عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 28-01-2020, 12:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,481
الدولة : Egypt
افتراضي رد: في محراب الصلاة

في محراب الصلاة



د. عبدالحكيم الأنيس

الصلاة والخوف


كان السيد أحمد الرفاعي (500-578هـ) رحمه الله يقول: "إذا قمتُ إلى الصلاة كان سيف القهر يُجذب في وجهي" (يُنظر: لواقح الأنوار 1/144).

وهذا القول –سواء قرأنا "كان" فعلًا ماضيًا، أو حرفًا مشبهًا بالفعل، أي "كأنَّ"- يدلُّ على خضوعٍ عظيمٍ وانكسارٍ كبيرٍ يصاحبُه وهو يصلي، فيكون حاله حال مَنْ يشهد جلال القدرة الغالبة، ويخشى الردَّ والعقاب...

حين أقرأ هذا القولَ وأشباهه من أقوال الصالحين، وأقفُ على أحوالهم وهم يصلون أشعرُ بخجلٍ شديدٍ من صلاتنا التي نصليها، والله المستعان...



♦ ♦ ♦ ♦

واصطبر

لقوله تعالى: (وامر أهلك بالصلاة واصطبر عليها) أثرٌ عجيب، فما شعرتُ بضيقٍ مرةً -وأنا أتابعُ صلاة الأولاد، وأوقظُهم لصلاة الفجر- وذكرتُها إلا أعطتني قوةً، ومنحتني دافعًا وإصرارًا وعزيمةً، وأمدتني بصبرٍ جديدٍ.

وجزى اللهُ آباءنا خيرَ الجزاء فلولا صبرُهم المُسْتَمد حتمًا من هذه الآية كنّا ضيعنا صلاة الفجر في وقتها...

ما أشدَّ حاجة الآباء إلى الصبر إلى أنْ يقوى الأولادُ على أنفسهم، ويتعودوا الصلاة من غير تذكيرٍ، ومن غير موقظٍ يوقظهم.



♦ ♦ ♦ ♦

مكتبة الصلاة

نظرتُ فيما كُتِبَ عن الصلاة -فرضًا وسنةً ونفلًا، انفراًدا وجماعةً، في البيت والمسجد- في كُتُب التفسير، والحديث، والفقه، والفتاوى، والتراجم، وتأويل الأحلام، والكُتب التي أُفردت لها، فرأيتُ أمرًا عجبًا في العدد والموضوعات والحجم، وقد شارك في إقامة هذه المكتبة الواسعة علماءٌ من مختلف الأعصار والأمصار، وما زالوا يشاركون...

وهنا سؤال: تُرى هل ترقى صلاتُنا اليومَ إلى مستوى أهمية الصلاة، هذه الأهميةُ المتجسِّدة بهذا الاهتمام منقطع النظير بها؟



♦ ♦ ♦ ♦

حكايات عن الصلاة

لفتَ نظري في ترجمة العالم الداعية عبد الودود يوسف الحمصي (1357-1403هـ) أنَّ له كتابًا بعنوان: "حكايات عن الصلاة" للأطفال، وهذا اهتمامٌ مشكورٌ، وأرجو أن أرى هذا الكتاب لأعرف وجهته وتوجيهه.



♦ ♦ ♦ ♦

بركة الصلاة

قال ابنُ كثير في "البداية والنهاية" في ترجمة الإمام أبي نصر المروزي (12/138):

"كان إمامًا في القراءات، وله فيها المُصنَّفات، وسافر في ذلك كثيرًا.

واتفق له أنه غرق في البحر في بعض أسفاره، فبينما الموجُ يرفعُه ويضعُه إذ نظر إلى الشمس قد زالتْ، فنوى الوضوء وانغمس في الماء، ثم صعد فإذا خشبة فركبها وصلى عليها، ورزقه الله السلامة ببركة امتثاله للأمر، واجتهاده على العمل.

وعاش بعد ذلك دهرًا، وتوفي في هذه السنة (483هـ) وله نيف وتسعون سنة".

وانظر ترجمته في: "معرفة القراء الكبار" للذهبي، ج 2 من طبعة استانبول.



♦ ♦ ♦ ♦

المحافظة على المكتوبة

في لقاء مع عددٍ من الشباب توجستُ منهم التفريط بالصلاة تكاسلًا، فقلت لهم: يا معشر الشباب: الله الله بالصلاة، وإذا تكاسلتم أو شُغلتم أو عرضتْ لكم عوارض فحافظوا -على الأقل- على الفريضة مهما كانت الظروف، وإذا كانت السُّنن الراتبة وغير الراتبة ستمنعكم فدعوها، ولكن إياكم إياكم أن تتركوا الفريضة، ولعل الله يلقي في قلوبكم بعدُ حب الصلاة، فتحافظون على السُّنن كذلك...

وقد رأيت بعدُ في "تاريخ بغداد" (8/257) عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يطيل المكتوبة ويقول: "هي رأس المال".

نعم المكتوبة هي رأس المال، ولا يجوز للإنسان أن يضيِّع رأس ماله، ورأسُ المال يأتي بالربح الكثير والخير الوفير إن شاء الله...



♦ ♦ ♦ ♦

الصلاة في المستشفى

من أهم الأشياء وألطفها وأحبِّها إلى النفس وجودُ مسجد في المستشفى، ويا سبحان الله إن للصلاة هناك خشوعًا قد لا يجده المصلّي في مكان آخر، ذلك أن المصلين هناك يُصلون بانكسارٍ وحضورٍ، ويتوجهون إلى الله بإخلاص، وهم إمّا أن يكونوا أهلَ مريضٍ، أو جاؤوا لزيارة مريضٍ، وفي الحالين ترقُّ القلوب وتتذكر، وتخشع النفوس وتتبصر...



♦ ♦ ♦ ♦

مقام الصلاة

قال الشيخ علاء الدين الباجي كما في ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى" (10/347):





واغتنم الصلاةَ في الدياجي إنَّ المصلي ربَّه يناجي
ودقَّ بالجبهة وجهَ الأرضِ في الصلوات النفل بعد الفرضِ
يحببك ربي وتنلْ بحبهِ ما في الحديث مِنْ عطاء قربه
وما أجلَّ ذا المقام وقتا حتى تحله وأنت أنتا
فذا المقامُ فهمُه يهولُ تعجز عن تحقيقهِ العقولُ








♦ ♦ ♦ ♦


وبعد:



يا معشر الراجين فضلَ أجرِ ونيل آمالٍ وحفظ عُمْرِ
ألا تقومون إلى الصَّلاةِ؟ فإنَّ فيها منتهى الصِّلاتِ
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.99 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.36 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.14%)]