التصرف في الأعيان المملوكة بغير البيع قبل قبضها
د. فهد بن خلف المطيري
أدلتهم:
استدلوا بأدلة من قال بمنع المعاوضة عن العين المملوكة بغير البيع قبل قبضها فيما يخشى انفساخ العقد بتلف المعقود عليه قبل القبض، وكذا أدلة من منع التصرف فيه بالعتق، والرهن، ونوقشت بما نوقشت به تلك الأدلة(126).
والراجح:
والله أعلم هو القول الأول، وأنه يجوز التبرع بالعين المملوكة بغير البيع قبل قبضها؛ وذلك لعدم الدليل المانع من الصحة، وللأصل الثابت المطرد وهو صحة وحل جميع المعاملات المالية إلا إذا طرأ مانع التحريم على أصل الصحة، ثم إن علل المعللين بمنع بيع المبيع قبل قبضه لا تنطبق على هذه المسألة، قال ابن القيم عن التبرع بالعين: «ونحن لنا في مثل هذا التصرف قبل القبض خلاف، فمن أصحابنا من يجوزه، ونفرق بين التصرف فيه بالبيع والتصرف بالهبة، ونلحق بالعتق، ونقول هي إخراج عن ملكه لا تتوالى فيه ضمانات، ولا يكون التصرف بها عرضة لربح ما لم يضمن»(127).
الفرع الثاني: التصرف فيما لا يخشى انفساخ العقد فيه بتلفه قبل قبضه:
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: التصرف في ما لا يخشى انفساخ العقد فيه بتلفه قبل قبضه بالمعاوضة: تقدم في الفرع الأول الكلام على التصرف فيما يخشى انفساخ العقد فيه بتلفه قبل قبضه، وفي هذا الفرع أتكلم عن حكم التصرف في ما لا يخشى انفساخ العقد فيه بتلفه قبل قبضه من الأعيان، ويمثل له الفقهاء بالمهر، وكذا بدل الخلع، والصلح عن دم العمد، وعن قيمة المتلف، وأرش الجناية، والفقهاء يذكرون حكمًا واحدًا لها ولا يفرقون في الحكم بينها في الجملة، وهذه المسألة اختلف العلماء فيها على قولين:
القول الأول: جواز التصرف فيما لا يخشى انفساخ العقد فيه بتلفه قبل قبضه بالمعاوضة سواء أكان معينًا أم مما يحتاج إلى حق توفيه وإليه ذهب الحنفية(128)، والمالكية إن لم يكن طعام معاوضة(129)، والشافعية في قول(130)، وهو قول عند الحنابلة(131)، جزم به ابن قدامة في المغني(132)، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهم الله(133).
أدلتهم:
الدليل الأول: إن السبب المبيح للتصرف هو الملك، وقد وجد في هذه الصور فتباح(134) المعاوضة عنها.
الدليل الثاني: إن علة المنع من التصرف في المبيع قبل قبضه هي غرر الانفساخ بتلف المعقود عليه قبل قبضه، وهذه العلة غير موجودة فجاز بناء عقد آخر عليه(135).
الدليل الثالث: إن من العلل التي علل بها من منع من بيع المبيع قبل قبضه، هي ألا يربح في ما لم يدخل في ضمانه، وهذه العلة غير موجودة هنا(136).
واستدلوا أيضًا بأدلة من قال بجواز المعاوضة عن ما يخشى انفساخ العقد فيه بتلفه قبل قبضه، وقد تقدمت(137).
القول الثاني: إنه لا يجوز التصرف في ما لا يخشى انفساخ العقد فيه بتلفه قبل قبضه بالمعاوضة، وإليه ذهب المالكية إن كان طعامًا(138)، والشافعية في قول هو المذهب سواء كانت المعاوضة مع مالكه الأول أو غيره(139)، وهو المذهب عند الحنابلة(140).
أدلتهم:
الدليل الأول: قياس التصرف بالعين المملوكة بعقد لا يخشى انفساخه بتلفه قبل قبضه على ما ملك بعقد يخشى انفساخه بتلفه قبل قبضه، بجامع أن كلًّا منهما مملوك بعقد معاوضة، فلا يصحان للنهي عن بيع المبيع قبل قبضه(141).
يناقش: بأن القياس هنا قياس غير صحيح؛ لأنه قياس على مسألة مختلف فيها، وهي بيع المبيع قبل قبضه.
الدليل الثاني: قالوا: إنه لا يجوز التصرف بالمهر قبل الدخول؛ لأنه يخشى رجوعه بانتقاض سببه بالردة قبل الدخول، وكذلك يخشى عليه الانفساخ بسبب من جهة المرأة، أو تنصفه بالطلاق، أو انفساخه بسبب من غير جهتها(142).
نوقش: بأن هذا الدليل منقوض بأن قبض المهر لا يمنع الرجوع فيه قبل الدخول، فلو فورقت المرأة بسبب من قِبلها بعد قبض المهر وقبل الدخول رجع الزوج عليها بنصفه(143).
واستدلوا أيضًا: إضافة على ما ذكر بأدلة منع المعاوضة عن الأعيان المملوكة بغير البيع في عقد يخشى انفساخه بتلف المعقود عليه قبل قبضه، ونوقشت أدلتهم بما نوقشت به هناك(144).
الراجح:
والله أعلم بعد عرض الخلاف في هذه المسألة وأدلة كل قول هو القول
الأول، وأنه يجوز التصرف فيما لا يخشَ انفساخ العقد فيه بتلفه قبل قبضه بالمعاوضة، وذلك لقوة ما اعتضد به هذا القول من دليل، ولأن غرر الانفساخ متوهم وبعيد جدًّا فلا تمنع معاملة مالية الأصل صحتها لمعنى موهوم ثم على فرض إمكانية الهلاك والانفساخ فإنه يرد الثمن على صاحبه.
المسألة الثانية: التصرف في ما لا يخشى انفساخ العقد فيه بتلفه قبل قبضه بغير المعاوضة: إذا ملك الإنسان شيئًا بعقد معاوضة غير البيع وأراد أن يتصرف فيه بغيره المعاوضة بهبته، أو رهنه، أو عتقه، أو غير ذلك، فهل يجوز له ذلك أم لا؟
هذه المسألة اختلف العلماء فيها، وخلافهم فيها كخلافهم في التصرف فيما يخشى انفساخ العقد فيه بتلفه قبل قبضه بغير المعاوضة(145)، والراجح هنا كالراجح هناك؛ بل الجواز هنا أولى؛ لأنه إذا جاز التصرف مع إمكانية انفساخ العقد، فلن يجوز مع عدم إمكانية الانفساخ من باب أولى.
المطلب الثاني:
التصرف في الأعيان المملوكة بعقود غير المعاوضات قبل قبضها
وفيه ثلاثة فروع:
الفرع الأول: التصرف في الأعيان المملوكة قبل قبضها في عقد القرض:
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: وقت ملكية الفرض: إذا أقرض شخص شخصًا ما يصح قرضه وحصل الإيجاب والقبول بينهما تم العقد، لكن متى تصبح العين المقرضة ملكًا للمقترض يتصرف فيها كيف شاء، هذه المسألة اختلف العلماء فيها على قولين:
القول الأول: أن المقترض يملك القرض بالقبض، وإليه ذهب الحنفية(146)، والشافعية، وعندهم قول أنه يقبض بالتصرف(147)، وهو المذهب عند الحنابلة(148) رواية واحدة.
أدلتهم:
الدليل الأول: إن التصرف في القرض يتوقف على قبضه، فدل على أن الملك يتوقف عليه(149).
الدليل الثاني: إن من أمارات وعلامات الملك أن من بيده العين يتصرف فيها بيعًا، وهبة، وشراء، وصدقة، وغير ذلك، إذًّا فلا ملك إلا بالقبض(150).
الدليل الثالث: قياس عقد القرض على الهبة بل هو أولى؛ لأن القرض له عوض، والهبة لا عوض لها(151).
نوقش: بأن قياس القرض على الهبة قياس على مسألة مختلف فيها، فلا يصح القياس.
الدليل الرابع: إن اشتراط القبض للملك هو الذي يدل عليه المعنى اللغوي لكلمة القرض، فإنه في اللغة: القطع، فيدل على انقطاع ملك المقرض بالتسليم(152).
القول الثاني: إن المقترض يملك القرض بالعقد، وإليه ذهب المالكية(153)، والظاهرية(154).
أدلتهم:
الدليل الأول: إن القرض يملك بالعقد قياسًا على الهبة، والصدقة(155).
يناقش: بأن قياس القرض على الهبة قياس غير صحيح؛ لأن الأصل المقيس عليه مختلف فيه.
الدليل الثاني: إن كل معروف فإنه يملك بالعقد، ومنه القرض(156).
يناقش: بأن حاصل هذا الدليل قياس القرض على الهبة، وهو قياس غير صحيح، كما تقدم.
الراجح:
والله أعلم هو القول الأول، وأن عقد القرض لا يملك إلا بالقبض؛ لأن الأصل في مال المكلف أنه لا ينتقل من ملك من هو له إلا بالقبض، وتحقق استلام العاقد له حتى تثبت يده عليه.
المسألة الثانية: التصرف في الأعيان المملوكة قبل قبضها في عقد القرض: تقدم في المسألة الأولى ذكر خلاف أهل العلم رحمهم الله تعالى في وقت ملكية القرض، وتقدم أن الراجح من أقوال أهل العلم أن القرض لا يملك إلا بالقبض، أما حكم التصرف في الأعيان فإنه منبنٍ على الخلاف السابق، فمن رأى أن العين المقرضة لا تملك إلا بالقبض، وهم الحنفية، والشافعية، والحنابلة، رأوا أنه لا يصح التصرف في القرض إلا بالقبض؛ لأنه ليس للإنسان أن يتصرف إلا في ملكه، والعين المقرضة قبل قبضها ملك للمقرض، أما على مذهب المالكية، والظاهرية، فإن للمقترض أن يتصرف بالقرض قبل قبضه؛ لأنه ملك له بالعقد فهو يتصرف في ملكه.
قال أحمد النفراوي (ت1125هـ): «ولا بأس ببيع طعام القرض قبل أن يستوفى... والمعنى أنه يجوز لمن اقترض طعامًا من شخص... أن يبيعه قبل قبضه من مقرضه»(157).
ومثل القرض الصدقة، فإن حكمها حكم القرض، فهي لا تملك إلا بالقبض(158)، وأما على مذهب المالكية فتقبض بمجرد العقد؛ لأنها من المعروف(159).
والذي يظهر للباحث رجحانه هو قول جمهور أهل العلم رحمهم الله.
الفرع الثاني: التصرف في الأعيان المملوكة قبل قبضها في عقد الهبة:
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: وقت ملك الهبة: إذا وهب شخص لشخص آخر هبة فهل تكون ملكًا للموهوب له من العقد أم لابد من قبضها حتى تصبح ملكًا له؟ اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: أن الهبة لا تملك إلا بالقبض، وإليه ذهب جمهور الفقهاء الحنفية(160)، والشافعية(161)، وهو المذهب عند الحنابلة(162).
أدلتهم:
الدليل الأول: إن أبا بكر الصديق نحل ابنته عائشة رضي الله عنها جذاذ عشرين وسقًا من ماله بالعالية، فلما مرض قال: «يا بنية ما أحد أحب إلى غنى بعدي منك، ولا أحد أعز علي فقرًا منك، وكنت نحلتك جذاذ عشرين وسقًا وودت أنك حزتيه أو قبضتيه، وهو اليوم مال الوارث، فاقتسموا على كتاب الله»(163).
وجه الاستدلال: إن عائشة رضي الله عنها لم تقبض الهبة حتى نزل بأبيها ولو قبضته قبل لكان ملكًا لها فدل على أن الهبة لا تملك إلا بالقبض(164).
نوقش من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: إن عائشة تراخت في قبضه حتى مرض أبوها فسقط حقها، ولو بادرت بأخذه لكان لها.
رد: بأن حق الإنسان الثابت له لا يسقط بالتراخي في قبضه؛ لأنه ملك له، وإذا قيل بملكية الهبة بمجرد العقد ما سقط حق عائشة رضي الله عنها.
الوجه الثاني: أنه قد جاء في بعض ألفاظ الأثر، أن أبا بكر قال: «وإني أخاف أكون آثرتك على ولدي»، فيكون المانع لأبي بكر هو خوف عدم العدل.
رد: بأنه لا يمنع أن يكون سبب الرد أمرين مختلفين، فهو بين أنها لو حازته لكان لها، ثم أيد رجوعه بأنه يخشى عدم العدل.
الوجه الثالث: وقيل: لأنها كانت مجهولة، فلم ينفذها أبو بكر، وذلك قياسًا على البيع(165).
رد: أنه قياس مع الفارق؛ لأن الهبة تبرع، والبيع عقد معاوضة، فيجوز في التبرع ما لا يجوز في المعاوضة(166).
الدليل الثاني: ما روي عن عمر أنه قال: «ما بال أقوام ينحلون أولادهم، فإذا مات الابن قال: مالي وفي يدي، وإذا مات الأب، قال الأب: مالي كنت حلت ابني إلى كذا وكذا، ألا لا يحل إلا لمن حازه وقبضه»(167).
وجه الاستدلال من الأثر: أن عمر حكم بأن الهبة لا تلزم إلا بالقبض.
الدليل الثالث: أن الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على أن الهبة لا تملك إلا بالقبض، قال ابن قدامة: «ولنا إجماع الصحابة رضي الله عنهم فإن ما قلناه مروي عن أبي بكر وعمر، ولم يعرف لهما في الصحابة مخالف»(168).
الدليل الرابع: عن أم كلثوم بنت أبي سلمة عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى إلى النجاشي ثلاثين أوقية مسكًا، ثم قال لأم سلمة: «إني لأرى النجاشي قد مات، ولا أرى الهدية التي قد أهديت إليه إلا سترد، فإذا ردت إلي فهي لك، فكان ذلك»(169).
وجه الاستدلال: أنه لو كانت الهدية التي لها حكم الهبة تملك بالعقد، لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم إنها سترد.
الدليل الخامس: قياس عقد الهبة على عقد القرض في عدم الملك إلا بالقبض، بجامع أن كلًّا منهما عقد إرفاق(170).
يناقش: بأن هذا قياس غير صحيح؛ لأنه قياس على أصل مختلف فيه.
الدليل السادس: أن عقد الهبة عقد إرفاق يفتقر إلى القبول فلزم أن يفتقر إلى القبض، كالقرض(171).
يناقش: بما نوقش به الدليل السابق.
القول الثاني: إن الهبة تملك بالعقد، وإليه ذهب المالكية(172)، والحنابلة في رواية(173)، والظاهرية(174).
أدلتهم:
الدليل الأول: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه»(175).
وجه الاستدلال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفرق في العود في الهبة بين ما قبض وما لم يقبض.
نوقش الاستدلال بالحديث: بأن الحديث وارد في الهبة المقبوضة دون غيرها؛ لأنها هي التي يصدق عليها حقيقة العود القبيح المنهي عنه(176).
الدليل الثاني: عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل من الأنصار بكبة شعر أخذها من المغنم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما ما كان لي، فهو لك»(177).
وجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم وهب الرجل نصيبه من الكبة، وهو لا يعلم قدرها مما يدل على أن الهبة تملك بالعقد.
نوقش: بأن الهبة من عقود التبرعات فلا ضرر ولا غرر في تعليقها بالموجود، والمعدوم، والمجهول وغيره(178).
الدليل الثالث: قوله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة: «إن ردت إلي، فهي لك، فكان كذلك»(179).
وجه الاستدلال: أن القبض ليس شرطًا لملك الهبة، ولذا عقلها النبي صلى الله عليه وسلم على أمر مستقبل، مما يدل على ملكية الهبة بالعقد.
يناقش: بأن هناك فرقًا بين الانعقاد واللزوم، فعقد الهبة ينعقد بعقده لكن لا يصبح لازمًا إلا بالقبض.
الدليل الرابع: أن الهبة إزالة ملك واقعة بلا عوض، فلزمت بمجرد العقد، كالوقف والعتق(180).
الدليل الخامس: أن الهبة عقد تبرع، فلا يعتبر فيه القبض كالوصية، والوقف ونحوهما(181).
نوقش الدليلان: بأن القياس على الوقف والعتق لا يصح؛ لأنهما إخراج ملك الله تعالى، فخالفت التمليكات، ولأن الوصية تلزم في حق الوارث فخالفت الهبة، وكذلك العتق ليست الهبة مثله؛ لأنه إسقاط حق، وهي تمليك فلا قياس(182).
الدليل الخامس: إن الأصل في العقود عدم اشتراط القبض لصحتها حتى يقوم دليل يدل على اشتراطه وهو هنا كذلك(183).
يناقش: بأن الدليل قد قام على شرطية القبض كما تقدم في أدلة أصحاب القول الأول.
الراجح:
والله تعالى أعلم هو القول الأول، وأن الهبة لا تملك ولا تصبح لازمة إلا بالقبض، وذلك لقوة أدلة أصحاب القول، وكونها تعتضد بالأصل وهو بقاء ملك الإنسان على ما بيده حتى ينتقل بذاته إلى الغير.
المسألة الثانية: التصرف في الأعيان المملوكة قبل قبضها في عقد الهبة: تقدم في المسألة الأولى حكاية خلاف العلماء رحمهم الله في وقت ملكية القرض، وتقدم بيان أدلة كل قول، والراجح منها، وليعلم أن هذه المسألة ينبني حكمها على المسألة السابقة، فعلى رأي الجمهور القائلين بأن الهبة لا تملك إلا بالقبض فليس لمن وهبت له عين أن يتصف فيها قبل قبضها بمعاوضة، أو غيرها حتى يقبضها؛ لأنها ليست ملكًا له، والإنسان ليس له أن يتصرف في غير المملوك له، إذ من شرط صحة تصرفه ملك العين التي يتصرف فيها.
وأما على مذهب المالكية، والظاهرية، فإنه يجوز أن يتصرف في العين الموهوبة قبل قبضها؛ لأنهم يرون أن تملك بالعقد، فإذا قبلها أصبحت ملكًا له يتصرف فيها كيف شاء، والأقرب والله أعلم هو القول الأول، أما إذا قبضها فإنه يتصرف فيها كيف شاء؛ لأنها أصبحت ملكًا له، قال محمد بن عبدالله الخرشي (1101هـ): «إن الهبة إذا أعتقها الموهوب له، أو باعها قبل قبضها، أو وهبها؛ فإنها تكون ماضية ويعد فعله ذلك حوزًا لها إذا أشهد ذلك وأعلن بما فعله»(184).
يتبع