
06-02-2020, 03:15 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,935
الدولة :
|
|
رد: ضوابط الإفتاء عند الأصوليين والفقهاء
ضوابط الإفتاء عند الأصوليين والفقهاء
جمع/رمضان زيدان
4ـ ضوابط الفتوى فى القضايا المعاصرة. ---------------------------------------- الحياة لاتتوقف عن التطور والتغير،وفى عصرنا ارتفعت وتيرة التطور والتغير. واستجدت معاملات لاعهد للمسلمين بها،وظهرت مخترعات تطلبت إظهار أحكام الشريعة فيها وفى استعمالها.واستحï؟½ ï؟½ث الأطباء جراحات وعلاجات وجب إجلاء الحق فيها من الباطل.فظهرت المجامع الفقهية،ومجالس الفتوى الجماعية،ونشطت الفتوى الفردية لتعدد منابرها من كتب ومؤلفات إلى أجهزة مرئية ومسموعة وساحات للدرس والفتوىفى المساجد والجمعيات؛هذا مع ضعف الرقابة والتوجيه، وانصراف الحكام عن الدين وأهله. واستباحة حمى الشريعة من الجهال وأنصاف الأميين، وضعف تمييز عوام المسلمين بين العالم والمتعالم، وبين الناصح والغاش.
دعا كل هذا إلى تعديل بعض الضوابط وإضافة ضوابط أخرى للفتوى. وفيما يلى عرض لبعض هذه الضوابط.
الضابط الأول:اتصاف المفتى بشروط الإفتاء التى سبق ذكرها.
----------------------------------------------------------
فيشترط فيه الاتصاف بالإسلام وأن يكون بالغاً عاقلاً مكلفاً عدلاً مجتهداً غير متقيد بمذهب سوى الكتاب والسنة ؛ وهو ما أطلق العلماء عليه (المجتهد المطلق). يقول الدكتور/عبدالمجيد السُوسَوه: إن العلماء لم يختلفوا فى صحة فتوى المجتهد المطلق المستقل,ولكنهم اختلفوا فى صحة فتوى مجتهد التخريج ومجتهد الترجيح.([1])وأن يكون ذا أخلاق فاضلة تجلب له الهيبة ولأحكامه الاحترام.
الضابط الثانى:الانضباط المنهجى.
------------------------------
ينبغى للمفتى أن يسيرفى فتواه وفق منهجية محكمة , سواء أكان ذلك فى فهمه للواقعة المعروضة عليه أم فى فهمه للحكم الذى يجب أن يفتى به، وعلى هذا فإن الانضباط المنهجى الذى يلزم المفتى أن يحرص عليه يأتى على مستويين: مستوى الواقعة, ومستوى الحكم.([2])
أما الانضباط المنهجى فى فهم الواقعة فيتحقق بجمع المعلومات ومعرفة حقيقة الواقعة وأقسامها ونشأتها وظروفها، وعدم التسرع فى الحكم ومعرفة العادات و التقاليد فقد يكون لها أثر فى فهم الواقعة وتكييفها.ويجب على المفتى أن يسأل أهل العلم فى القضية المعروضة عليه. أما الانضباط المنهجى فى فهم الحكم فيكون بالتمسك بحكم النص.فإن تعددت النصوص فعلى المفتى أن يجمعها ويستنبط العلاقة بينها ليتمكن من الترجيح بينها.وإذا لم يجد نصاً فى المسألة نظر فى الأدلة الأخرى وإن اختلف فيها .ولن تتحقق هذه المنهجية إلا بإدمان النظر فى كتب التفسير
والحديث والفقه والأحكام والفتاوى قديمها وحديثها.والاطلاï؟½ ï؟½ المستمر على قرارات المجامع الفقهية ومعرفة ما استحدث من معاملات وآراءالعلماء فيها.
والقراءة المستمرة للمجلات المتخصصة والنشرات العلمية المختصة بالفتوى .
الضابط الثالث: مراعاة مصالح الناس فى ظل النصوص.([3])
----------------------------------------------------
جعل الله هذه الشريعة صلاحاً للبشر فى كل زمان ومكان فقال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } [النحل : 89]
ثم إن هذه الرسالة المحمدية والشريعة الإلهية رحمة للعالمين وتيسير من رب العالمين كما قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } [الأنبياء : 107]
ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم صغيرة ولا كبيرة إلا بينها للمسلمين كما روى عن سلمان أنه{قيل له: لقد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة. قال: أجل لقد نهانا صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة بغائط أوبول وأن لا نستنجي باليمين وأن لايستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجارأو يستنجي برجيع أو عظم}([4])
وعلى المفتى أن يراعى مصالح الناس لئلا يكون سبباً لطعن العلمانيين والكافرين فى الدين.ولئلايوقع المسلمين فى حرج ومشقة.وهذه المصالح إما أن تكون مصالح متغيرة أومستجدة أومما اقتضتها ضرورات العصر وحاجاته,والتطورï؟½ ï؟½لعلمى .([5])
1ـ المصالح المتغيرة: فقد اعترف العلماء بها لأنها من البديهيات العقلية,فابن القيم يقربأهمية المصالح المتغيرة واعتبارها عند الفتوى فيقول:ومن أفتى الناس بمجرد المنقول فى الكتب على اختلاف عرفهم وعوائدهم وأزمنتهم وأمكنتهم وأحوالهم وقرائن أحوالهم فقد ضلّ وأضلّ، ([6])
وقد ذكرد/ عبد المجيد السوسوه أمثلة لمسائل تغير مفهومها بتغير العصر،ومنها:
التغير فى مفهوم الاحتكارحيث صارمفهومه يتناول حبس ما يضر حبسه,سواء أكان قوتاً أم غيره، والتغيرفى مسألة التسعيرحيث صار أمراً ضرورياً لاغنى عنه
مما استدعى ترجيح قول من ذهب إلى جوازه لرفع الضررعن الناس.
2ـ مراعاة المصالح المستجدة:تجدد الحاجات واستحداث ما ييسر التعامل بين الأفراد أمرلاخلاف عليه؛ولاينكره الشرع ،وهذه المستجدات لاتستطاع بمعرفة الفروع الفقهية من الكتب القديمة ,ولاتحلّ بالتشديد والرفض ,وإنما تعرف الفروع بالأصول, فهذه لايحكم فيها إلامن تمرس بعلم الأصول,وأتقن بناء الفروع على الأصول؛ وأبرز مجالات المصالح المستجدة ومراعاتها,مجال المعاملات المالية كالبنوك والنقود الورقية والتأمين وغيره .وتكمن صعوبتها فى عدم وجود المثيل لها فى التراث الفقهى القديم.
3ـ مراعاة التطور العلمى:فقد شهد العالم تطوراًمذهلاً رجح على ما حققته البشرية خلال رحلتها على الأرض منذ خلق آدم عليه السلام حتى مشارف العصرالحديث فى أواخرالقرن الثامن عشر. وأصبح إصدار الأحكام الجزافية أمراًغير مقبول, إلا أن يبنى على أسس من العلم الحديث وأحكامه القطعية المنضبطة بالأجهزةالدقيقة ، ومثال ذلك مسألة أكثر مدة الحمل. التى اختلف فيها الفقهاء وانضبطت اليوم بتطور علم الطب وأجهزته وقياساته وأدّى ذلك إلى رفض المبالغة المغرقة كقول بعض المالكية أنها خمس سنوات.وأثبت الطب الحديث أن مدة الحمل تسعة أشهر,وتمتد احتياطاً إلى سنة.
4ـ مراعاة ضرورات العصروحاجاته:وذلك حتى لا تؤدى الفتاوى المتشددة إلى نفور المسلمين عن شريعتهم السمحة الغراء للضرورات الملحة؛ كمسألة التصوير الفوتوغرافى إذ تشدد البعض فحرمها مطلقاً ,ثم اصبح من الضرورى استخدامها لإثبات الشخصية,فالحق تحريم الصور مع إباحتها فى الضرورات.وكذلك مسألة رمى الجمرات فى منى ووقتها.
الضابط الرابع:جماعية الفتوى.والتشديد على غير المستحقين:
---------------------------------------------------------
ذكر هذا الضابط د/عبد المجيد محمدالسوسوه فقال:يقصد بجماعية الفتوى أن تصدرالفتوى بعد تشاور أهل العلم وتدارسهم للواقعة المعروضة وحكمها؛لتكون الفتوى معبرة عما ينتهون إليه من رأى قائم على تدبر وفهم للكتاب والسنة وقواعد الشريعة ,وتتأكد ضرورة الفتوى الجماعية فى القضايا المستجدة ,وخصوصاً تلك التى لها طابع العموم,وتهم جمهور الناس.([7])
وهذا الرأى قد يرد باستحالة جمع الآراء جميعاً على فتوى واحدة لاختلاف الأفهام والعقول فى فهم الواقعة وتنزيلها على الدليل,ثم كيف يكون هذا التشاوربين أهل العلم وكيف يمكن تجميعهم،وكيف العمل إذا اختلفوا وقديكون الحق مع الواحد وإن تفرد برأيه.ويمكن اعتبارالجماعية فى الفتوى مع النظرإلى آراء المخالفين وعدم الحجرعليها.كرأى المجامع الفقهية وهيئات الإفتاء الرسمية فى كل بلد.
ويتفرع من ذلك الأخذ على أيدى غير المستحقين للتصدرللفتوى,وهï؟½ ï؟½ا واجب على الحاكم ونوابه،وفى ذلك يقول ابن القيم:من أفتى الناس وليس بأهل للفتوى فهو آثم عاص ، ومن أقره من ولاة الأمورعلى ذلك فهو آثم أيضا .
ومن أسوأ هؤلاء المفسدين فى الأرض من غرته نفسه ووسوس له شيطانه, فظن الفتوى مثيلة الدعوة وغرته جموع الجهال وراءه فاندفع فى الفتوى , مستغلاً طمع أصحاب الفضائيات فى استغلال جماهيريته,فضلّ وأضلّ .وهؤلاء يجب منعهم و معاقبتهم من قبل ولى الأمر والتنبيه على خطرهم والدلالة على أعيانهم من قبل العلماء العاملين المخلصين.
قال أبو الفرج بن الجوزي رحمه الله : ويلزم ولي الأمر منعهم كما فعل بنو أمية ، وهؤلاء بمنزلة من يدل الركب ، وليس له علم بالطريق ، وبمنزلة الأعمى الذي يرشد الناس إلى القبلة ، وبمنزلة من لا معرفة له بالطب وهو يطب الناس ، بل هو أسوأ حالا من هؤلاء كلهم ، وإذا تعين على ولي الأمر منع من لم يحسن التطببمن مداواة المرضى ، فكيف بمن لم يعرف الكتاب والسنة،ولم يتفقه في الدين ؟.([8])
الخاتمة:ـ
---------
هذا البحث المختصرمحاولة لتوضيح وبيان أهمية الفتوى وعظيم خطرها؛ وهذا الخطر الذى نبه عليه الأئمة الكبار فى القرون المفضلة يتضاعف فى زمان قلّ فقهاؤه وكثر أدعياؤه ,السوّال فيه كثير والعالمون بالجواب قليل.وما نحن وهم إلا كما قال النبى صلى الله عليه وسلم :
{ إنكم أصبحتم في زمان كثير فقهاؤه قليل خطباؤه قليل سؤاله كثير معطوه العمل فيه خير من العلم, وسيأتي زمان قليل فقهاؤه, كثير خطباؤه, كثير سؤّاله, قليل معطوه, العلم فيه خيرمن العمل}.[9]
وهذا يتطلب التشديد على المفتين ومنع غير المؤهلين منهم ومعاقبتهم.والله يزع بالسلطان ما لايزع بالقرآن. والله أسأل أن يجعل لهذا الدين أمر رشد يعز فيه أولياؤه ويذل فيه أعداؤه.
{قل اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران : 26]
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المراجع والمصادر :ــ
------------------
1- أدب الفتوى وشروط المفتى وصفة المستفتى وأحكامه لأبى عمرو عثمان بن الصلاح الشهرزورى /ط الهيئة العامة للكتاب – مكتبة الأسرة تحقيق و تعليق د/ رفعت فوزى
2ـ آداب الفتوى و المفتى و المستفتى لأبى ذكرية يحيى بن شرف النووى الدمشقى /ط ـ دار الفكر/دمشق ـالطبعة الأولى سنة 1408 هـ تحقيق/ بسام عبد الوهاب الجابى.
3ـ إرواء الغليل فى تخريج أحاديث منارالسبيل للشيخ/محمد ناصر الدين الألبانى /طبعة المكتب الإسلامى ـ بيروت.
4ـ إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن قيم الجوزية /ط ـ دار الحديث ـ القاهرة.
5ـ ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك للقاضى عياض السبتى المالكى /ط ـ وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالمغرب.
6ـ الترغيب والترهيب للحافظ عبد العظيم المنذرى / ط ـ دار الحديث ـ القاهرة ـ الطبعة الأولى سنة 1415هـ ـ 1994م . تحقيق وتخريج:أيمن صلاح شعبان.
7- تفسير القرآ ن العظيم لأبى الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشى طـ دار طيبة للنشر و التوزيع طـ الثانية 1420هـ 1999 م تحقيق سامى بن محمد سلامة
8ـ حياة الصحابة لمحمد يوسف الكاندهلوى /ط ـ دار الحديث ـ القاهرة ـ الطبعة الأولى سنة 1420هـ ـ 1999م .علق عليه وخرج أحاديثه د/محمد بكرإسماعيل.
9- السلسلة الصحيحة للشيخ /محمد ناصر الدين الألبانى – مكتبة المعارف ـ الرياض.
10ـ السلسلة الضعيفة للشيخ/ محمد ناصر الدين الألبانى ـ مكتبة المعارف ـ الرياض .
11ـ سنن أبى داود ـ لأبى داود سليمان بن الأشعث الأزدى السجستانى/ ط ـ دار الفكرـ بيروت .تحقيق: محمد محيى الدين عبد الحميد .
12- صحيح البخارى للإمام إسماعيل أبو عبد الله البخارى الجعفى – طـ دار أبن كثير ، اليمامة – بيروت طـ الثالثة سنة 1407هـ 1987م تحقيق د/ مصطفى ديب البغا
13- صحيح الترغيب والترهيب للشيخ ناصرالدين الألبانى/ مكتبة المعارف – الرياض ط الخامسة .
14- صحيح مسلم . للإمام مسلم بن الحجاج القشيرى النيسابورى ط دار إحياء التراث العربى بيروت تحقيق محمد فؤاد عبد الباقى .
15ـ صفة الفتوى والمفتى والمستفتى لأحمد بن حمدان النمرى الحرانى الحنبلى . تحقيق : الشيخ/ محمد ناصرالدين الألبانى /ط ـ المكتب الإسلامى ـ بيروت/الطبعة الثالثةسنة1397هـ
16ـ ضوابط الفتوى فى القضايا المعاصرة. للأستاذ الدكتور/عبد المجيد محمد السوسوه ـ بحث منشور فى مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية ـ الكويت.العدد 62 شعبان 1426هـ.
17ـ الفقيه والمتفقه لأبى بكر على بن ثابت الخطيب البغدادى /طبعة دار إحياء السنة المحمدية سنة 1395هـ ـ 1975م .
18ـ الموافقات فى أصول الأحكام لأبى إسحاق الشاطبى /ط ـ دار إحياء الكتب العربية فيصل عيسى البابى الحلبى .
19ـ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للحافظ نور الدين على بن أبى بكر الهيثمى /طبعة دار الفكر ـ بيروت سنة 1414هـ ـ 1994م .
56ـ ضوابط الفتوى فى القضايا المعاصرة صـ246 .والتخريج والترجيح يكونان فى مذهب معين لايتعديانه.
57ـ ضوابط الفتوى فى القضايا المعاصرة صـ253
58ـ العنوان مأخوذ من بحث : ضوابط الفتوى د/عبد المجيد محمد السوسوه.
59ـ سنن أبى داود جـ1 صـ3 وقال الألبانى : صحيح.
60ـ حسب تقسيم د/عبد المجيد محمد السوسوه .بتصرف.
61ـ إعلام الموقعين جـ3 صـ78
62ـ ضوابط الفتوى صـ283
63ـ إعلام الموقعين جـ4 صـ189
64ـ مجمع الزوائد جـ1 صـ337 وقال:رواه الطبرانى فى الكبير.وقال الألبانى فى الصحيحة:صحيح.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|