عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 18-01-2020, 01:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,288
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ما أورده الحسن البصري من الآداب ومكارم الأخلاق

ما أورده الحسن البصري من الآداب ومكارم الأخلاق (2)

د. أحمد عبدالوهاب الشرقاوي


يقول الحسن: خالطوا الناس في الأخلاق الكريمة، وزايلوهم في الأفعال القبيحة.


وكان يقول: يجب على المسلم لأهل ملَّته أربعة أشياء: معونة مُحسنِهم، وإجابة داعيهم، والاستغفار لمُذنبِهم، والدعوة إلى الحق لمُدبِرهم.

وكان يقول: من وافق من أخيه المسلم شهوةً، أو قضى له حاجةً، غُفر له ما تقدم من ذنبه.

وكان يقول: رُوي أن الله - عز وجل - قال لآدم عليه السلام: "يا آدم، أربع فيهن جميع الأمر لك ولولدك من بعدك؛ واحدة لي، وواحدة لك، وواحدة بيني وبينك، وواحدة بينك وبين الناس؛ فأما التي لي: فأن تعبدني لا تشرك بي شيئًا، وأما التي لك: فعملك أجزيك به أفقرَ ما تكون إليه، وأما التي بيني وبينك: فعليك الدعاء، وعليَّ الإجابة، وأما التي بينك وبين الناس: فأن تَصحبهم بما تريد أن يَصحبوك به"[1].

وكان يقول: الفهم وعاء العلم، والعلم دليل العمل، والعمل قائد الخير، والهوى مركب المعاصي، والمال داء المُنكِرين، والدنيا سوق الآخرة، والويل كل الويل لمن قويَ بنِعَم الله على معاصيه.

وكان يقول: ابن آدم، إن الإيمان ليس بالتحلي ولا بالتمني، ولكنه بما وقر في القلب، وصدقته الأعمال.

وقيل: نُعي داود الطائي[2] للحسن - رحمه الله - فقال: غفَر الله له، والله لقد كان كالعافية لا يُعرَف قدرها إلا عند فقدها، سمع ذلك حبيب بن أوس[3] فقال:

والحادِثات وإن أصابك بؤسها
فهو الذي حقًّا أنال نعيمها[4]


وقيل: دعاه يومًا رجل من المتكبِّرين، فناداه: "يا أبو سعيد"! فقال: شُغْلُك بالدوانيق وجَمعِها منعَك يا بن أخي أن تقول: "يا أبا سعيد"! ثم قال: تعلموا - رحمكم الله - العلم للأديان، والطبَّ للأبدان، والنحو لتقويم اللسان.

وكان يقول: من لحَن في القرآن، فقد كذب على الله؛ لأن الله - سبحانه وتعالى - قال: ï´؟ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ï´¾ [فصلت: 42]، واللحن مِن أكبر الباطل.

وقال له رجل: إنك يا أبا سعيد لا تلحَن! فقال: يا بن أخي، لقد سبقتُ اللحنَ.

وكان يقول: إذا لم تكن حليمًا فتحلَّم، وإذا لم تكن عالمًا فتعلم، فقلَّما تشبَّه رجل بقوم إلا كان منهم.

وكان يقول: إلى مَن يشكو المسلم إذا لم يشكُ لأخيه المسلم؟ ومَن ذا الذي يلزمه من نفسه مثل الذي يلزمه؟ إن المسلم مرآة أخيه المسلم، يُبصِّره عيبه، ويَغفر له ذنبه، قد كان من قبلكم من السلف الصالح يَلقى الرجلُ الرجلَ فيقول: يا أخي، ما كل ذنوبي أُبصِر، ولا كل عيوبي أَعرِف؛ فإذا رأيتَ خيرًا فمُرْني، وإذا رأيتَ شرًّا فانْهَني، وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: رحمَ الله امرأً أهدى إلينا مَساوينا، وكان أحدهم يَقبل موعظة أخيه، فيَنتفع بها.

وكان يقول: المؤمن شُعبة من المؤمن، يَحزن إذا حزن، ويَفرح إذا فرح.

وكان يقول: إن لك مِن خليلك نصيبًا، فتخيَّر الإخوان والأصحاب، وجانِبِ الأمرَ الذي يُعاب.

وكان يقول: ترفَّعوا عن بعض الأمر؛ فإن الرجل ليأكل الأكلة، ويدخل المدخل، ويجلس المجلس بغير قلبه، ويذهب دينه، وهو لا يَشعُر.

وقيل له: يا أبا سعيد، إن قومًا يَحضرون مجلسك يحفظون عليك سقطات كلامك؛ ليُعنتوك بذلك، فقال: يا بن أخي، لا يكن في ذلك عليك شيء؛ فإني طمعت نفسي في دخول الجنان، ومجاوَرة الرحمن، ومرافقة الأنبياء عليهم السلام، ولم أُطمِعها في السلامة من الناس.

وكان يقول: من طلب العلم لله، لم يَلبث أن يُرى ذلك في خشوعه، وزهده، وتواضُعه.

وكان يقول: احرصوا على حضور الجنائز؛ فإن فيها ثلاثة أجور: أجرًا لمن عزى، وأجرًا لمن صلى، وأجرًا لمن وارى، وقد رُوي: ((إن من تبع جنازةً توارى غفر له سبعون موبقةً))[5].

وقيل: لما تُوفيت النوار زوجة الفرزدق[6]، حضر جنازتَها وجوهُ أهل البصرة، وحضر الحسن، فسايَرَه الفرزدق؛ وقال له: أتدري ما يقول الناس يا أبا سعيد؟ قال: وما يقولون؟ قال: يقولون: حضر هذا القبرَ خير الناس، وشر الناس، قال الحسن: ومَن يُريدون بذلك؟ قال: يَزعُمون أنك - رحمك الله - خير الناس، وأني شر الناس، فقال الحسن: لستُ بخيرهم، ولستَ بشرِّهم، ولكن ما أعددتَ لمثل هذا اليوم؟ فقال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ ستين سنةً، فلما دُفنَت النوار قال الفرزدق:
أخاف وراء القبر إن لم تُعافِني
أشد من القبر التهابًا وأضيَقَا

إذا قادَني يوم القيامة قائد
عنيفٌ، وسوَّاقٌ يَسوقُ الفرزدقا

لقد خاب مِن أولاد آدم مَن مشى
إلى النار مغلول القلادة أزرقا[7]


فبكى الحسن حتى انتحب، وقال: إن من الشعر لحكمةً، ثم قال: يرحمك الله أبا فراس! اعمل لمثل اليوم إن كنتَ ذا نظر صحيح؛ فإنك تَقدَم على جواد عدل، وكأن قد، ثم افترَقا، ومات الفرزدق، فرُئي في النوم وهو يقول: رُحمتُ بيَومي مع الحسن.

وكان الحسن يقول: أيها الناس، إياكم والتسويف؛ فإني سمعتُ بعض الصالحين يقول: نحن لا نريد أن نموت حتى نتوب، ثم لا نتوب حتى نموت.

وكان يقول: في الطعام اثنتا عشرة خصلةً: أربع فريضة، وأربع سنة، وأربع أدب.

أما الفريضة: فالتسمية، واستطابة الأصل، والرضا بالموجود، والشُّكر على النِّعمة.

وأما السنة: فالجلوس على الرِّجل اليُمنى، والأكل من بين يدي الآكل، وتناول الطعام بثلاثة أصابع اليد اليمنى، ولعق الأصابع.

وأما الأدب: فغسل اليد قبل الطعام وبعده، وتصغير اللقم، وإجادة المضْغ، وصرف البصر عن وجوه الآكلين.

وقيل: جلس يومًا، فأتته امرأة لم ترَ الناس مثلها، فقالت: يا أبا سعيد، أيجوز للرجل أن يتزوج من النساء أربعًا؟ قال: نعم، فقالت: فهل يجوز مثل ذلك للنساء؟ قال: لا، قالت: فلمَ؟ قال: لأن الله - عز وجل - أحلَّ ذلك للرجال، وحرَّمه على النساء، فقالت: بعيشك - يا أبا سعيد - لا تُفتِ بذلك أزواج النساء، ثم انصرفت، وأتبعها الحسن بصره، وقال: ما على مَن ملك هذه ألا يَرى غيرها، قيل: وما رُئي الحسن قبلها ولا بعدها مال إلى شيء من الدنيا ولا عرج عليه.

وقيل: كان لرجل من الصالحين عند رجل وديعة، فمات المودَع فجأةً، فسأل صاحبها عنها، فقال ورثة الميت: ما نعلم لها موضعًا، فجاء الرجل إلى الحسن فأخبره، فقال له: ائت زمزم فتوضَّأ وصلِّ مخلصًا، ثم ادع باسم صاحبك الذي أودعته، فإن أجابك، فسله عن أمانتك التي أودعته، ففعل، ولم يجبه أحد، فأتى الحسن فأخبره، فقال له: ائت اليمن فقف عند وادي بَرَهُوت[8]، وادع صاحبك باسمه، فإذا أجابك فسله، فأتى اليمن، وفعل ما أمره الحسن به، فأجابه الرجل، فسأله عن أمانته، فعرَّفه مكانها، ثم قال السائل: يا أخي، ألم تك رجلاً صالحًا، فما الذي دهاك حتى أُلقيتَ حيث أنت؟ فقال: كنتُ قاطعًا للرحم، نعوذ بالله من سوء القضاء.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.63 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.00 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.90%)]