من مشاهد الإيمان في شهر رمضان
الشيخ عادل يوسف العزازي
ثمرات الصبر
فالصبر قرينُ النصر، وهو مع اليقين طريق الإمامة في الدين، قال تعالى: ï´؟ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ï´¾ [السجدة: 24].
والصابر لا يخشى كيد الكائدين: ï´؟ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ï´¾ [آل عمران: 120].
والصبر يُوصِّل صاحبَه إلى العزِّ والتمكين، كما ذكَر الله عن نبيه يوسف - عليه السلام -: ï´؟ إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ï´¾ [يوسف: 90].
ويكفي فضلاً للصابرين أن الله معهم ï´؟ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ï´¾ [البقرة: 153]، فظفروا بهذه المعيَّة بخيري الدنيا والآخرة.
ومن ثواب الصابرين أن الله يحبهم ï´؟ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ï´¾ [آل عمران: 146]، وأي شيء يرجوه العبد بعد محبة الله له!
ومن ثواب الصابر أنه لا يُقدِّر ثوابه إلا الله ï´؟ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ï´¾ [الزمر: 10]، وتأمَّل الارتباط بين هذه الآية وبين قوله في الحديث: ((إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به))، لتعلم أن الصبر قرين الصوم.
ويكفي في الصبر أنه يجعل المسيء كأنه ولِيٌّ حميم: ï´؟ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ï´¾ [فصلت: 34، 35].
بل إن الإنسان لا ينال الفلاح إلا بالصبر، ولا يقوى على الدعوة إلا بالصبر، كما قال تعالى: ï´؟ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ï´¾ [العصر: 1 - 3].
فبيّن أن جنس الإنسان في خُسران إلا مَن حقَّق الإيمان والعمل الصالح فانتفع لنفسه، ثم نفع غيره بالدعوة إلى الحق والصبر على هذه الدعوة، وهذا مِصداق لقوله تعالى: ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ï´¾ [آل عمران: 200].
ولا ينتفع بآيات الله إلا مَن رُزِق الصبر والشكر؛ كما قال تعالى: ï´؟ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ï´¾ [إبراهيم: 5].
وأخبر أن الصابر هو صاحب العزيمة القويَّة، وقد وصف الله رسله بقوة العزم وأمر رسوله بالصبر كما صبروا، فقال تعالى: ï´؟ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ï´¾ [الأحقاف: 35]، وأرشد عباده إلى هذه العزيمة فقال: ï´؟ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ï´¾ [الشورى: 43]، وقال: ï´؟ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ï´¾ [آل عمران: 186].
وعمومًا فالصبر خير كله، فقال تعالى مؤكِّدًا: ï´؟ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ï´¾ [النحل: 126].
وتستروح نفوس المؤمنين وينتهي ما يُلاقونه من حبْس النفس وتَجرُّع مرارة الصبر بالجنة التي أَعدَّها الله لهم: ï´؟ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ ï´¾ [المؤمنون: 111].