
07-02-2020, 05:07 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,786
الدولة :
|
|
باب النجاسات
باب النجاسات
عمار خليفة
باب النجاسات هو من أبواب كتاب الطهارة في الفقه، وفي هذه الرسالة سَنُبَيِّن ونشرح هذا الباب وكُل ما يتعلق به، نسأل الله تعالى التوفيق والسداد، والإخلاص والقَبول.
تعريف النجاسة:
النجاسة لغةً: هي كُلُّ مُستقذر.
النجاسة شرعاً: هي كُلُّ شيءٍ يستقذِرُهُ أهل الطبائع السليمة، وقَد أُمِرَ المُسلم أن يغسل ما أصابهُ منها.
الأشياء التي قام الدليلُ على نجاستها (نجاسة عينية):
1) البولُ:
هو سائل تفرزْه الكُلْيتان، فيجْتمع في المثانَةِ حتى تدفعه [المعاني الجامع].
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (بينما نحن في المسجدِ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابيٌّ. فقام يبولُ في المسجدِ. فقال أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: مَهْ مَهْ. قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " لا تُزْرِمُوه. دَعُوهُ " فتركوه حتى بال. ثم إن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له: " إن هذه المساجدَ لا تَصْلُحُ لشيءٍ من هذا البولِ ولا القَذَرِ. إنما هي لِذِكرِ اللهِ عز وجل، والصلاةِ، وقِراءةِ القرآنِ "، أو كما قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قال فأمر رجلًا من القومِ، فجاء بدَلْوٍ من ماءٍ، فشَنَّهُ عليه) رواهُ مُسلم.
2) الغائط:
الغائط في اللغة هو المكان المنخفض من الأرض، واستعير هذا اللفظ للخارج من الإنسان مجازاً ترفعاً عن ذكر القبيح، والمراد به ما يخرج من الدبر على وجه الخصوص.
عن أُم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا ذهبَ أحدُكمْ إلى الغائطِ فليذهبْ معَهُ بثلاثةِ أحجارٍ يستطيبُ بهنَّ فإنَّها تُجزئُ عنهُ " رواهُ أبو داود وصححه الألباني.
♦ أمَّا بول وروث ما يؤكل لحمه: فهو طاهر.
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (سُئِلَ - رسول الله - عنِ الصَّلاةِ في مرابضِ الغنمِ، فقالَ: " صلُّوا فيها فإنَّها برَكَةٌ ") رواهُ أبو داود وصححه الألباني.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (قَدِمَ أناسٌ من عُكْلٍ أو عُرَيْنَةَ، فاجْتَوَوْا المدينةَ، فأمرهم النبيِّ صلى الله عليه وسلم بلِقاحٍ - جمع لِقحة وهي الناقة -، وأن يشرَبوا من أبْوالِها وألْبانِها) رواهُ البخاري.
قال سيد سابق بعد الإستدلال بهذا الحديث على طهارة بول وروث ما يؤكل لحمه: (قال ابن المنذر: ومن زعم أن هذا خاص بأولئك الاقوام لم يصب، إذ الخصائص لا تثبت إلا بدليل قال: وفي ترك أهل العلم بيع بعار الغنم في أسواقهم، واستعمال أبوال الإبل في أدويتهم قديما وحديثا من غير نكير، دليل على طهارتها) [فقه السنة: 1 /27].
3) المذي:
هو ماءٌ أبيض رقيق لزج يَخرُجُ عند بداية الشهوة بدون دفق ولا يعقبه فتور ورُبما لا يُحِسُ بخروجه.
عن عليٌ رضي الله عنه قال: (كنتُ رجلًا مَذَّاءً، وكنتُ أستَحْيِي أَنْ أسأَلَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لمكانِ ابْنَتِه، فأَمَرْتُ المِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ فسألَه، فقال: " يَغْسِلُ ذَكَرَه، ويتوضَّأُ ") رواهُ مُسلم.
4) الودي:
هو ماء أبيض ثخين لزج يخرج بعد البول غالباً وربما يخرج قبله، ولا علاقة له بالشهوة، ولا يلزم منه إلا ما يلزم من البول.
عَنْ زُرْعَةَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: " الْمَنِيُّ وَالْوَدْيُ وَالْمَذْيُ، أَمَّا الْمَنِيُّ: فَهُوَ الَّذِي مِنْهُ الْغُسْلُ، وَأَمَّا الْوَدْيُ وَالْمَذْيُ، فَقَالَ: اغْسِلْ ذَكَرَكَ أَوْ مَذَاكِيرَكَ وَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاةِ " رواه البيهقي بسندٍ صحيح.
♦ أمّا المَني: وهو ماء أبيض ثخين لزج يتدفق في خروجه دفعة بعد دفعة ويخرج بشهوة ويتبعه فتور. وهو طاهر.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، عَنِ الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ، فَقَالَ: " إِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبُصَاقِ وَالْمُخَاطِ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَمْسَحَهُ بِخِرْقَةٍ، أَوْ إِذْخِرٍ " رواهُ البيهقي بسندٍ صحِيح.
قال ابن عثيمين رحمه الله: (أن هذا الماء أصل عباد الله المخلصين من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وتأبى حكمة الله تعالى أن يكون أصل هؤلاء البررة نجسًا) [الشرح الممتع: 1 /388].
5) القيء:
هو الْخَارِجُ مِنَ الطَّعَامِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ فِي الْمَعِدَةِ.
فمذهب عامة العلماء من السلف والخلف أنه نجس، وهو قول المذاهب الأربعة، والظاهرية، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وغيرهم.
ينظر: [بدائع الصنائع: 1 /60]، [مغني المحتاج: 1 /79]، [شرح منتهى الإرادات: 1 /102].
وحجتهم في ذلك: القياس على الغائط؛ لأن القيء قد استحال في المعدة إلى نتن وفساد، فكلاهما طعام أو شراب خرج من الجوف.
6) الدم:
هو السائلُ الحيوي الذي يسرى في الجهاز الدوري للإنسان والحيوان [المعاني الجامع].
♦ والدم منه ما هو نجس ومنه ما هو طاهر، حسب التفصيل التالي:
أ-الدم المسفوح من الحيوان الذي يؤكل لحمه: هو الدم الذي يخرج من الذبيحة عند الذبح، فيهراق ويسيل بكثرة ويتدفق.
حُكمُه: نجس.
قال الله تعالى: ﴿ قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [الأنعام: 145].
♦ أما الدم الذي يخالط اللحم، أو يبقى في العروق بعد الذبح فلا يسمى دماً مسفوحاً، وهو طاهر. إلا الدم الباقي محل الذبح (عند الرقبة) فهو دمٌ مسفوح وهو نجس لأنه من بقية الجاري.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (بينما رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يصلي عند البيتِ، وأبو جهلٍ وأصحابٌ له جلوسٌ، وقد نُحِرَتْ جزورٌ بالأمسِ. فقال أبو جهلٍ: أيكم يقوم إلى سَلا جزورِ بني فلانٍ فيأخذه، فيضعه في كَتِفَي محمدٍ إذا سجد؟ فانبعث أشقى القومِ فأخذه. فلما سجد النبيُّ صلى الله عليه وسلم وضعَه بين كتفَيه. قال: فاستضحكوا. وجعل بعضُهم يميلُ على بعضٍ. وأنا قائمٌ أنظر. لو كانت لي منَعَةٌ طرحتُه عن ظهرِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. والنبيُّ صلى الله عليه وسلم ساجدٌ، ما يرفع رأسَه. حتى انطلق إنسانٌ فأخبر فاطمةَ. فجاءت، وهي جُويريةٌ، فطرحتْه عنه. ثم أقبلت عليهم تشتُمُهم. فلما قضى النبيُّ صلى الله عليه وسلم صلاتَه رفع صوتَه ثم دعا عليهم. وكان إذا دعا، دعا ثلاثًا. وإذا سأل، سأل ثلاثًا. ثم قال " اللهمَّ عليك بقريشٍ " ثلاثَ مراتٍ. فلما سمعوا صوتَه ذهب عنهم الضحكُ. وخافوا دعوتَه. ثم قال " اللهمَّ عليك بأبي جهلِ بنِ هشامٍ، وعتبةَ بنِ ربيعةَ، وشيبةَ بنِ ربيعةَ، والوليدِ بنِ عقبةَ، وأميةَ بنِ خلفٍ، وعقبةَ بنِ أبي مُعَيطٍ " (وذكر السابعَ ولم أحفظْه) فوالذي بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بالحقِّ! لقد رأيتُ الذين سمَّى صَرْعى يومَ بدرٍ. ثم سُحِبوا إلى القَليبِ، قليبِ بدرٍ) رواهُ مُسلم.
فلو كان هذا الدم نجساً لخرج الرسول صلى الله عليه وسلم من صلاته.
قال ابن عثيمين رحمه الله: (الدم الذي يبقى في المذكاة بعد تذكيتها، كالدم الذي يكون في العروق، والقلب، والطحال، والكبد، فهذا طاهر سواء كان قليلاً، أم كثيراً) [الشرح الممتع: 1 /440].
وسُئلَ ابن باز رحمه الله: هل تصح الصلاة بالثياب الملطخة بدم الهدي؟ ومن صلى وبها دم فماذا عليه؟ وما الذي يؤثر دم الذبيحة أم الدم الذي في اللحم؟
فأجاب: (الثياب يجب غسلها أو إبدالها لا يصلي فيها وهى ملطخة بالدم، إما أن يغسلها وإما أن يبدلها، يغسلها ويؤخر الصلاة حتى يغسلها، وإذا كان عالما بالدم عامدا فيعيد، أما إن كان ناسياً أو جاهلا فما عليه إعادة، أما إذا كان عامداً ذاكراً وتساهل فعليه أن يعيدها، والمقصود الدم المسفوح الذي يخرج من الذبيحة، أما دم اللحوم فلا يضر، دم اللحوم الذي يبقى في الأعضاء والعروق هذا معفو عنه، والمقصود الدم الذي يخرج عند ذبح الذبيحة) [مجموع الفتاوى: 29 /219].
ب- دم الحيض: هو الدم الخارج من أقصى رَحِم المرأة بعد بلوغها، في وقت مخصوص، حال صحتها.
حكمه: نجس.
عن أسماء رضي الله عنها قالت: " جاءت امرأةٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم. فقالت: إحدانا يصيبُ ثوبَها من دَمِ الحَيْضَةِ. كيف تصنعُ به؟ قال تَحُتُّه. ثم تَقْرُصُه بالماءِ. ثم تنضحُه. ثم تصلي فيه " رواهُ مُسلم.
ويقاس على دم الحيض؛ دم النفاس، ودم الإستحاضة، والدم الخارج من السبيلين.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|