عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 18-01-2020, 01:05 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي رد: من أركان العقيدة: الإيمان بالكتب

من أركان العقيدة: الإيمان بالكتب
(القرآن الكريم) (2)

علي محمد مقبول الأهدل

5- وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: (الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف"[19].

مع هذا الفضل العظيم عرف السلف رضوان الله عليهم قيمة القرآن، والأجر المترتب على تلاوته؛ فحرصوا أشد الحرص على الارتباط به ليلاً ونهاراً.

فهذا جندب رضي الله عنه يقول: "أوصيكم بتقوى الله، وأوصيكم بالقرآن؛ فإنه نور بالليل المظلم، وهدىً بالنهار، فاعملوا به على ما كان من جهد وفاقة"[20].

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: "من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر، وذلك قوله تعالى: ï´؟ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ï´¾ [التين: 5] ï´؟ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ï´¾ [التين: 6] قال: الذين قرءوا القرآن"[21] [22].

قال أبو عبدالله البوشنجي في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو كان القرآن في إهاب ما مسته النار" والحديث صحيح[23]. قال: معناه أن من حمل القرآن وقرأه لم تمسه النار[24].

وعن عائشة ل قالت: "القرآن أكرم من أن يزيل عقول الرجال"[25].

ومن العجب أن السلف كانوا يتحدثون عن المدة التي يقرأ فيها الإنسان القرآن، أو في كم يقرأ القرآن؟ قال الإمام النووي رحمه الله: "ينبغي لحامل القرآن أن يحافظ على تلاوته، ويكثر منه ليلاً ونهاراً، سفراً وحضراً، وقد كان للسلف منهم عادات مختلفة فيما يختمون فيه القرآن:
فكان جماعة يختمون في كل شهرين ختمة، وآخرون في كل شهر ختمة، وآخرون في كل عشر ليال ختمة، وآخرون في كل ثمان ليال ختمة، وآخرون في كل سبع ليال ختمة، وهذا فعل الأكثرين.. "[26].

فإذا كان هذا حال السلف في قراءتهم للقرآن ومداومتهم عليه، وحرصهم على قراءته كاملاً وختمته في مدة معينة؛ فما بالك بمن لا يقرأه إلا في رمضان، أو بمن يقرأ من الكتب الهابطة أحياناً أكثر مما يقرأ من القرآن.. وقد حدث في زماننا كثيراً، وأخشى أن ينطبق علينا قول نبينا لربه سبحانه تعالى: ï´؟ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا ï´¾ [الفرقان: 30] [27].

والهجر المقصود به هنا في ضوء ما ذكره المفسرون أن هجر القرآن له جانبان:
أحدهما: يتعلق بالقرآن دون أخذ له، وهذا صنيع الكفار والمنافقين.

الثاني: يتعلق بالقرآن بعد الإقرار بأنه كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهذا صنيع بعض المسلمين الذين لا يقرءون القرآن، أو يقرءونه لا يجاوز حناجرهم، فلا يعملون به، ومن هؤلاء صنف يحفظ القرآن أو شيئاً منه ثم يهجر القراءة حتى ينسى ما قد يكون حفظه منه..

ولذلك ذكر ابن حجر أن النسيان بعد الحفظ من الكبائر، وقال بأن ذلك هو ما ذهب إليه الرافعي وغيره، ونقل عن بعض العلماء أن محل كون نسيان القرآن كبيرة عند من قال به مشروط بأن يكون عن تكاسل وتهاون، وهذا احتراز عما لو اشتغل عنه بمرض مانع من القراءة، وعدم التأثيم بالنسيان حينئذ واضح؛ لأنه مغلوب عليه لا اختيار له فيه[28].

وللأسف إن هذا القرآن يجهله أهله اليوم؛ لأنهم لا يعرفونه إلا تراتيل وترانيم وتعاويد وتهاويم؛ أو يعرفونه في افتتاحيات القنوات الفضائية.. وهذا سببه الكيد اللئيم، والجهل المزري، والفساد الشامل للفكر والقلب...

إن هذا القرآن المهجور اليوم هو بصائر تهدي، ورحمة تفيض.. لمن يؤمن به، ويغتنم هذا الخير العميم: ï´؟ وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآَيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ï´¾ [الأعراف: 203] بصائر تكشف وتنير، وهدى يرشد ويهدي، ورحمة تغمر وتفيض لقوم يؤمنون؛ فهم الذين يجدون هذا كله في هذا القرآن الكريم..[29].

المبحث السابع: ثمرات الإيمان بالكتب:
أولاً: العلم بعناية الله تعالى وكمال رحمته حيث أنزل لكل قوم كتاباً يهديهم به، ويحقق لهم السعادة في الدنيا والآخرة.

ثانياً: العلم بحكمة الله تعالى في شرعه، حيث شرع لكل قوم ما يناسب أحوالهم ويلاءم أشخاصهم، كما قال سبحانه تعالى: ï´؟ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ï´¾ [المائدة: 48].

ثالثاً: شكر نعمة الله تعالى في إنزال الكتب؛ فهذه الكتب نور وهدى في الدنيا والآخرة، ومن ثم يتعين شكر الله على هذه النعم العظيمة.

رابعاً: عبادة الله على بصيرة.


خامساً: العيش مع القرآن، والتعبد بتلاوته وحفظه، والعمل به، وإقامة حدوده، وتربية النفوس بحسب أوامره وتوجيهاته[30].


[1] العقيدة الصافية للفرقة الناجية، سيد سعيد عبد الغني، (ص: 97-98).

[2] لا يأتون بمثله، محمد قطب، (ص: 7).

[3] إعجاز القرآن، للباقلاني، (ص: 157).

[4] انظر: البداية والنهاية لابن كثير (6/331) تحقيق د. أحمد أبو ملحم وزملاؤه.

[5] ركائز الإيمان، محمد قطب، (ص: 208).

[6] موسوعة نضرة النعيم (4/1181).

[7] في ظلال القرآن، سيد قطب، (6/3745).

[8] أي: اجتمعوا واستحضروا والناس.

[9] أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين باب (45) فضل القرآن حديث رقم (261) (1/557).

[10] خلفات: الخلفات الحوامل من الإبل إلى أن يمضي عليها نصف أمرها. ثم هي عشار.

[11] أخرجه مسلم في كتاب المسافرين باب (فضل قراءة القرآن) (41) (1/552) حديث رقم (250).

[12] الحديث أخرجه مسلم في كتاب المسافرين باب (43) فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة (1/554) حديث رقم (254).

[13] الزهراوين: البقرة وآل عمران، سميتا بذلك لنورهما وهدايتهما وعظيم أجرهما.

[14] كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان، قال أهل اللغة: الغمامة والغياية كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه: سحابة وغبرة وغيرهما. قال العلماء: المراد أن ثوابهما يأتي كغمامتين.

[15] الفرقان: قطيعان وجماعتان.

[16] أي: تدافعان الجحيم والزبانية. وهو كناية عن المبالغة في الشفاعة.

[17] أي: لا يقدر على تحصيلها.

[18] الحديث أخرجه مسلم في كتاب المسافرين باب (42) فضل قراءة حديث رقم (252) (1/553).

[19] أخرجه الترمذي في كتاب فضائل القرآن باب (16) فيمن قرأ حرفاً من القرآن، (5/175) حديث رقم (2910)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (3/9) حديث رقم (2327).

[20] موسوعة نضرة النعيم (4/1228).

[21] رواه في الترغيب والترهيب (2/355) قال المنذري: رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد.

[22] موسوعة نضرة النعيم (4/1228).

[23] الحديث أخرجه أحمد في مسنده (4/155).

[24] سير أعلام النبلاء (13/584).

[25] موسوعة نضرة النعيم (4/1226).

[26] صلاح الأمة في علو الهمة، د. سيد العفاني، (3/23).

[27] موسوعة نضرة النعيم، (11/5691، 5692).

[28] موسوعة نضرة النعيم (11/5691، 5692).

[29] راجع في ظلال القرآن، سيد قطب، (3/1421، 1424).

[30] انظر: مقرر التوحيد، د. عبدالعزيز العبد اللطيف، (ص: 75)، والمدخل إلى الثقافة الإسلامية، مجموعة مؤلفين، (ص:131).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.56 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.93 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.67%)]