الموضوع: زاد الداعية
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 25-01-2020, 01:04 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,455
الدولة : Egypt
افتراضي زاد الداعية

زاد الداعية (1)


أنور الداود النبراوي








يقولُ الله تباركَ وتعالى:﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ (يوسف: 108).













هذهِ هيَ السَّبيل الموصلةُ إلى الله وإلى دار كرامته، وهي الدَّعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له، على بصيرة، وهي الدليلُ الواضحُ الذي لا لَبسُ في الحق معه.







ذلك ما أمرَ به الداعيةُ الأعظم عليه الصلاة والسلام ، وتلك هي طريقتهُ التي سار عليها، وحُقَّ على كل من اتَّبعه أن يدعو إلى ما دعا إليه- صلى الله عليه وسلم- وكما دعا ﴿ عَلَى بَصِيرَةٍ ﴾.







وإذا كانت الدعوة إلى الله أشرف مقامات العبودية وأجلها وأفضلها، فهي لا تحصل إلا بالزاد النبوي الكريم والذي تزوَّد به إمام الدعاة - صلى الله عليه وسلم - من خلال التوجيهات القرآنية العظيمة، والتي إن تخلَّفت من حياتنا - معشر المؤمنين - أفرزت التخلف عن السبيل ثم الاختلاف فيما بيننا.







الإخلاص:



أول زاد يحمله الداعي إلى ربه هو تحقيق التوحيد أولا، ودعوة الناس إليه، وملازمة الإخلاص الذي هو حقيقة الدين، ﴿ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ(الزمر: 3)، والذي هو أصل وأساس قبول الأعمال الصالحات، وهو حقيقة الدين ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ(البينة: 5).







فهي دعوةٌ ربانيةٌ إلى الله وحده لا للنفس وحظوظِها، أو لأجل الرياء والسمعة، "قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ"(يوسف: 108)، لا إلى رئيس أو جماعة، بل لله، ومن أجل الله وحدَه، الذي إليه يرجِعُ الأمر كلّه، وإليه العباد صائرون وراجعون، ﴿ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ ﴾ (الرعد: 36).







والإخلاص مأخوذٌ من التنقية والتهذيب، قال تعالى : ﴿ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾(الحجر: 40) أي أخلصوا العبادةَ لله فاختارهم وأخلصهم.







والإخلاص تصفية السر والقول والعملِ لله تعالى، وتصفية العبادةِ مما يشوبها وأن يقصد العبدُ في عبادته وجه الله، والتقرب إليه، والتخلص من الشرك والرياء والمراءاة وحظوظ النفس والشهرة، أو الخداع، أو الكذب، وغيرها.







والإخلاص سرٌّ بين الله وبين العبد لا يطَّلع عليه أحد، وهو باب تحقيق السعادة وطمأنينة القلب، والإخلاصُ قرين الصدق والصراحة، والصفاء، والأمانة والوضوح.







ومتى أخلصَ الداعيةُ إلى الله في دعوته نال قبول الناس ومحبَّتهم،قال مجاهد : "إنَّ العبدَ إذا أقبل إلى الله عزَّ وجلَّ بقلبه أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه".







اليقين:



لابدَّ للداعية إلى الله من الثقة بالله، ومن ثمَّ الوثوق بصحة الدعوة وسلامة المنهج، وذلك من خلال الإيمان الراسخ والجازم المبنيِّ على الدليل بأنه الطريق الحق المستقيم، الذي له العقبى والنصر القريب.







واليقين هو روح الإيمان، فدعوة بلا يقين دعوة قد لفظت أنفاسها الأخيرة، لا يرجى لها مضي وسير نحو الأمام، قال تعالى: ﴿ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ(الذاريات: 20)، ومن فقدَ اليقينَ فقد التوكُّل على رب العالمين، واليقينُ يكونُ بمعرفة الله ومعرفة الحق، ﴿ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ(النمل: 79).







وما يصيبُ الدعاةَ من أمر فهو من قبيل الابتلاء والامتحان، ومهما طال الطريق فسنَّة الله ماضية بأن العاقبة والاستخلاف للمؤمنين.. فما أحوج الداعية لليقين: ﴿ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾(هود: 17).







التوكل على الله:



فإنه أعظم الخصال التي يختصُّ المؤمنون بها، ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾(آل عمران: 122)، وذلك باعتماد القلب على الله في جلب المنافع ودفع المضار مع فعل الأسباب، ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾(الفاتحة: 5). فالتوكُّل قرين العبادة، ﴿ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ(هود: 123)، فإنه جلَّ جلاله الحق الذي بيده ملكوت كل شيء، ﴿ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا(المزمل: 9).







ولكن لا يتأتى ذلك للداعية المؤمن إلا بتحقيق اليقين، فإن التوكل على الله ثمرة من ثمرات اليقين، ﴿ وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾(إبراهيم: 12)، والاهتداء إلى سبيل الله بتوفيق منه تعالى.







ومن توكل على الله كفاه، فهو وحدَهُ الغنيُّ الحميد، الذي بيده ملكوت كل شيء، به قام كلُّ شيء، وإليه تصير الأمور، ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ﴾ (الشعراء: 217).







(يتبع)
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.94 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.21%)]