عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 31-01-2020, 08:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,410
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الذريعة إلى وجوب تطبيق الشريعة

الذريعة إلى وجوب تطبيق الشريعة




أحمد سعد عبدالله



حد السرقة وصلاحيتها لإقامتها في كل مكان وزمان:
تمهيد: تعريف السرقة، وحكمها:
وتعريفها في اللغة، وأنها بمعنى أخذ الشيء من الغيرِ خُفيةً؛ أي: على سبيل الاختفاء، ذكر الشوكاني في الدرر البهية: باب حد السرقة: "وأنها أخذ مال محترم من معصوم أو نائبه، موضوع في حرزه على وجه الخفاء، والفرق بينها وبين المنتهب والمختلس أنه يأخذ المال من صاحبه على وجه الغلبة والقهر على مرأى من الناس، فيمكن أن يدفعوا عنه، والاختلاس نوع من الخطف من غير غلبة ولا قهر، وقد اتفق العلماء على عدم قطعهما؛ لِما روى أبو داود: ((ليس على الخائن والمختلس قطع))، وفي رواية: ((ليس على المنتهب قطع))؛ رواه أبو داود في كتاب الحدود، باب القطع في الخلسة والخيانة.

وذلك أنها محرمة شرعًا، وهي كبيرة من كبائرَ لُعِن فاعلها وحُدَّ، ولقد دل الكتاب والسنة والإجماع على تحريمها:
أما الدليل من القرآن الكريم فقوله تعالى: ï´؟ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ï´¾ [المائدة: 38].

وأما السنة ففي فعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ ففي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله يقطع يد السارق في الربع دينار فصاعدًا"، وحديث المخزومية: ((والذي نفسي بيده، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها))، وأجمع العلماء على قطع يد السارق إذا ثبتت الشروط وانتفت الموانع، التي سوف نبينها بعد.

وقطع يد السارق في الشريعة له شروط شديدة، استنادًا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((ادرؤوا الحدود بالشبهات))، فليس الأمر للتعذيب، ولا للتشفي والانتقام، ولكن ليستريح برٌّ، ويستراح من فاجر، ويأمن الناس في دورهم وبيوتهم.

فلا تقطع يد من أخذ شيئًا من مال غيره إلا بضوابط أو بشروط، منها:
(1) أن يكون مكلفًا، فإذا كان صبيًّا أو مجنونًا وأخذ شيئًا من مال غيره خفية لا تقطع يده؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((رُفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المبتلى حتى يبرأ، وعن المجنون حتى يُفيق))، وفي لفظ: ((المعتوه حتى يعقل أو يُفيق، وعن الصبي حتى يكبَرَ))، وفي رواية: ((حتى يحتلم)).

(2) أن يكون قد سرق مختارًا، لا مكرَهًا، فلا حد على المكره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله وضَع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه)).

(3) ألا يكون في المال الذي أخذه شبهة ملك:
فإن كانت له فيه شبهة ملك، فإنه لا يعتبر سارقًا في حكم الشرع، ومن ثم لا يحكم بقطع يده؛ ولهذا لا تقطع يد الأب والأم لسرقة مال ابنهما؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((أنت ومالك لأبيك)).

(4) أن يكون المسروق مالًا يحل تملُّكه شرعًا:
فلا تقطع يد من سرق خمرًا أو خنزيرًا، وما أشبه ذلك من الأشياء التي يحرم تملكها وبيعها، وأن يكون المسروق مالاً متقوِّمًا، أو ذا قيمة؛ لأن اليد لا تقطع في الشيء التافه، كما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(5) أن يكون المال المسروق مقدرًا:
أي: يبلغ المسروق نصابًا، والنِّصاب هو ربع دينار، أو ثلاثة دراهم من الفضة، أو ما تساوي قيمته ربع دينار، أو ثلاثة دراهم، من الأمتعة وغيرها، والدليل على ذلك: ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنه قال: ((تقطع اليد في ربع دينار فصاعدًا))، وفي رواية أخرى: قال صلى الله عليه وسلم: ((تقطع يد السارق في ربع دينار)).

ويؤيده ما ورد في الصحيحين من حديث ابن عمر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع في مِجَنٍّ ثمنه ثلاثة دراهم).

وهذا يدلك على ضيق فهم أعداء الشريعة من العلمانيين ومن تبعهم من عوام المسلمين بظنهم الفاسد: أن كل من سرق دقيقًا أو جليلاً قطعت يده، فصوروا في أذهانهم الإسلام بالوحش الذي لا يهدأ حتى يأكل فريسته، ويدعها هكذا يتناهشها الضباع والنسور، وقديمًا قيل:
ومن يكن الغراب له دليلاً يمر به على جِيَفِ الكلاب

فمن كان العَلْمانيون والمنافقون دليله، فما يكون حاله في الدنيا ومآله في الآخرة عند الله؟!

(6) أن يؤخذ المال المسروق من حرزه:
وهو المكان الذي أعد لحفظه وصيانته؛ كالدار وغيرها، وكل شيء له حرز يناسبه، فإذا لم يؤخذ المال من حرز، فلا قطع على من أخذه، ولكن يؤدب.

والدليل: ما ذكره عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: سمعت رجلاً من مُزَينة يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله، جئت أسألك عن الضالة من الإبل؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((معها حذاؤها وسقاؤها، تأكل الشجر وترد الماء، فدعها حتى يأتيها باغيها))، قال: الضالة من الغنم؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((لك أو لأخيك أو للذئب، تجمعها حتى يأتيها باغيها))، قال: الحريسة التي توجد في مراتعها؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((فيها ثمنها مرتين، وضرب نكال، وما أخذ من عطنه ففيه القطع، إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن))، قال: يا رسول الله، فالثمار ما أخذ منها في أكمامها؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((من أخذ بفمه ولم يتخذ خبنة فليس عليه شيء، ومن احتمل فعليه ثمنه مرتين، وضرب نكال، وما أخذ من أجرانه ففيه القطع، إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن)).

(7) ألا يكون السارق مضطرًّا لسد جوعه:
حيث لم يجد من الطعام الحلال شيئًا يأكله؛ ولهذا منع عمر بن الخطاب قطع يد السارق في عام المجاعة، وذكر أن كل سارق سرق عام المجاعة لم يقطع عمر بن الخطاب يده قائلاً: أراه مضطرًّا، ولم ينكر أحد من الصحابة - أئمة الأمة - عليه هذا الأمر، وكفاك بعمر وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن القوم بعدهم؟! وهم أدرى بمقاصد الشريعة، وأفهمُ لكلام الرسول ونصوص القرآن المنزل على نبيه، وصدق الله مخاطبًا نبيه: ï´؟ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ï´¾ [الأنبياء: 107].

متى لا تطبق الشريعة الإسلامية حد القطع؟
لا يطبق حد السرقة عند قيام الشبهة لقاعدة: "الحدود تدرأ بالشبهات".

وما هذه الشبهات التي يمتنع فيها إصدار حكم القطع على السارق؟
(1) إذا سرق العبد شيئًا ينظر: هل يطعمه سيده أم لا؟ فإذا كان لا، غرم سيده ثمن المسروق؛ كما فعل سيدنا عمر - رضي الله عنه - في غلمان ابن حاطب بن أبي بلتعة حين سرقوا ناقة رجل من مُزَينة، فقد أمر بقطع أيديهم، ولكن حين تبين له أن سيدهم يجيعهم درأ عنهم الحد، وغرم سيدهم ضعف ثمن الناقة، تأديبًا له.

(2) تكذيب المسروق منه للسارق في إقراره بالسرقة بقوله: لم تسرق مني.

(3) تكذيب المسروق منه ببينته بأن يقول: شهد شهودي زورًا.

(4) رجوع السارق عن الإقرار، فلا تقطع يده ويضمن المال؛ لأن الرجوع عن الإقرار يقبل في الحدود، ولا يقبل في المال؛ لأنه يورث شبهة في الإقرار، والحد يسقط بالشبهة، ولا يسقط المال.

(5) رد السارق المسروق للمسروق منه قبل الحُكم عليه والمرافعة، فيسقط الحد حينئذ، أما بعد المرافعة فلا يسقط الحد؛ لأن الخصومة شرط السرقة الموجبة للقطع، فإذا رد السارق المسروق قبل المرافعة بطَلت الخصومة بخلاف بعد المرافعة؛ لأن الشرط وجوب الخصومة.

(6) ملك السارق للمال المسروق قبل رفع الأمر للقضاء، فإذا ملكه قبل رفع الأمر للقضاء فلا يقام عليه الحد، أما إذا وهبه بعد رفع الأمر للقضاء لم يسقط عنه الحد؛ لما جاء أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر في سارق رداء صفوان: أن تقطع يده، فقال صفوان: إني لم أرد هذا، وهو عليه صدقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فهلا قبل أن تأتيني))، قال الشيخ زيد المدخلي حفظه الله في السبل السوية (باب الحدود21/6): "والقول بجواز الشفاعة قبل بلوغها الوالي هو مذهب أحمد والأوزاعي، وقبلهما الزبير وابن عباس، وهو الحق؛ لِما فيه من الترغيب في ستر المسلم"؛ انتهى، وقد تبعه بكلام بديع، فلينظر في السبل السوية.

(7) ادعاء ملكية المسروق، فإذا ادعى الجاني ملكية الشيء المسروق، فعندئذ يرى البعض أن الادعاء يسقط القطع.

(8) عفو المسروق منه عن السارق يسقط الحد، بشرط أن يكون هذا العفو قبل رفع الأمر إلى ولي الأمر.

فانظر وتأمل حكمة الله في تشريعه، وكمال رحمته بعباده، ولا يستخفنك الذين لا يوقنون.

هل على المنتهب وجاحد العارية والمختلس القطع؟
اختلف العلماء في قطع يد المختلس والمنتهب، فمن رأى عدم القطع أرجح ممن رأى القطع؛ استنادًا إلى الحديث الصحيح بشواهده عند أبي داود: ((ليس على خائن ولا مختلس ولا منتهب قطع))، وكذا الاختلاف واقع في جاحد العارية والوديعة، وهو من أودعت عنده وديعة، أو طلب مالاً، ثم جحد أخذه، والجمهور من العلماء - ومنهم الحنفية والشافعية والمالكية - على أنه ليس عليه قطع؛ إذ إن المودع فرط في وضعه وديعته عند غير مؤتمن، وردوا على من قال بالقطع محتجًّا بحديث المخزومية: أنه ورد في بعض روايات الحديث، وجاء التصريح في الصحيحين، بذكر السرقة، وجاء عند الحاكم وابن ماجه من حديث ابن مسعود: "أنها سرقت قطيفة من بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم"؛ انتهى بتصرُّف من شرح السبل السوية للشيخ زيد المدخلي حفظه الله، (كتاب الحدود، باب السرقة ج6/صـ85).

قال ابن القيم رحمه الله:
(وأما قطع يد السارق في ثلاثة دراهم، وترك قطع يد المختلس والمنتهب والغاصب، فمن تمام حكمة الشارع؛ فإن السارق لا يمكن الاحتراز منه، فإنه ينقب الدور، ويهتك الحرز، ويكسر القُفل، ولا يمكن صاحب المتاع الاحتراز بأكثر من ذلك، فلو لم يشرع قطعه لسرق الناس بعضهم بعضًا، وعظم الضرر، واشتدت المحنة بالسراق، بخلاف المنتهب والمختلس؛ فإن المنتهب هو الذي يأخذ المال جهرة بمرأى من الناس، فيمكنهم أن يأخذوا على يديه، ويخلصوا حق المظلوم، أو يشهدوا له عند الحاكم، وأما المختلس فإنه إنما يأخذ المال على حين غفلة من مالكه وغيره، فلا يخلو من نوع تفريط يمكن به المختلس من اختلاسه، وإلا فمع كمال التحفظ والتيقظ يمكنه الاختلاس فليس كالسارق، بل هو بالخائن أشبه)؛ اهـ من إعلام الموقعين.

حكم المحاربين (البلطجية):
لم يترك الشرع الحنيف شاردة ولا واردة ولا صغيرة ولا كبيرة من الخير إلا جلبها، ولا مثقال ذرة من الشر إلا دفعها بأحسن بيان وأوضح تبيان، ومن المسائل القديمة الحديثة: قطَّاع الطرق، أو ما يسمون بـ: البلطجية، وتختلف مسمياتهم، إلا أنهم في حكم الشرع محاربون قاطعو طريق بالسلاح على المسلمين، ونزلت فيهم الآية الشافية الكافية: ï´؟ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ï´¾ [المائدة: 33]، وهم على أحوال:
1- فمن قتل وأخذ المال جمع له في العقوبة، فجمع له في الحد بين القتل والصلب.
2- من قتل منهم ولم يسرق المال، قُتل فقط.
3- ومن أخذ المال معتديًا بالسلاح، مرهبًا الناس، قُطعت يده ورجله من خلاف.
4- من قطع السبيل وأخاف الناس ولم يقتل أو يسرق، ينفى من الأرض حتى يتحقق منه التوبة النصوح.

وهذا أحد القولين، والقول الثاني: يخير ولي الأمر في العقوبات بقدر ما يرى وما يصلح، فإن شاء خير بين القتل، أو الصلب، وقطع الأرجل، والنفي.

وباب التوبة مفتوح بعدُ، اللهم تُبْ على عصاة المسلمين.

خاتمة:
مما سبق تبين لك أخي - نفعك الله بما قرأت وما علمت - أن السرقة لا يقوم حدها بقطع يد السارق إلا بشروط شديدة، تدل على عظيم رحمة ربنا في شرعته المطهرة المنزلة من لدن حكيم حميد عليم بخلقه ومصالحهم في الدنيا والآخرة، وكذلك القطع ليس لآحاد الناس، وإنما وليُّ الأمر المسلم هو الذي يتولى إقامة الحدود، حتى لا تكون فتنة وفوضى ؛ وذلك بعد أن تثبت الشروط الموجبة لإقامة الحد، وتنتفي الموانع التي يسقط بها حد القطع على السارق، وإنك لو نظرت في حال دعاة شريعة الغرب، بل حال صانعيها، ليهولنك ما لا يخفى على ذي لب، وما هم فيه من كثرة السرقات، وانتهاك الأعراض، واستباحة المحرمات والفواحش، فتجد في بلادهم عدم الأمن على النفس، بل صار المجرم آمنًا مستأمنًا، والضحية هو المغلوب المستوحش، فلا تغتر بكثرة الهالكين المنابذين لشريعة رب العالمين، ولا يوحشنك قلة السالكين على طريق الحق والهدى والدين، ولقد أحببت أن أذكرك بكلام نفيس لابن القيم يصف فيه ما نحن فيه اليوم؛ قال رحمه الله وغفر له:

(لما أعرض الناس عن "تحكيم الكتاب والسنة" والمحاكمة إليهما، واعتقدوا عدم الاكتفاء بهما، وعدلوا إلى الآراء والقياس والاستحسان وأقوال الشيوخ، عرض لهم من ذلك فساد في فِطرهم، وظلمة في قلوبهم، وكدر في أفهامهم، ومحق في عقولهم، وعمتهم هذه الأمور، وغلبت عليهم حتى ربي فيها الصغير، وهرم عليها الكبير، فلم يرَوها منكَرًا، فجاءتهم دولة أخرى قامت فيها البدع مقام السنن، والنفس مقام العقل، والهوى مقام الرشد، والضلال مقام الهدى، والمنكَر مقام المعروف، والجهل مقام العلم، والرياء مقام الإخلاص، والباطل مقام الحق، والكذب مقام الصدق، والمداهنة مقام النصيحة، والظلم مقام العدل، فصارت الدولة والغلبة لهذه الأمور، وأهلها هم المشار إليهم، وكانت قبل ذلك لأضدادها، وكان أهلها هم المشار إليهم، فإذا رأيت دولة هذه الأمور أقبلت، وراياتها قد نصبت، وجيوشها قد ركبت - فبطنُ الأرض خير من ظهرها، وقلل الجبال خير من سهولها، ومخالطة الوحش أسلم من مخالطة الإنسان، اقشعرت الأرض، وأظلمت السماء، وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة، وذهبت البركات، وقلَّت الخيرات، وهزلت الوجوه، وتكدرت الحياة من فِسق الظلمة، وبكي ضوء النهار وظلمة الليل من الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة، وشكا الكرام الكاتبون والمعقِّبات إلى ربهم من كثرة الفواحش، وغلبة المنكَرات والقبائح، وهذا والله منذِرٌ بسيل عذاب قد انعقد غمامه، ومؤذِنٌ بليل بلاء قد ادلَهَمَّ ظلامه، فاعزلوا عن طريق هذا السبيل بتوبة نصوح ما دامت التوبة ممكنة، وبابها مفتوحٌ، وكأنكم بالباب وقد أغلق، وبالرهن وقد غلق، وبالجناح وقد علق ï´؟ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ï´¾ [الشعراء: 227]، فاشتر نفسك اليوم؛ فإن السوق قائمة، والثمن موجود، والبضائع رخيصة، وسيأتي على تلك السوق والبضائعِ يومٌ لا تصل فيه إلى قليل ولا كثير، وذلك يوم التغابن)؛ انتهى كلامه رحمه الله، فهل من عودة إلى كتاب الله وشرعته؟!

وأخيرًا، أسأل الله بمنه وفضله أن يرد المسلمين إلى دينهم ردًّا جميلاً.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.59 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.15%)]