عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 29-01-2020, 01:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,061
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أحكام صيام المسنين


استدل أصحاب القول الأول القائلون بأن مقدارها مد من الطعام بدليلين من الأثر:
أ- من الأثر:
1- ما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال في فدية إفطار المسن: إنها مد من البر[58].
2- ما روي عن أبي هريرة – رضي الله عنه - أنه قال: «المسن المفطر يصدق عن كل يوم بمد»[59].
وجه الاستدلال من الأثرين أنهما حددا فدية إفطار المسن بالمد من البر كما هو أثر ابن عباس أو مد من غير تحديد النوع فيشمل أنواع الطعام كما هو أثر أبي هريرة، فدل أن ذلك قدره من جميع الأطعمة.
ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال بأنه قد صح عن ابن عباس -رضي الله عنهما- بأن قدر الفدية نصف صاع أو مدان من الطعام[60]، وهذا يتعارض مع تحديد مقدار الفدية بمد من الطعام.
واستدل أصحاب القول الثاني القائلون بأن قدرها مد من بر أو نصف صاع من التمر أو الزبيب أو الشعير بدليل من المعقول: وهو أن كفارة الجماع في نهار رمضان مد من بر أو نصف صاع من غيره فيقاس عليه فدية المسن بجامع أن كلاً منهما جابر للنقص[61].
وقد فرق الحنابلة بين البر وغيره من الأطعمة في الفدية والكفارات، لأن مد البر يقوم مقام نصف صاع من غيره[62].
واستدل أصحاب القول الثالث القائلون بأنها نصف صاع من البر أو صاع من غيره من الأطعمة أيضاً بدليل من المعقول: وهو أن صدقة الفطر نصف صاع من البر أو صاع من التمر أو شعير فيقاس عليه فدية المسن بجامع أن كل واحد منهما طعام واجب[63].
ويمكن أن تناقش هذه الأدلة بعدم التسليم؛ لأنها قياس على مسائل مختلف فيها بين المذاهب، فهي لا تصلح دليلاً مسلماً به للقياس عند المخالفين.
الترجيح:
ولعل الراجح – والله تعالى أعلم – هو أن مقدار فدية إفطار المسن نصف صاع من البر أو ما يعادله من الأطعمة الأخرى من أقوات بلد المسن المفطر، وذلك لما صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في ذلك: «هو الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصيام فيفطر ويطعم عن كل يوم نصف صاع من حنطة»[64].
وفي رواية أخرى: «إذا عجز الشيخ الكبير عن الصيام أطعم عن كل يوم مداً مداً»[65].
أي: مدان، وهو نصف صاع[66]. ففي الأثر الأول نص على الحنطة وفي الثاني اطلق وذكر مدين.
وهذا الأثر – والله أعلم – له حكم الرفع، وذلك لأن ابن عباس رضي الله عنهما قاله في حكم الآية هل هي منسوخة أو محكمة، وهو كذلك تفسير حبر الأمة وأعلم الناس بتفسير كتاب الله بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فهو حجة في هذه المسألة وفي حكم النص، وأما ما استدل به أصحاب الأقوال الأخرى فهو في الغالب قياس على أحكام الكفارات في مواضع أخرى، ولا قياس مع النص.
أحكام صيام المسنين (2-3)
سعد بن عبد العزيز الحقباني

















المطلب الثالث : وقت بذل الفدية :







ما وقت بذل فدية إفطار المسن؟ هل تبذل فدية كل يوم بيومه؟ أو تبذل في نهاية الشهر جملة واحدة، وهل تبذل جملة واحدة في بدايته؟ وما الحكم إذا أخرها إلى ما بعد خروج شهر رمضان؟ وهل يصح تقديمها على دخول شهر رمضان؟ وبيان هذا في المسائل الآتية:







المسألة الأولى: حكم إخراج الفدية جملة واحدة في نهاية الشهر أو إخراج فدية كل يوم بيومه.







المسالة الثانية: تقديم الفدية على دخول شهر رمضان.







المسألة الثالثة: تقديم الفدية جملة واحدة عن جميع رمضان في بدايته وتقديم فدية كل يوم بيومه.







المسألة الرابعة: تأخيرالفدية إلى ما بعد رمضان.







المسألة الأولى : حكم إخراج الفدية جملة واحدة في نهاية الشهر أو إخراج فدية كل يوم بيومه :







يمكن القول أنه لا خلاف بين أصحاب المذاهب الثلاثة القائلين بوجوب فدية الإفطار على المسن في أنه بالخيار بين أن يخرج فدية كل يوم بيومه أو يخرجها جملة واحدة في نهاية الشهر.







وذلك لأن الحنفية صرحوا بهذا[67].







قال ابن عابدين -رحمه الله تعالى-: «وللشيخ الفاني.. العاجز عن الصوم الفطر، ويفدي وجوباً ولو في أول الشهر، أي يخير بين دفعها في أوله أو آخره»[68].







وهو مذهب الشافعية، لأنهم صرحوا بجواز إخراج فدية كل يوم بيومه[69]، وبأنه لا شيء على المسن حتى لو أخر الفدية عن السنة الأولى[70].







قال النووي -رحمه الله تعالى-: «اتفق أصحابنا على أنه لا يجوز للشيخ الكبير العاجز تعجيل الفدية قبل دخول رمضان، ويجوز بعد طلوع فجر كل يوم»[71].







وقال الشربيني -رحمه الله تعالى-: «ولا شيء على الهرم ولا الزمن ولا من اشتدت مشقة الصوم عليه لتأخير الفدية إذا أخروها عن السنة الأولى»[72].







ومفهوم هذا النص أنه إذا أخرها حتى نهاية الشهر جاز له، فيجوز دفعها في نهاية الشهر.







وهو مفهوم كلام الحنابلة.







قال المرداوي -رحمه الله تعالى-: «يجوز صرف الإطعام إلى مسكين واحد جملة واحدة بلا نزاع، قال في «الفروع» وظاهر كلامهم إخراج الإطعام على الفور لوجوبه، قال: وهذا أقيس. انتهى. قلت فقد تقدم في أول باب إخراج الزكاة، أن المنصوص عن الإمام أحمد لزوم إخراج النذر المطلق والكفارة على الفور، وهذا كفارة»[73].







فهذا تصريح بجواز دفع الفدية جملة لفقير واحد، وأنها تجب على الفور، ويفهم من هذا أن معنى الفورية عندهم هو أن تدفع خلال الشهر أو في نهايته؛ إذ لو كان معنى الفورية عندهم دفع فدية كل يوم بيومه لم يجز دفعها جملة واحدة لفقير واحد، ولا يقال إن مفهوم الفورية عندهم دفعها جملة واحدة في بداية الشهر؛ وذلك لأنهم عللو الفورية بأنها فدية واجبة، ولا تجب فدية كل يوم إلا بعد إفطاره، فلا يبقى إلا أن يقال إن رمضان بجملته ظرف واحد لتحقق الفورية عندهم.







ويدل لمحل اتفاق المذاهب الثلاثة ما صح عن أنس بن مالك – رضي الله عنه - أنه لما كبر وعجز عن الصيام صنع طعاماً من خبز ولحم وجمع مساكين وأطعمهم[74].















المسألة الثانية : تقديم الفدية على دخول شهر رمضان :







يمكن القول أنه لا خلاف بين العلماء القائلين بوجوب الفدية على المسن المفطر أنه لا يصح تقديمها على دخول رمضان، وذلك لأن الشافعية نصوا على هذا[75]، وهو مفهوم قول الحنفية، ومقتضى مذهب الحنابلة وقياسه.







قال النووي -رحمه الله تعالى-: «اتفق أصحابنا على أنه لا يجوز للشيخ الكبير العاجز تعجيل الفدية قبل دخول رمضان»[76].







وهو مفهوم مذهب الحنفية؛ لأنهم يرون أن وقت دفع الفدية شهر رمضان الذي يعجز المسن عن صيامه[77].







قال ابن نجيم -رحمه الله تعالى-: «... إن شاء أعطى الفدية في أول رمضان بمرة، وإن شاء في آخره بمرة»[78].







وهو أيضاً مقتضى مذهب الحنابلة، وقياس قولهم في كفارة الظهار[79].







وأما أنه مقتضى مذهبهم؛ فلأنهم يرون أن الفدية بدل عن الصوم[80]، ولاشك أن الصيام قبل دخول رمضان لا يجزيء عنه، فكذلك لا يجزئ أداء بدله قبل دخوله، لأن البدل له حكم المبدل.







قال العلامة ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: «ووقته – أي الإطعام – بالخيار إن شاء فدى عن كل يوم بيومه، وإن شاء أخر إلى آخر يوم لفعل أنس – رضي الله عنه - وهل يقدم قبل ذلك؟ لا يقدم؛ لأن تقديم الفدية كتقديم الصوم، فهل يجزئ أن تقدم الصوم في شعبان؟ الجواب: لا يجزئ»[81]. وهو قياس قولهم في كفارة الظهار؛ لأنهم يرون عدم صحة تقديم كفارة الظهار عليه[82].







قال ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: «ولا يجوز تقديم كفارة الظهار قبله؛ لأن الحكم لا يجوز تقديمه على سببه»[83].

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.20 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.34%)]