عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 07-02-2020, 05:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,286
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حكم المرتد في الإسلام

حكم المرتد في الإسلام
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك










وقد اختلف في هذا الباب في حكم الساحر:



فقال مالك[78]: يُقتل كفرًا، وقال قوم: لا يُقتل، والأصل: ألا يُقتل إلا مع الكفر"[79].



وقال في "الاختيارات": "باب حكم المرتد، والمرتد من أشرك بالله تعالى، أو كان مُبغضًا للرسول صلى الله عليه وسلم، أو لما جاء به، أو ترك إنكار منكر بقلبه، أو توهم أن أحدًا من الصحابة أو التابعين أو تابعيهم قاتل مع الكفار، أو أجاز ذلك، أو أنكر مجمعًا عليه إجماعًا قطعيًا، أو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم.








ومن شك في صفةٍ من صفات الله تعالى - ومثله لا يجهلها - فمُرتد، وإن كان مثله يجهلها فليس بمرتد؛ ولهذا لم يُكفر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الشاك في قدرة الله وإعادته؛ لأنه لا يكون إلا بعد الرسالة، ومنه قول عائشة رضي الله عنها: مهما يكتم الناس يعلمه الله؟ قال[80]: "نعم"[81].








وإذا أسلم المرتد عصم دمه وماله وإن لم يحكم بصحة إسلامه حاكم، باتفاق الأئمة[82]، بل مذهب الإمام أحمد[83] المشهور عنه وهو قول أبي حنيفة[84] والشافعي[85]: أن من شهد عليه بالردة فأنكر، حكم بإسلامه، ولا يحتاج أن يقر بما شهد عليه به "1030أ".








وقد بين الله تعالى أنه يتوب على أئمة الكفر الذين هم أعظم من أئمة البدع.



ومن شفع عنده في رجل فقال: لو جاء النبي صلى الله عليه وسلم يشفع فيه ما قبلت منه، إن تاب بعد القُدرة عليه قُتل لا قبلها في أظهر قولي العلماء فيهما.








ولا يضمن المرتد ما أتلفه بدار الحرب، أو في جماعة مرتدة ممتنعة، وهو رواية عن أحمد[86] اختارها الخلال وصاحبه.



والتنجيم كالاستدلال بأحوال الفلك على الحوادث الأرضية هو من السحر، ويحرم إجماعًا[87]، "وأقر أول المنجمين وآخرهم[88]" أن الله يدفع عن أهل العبادة والدعاء ببركة ذلك ما زعموا أن الأفلاك توجبه، وأن لهم من ثواب الدارين ما لا تقوى الأفلاك أن تجلبه.








وأطفال المسلمين في الجنة إجماعًا[89]، وأما أطفال المشركين فأصح الأجوبة فيهم ما ثبت في "الصحيحين": أنه سُئل عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "الله أعلم بما كانوا عاملين"[90]، فلا نحكم على معين منهم لا بجنة ولا نار، ويروى: أنهم يمتحنون يوم القيامة، فمن أطاع منهم دخل الجنة ومن عصى دخل النار، وقد دلَّت الأحاديث الصحيحة على أن بعضهم في الجنة وبعضهم في النار، والصحيح في أطفال المشركين أنهم يُمتحنون في عرصات القيامة[91]"[92].








وقال البخاري: "بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم وإثم من أشرك بالله وعقوبته في الدنيا والآخرة".








قال الله تعالى: ï´؟ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ï´¾ [لقمان: 13]، ï´؟ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ï´¾ [الزمر: 65].








حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية: ï´؟ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ï´¾ [الأنعام: 82]، شقَّ ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقالوا: أينا لم يلبس إيمانه بُظلم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه ليس بذلك، ألا تسمعون إلى قول لقمان: ï´؟ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ï´¾ [لقمان: 13] "1030ب"[93].








حدثنا مُسدد، حدثنا بشر بن المفضل، حدثنا الجريري. وحدثني قيس بن حفص، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، أخبرنا سعيد الجريري، حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أكبر الكبائر الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور وشهادة الزور"، ثلاثًا أو "قول الزور"، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت[94].








حدثني محمد بن الحسين بن إبراهيم، أخبرنا عبيد الله "بن موسى"[95]، أخبرنا شيبان، عن فِراس، عن الشعبي، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ما الكبائر؟ قال: "الإشراك بالله"، قال: ثم ماذا؟ قال: "ثم عقوق الوالدين"، قال: ثم ماذا؟ قال: "اليمين الغموس"، قلت: وما اليمين الغموس؟ قال: "الذي يقتطع مال امرئ مسلم هو فيها كاذب"[96].








حدثنا خلاد بن يحيى، حدثنا سفيان، عن منصور والأعمش، عن أبي وائل، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله، أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ قال: "من أحسن في الإسلام لم يُؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر"[97]".








قال الحافظ: "قوله: "باب إثم من أشرك بالله تعالى وعقوبته في الدنيا والآخرة، قال الله عز وجل: ï´؟ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ï´¾ [لقمان: 13]، ï´؟ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ï´¾ [الزمر: 65].








قال ابن بطال[98]: الآية الأولى دالة على أنه لا إثم أعظم من الشرك، وأصل الظلم: وضع الشيء في غير موضعه، فالمشرك: أصل من وضع الشيء في غير موضعه؛ لأنه جعل لمن أخرجه من العدم إلى الوجود مُساويًا، فنسب النعمة إلى غير المُنعم بها، والآية الثانية خُوطب بها النبي صلى الله عليه وسلم، والمراد: غيره، والإحباط المذكور مُقيد بالموت على الشرك؛ لقوله تعالى: ï´؟ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ï´¾ [البقرة: 217] "1031أ".








وذكر فيه أربعة أحاديث:



الأول: حديث ابن مسعود في تفسير قوله تعالى: ï´؟ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ï´¾، وقد مضى شرحه في كتاب الإيمان، قال الطيبي: المراد بالذين آمنوا: أعم من المؤمن الخالص وغيره، قال: وأما معنى اللبس: فلبس الإيمان بالظلم: أن يصدق بوجود الله ويخلط به عبادة غيره، ويؤيده قوله تعالى: ï´؟ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ï´¾ [يوسف: 106]، وعرف بذلك مناسبة ذكرها في أبواب المرتد، وكذلك الآية التي صدر بها، وأما الآية الأخرى فقالوا: هي قضية شرطية، ولا تستلزم الوقوع، وقيل: الخطاب له، والمراد: الأمة، والله أعلم. انتهى ملخصًا.








الثاني: حديث أبي بكرة في أكبر الكبائر، وقد مضى شرحه في الشهادات وفي عقوق الوالدين.








الثالث: حديث عبد الله بن عمرو في ذكر الكبائر أيضًا، وقد تقدم شرحه في باب اليمين الغموس.








الرابع: حديث ابن مسعود: قوله: "ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر"، قال الخطابي: ظاهره خلاف ما أجمعت عليه الأمة: أن الإسلام يجب ما قبله[99]، وقال تعالى: ï´؟ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ï´¾ [الأنفال: 38]، قال: ووجه هذا الحديث أن الكافر إذا أسلم لم يؤاخذ بما مضى، فإن أساء في الإسلام غاية الإساءة وركب أشد المعاصي، وهو مستمر على الإسلام، فإنه إنما يؤاخذ بما جناه من المعصية في الإسلام، ويُبكت بما كان منه في الكفر، كأن يقال له: ألست فعلت كذا وأنت كافر، فهلا منعك إسلامك عن معاودة مثله؟! انتهى ملخصًا.








وحاصله: أنه أول المؤاخذة في الأول بالتبكيت، وفي الآخر بالعقوبة، والأولى قول غيره: إن المراد بالإساءة الكفر؛ لأنه غاية الإساءة وأشد المعاصي، فإذا ارتد ومات على كفره كان كمن لم يسلم فيعاقب على جميع ما قدمه، وإلى ذلك أشار البخاري بإيراد هذا الحديث بعد حديث أكبر الكبائر الشرك، وأورد كلًا في أبواب المرتدين.








ونقل ابن بطال[100]، عن المهلب "1031ب"، قال: معنى حديث الباب: من أحسن في الإسلام بالتمادي على محافظته، والقيام بشرائطه لم يُؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام - أي: في عقيدته - بترك التوحيد أُخذ بكل ما أسلفه.








قال ابن بطال[101]: فعرضته على جماعة من العلماء فقالوا: لا معنى لهذا الحديث غير هذا، ولا تكون الإساءة هنا إلا الكفر؛ للإجماع على أن المسلم لا يُؤاخذ بما عمل في الجاهلية[102].








قال الحافظ: وبه جزم المُحب الطبري، ونقل ابن التين عن الداودي معنى: من أحسن مات على الإسلام، ومن أساء مات على غير الإسلام، وعن أبي عبد الملك البوني: معنى من أحسن في الإسلام، أي: أسلم إسلامًا صحيحًا لا نفاق فيه ولا شك، ومن أساء في الإسلام، أي: أسلم رياءً وسمعةً، وبهذا جزم القرطبي[103].








ولغيره: معنى الإحسان: الإخلاص حين دخل فيه، وداوم عليه إلى موته، والإساءة بضد ذلك، فإنه إن لم يخلص إسلامه كان منافقًا، فلا ينهدم عنه ما عمل في الجاهلية فيضاف نفاقه المتأخر إلى كفره الماضي، فيعاقب على جميع ذلك.








قال الحافظ: وحاصله: أن الخطابي حمل قوله: في الإسلام، على صفة خارجة عن ماهية الإسلام، وحمله غيره على صفة في نفس الإسلام، وهو أوجه.








تنبيه: حديث ابن مسعود هذا يقابل حديث أبي سعيد الماضي في كتاب الإيمان مُعلقًا عن مالك، فإن ظاهر هذا: أن من ارتكب المعاصي بعد أن أسلم يُكتب عليه ما عمله من المعاصي قبل أن يُسلم، وظاهر ذلك: أن من عمل الحسنات بعد أن أسلم يُكتب له ما عمله من الخيرات قبل أن يُسلم، وقد مضى القول في توجيه الثاني عند شرحه، ويحتمل أن يجيء هنا بعض ما ذكر هناك كقول من قال: إن معنى كتابة ما عمله "1032أ" من الخير في الكفر: أنه كان سببًا لعمله الخير في الإسلام، ثم وجدت في كتاب "السنة" لعبد العزيز بن جعفر - وهو من رؤوس الحنابلة - ما يدفع دعوى الخطابي وابن بطال الإجماع الذي نقلاه، وهو ما نقل عن الميموني عن أحمد أنه قال: بلغني أن أبا حنيفة يقول: إن من أسلم لا يُؤاخذ بما كان في الجاهلية، ثم رد عليه بحديث ابن مسعود، ففيه: أن الذنوب التي كان الكافر يفعلها في جاهليته إذا أصرَّ عليها في الإسلام، فإنه يؤاخذ بها؛ لأنه بإصراره لا يكون تاب منها، وإنما تاب من الكفر، فلا يسقط عنه ذنب تلك المعصية؛ لإصراره عليها، وإلى هذا ذهب الحليمي من الشافعية.








وتأول بعض الحنابلة قوله: ï´؟ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ï´¾ [الأنفال: 38]، على أن المراد: ما سلف مما انتهوا عنه، قال: والاختلاف في هذه المسألة "مبني[104]" على أن التوبة: هي الندم على الذنب مع الإقلاع عنه، والعزم على عدم العود إليه، والكافر إذا تاب من الكفر ولم يعزم على عدم العود إلى الفاحشة لا يكون تائبًا منها، فلا تسقط عنه المطالبة بها.








والجواب عن الجمهور: أن هذا خاص بالمسلم، وأما الكافر: فإنه يكون بإسلامه كيوم ولدته أمه، والأخبار دالة على ذلك، كحديث أسامة لما أنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم قتل الذي قال: لا إله إلا الله حتى قال في آخره: حتى تمنيت أني كنت أسلمت يومئذ[105]"[106].








وقال البخاري أيضًا: "باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم".



وقال ابن عمر والزهري وإبراهيم: تُقتل المرتدة.



وقال الله تعالى: ï´؟ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ ï´¾ [آل عمران: 86 - 90] "1032ب".








وقال: ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ï´¾ [آل عمران: 100].








وقال: ï´؟ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا ï´¾ [النساء: 137].








وقال: ï´؟ مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ï´¾ [المائدة: 54] ï´؟ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ * لَا جَرَمَ ï´¾ [النحل: 106 - 109] "يقول: حقًا" ï´؟ لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ï´¾... إلى قوله: ï´؟ إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ï´¾ [النحل: 110] ï´؟ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ï´¾ [البقرة: 217].








حدثنا أبو النعمان - محمد بن الفضل - حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة قال: أُتي علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم فبلغ ذلك ابن عباس، فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تعذبوا بعذاب الله[107]" ولقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه"[108].








حدثنا مُسدد، حدثنا يحيى، عن قُرة بن خالد، حدثني حُميد بن هلال، حدثنا أبو بردة، عن أبي موسى قال: أقبلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعي رجلان من الأشعريين، أحدهما عن يميني والآخر عن يساري، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك، فكلاهما سأل، فقال: "يا أبا موسى" - أو "يا عبد الله بن قيس" - قال: قلت: والذي بعثك بالحق، ما أطلعاني على ما في أنفسهما، وما شعرت أنهما يطلبان العمل، فكأني أنظر "1033أ" إلى سواكه تحت شفته قلصت، فقال: "لن - أو لا - نستعمل على عملنا من أراده، ولكن اذهب أنت يا أيا موسى - أو يا عبد الله بن قيس - إلى اليمن".








ثم اتبعه معاذ بن جبل، فلما قدم عليه ألقى له وسادة، قال: انزل، فإذا رجل عنده مُوثق، قال: ما هذا؟ قال: كان يهوديًا فأسلم ثم تهود، قال: اجلس، قال: لا أجلس حتى يُقتل، قضاء الله ورسوله. ثلاث مرات، فأمر به فقُتل، ثم تذاكرا قيام الليل، فقال أحدهما: أما أنا فأقوم وأنام، وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي"[109].








قال الحافظ: "قوله: "باب حكم المرتد والمرتدة، أي: هل هما سواء أم لا؟".



قال ابن المنذر[110]: وقال الجمهور[111]: تُقتل المرتدة، وقال علي: تُسترق، وقال عمر بن عبد العزيز: تُباع بأرض أخرى، وقال الثوري: تُحبس ولا تقتل، وأسنده عن ابن عباس، قال: وهو قول عطاء، وقال أبو حنيفة[112]: تُحبس الحُرة ويؤمر مولى الأمة أن يُجبرها.



قوله: وقال ابن عمر والزهري وإبراهيم - يعني: النخعي -: تُقتل المرتدة...








إلى أن قال: ومقابل قول هؤلاء حديث ابن عباس: لا تُقتل النساء إذا هن ارتددن، رواه أبو حنيفة، عن عاصم، عن أبي رزين، عن ابن عباس، أخرجه ابن أبي شيبة والدارقطني[113]، وخالفه جماعة من الحفاظ في لفظ المتن. وأخرج الدارقطني، عن ابن المنكدر، عن جابر: أن امرأة ارتدت فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلها[114]، وهو يُعكر على ما نقله ابن الطلاع في "الأحكام": أنه لم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قتل مرتدة.








قوله: قال الله تعالى: ï´؟ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ ï´¾.... إلى قوله: ï´؟ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ï´¾... إلى آخرها [آل عمران: 86 - 90]...








إلى أن قال: وقد أخرج النسائي - وصححه ابن حبان - عن ابن عباس كان رجل من الأنصار أسلم ثم ارتد، ثم ندم وأرسل إلى قومه فقالوا: يا رسول الله، هل له من توبة؟ فنزلت: ï´؟ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا ï´¾... إلى قوله: ï´؟ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا ï´¾ فأسلم[115] "1033ب".








قوله: وقال: ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ï´¾.



قال عكرمة: نزلت في شاس بن قيس اليهودي دسَّ على الأنصار من ذكرهم بالحروب التي كانت بينهم، فتمادوا يقتتلون، فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم فذكرهم فعرفوا أنها من الشيطان فعانق بعضهم بعضًا، ثم انصرفوا سامعين مطيعين، أخرجه إسحاق في "تفسيره" مُطولًا.



وفي هذه الآية: الإشارة إلى التحذير عن مصادقة أهل الكتاب؛ إذ لا يؤمنون أن يفتنوا من صادقهم عن دينه.








قوله: وقال: ï´؟ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا ï´¾، وقد استدل بها من قال: لا تُقبل توبة الزنديق، كما سيأتي تقريره.








قوله: ï´؟ مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ï´¾، ووقع في رواية أبي ذر: "من يرتدد" بدالين، وهي قراءة ابن عامر[116].








قوله: ï´؟ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا ï´¾... إلى: ï´؟ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ï´¾، كذا لأبي ذر، وساق في رواية كريمة الآيات كلها، وهي حجة لعدم المؤاخذة بما وقع حالة الإكراه.








قوله: ï´؟ لَا جَرَمَ ï´¾ يقول: حقًا ï´؟ أَنَّهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ï´¾... إلى: ï´؟ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ï´¾، والمراد: أن معنى: لا جرم: حقًا، وهو كلام أبي عبيدة، وفي الآية وعيد شديد لمن ارتد مختارًا؛ لقوله تعالى: ï´؟ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا ï´¾... إلى آخره.








قوله: ï´؟ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ï´¾... إلى قوله: ï´؟ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ï´¾، كذا لأبي ذر، وساق في رواية كريمة الآيات كلها والغرض منها.








قوله: ï´؟ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ ï´¾... إلى آخرها، فإنه يقيد مُطلق ما في الآية السابقة: ï´؟ مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ ï´¾... إلى آخرها.








قال ابن بطال[117]: اختُلف في استتابة المرتد:



فقيل: يُستتاب، فإن تاب وإلا قُتل "1034أ"، وهو قول الجمهور[118].



وقيل: يجب قتله في الحال، جاء ذلك عن الحسن وطاوس، وبه قال أهل الظاهر[119].








قال الحافظ: ونقله ابن المنذر[120]، عن معاذ وعبيد بن عمير، وعليه يدل تصرف البخاري، فإنه استظهر بالآيات التي لا ذكر فيها للاستتابة، والتي فيها أن التوبة لا تنفع، وبعموم قوله: "من بدل دينه فاقتلوه"[121]، وبقصة معاذ التي بعدها، ولم يذكر غير ذلك.








قال الطحاوي[122]: ذهب هؤلاء إلى أن حكم من ارتد عن الإسلام حكم الحربي الذي بلغته الدعوة، فإنه يُقاتل من قبل أن يُدعى، قالوا: وإنما تشرع الاستتابة لمن خرج عن الإسلام لا عن بصيرة، فأما من خرج عن بصيرة فلا.



ثم نقل عن أبي موسى موافقتهم، لكن قال: إن جاء مبادرًا بالتوبة خليت سبيله ووكلت أمره إلى الله تعالى.








وعن ابن عباس وعطاء: إن كان أصله مُسلمًا لم يُستتب وإلا استتيب، واستدل ابن القصار لقول الجمهور بالإجماع - يعني: السكوتي - لأن عُمر كتب في أمر المرتد: هلا حبستموه ثلاثة أيام، وأطعمتموه في كل يوم رغيفًا؛ لعله يتوب فيتوب الله عليه[123].








قال: ولم يُنكر ذلك أحد من الصحابة كأنهم فهموا من قوله صلى الله عليه وسلم: "من بدَّل دينه فاقتلوه"، أي: إن لم يرجع، وقد قال تعالى: ï´؟ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ï´¾ [التوبة: 5].




يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 40.10 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 39.48 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.57%)]