عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-02-2020, 03:49 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,920
الدولة : Egypt
افتراضي شروط رجم الزاني

شروط رجم الزاني
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك







قوله: "ولا يجب الحد للزنا إلا بثلاثة شروط، أحدها: تغييب حشفة أصلية، كلها أو قدرها لعدم في قُبل أو دُبر أصليين من آدمي حي فلا يُحد من قبل أو باشر دون الفرج..." إلى آخره؛ من انتفاء الشبهة، وثبوته بالشهود، أو بالإقرار[1].







قال في "المقنع": "ولا يجب الحد إلا بثلاثة شروط:



أحدها: أن يطأ في الفرج، سواء كان قُبلًا أو دُبرًا، وأقل ذلك: تغييب الحشفة في الفرج، فإن وطئ دون الفرج، أو أتت المرأةُ المرأةَ فلا حد عليهما[2].








فصل: الثاني: انتفاء الشُّبهة: فإن وطئ جارية ولده، أو جارية له فيها شِرك أو لولده، أو وجد امرأة على فراشه ظنها امرأته أو جاريته، أو دعا الضرير امرأته، أو جاريته فأجابه غيرها، فوطئها أو وطئ في نكاح مختلف في صحته، أو وطئ امرأته في دُبرها أو حيضها أو نفاسها، أو لم يعلم بالتحريم لحداثة عهده بالإسلام أو نشوئه ببادية بعيدة، أو أكره على الزِّنى فلا حد فيه.



وقال أصحابنا[3]: إن أكره الرجل فزنى حُدَّ.



وإن وطئ ميتةً، أو ملك أُمه، أو أخته من الرضاع فوطئها، فهل يحد أو يعزر؟ على وجهين[4]، وإن وطئ في نكاح مُجمع على بطلانه كنكاح المزوجة، والمعتدة، والخامسة، وذوات المحارم من النسب والرضاع، أو استأجر امرأة للزنى، أو لغيره وزنى بها، أو زنى بامرأة له عليها القصاص، أو بصغيرة أو مجنونة، أو بامرأة ثم تزوجها، أو بأمة ثم اشتراها، أو أمكنت العاقلة من نفسها مجنونًا أو صغيرًا فوطئها فعليهم الحد.








فصل: الثالث: أن يثبت الزنى: ولا يثبت إلا بشيئين:



أحدهما: أن يقر أربع مرات في مجلس، أو مجالس وهو بالغٌ عاقلٌ، ويصرح بذكر حقيقة الوطء، ولا ينزع عن إقراره حتى يتم الحد.








الثاني: أن يشهد عليه أربعة رجال أحرار، عدول يصفون الزنى، ويجيؤون في مجلس واحد، سواء جاؤوا متفرقين أو مجتمعين، فإن جاء بعضهم بعد أن قام الحاكم، أو شهد ثلاثة وامتنع الرابع عن الشهادة، أو لم يكملها فهم قذفةٌ وعليهم الحد، وإن كانوا فُساقًا أو عميانًا، أو بعضهم فعليهم الحد، وعنه[5]: لا حد عليهم.



وإن كان أحدهم زوجًا حُد الثلاثة، ولاعن الزوج إن شاء، وإن شهد اثنان: أنه زنى بها في بيت أو بلد، واثنان: أنه زنى بها في بيت أو بلد آخر فهم قذفة عليهم الحد.



وعنه[6]: يُحد المشهود عليه وهو بعيد، وإن شهدا أنه زنى بها في زاوية بيت، وشهد آخران: أنه زنى بها في زاويته الأخرى، أو شهدا أنه زنى بها في قميص أبيض، وشهد الآخران: أنه زنى بها في قميص أحمر كملت شهادتهم، ويحتمل ألا تكمل كالتي قبلها، وإن شهدا: أنه زنى بها مطاوعة، وشهد الآخران: أنه زنى بها مكرهة لم تكمل شهادتهم.








وهل يُحدُّ الجميع أو شاهدا المطاوعة؟ على وجهين[7]، وعند أبي الخطاب: يُحد الزاني المشهود عليه دون المرأة والشهود، وإن شهد أربعة فرجع أحدهم فلا شيء على الراجع ويُحد الثلاثة، وإن كان رجوعه بعد الحد فلا حد على الثلاثة، ويغرم الراجع ربع ما أتلفوه.



وإن شهد أربعة بالزنى بامرأة فشهد ثقات من النساء أنها عذراء فلا حد عليها، ولا على الشهود، نص عليه، وإن شهد أربعة على رجل: أنه زنى بامرأة، فشهد أربعة أخرون على الشهود: أنهم هم الزناة بها لم يُحد المشهود عليه، وهل يحد الشهود الأولون حد الزنى؟ على روايتين[8]"[9].








قال في "الحاشية": "قوله: أو أتت المرأةُ المرأةَ فلا حد عليهما، هذا المذهب[10]؛ لأنه لا يتضمن إيلاجًا، فأشبه المباشرة دون الفرج، وعليهما التعزير"[11].



وقال في "الإفصاح": "واتفقوا على أن البينة التي يثبت بها الزنى: أن يشهد به أربعة عدول رجال يصفون حقيقة الزنى[12].



واختلفوا، هل يشترط العدد في الإقرار به؟



فقال أبو حنيفة[13] وأحمد[14]: لا يثبت الزنى بالإقرار، إلا أن يُقر البالغ العاقل على نفسه بذلك أربع مرات.



وقال مالك[15] والشافعي[16]: يثبت بإقراره مرة واحدة.








واختلفوا في صفة الإقرار بالزنى:



فقال أبو حنيفة[17]: لا يقبل إقراره بذلك إلا في أربعة مجالس من مجالس المقر، فلو أقر عن يمين الحاكم ويساره وأمامه ووراءه كانت أربع مجالس.



وقال أحمد[18]: إن أقرَّ أربع مرات في مجلس واحد، أو في مجالس قُبل إقراره.



واتفقوا على انه إذا أقر بالزنى ثم رجع عنه فإنه يسقط الحد عنه ويقبل رجوعه[19]، إلا مالكًا[20] فإنه قال: إذا رجع عن الإقرار بشبهة يُعزر بها، مثل أن يقول: إني وطئت في نكاح فاسد، أو ظننت أنها جارية مشتركة، أو نحو ذلك، قُبل رجوعه كمذهب الجماعة، فأما إن رجع عن الإقرار بالزنى بغير شبهة ففيه روايتان:



إحداهما[21]: أنه يقبل رجوعه، كمذهب الجماعة، والأخرى[22]: لا يقبل رجوعه"[23].








وقال ابن رشد: "الباب الثالث: وهو معرفة ما تثبت به هذه الفاحشة، وأجمع العلماء على أن الزنى يثبت بالإقرار وبالشهادة[24].



واختلفوا في ثبوته بظهور الحمل في النساء غير المزوجات إذا ادعين الاستكراه.








وكذلك اختلفوا في شروط الإقرار وشروط الشهادة، فأما الإقرار: فإنهم اختلفوا فيه في موضعين:



أحدهما: عدد مرات الإقرار الذي يلزم به الحد.








والموضع الثاني: هل من شرطه ألا يرجع عن الإقرار حتى يُقام عليه الحد؟ أما عدد الإقرار الذي يجب به الحد: فإن مالكًا[25] والشافعي[26] يقولان: يكفي في وجوب الحد عليه: اعترافه به مرة واحدة، وبه قال داود[27] وأبو ثور والطبري وجماعة.



وقال أبو حنيفة[28] وأصحابه وابن أبي ليلى: لا يجب الحد إلا بأقارير أربعة مرة بعد مرة، وبه قال أحمد[29] وإسحاق، وزاد أبو حنيفة[30] وأصحابه: في مجالس متفرقة.



وعمدة مالك والشافعي: ما جاء في حديث أبي هريرة وزيد بن خالد من قوله عليه الصلاة والسلام: "اغدُ يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها"، فاعترفت فرجمها ولم يذكر عددًا[31].



وعمدة الكوفيين: ما ورد من حديث سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه رد ماعزًا حتى أقر أربع مرات ثم أمر برجمه[32].



وفي غيره من الأحاديث، قالوا: وما ورد في بعض الروايات: أنه أقر مرة ومرتين وثلاثًا تقصير، ومن قصَّر فليس بحُجة على من حفظ.








وأما المسألة الثانية: وهي من اعترف بالزنى ثم رجع، فقال جمهور العلماء: يُقبل رُجوعه[33] إلا ابن أبي ليلى وعثمان البتي، وفصل مالك[34]، فقال: إن رجع إلى شُبهة قبل رجوعه، وأما إن رجع إلى غير شُبهة فعنه في ذلك روايتان:



إحداهما[35]: يقبل، وهي الرواية المشهورة.








والثانية[36]: لا يقبل رجوعه، وإنما صار الجمهور إلى تأثير الرجوع في الإقرار؛ لما ثبت من تقريره صلى الله عليه وسلم ماعزًا وغيره مرَّة بعد مرة لعله يرجع؛ ولذلك لا يجب على من أوجب سقوط الحد بالرجوع أن يكون التمادي على الإقرار شرطًا من شروط الحد.



وقد رُوي من طريق: أن ماعزًا لما رُجم ومسته الحجارة هرب، فاتبعوه، فقال لهم: ردوني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتلوه رجمًا، وذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "هل تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه"[37]، ومن هنا تعلَّق الشافعي[38]: بأن التوبة تُسقط الحدود، والجمهور على خلافه[39]؛ ولهذا يكون عدم التوبة شرطًا ثالثًا في وجوب الحد.








وأما ثبوت الزنى بالشهود: فإن العلماء اتفقوا على أنه يثبت الزنى بالشهود[40]، وأن العدد المشترط في الشهود أربعة[41]، بخلاف سائر الحقوق؛ لقوله تعالى: ﴿ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ﴾ [النور: 4] وأن من صفتهم: أن يكونوا عدولًا، وأن من شرط هذه الشهادة: أنت كون بمعاينة فرجه في فرجها، وأنها تكون بالتصريح لا بالكناية، وجمهورهم على أن من شرط هذه الشهادة: ألا تختلف لا في زمان ولا في مكان[42]، إلا ما حُكي عن أبي حنيفة[43] من مسألة الزوايا المشهورة، وهو: أن يشهد كل واحدٍ من الأربعة أنه رآها في رُكن من البيت يطؤها غير الركن الذي رآه فيه الآخر.








وسبب الخلاف: هل تلفق الشهادة المختلفة بالمكان أو لا تلفق، كالشهادة المختلفة بالزمان؟ فإنهم أجمعوا على أنها لا تلفق، والمكان أشبه شيء بالزمان، والظاهر من الشرع: قصده إلى التوثق في ثبوت هذا الحد أكثر منه في سائر الحدود"[44].



وقال البخاري: "باب هل يقول الإمام للمُقر: لعلك لمست أو غمزت؟".



وذكر حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما أتى ماعز بن مالك النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "لعلك قبَّلت أو غمزت أو نظرت؟"، قال: لا يا رسول الله، قال: "أنكتها؟" لا يكني، قال: فعند ذلك أمر برجمه"[45].



قال الحافظ: "قوله: "باب هل يقول الإمام للمُقر - أي: بالزنى - لعلك لمست أو غمزت"، هذه الترجمة معقودة لجواز تلقين الإمام المقر بالحد ما يدفعه عنه، وقد خصه بعضهم بمن يظن به أنه أخطأ أو جهل[46]".








وقال البخاري أيضًا: "باب الاعتراف بالزنى".



حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان قال: حفظناه من فيِّ الزهري قال: أخبرني عبيد الله: أنه سمع أبا هريرة وزيد بن خالد قالا: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقام رجل فقال: أنشُدُك الله إلا قضيت بيننا بكتاب الله، فقام خصمه - وكان أفقه منه - فقال: اقض بيننا بكتاب الله، وأذن لي، قال: "قل"، قال: إن ابني كان عسيفًا على هذا، فزنى بامرأته، فافتديت منه بمئة شاة وخادم، ثم سألت رجالًا من أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مئة وتغريب عام، وعلى امرأته الرجم، فقال النبي صلى اله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لأقضينَّ بينكما بكتاب الله جل ذكره، المئة شاة والخادم ردٌّ، وعلى ابنك جلد مئة وتغريب عام، واغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجُمها"، فغدا عليها فاعترفت فرجمها، قلت لسفيان: لم يقل: فأخبروني أن على ابني الرجم، فقال: أشُك فيها عن الزهري، فربما قُلتها وربما سكت[47].
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 27.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.37 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.33%)]