عرض مشاركة واحدة
  #332  
قديم 09-02-2020, 05:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,577
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

الحلقة (331)
تفسير السعدى
سورة الانبياء
من الأية(104) الى الأية(112)
عبد الرحمن بن ناصر السعدي

تفسير سورة الأنبياء


" يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين "(104)
" لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ " أي: لا يقلقهم إذا فزع الناس أكبر فزع.
وذلك يوم القيامة, حين تقرب النار, تتغيظ على الكافرين والعاصين فيفزع الناس لذلك الأمر وهؤلاء لا يحزنهم, لعلمهم بما يقدمون عليه وأن الله قد أمنهم مما يخافون.
" وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ " إذا بعثوا من قبورهم, وأتوا على النجائب وفدا, لنشورهم, مهنئين لهم قائلين: " هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ " فليهنكم.
ما وعدكم الله.
وليعظم استبشاركم, بما أمامكم من الكرامة, وليكثر فرحكم وسروركم, بما أمنكم الله من المخاوف والمكاره.

" ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون " (105)
يخبر تعالى أنه يوم القيامة يطوي السماوات - على عظمها واتساعها - كما يطوي الكاتب للسجل أي: الورقة المكتوب فيها.
فتنثر نجومها, وتكور شمسها وقمرها, وتزول عن أماكنها " كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ " أي إعادتنا للخلق, مثل ابتدائنا لخلقهم.
فكما ابتدأنا خلقهم, ولم يكونوا شيئا, كذلك نعيدهم بعد موتهم.
" وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ " ننفذ ما وعدنا, لكمال قدرته, وأنه لا تمتنع منه الأشياء.

" إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين " (106)
" وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ " وهو الكتاب المزبور, والمراد: الكتب المنزلة, كالتوراة ونحوها " مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ " أي: كتبناه في الكتب المنزلة, بعد ما كتبنا في الكتاب السابق, الذي هو اللوح المحفوظ, وأم الكتاب الذي توافقه - جميع التقادير المتأخرة عنه والمكتوب في ذلك.
" أَنَّ الْأَرْضَ " أي أرض الجنة " يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ " الذين قاموا بالمأمورات, واجتنبوا المنهيات.
فهم الذين يورثهم الله الجنات, كقول أهل الجنة: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ " .
ويحتمل أن المراد: الاستخلاف في الأرض, وأن الصالحين يمكن الله لهم في الأرض, ويوليهم عليها كقوله تعالى: " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ " .

" وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " (107)
يثني الله تعالى على كتابه العزيز " القرآن " ويبين كفايته التامة عن كل شيء, وأنه لا يستغنى عنه فقال: " إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ " أي: يتبلغون به, في الوصول إلى ربهم, وإلى دار كرامته, فوصلهم إلى أجل المطالب, وأفضل الرغائب.
وليس للعابدين, الذين أشرف الخلق, وراءه غاية, لأنه الكفيل بمعرفة ربهم, بأسمائه, وصفاته, وأفعاله, وبالإخبار بالغيوب الصادقة, وبالدعوة لحقائق الإيمان, وشواهد الإيقان, المبين للمأمورات كلها, والمنهيات جميعا, المعرف بعيوب النفس والعمل, والطرق التي ينبغي سلوكها في دقيق الدين وجليله, والتحذير من طرق الشيطان, وبيان مداخله على الإنسان.
فمن لم يغنه القرآن, فلا أغناه الله, ومن لا يكفيه, فلا كفاه الله.

" قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون " (108)
ثم أثنى على رسوله, الذي جاء بالقرآن فقال: " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ " .
فهو رحمته المهداة لعباده.
فالمؤمنون به, قبلوا هذه الرحمة, وشكروها, وقاموا بها.
وغيرهم, كفروها, وبدلوا نعمة الله كفرا, وأبوا رحمة الله ونعمته.

" فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون " (109)
" قُلْ " يا محمد " إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ " الذي لا يستحق العبادة إلا هو, ولهذا قال: " فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " أي: منقادون لعبوديته مستسلمون لألوهيته, فإن فعلوا فليحمدوا ربهم على ما من عليهم, بهذه النعمة, التي, فاقت المنن.
" وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين " (111)
" فَإِنْ تَوَلَّوْا " عن الانقياد لعبودية ربهم, فحذرهم حلول المثلات, ونزول العقوبة.
" فَقُلْ آذَنْتُكُمْ " أي: أعلمتكم بالعقوبة " عَلَى سَوَاءٍ " أي علمي وعلمكم بذلك مستو فلا تقولوا - إذا أنزل بكم العذاب - " مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ " بل الآن, استوى علمي وعلمكم, لما أنذرتكم, وحذرتكم, وأعلمتكم بمآل الكفر, ولم أكتم عنكم شيئا.
" وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ " أي: من العذاب لأن علمه عند الله, وهو بيده, ليس لي من الأمر شيء.

" قال رب احكم بالحق وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون " (112)
" وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ " أي: لعل تأخير العذاب الذي استعجلتموه, شر لكم, وإن تتمتعوا في الدنيا إلى حين, ثم يكون أعظم لعقوبتكم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.62 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.00 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.05%)]