عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 10-02-2020, 07:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,033
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح حديث جبريل وسؤاله عن الإسلام والإيمان والإحسان

ومنهم من قال: بل يصح أن يصلي الفريضة خلف النافلة؛ لأن السنة وردت بذلك، وهي أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء،ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة؛ فهي له نافلة ولهم فريضة، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم.



فإن قال قائل: لعل النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم؟ فالجواب عن ذلك أن نقول: إن كان قد علم فقد تم الاستدلال؛ لأن معاذ بن جبل رضي الله عنه قد شُكِيَ إلى الرسول عليه الصلة والسلام في كونه يطوِّل صلاة العشاء، فالظاهر والله أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أُخبر بكل القضية وبكل القصة.



وإذا قُدر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعلم أن معاذًا معه، ثم يذهب إلى قومه ويصلي بهم، فإن رب الرسول صلى الله عليه وسلم قد علم، وهو الله جلا وعلا، لا يخفى عليه شي في الأرض ولا في السماء، وإذا كان الله قد علم ولم يُنزل على نبيه إنكارًا لهذا العمل دل هذا على جوازه؛ لأن الله تعالى لا يقرُّ عباده على شيء غير مشروع لهم إطلاقًا.



فتم الاستدلال حينئذ على كل تقدير.



إذًا فالصحيح أنه يجوز أن يصلي الإنسان صلاة الفريضة خلف من يصلي صلاة النافلة، والقياس الذي ذُكر استدلالًا على المنع قياس في مقابلة النص فيكون مطروحًا فاسدًا لا يعتبر.



إذًا إذا أتيت في أيام رمضان والناس يصلون صلاة التراويح ولم تصلِّ العشاء فادخل معهم بنية صلاة العشاء، ثم إن كنت قد دخلت في أول ركعة، فإذا سلم الإمام فصلِّ ركعتين لتتم الأربع، وإن كنت قد دخلت في الثانية فصلِّ إذا سلَّم الإمام ثلاث ركعات؛ لأنك صليت مع الإمام ركعة، وبقي عليك ثلاث ركعات.



وهذا منصوص الإمام أحمد رحمه الله تعالى مع أن مذهبه خلاف ذلك، لكن منصوصه الذي نص عليه هو شخصيًّا أن هذا جائز.



إذن تلخَّصَ الآن:

من صلى فريضة خلف من يصلي فريضة جائز.

من صلى فريضة خلف من يصلي نافلة فيها خلاف.

من صلى نافلة خلف من يصلي فريضة جائز قولًا واحدًا.



المسألة الثالثة: في جنس الصلاة، هل يشترط أن تتفق صلاة الإمام والمأموم في نوع الصلاة؟ أي: ظهر مع ظهر، وعصر مع عصر، وهكذا، أم لا؟

ج: في هذا أيضًا خلاف؛ فمن العلماء من قال: يجب أن تتفق الصلاتان، فيصلِّي الظهر خلف من يصلي الظهر، ويصلي العصر خلف من يصلي العصر، ويصلي المغرب خلف من يصلي المغرب، ويصلي العشاء خلف من يصلي العشاء، ويصلي الفجر خلف من يصلي الفجر، وهكذا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه».



ومن العلماء من قال: لا يشترط، فيجوز أن تصلي العصر خلف من يصلي الظهر، أو الظهر خلف من يصلي العصر، أو العصر خلف من يصلي العشاء؛ لأن الإتمام في هذه الحال لا يتأثر، وإذا جاز أن يصلي الفريضة خلف النافلة مع اختلاف الحكم، فكذلك اختلاف الاسم لا يضر؛ وهذا القول أصح.



فإذا قال قائل: حضرت لصلاة العشاء بعد أن أُذِّن، ولما أقيمت الصلاة تذكرت أنني صليت الظهر بغير وضوء، فكيف أصلي الظهر خلف من يصلي العشاء؟



نقول له: ادخل مع الإمام وصلِّ الظهر، أنت نيتك الظهر والإمام نيته العشاء ولا يضر، «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى»، وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه»، فليس معناه فلا تختلفوا عليه في النية؛ لأنه فصَّل وبيَّن فقال: «فإذا كبَّر فكبروا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا رفع فارفعوا»؛ أي: تابعوه ولا تسبقوه، وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم يُفسِّر بعضه بعضًا.



وهذا البحث يُفرَّع عليه بحث آخر: إذا اتفقت الصلاتان في العدد والهيئة فلا إشكال في هذا؛ مثل ظهر خلف عصر؛ العدد واحد والهيئة واحدة، هذا لا إشكال فيه.



لكن إذا اختلفت الصلاتان، بأن كانت صلاة المأموم ركعتين والإمام أربعًا، أو بالعكس، أو المأموم ثلاثًا والإمام أربعًا، أو بالعكس؛ فنقول: إن كانت صلاة المأموم أكثر فلا إشكال، مثل رجل دخل المسجد يصلي المغرب، ولما أقيمت الصلاة ذكر أنه صلى العصر بلا وضوء، فهنا صار عليه صلاة العصر، نقول: ادخل مع الإمام بنية صلاة العصر، وإذا سلم الإمام فإنك تأتى بواحدة لتتم لك الأربع؛ وهذا لا إشكال فيه.



أما إذا كانت صلاة الإمام أكثر من صلاة المأموم فهذا نقول: إن دخل المأموم في الركعة الثانية فما بعدها فلا إشكال، وإن دخل في الركعة الأولى فحينئذ يأتي الإشكال، ولنمثل: إذا جئت والإمام يصلي العشاء، وهذا يقع كثيرًا في أيام الجمع، يأتي الإنسان من البيت والمسجد جامع للمطر وما أشبه ذلك، فإذا جاء وجدهم يصلون العشاء، لكن وجدهم يصلون في الركعتين الأخيرتين، نقول: ادخل معهم بنيَّة المغرب، صل الركعتين، وإذا سلَّم الإمام تأتي بركعة ولا إشكال.



وإذا جئت ووجدتهم يصلون العشاء الآخرة لكنهم في الركعة الثانية، نقول: ادخل معهم بنية المغرب وسلم مع الإمام ولا يضر؛ لأنك ما زدت ولا نقصت، هذا أيضًا لا إشكال فيه.



وعند بعض الناس فيه إشكال: يقول: إذا دخلت معه في الركعة الثانية ثم جلست في الركعة التي هي للإمام الثانية، وهي لك الأولى، فتكون جلست في الأولى للتشهد.



نقول: هذا لا يضر، ألسْتَ إذا دخلت مع الإمام في صلاة الظهر في الركعة الثانية فالإمام سوف يجلس للتشهد وهي لك الأولى؟ هذا نفسه ولا إشكال، وإنما الإشكال إذا جئت إلى المسجد ووجدهم يصلون العشاء وهم في الركعة الأولى ودخلت معهم في الركعة الأولى، حيئنذ ستصلي ثلاثًا مع الإمام والإمام سيقوم للرابعة، فماذا تصنع؟ إن قمت معه زدت ركعة، صليت أربعًا والمغرب ثلاث لا أربع، وإن جلست تخلفت عن الإمام، فماذا تصنع؟ نقول: اجلس، وإذا كنت تريد أن تجمع فانو مفارقة الإمام، واقرأ التحيات، وسلِّم، ثم ادخل مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء؛ لأنك يمكن أن تدركه.



أما إذا كنت لا تنوي الجمع، أو ممن لا يحق له الجمع، فإنك في هذه الحال مخيَّر، إن شئت فاجلس للتشهد وانتظر الإمام حتى يكمل الركعة ويتشهد وتسلم معه، وإن شئت فانوِ الانفراد وتشهَّد وسلِّم.



هذا الذي ذكرناه هو القول الراجح، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.



ونية الانفراد هنا للضرورة؛ لأن الإنسان لا يمكن أن يزيد في المغرب على ثلاث، فالجلوس لضرورة شرعية، ولا بأس بهذا، ومما يدخل في قوله: «وتقيم الصلاة» أركان الصلاة.



والأركان هي الأعمال القولية والفعلية التي لا تصح الصلاة إلا بها، ولا تقوم إلا بها.



فمن ذلك: تكبيرة الإحرام: أن يقول الإنسان عند الدخول في الصلاة: الله أكبر، لا يمكن أن تنعقد الصلاة إلا بذلك فلو نسي الإنسان تكبيرة الإحرام، جاء ووقف في الصف ثم نسي وشرع في القراءة وصلى، فصلاته غير صحيحة وغير منعقدة إطلاقًا؛ لأن تكبيرة الإحرام لا تنعقد الصلاة إلا بها، قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل علمه كيف يصلي، قال: «إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبِّر».



فلابد من التكبير، وكان النبي صلى الله عليه وسلم مداومًا على ذلك.



ومن ذلك أيضًا: قراءة الفاتحة: فإن قراءة الفاتحة ركن لا تصح الصلاة إلا به؛ لقوله تعالى: ï´؟ فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ï´¾ [المزمل: 20]، وهذا أمر.



وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم هذا المبهم في قوله: ï´؟ مَا تَيَسَّرَ ï´¾، وأن هذا هو الفاتحة، فقال صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب».



وقال: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خِداج»؛ أي: فاسدة غير صحيحة.



فقراءة الفاتحة ركن على كل مصلٍّ: الإمام، والمأموم، والمنفرد؛ لأن النصوص الواردة في ذلك عامة لم تستثن شيئًا، وإذا لم يستثن الله تعالى ورسوله شيئًا فإن الواجب الحكم بالعموم؛ لأنه لو كان هناك مستثنى لبيَّنه الله ورسوله، كما قال الله تعالى: ï´؟ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ï´¾ [النحل: 89].



ولم يَرِد عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح صريح في سقوط الفاتحة عن المأموم، لا في السريَّة والجهريَّة، لكن الفرق بين السرية والجهرية، أن الجهرية لا تقرأ فيها إلا الفاتحة، وتسكت وتسمع لقراءة إمامك.



أما السرية فتقرأ الفاتحة وغيرها حتى يركع الإمام، لكن دلَّت السنة على أنه يستثنى من ذلك ما إذا جاء الإنسان والإمام راكع، فإنه إذا جاء والإمام راكع تسقط عنه قراءة الفاتحة؛ ودليل ذلك ما أخرجه البخاري عن أبي بكرة رضي الله عنه أنه دخل والنبي صلى الله عليه وسلم راكع في المسجد، فأسرع وركع قبل أن يدخل في الصف، ثم دخل في الصف، فلما سلَّم النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أيُّكم الذي ركع دون الصف ثم مشى إلى الصف؟!»، قال أبو بكرة: أنا يا رسول الله! قال: «زادك الله حرصًا ولا تعد».



لأن النبي صلى الله عليه وسلم علم أن الذي دفع أبا بكرة لسرعته والركوع قبل أن يصل إلى الصف هو الحرص على إدراك الركعة، فقال له: «زادك الله حرصًا ولا تعد»؛ أي: لا تعد لمثل هذا العمل فتركع قبل الدخول في الصف وتسرع، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا».



يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.94 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.32 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.74%)]