الموضوع: بين يدي رمضان
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 25-01-2020, 12:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,695
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بين يدي رمضان

بين يدي رمضان




الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم



يا متعمد الإفطار في نهار رمضان... أقصر!
ومِن بغاة الشر مَن لا يستثقلون رمضان أصلاً؛ لأنَّهم لا يصومون؛ بل يجاهرون بالفطر في الطُّرُقات[11]، دون حياء منَ الله، ولا من عباد الله.

صح عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسول الله يقول: ((بينما أنا نائم أتاني رجلان، فأخذ بضبعي - عضدي - فأتيا بي جبلاً وعرًا، فقالا: اصعد، فقلت: إني لا أطيقه، فقالا: "سنسهله لك"، فصعدت إذا كنت في سواد الجبل إذا بأصوات شديدة، قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء أهل النار، ثم انطلق بي، فإذا أنا بقوم مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دمًا، قلت: ((مَن هؤلاء؟)) قال: "الذين يُفْطِرُونَ قبل تَحِلَّة صومهم)).
فإذا كان هذا وعيد مَن يفطرون قبل غروب الشمس ولو بدقائق معدودات، فكيف بمَن يفطر اليوم كله؟!
وقد قال: ((ثلاث أحلف عليهنَّ: لا يجعل الله مَن له سَهْمٌ في الإسلام كَمَن لا سَهمَ له، وأسهم الإسلام ثلاثة: الصَّلاة، والصَّوم، والزَّكاة... الحديث)).
قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله -: ((مَن أفطر عامدًا بغير عذر كان تفويته لها من الكبائر)) ا هـ.
وقال الحافظ الذَّهبي - رحمه الله -: "وعند المؤمنين مقرر أنَّ مَن تَرَكَ صوم رمضان بلا عذر أنَّه شر منَ الزَّاني ومُدمن الخمر؛ بل يشكون في إسلامه، ويظنون به الزَّندَقة والإخلال " ا هـ.

يا تارك الصلاة أقصر!

وأعظم بُغَاة الشر في رمضان تارك الصلاة، الذي لا يتوب مِن جريمة كبرى، قال الله سبحانه في شأن تاركها: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر: 42، 43]، وقال في شأنها رسول الله: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمَن تَرَكَها فقد كَفَر))، وقال: ((بين الرجل وبين الشرك والكفر: تَركُ الصلاة))، وعن عبدالله بن شقيق قال: "كان أصحاب رسول الله لا يرون شيئًا منَ الأعمال تركهُ كفر غير الصلاة"، وعن عمر - رضي الله عنه - قال: "أما إنَّه لا حَظَّ لأحدٍ في الإسلام أضاعَ الصلاة"، وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: "مَن تركَ الصَّلاةَ فلا دينَ له".
وعن نوفل بن معاوية - رضيَ الله عنه - أنَّ النَّبيَّ قال: ((مَن فَاتَتْه صلاة، فكأنَّما وُتِرَ أهله وماله)).
وعن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما - عن النبي قال: ((مَن حافظ على الصلاة كانت له نورًا، وبرهانًا، ونجاةً يوم القيامة، ومَن لم يحافظْ عليها، لم يكن له نور، ولا برهان، ولا نجاة يوم القيامة، وكان يوم القيامة مع قارون، وفرعون، وهامان، وأُبيِّ بن خلف)).
قال الإمام ابن حزم - رحمَه الله تعالى -: ((لا ذنب بعد الشِّرك أعظم من تَركِ الصلاة حتى يخرج وقتها، وقتل مؤمن بغير حق)) ا هـ.

وقال الحافظ الذهبي - رحمه الله -: ((ترك كل صلاة أو تفويتها كبيرة، فإن فعل ذلك مَرَّات فهو من أهل الكبائر إلاَّ أن يتوبَ، فإن لازمَ ترك الصلاة فهو منَ الأخسرين الأشقياء المُجرمينَ)) ا هـ.
وقال الإمام المُحَقِّق ابن القيم - رحمه الله -: "لا يختلف المسلمون أنَّ تركَ الصلاة المفروضة عمدًا من أعظم الذنوب، وأكبر الكبائر، وأن إثْمه عند الله أعظم من إثْم قتل النَّفس، وأخذ الأموال، ومن إثْم الزِّنا، والسَّرقة، وشُرب الخمر، وأنَّه مُتَعرِّض لعقوبة الله وسخطه وخزيه في الدنيا والآخرة" ا هـ.
وبعيدًا عن الخلاف الفقهي في كُفر تارك الصلاة، هل هو كفر أكبر مُخرِج منَ الملَّة، أو هو كفر لا يخرج من الملة؟ فدَعْني أهمسُ في أذنكِ يا تاركَ الصلاة: هل تقبل أن يكونَ انتماؤكَ لدين الإسلام، وإيمانكَ بالله ورسوله وكتابه قضية محل خلاف، فعلماء يقولون: "أنتَ كافر مثل فرعون، وقارون، وأبي جهل، وأبي لهب"، وفريق آخر يقول: "بل فاسق مجرم شرير، أشد خبثًا من قاتل النفس، وسارق المال، وآكل الربا، والزاني، وشارب الخمر؟!".
يَا تَارِكًا لِصَلاَتِهِ إِنَّ الصَّلاَةَ لَتَشْتَكِي
وَتَقُولُ فِي أَوْقَاتِهَا: اللهُ يَلْعَنُ تَارِكِي

يا أيتها المتبرجة... أقصِري!
ومن بغاة الشَّر في هذا الشَّهر الكريم المُتَبرجات بالزِّينة اللاَّئي لا ينوينَ التوبة من هذه الكبيرة، بل يبغينَ الفساد بالإصرار على إظهار الزِّينة للأجانب منَ الرِّجال، والخروج إلى الأسواق والطُّرقات والمجامع مُتَعطرات مُتَطيبات، كاسيات عاريات، فاتَّق الله يا أمَةَ الله في نفسِكِ، وفي عباد الله الصائمينَ، ولا تكوني رسول الشيطان إليهم لتفسدي قلوبهم وتشوشي صيامهم؛ بل قَرِّيِ في بيتك، فإن خرجتِ ولا بدَّ فاسْتَتري بالحجاب الكامل، وتَأَدبي بآداب الإسلام.

يا أهل الفن والإعلام: أقصروا!

إنَّ رمضان فرصة ثمينة للتوبة والإنابة إلى الله - عَزَّ وَجَلَّ -، وأنتم تُحَوِّلونه إلى فرصة لنشر الفساد وإشاعة الفواحش، فانضَمُّوا إلى صفوف أولياء الله المتقينَ، وسخروا الإعلام في خدمة الدِّين، وإشاعة المعروف، والنَّهي عن المنكر، وذكِّروهم بالقرآن والسُّنَّة، ولا تشغلوهم بالأغاني والمسلسلات، والفوازير، والقصات، قبيحٌ بكم أن تبارزوا ربكم بالحرب في شهره الكريم، وتكثفوا حربكم على الدِّين والأخلاق، كأنَّكم تشفقون من بوار تجارتكم الشَّيطانيَّة في هذا الشهر المُبارك، فتُضَاعفون من مجهودكم؛ لتصدوا الناس عن سبيل الله - عَزَّ وَجَلَّ -، وتبغوها عوجًا.

إنَّ المنادي يناديكم من أول ليلة في رمضان: أقصروا يا بغاة الشَّر، فإن أصْرَرْتُم فإنَّ ربَّكم لَبِالْمِرْصَاد، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ} [النور: 19].
يتبع






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.11 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.49 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.29%)]