من تفعيلتين في كلِّ شطر.
â—ک وما يُنظَم على هذا البحر يُسمَّى: (أرجوزة).
â—ک وهذا البحر يَسهُل فيه تركيبُ المزدوج، وهو التقفية على الشطرين فقط.
لذلك أكْثَرَ أهلُ العِلم مِن نظْم متونِهم وكُتبهم عليه.
كما أكْثَر الحُكماءُ والمعلِّمون نظْمَ حِكمهم ونصائحهم عليه.
2- اعتمد الناظِمُ - وإن لم يُصرِّح - على مُقدِّمة ابن الصلاح في استقاء أغلب مادته العِلميَّة؛ لذا استدرك غيرُ واحد عليه قوله في تعريف بعضِ أنواع الحديث التي أُخِذت على مُقدِّمة ابن الصلاح، كما في: العزيز، والمرسَل مثلاً.
3- ومِن المآخذ على المنظومة:
â—ک قِلَّة المذكور فيها مِن علوم الحديث، وأنَّ ما تُرِك منها أكثر ممَّا أورد.
â—ک تفريق الناظِم بين أنواع متماثلاتٍ فلم يذكرْها مجاورة، وكان مِن اللائق ذِكْر كل نوْع إلى جانبِ ما يُناسِبه.
â—ک عدم التزام قافيةٍ واحدةٍ طوال النَّظْم، أو حتى دمْج القوافي المتشابِهة بعضها إلى بعضٍ لتسهيل الحِفْظ على الطلاَّب لا سيَّما وهذا هو المقصِد الأسْمَى مِن النَّظم عامَّة.
قلتُ: ويُجاب عن هذه المآخِذ بما يلي:
â—ک أوردَ الناظمُ بعضًا من أنواع الحديث وأهْمل بعضًا؛ لأنَّه اكتفى بذكر الأنواع الكثيرة الاستعمال فقط، وهذا مِن محاسن تصرُّفه؛ لأنَّه قصَد بها المبتدئ، وأغْلَبُ ما ترك مما لا يَنتفع به المبتدئُ كثيرًا.
â—ک ضِفْ إلى ذلك أنَّه لم يقصدِ الاستقصاء.
حيث قال:
وَذِي مِنَ اقْسَامِ الْحَدِيثِ عِدَّهْ 
وَكُلُّ وَاحِدٍ أَتَى (وَحَدَّهْ) 
â—ک ويُجاب عن مسألةِ الترتيب، بأنَّ الناظم ما قصَد الترتيب، ولكنَّه قصَد إيراد بعضِ أنواع الحديث فقط، ومَن كان هذا شرْطه فإنَّه لا يُلام على مِثْل هذا.
â—ک ويُجاب عن عدمِ الْتزام الناظِم لقافيةٍ واحدةٍ في المنظومة كلها بأنَّه مِن المعلوم عندَ أهل العَروض والقافية أنَّ هناك نوعًا مِن أنواع القافية يُسمَّى: (المُزْدوج)، وهو الذي يُبنَى على (التصريع)[1] في كلِّ بيت مع اختلافِ الأبيات عن بعضِها عَروضًا وضربًا، وذلك جوازًا لا وجوبًا، وذلك النوع أكْثر ما يُستخدَم في المنظومات العِلميَّة؛ مِثل: (تحفة الأطفال)، و(المقدِّمة الجَزَرية).
â—ک أمَّا عدم دمْج القوافي المتشابِهة، فيُجاب عنه بأنه قد يُمتَنع مِن وجهين:
â—ک اتِّصال البيت بما بعْدَه، ويكون ما بَعْدَه مشابهًا له في القافية.
â—ک أنَّ هذا غيرُ موجود ابتداءً في أبيات المنظومة، فلا يوجد فيها قافيتان متشابهتان.
4- مِن محاسِن (المنظومة البيقونية):
â—ک الإيجاز في العِبارة، حيث ذَكَر الحدود بأقلِّ عبارةٍ ممكنة.
â—ک سُهولة الألْفاظ.
â—ک رَشَاقة القوافي التي تُساعِد على سُرْعة الحِفْظ.
â—ک ذَكَر الناظِمُ الراجحَ عنده في تعريف الأنواع التي أوْرَدها - وإن اسْتُدرِكت عليه بعضُ التعريفات
â—ک فلم يُدخِل القارئَ في أقوال الناس في كلِّ نوع؛ لأنَّ غرضَه من النظم كما مرَّ آنفًا هداية المبتدي إلى تعريفات بعضِ أنواع الحديث المهمة.
5- المُستدَرك على الناظم:
استدرَك محمودُ أحمد عمر النشوي الأزهري - صاحب طراز البيقونية في مصطلح الحديث - على الناظِم بعضَ أنواع الحديث التي لم يُوردْها، ونظمَها شعرًا، ومنها:
â—ک الحديث المُعلَّق، فقال:
مُعَلَّقُ السَّاقِطُ فِي بَدْءِ السَّنَدْ 
رَاوٍ أوَ اكْثَرْ فِيهِ مِنْ هَذَا العَدَدْ 
â—ک ومنها: (المحفوظ والمعروف)، فقال:
وَمَا رَوَاهُ الْأَرْجَحُ عَمَّنْ خَالَفَهْ 
سَمَّوْهُ بِالْمَحْفُوظِ حَقًّا فَاعْرِفَهْ 
أَوْ خَالَفَ الرَّاجِحُ للضَّعِيفِ 
فَسَمِّهِ إِنْ شِئْتَ بِالمَعْرُوفِ 
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|