عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 09-02-2020, 04:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,970
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ابن جُبارة المقدسيّ (648 - 728ه‍) وكتابه (المفيد في شرح القصيد)


ابن جُبارة المقدسيّ

(648 - 728ه‍)

وكتابه (المفيد في شرح القصيد)


خيرالله الشريف





ثانيًا:كتاب «المفيد في شرح القصيد»

المفيد شرح للشاطبية، فلابد من تعريف الشاطبية والوقوف عند شروحها، ثم عند منزلة المفيد بين تلك الشروح ثم عند منهج مؤلف المفيد ومصادره وتاريخ تأليفه.



1- الشاطبية وشروحها:

بدأ التأليف في القراءات من القرن الهجري الأول، وتوسع شيئًا فشيئًا حتى أرسى قواعده الإمام الشاطبي[49] في منظومته اللامية المسماة: «حرز الأماني ووجه التهاني» أو «الشاطبية» التي بلغت (1173) بيت، وحازت من القبول والشهرة والعناية حظًا وافرًا لا يعلم له نظير في بابه؛ إذ افتنّ الشاطبي في ضبط القراءات السبع، فسلك سبيل الرمز، فمنح كل قارئ وراوٍ رمزًا إذا انفرد، ورمزًا إذا اجتمع مع غيره، وأخذ هذه الرموز من تسلسل ترتيب الحروف العربية الأبجدية عند المغاربة[50]، ومع أن الشاطبية قد وردت فيها الضرورات الشعرية[51] فإن ذلك لا يقدح في هذه المنظومة الموسوعية، فلا عجب أن تتبوأ الشاطبية تلك المكانة الرفيعة عند العلماء باختلاف تخصصاتهم، فهي ليست وعاء للقراءات فحسب، بل هي على قدر جيد من الرقة والعذوبة والبيان، وقوة السبك، ووفرة المعاني.



وقد نهض عدد من العلماء لشرح هذه المنظومة[52] التي ضمت سبعًا من القراءات القرآنية المتواترة المشهورة، واعتمدت كتاب «التيسير» للداني أساسًا لها. فكان شرح السَّخاوي، تلميذ الشاطبي، رائدًا لهذه الشروح، وميّز كل واحد ممن تلاه من الشراح شرْحه بما فتحه الله عليه من علم وخبرة، ثم أتى شرح ابن جُبارة «المفيد» الذي نعرض له.



وفيما يأتي عرض لهذه الشروح ماكان منها سابقًا للمفيد أو معاصرًا له، وما كان تاليًا له.



أ‌- شروح سبقت «المفيد» أو عاصرته:

1- شـرح لعبد الرحمن بن أبي القاسم الأزدي التونسي المعروف بابن الحدّاد (- نحو 625ه‍ ).



2- «المهنّد القاضِبي شرح قصيدة الشاطبي» لأبي العباس أحمد بن علي بن محمد ابن علي بن شُكْر القرطبي الأندلسي (- نحو 640ه‍).



3- «فتح الوصيد في شرح القصيد» لأبي الحسن علي بن محمد بن عبدالصمد السَّخاوي الشافعي (-643ه‍).



4- «الدُرَّة الفريدة في شرح القصيدة» لمنْتَجَب الدين أبي يوسف المنتجب ابن أبي العز بن رشيد الهَمَذاني (-643ه‍).



5- «اللآلىء الفريدة في شرح القصيدة» لأبي عبدالله محمد بن الحسن بن محمد ابن يوسف الفاسيّ نزيل حلب (-656ه‍).



6- «كن‍ز المعاني في شرح حرز الأماني» لأبي عبدالله محمد بن أحمد بن محمد، المعروف بشُعْلَة المَوْصِلِي (-656ه‍).



7- شرح لشمس الدين أبي الفتح محمد بن علي بن موسى الأنصاري الدمشقي (-657ه‍).



8- «المفيد في شرح القصيد» لعلم الدين قاسم بن أحمد اللَّوْرَقي (-661ه‍)، وهو سميّ كتاب ابن جُبارة، وقد يكون اطلع عليه.



9- «إبراز المعاني من حرز الأماني» لأبي شامة عبدالرحمن بن إسماعيل الدمشقي (-665ه‍‍).



10- شرح لعماد الدين أبي الحسن علي بن يعقوب بن شجاع بن علي بن إبراهيم المَوْصِلِي (-682ه‍).



11- «حل رموز الشاطبية» لتقي الدين يعقوب بن بدران الجَرائدي (-688ه‍).



12- «كاشف المعاني في شرح حرز الأماني» لأبي الفضائل عباد بن أحمد بن إسماعيل الحُسَيني (كان حيًّا سنة 704ه‍).



13- شرح لعلاء الدين علي بن أحمد (-706ه‍).



14- شرح لأبي الحسن علي بن يوسف بن حريز بن فضل اللَّخْمي المعـروف بالشَّطَّنـَوفي (-713ه‍).



15- شرح لأبي موسى جعفر بن مكّيّ المَوْصِلِي (-713ه‍).



16- «فرائد المعاني في شرح حرز الأماني» لأبي عبدالله محمد بن محمد بن داود الصُّنْهاجي المعروف بابن آجُرُّوم (-723ه‍).



17- شرح ليوسف بن أبي بكر المعروف بابن خطيب بيت الآبار (-725ه‍).



وقد أكثر ابن جُبارة في «المفيد» النقل مما استحسنه من كلام السَّخاوي والفاسي وأبي شامة ممن سبقه في شرح الشاطبية كما صرح بذلك في مقدمته، وكان دائمًا يشير إلى من ينقل عنه، خلا مرات قليلة نقل عنهم من دون إشارة، ونقل من كلام شيخه الراشدي قسطًا كبيرًا[53]، ولم يغفل العزو إليه، ونقل أيضًا عن آخرين نقلاً يسيرًا.



ب- شروح عاصرت «المفيد» أو جاءت بعده:

1- «كن‍ز المعاني» لبـرهان الدين أبي إسحاق إبراهيم بن عمر بن إبراهيم الجَعْبَري (-732ه‍).

2- «الحواشي المفيدة في شرح القصيدة» لأبي محمد عبدالرحمن بن أحمد ابن عبدالرحمن الدُّقُوقي (-735ه‍).

3- «الفريدة البارزية في حل القصيدة الشاطبية» لأبي القاسم هبة الله بن عبدالرحيم البارزي (-738ه‍).

4- شرح لبدر الدين أبي عبدالله محمد بن أحمد بن بَصْخَان (-743ه‍).

5- شـرح لبـدر الدين أبي محمد الحسـن بن قاسم المعروف بابن أم قاسم المرادي (-749ه‍).

6- «العِقد النضيد في شرح القصيد» لشهاب الدين أبي العباس أحمد بن يوسف المعروف بالسَّمين الحلبي (-756ه‍).

7- «سراج القارئ المبتدي وتذكار القارئ المنتهي» لعلاء الدين أبي البقاء علي ابن عثمان ابن القاصِح العُذْري (-801ه‍).

8- شرح لجلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي (-911ه‍).

9- «إرشاد المريد إلى مقصود القصيد» لعلي محمد الضَّبّاع (-1381ه‍).

10- «الوافي» لعبد الفتاح القاضي (- 1403ه‍).



وقد صرح ابن القاصِح وهو من شُرّاح الشاطبية الذين جاؤوا بعد ابن جُبارة بنقله عن شرحه، فقال في مقدمته: (وقد اختصرت هذا الكتاب من شرح السَّخاوي والفاسيّ، وأبي شامة، وابن جُبارة، وغيرهم، وزدت فيه فوائد ليست من هؤلاء المشروحات، وسميته: سراج القارئ..)[54].



وجعله ابن الجزري - كما سلف - أحد الأصول التي استقى منها مادة كتابه «النشر في القراءات العشر»[55]، فذكر فيه السندَ الذي أدى إليه كتاب ابن جُبارة.



2- منزلة «المفيد» في شروح الشاطبية:

أنواع شروح الشاطبية:

أ- الشروح المطوَّلة: التي يُعنى شارحها بكل ما يتعلق بالأبيات من معنى، وإعراب، وخلاف بين العلماء، وتوجيه قراءات، وتصحيح أخطاء الشراح قبله، منها:

1- شرح ابن خطيب بيت الآبار المشار إليه، وهو في مجلدين ضخمين.

2- شرح ابن جُبارة: «الفتوحات المكية والقدسية»، ربعه مخطوط في مجلد ضخم.

3- شرح الجَعْبَري: «كن‍ز المعاني»، طبع أقل من ربعه في مجلد كبير.

4- شرح السَّمين الحلبي: «العقد النضيد»، طبع ربعه في مجلدين كبيرين.



ب - الشروح المتوسطة: التي لم يطنب فيها أصحابها ولم يوجزوا، بل كانت وسطًا بين ذلك، منها:

1- شرح أبي شامة: «إبراز المعاني»، طبع في أربعة مجلدات صغيرة.

2- شرح الفاسي: «اللآلئ الفريدة»، مخطوط في مجلدين.

3- شرح شُعْلَة: «كن‍ز المعاني»، طبع في مجلد.



ج - الشروح المختصرة: وتكتفي بحل رموز الأبيات مع بيان المعنى الإجمالي وهذه تعنى بالقارئ ذي المعرفة بالقراء ورواتهم ومصطلحات علم القراءات مثل:

1- شرح عبدالفتاح القاضي (-1403ه‍): «الوافي».

2- شرح الضّبّاع (-1381ه‍): «إرشاد المريد إلى مقصود القصيد».



منزلة «المفيد»:

عند التأمل في كتابنا «المفيد» الذي نحن بصدده نرى أنه من المجموعة الثانية، وهي الشروح المتوسطة، فهو:

1- يقدم لكل باب من أبواب الأصول بمقدمة متوسطة أو مختصرة، يتحدث فيها عن موضوع الباب ومعناه في اللغة والاصطلاح، وإعرابه، أو عن واحد مما تقدم، مثل: مقدمة باب الاستعاذة، والبسملة، وسورة أم القرآن، والإدغام الكبير.



2- يتكلم في مفردات البيت من حيث الاشتقاق اللغوي، وقد يستشهد على ذلك بالشعر.



3- قد يتعرض لما في كلام الناظم من أمور بلاغية كالاستعارة والتشبيه والمجاز.



4- يُعرب بعض الكلمات في الأبيات مما يدور المعنى حوله مع ذكر وجوه الإعراب أحيانًا، وقد يبين مذاهب النحاة في المسائل الخلافية.



5- ينقل عن ثلاثة من أبرز شراح الشاطبية، وهم: السَّخاوي (-643ه‍)، والفاسي (-656ه‍)، وأبو شامة (-665ه‍)، ويكثر من تعقب أبي شامة، مما يدل على ذهن وقّاد، وقريحة ناقدة.



6- يوجِّه بعض القراءات التي حوتها الشاطبية، ويذكر عللها مستشهدًا بأقوال أئمة النحو واللغة.



7- يورد الاستفسارات والشبه والاعتراضات التي قد تعرض للمرء، ثم يجيب عنها بما يزيل لبسها أو يتركها دون إجابة أحيانًا.



3- منهج ابن جُبارة في «المفيد»:

بدأ ابن جُبارة كتابه بمقدمة حمد الله فيها، وأثنى عليه بما هو أهله، وصلى على الرسول r وآله وأصحابه والتابعين، ثم تكلم على القرآن الكريم وحفظه، وأن الله قد أظهر ذلك على يد الشاطبي في منظومته، ويسّر له بحثها على شيخه حسن الراشدي، ثم وضع شرحه في كتاب، وأضاف إليه ما يسره الله لديه، ثم بيّن المنهج الذي سار عليه في شرح الأبيات، وهو يشمل النقاط الآتية:

أ- لايلتزم ذكر البيت دفعة واحدة كما فعل غيره.

ب- يذكر مسألة ويقف على رمزها.

ج- لايعرب من أبياتها إلا القليل، أو ما يتوقف عليه بيان حكم من أحكامها.

د- مقصوده حلُّ ألفاظها ومشكلاتها بإيجاز واختصار.



ويمكن رد هذه النقاط إلى أمرين: طلب الاختصار وترك التطويل، مع إيضاح المعنى قدر الإمكان. والنقطة الأخيرة التي ذكرها تعلل منهجه؛ فهو يريد اختصار الشرح قدر المستطاع لكي يبلغ القارئ هدفه من فهم المعنى بأسرع ما يمكن دون إخلال ببيان معنى الأبيات.



ويمكن إضافة نقاط أخرى غلبت على منهج المصنف هي:

ه‍ - الاهتمام ببيان معاني الألفاظ الغريبة في الأبيات.

و- إعراب بعض المفردات التي لها أدنى وشيجة بالمعنى.

ز- الاستشهاد لبعض الجزئيات بما يقويها من مقاطع الشاطبية نفسها أو الآيات الكريمة أو الآثار أو غير ذلك.

ح- تفسير الشاطبية بالشاطبية.

ط- توجيه القراءات.

ي- الاعتماد في الشرح على ثلاثة من أحسن شروح الشاطبية هي: «إبراز» أبي شامة، و«لآلئ» الفاسي، و«فتح» السَّخاوي. ونقل كلام شيخه حسن الراشدي، علاوة على التعقيب عليها إذا كان ذلك مناسبًا.



ويؤخذ على منهج المصنف:

أ- النقل عن بعض المصادر دون إشارة إليها، أو بشيء من التصريح بالنقل بعد ذلك، مما يوهم أن الكلام المتقدم هو لابن جُبارة.

ب- ترك الإجابة عن بعض الأسئلة التي طرحها في شرحه.

ج- الإطالة في بعض النقول.




يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.96 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.12%)]